تهدئة مع العدو وحرب مع الاخوة
4/5/2008
حملت التهدئة التي تم صياغتها في مصر الكثير من الاوجه للتفسير، كل طرف يفسرها وفق خدمتها لشعاره الخاص، وهذا يوحي ان هذه التهدئة ولدت دون روح، ونصوصها لا روحية عامة لها. والاهم من كل ذلك ان ما جرى هو توافق داخلي على التعاطي مع طرح، خوفا من انفجار الاوضاع الداخلية، ولكن لا اتفاق مع اسرائيل التي تقصف وتقتل يومياً حتى الان.
يدل من المؤشرات، ان الظروف التي احاطت باعلان التهدئة، ان لم تكن ناضجة؟، فهي غير صحيحة، ولا وطنية، بدليل انه سبقها دعوات لتهدئة من رأس الشرعية، والمتفق عليه بأنه المعني بالمفاوضات مع الطرف الاسرائيلي، ولكن في وقتها لم تكن تتقاطع مع مصلحة اباطرة الانقلاب الذين لا يحسنون القراءة السياسية، وما زالوا في طور المراهقة السياسية التي تفتقد الى حس المسؤولية الموضوعية والواقعية في تحديد ما هية المصالح الوطنية، التي من اجلها انطلقت الثورة.
كل رسائل حس النوايا، المعلنة وغير المعلنة، لم تثن اسرائيل على وقف سياستها العدوانية، لان الارسال ينطلق من قاعدة ضعيفة، تبيح للمتلقي ان يتجاهلها بحكم عدم قدرتها على اجباره بالتقاطها بصورة واضحة وجلية. لذا يمعن في كسب كل المنوعات للاختيار البطيء بعد ان يكون استهلك كل الطاقة المطلوبة من الطرف المرسل.
ولان مدى الارسال لم يتجاوز مساحة تخوم القطاع، مما جعل العدو يستغل هذا الانقسام، ويقوم بسلسلة من الاعتداءات، لم ترد الحركة الانقلابية عليها خوفاً من فرط التهدئة، إلا انها فتحت المجال لمن وافق على مضض على التهدئة، ان يرفع من وتيرة اللهجة الانتقادية للتهدئة، وانتقل ذلك الى ممارسة بعض القوى العمل المقاوم من خلال اطلاق مجموعة من الصواريخ ، مشكلة ممانعة لهدنة من طرف واحد، ان لم تكن فعلا متبادلة ومتزامنة، وايضا العمل على شموليتها على جناحي الوطن.
المصريون الذي رعوا الحوار الفلسطيني حول التهدئة، يحاولون استباق الوقت لتسويق الاتفاق مع الاسرائيليين ، لكن الحساب المصري مختلف عن الحساب الاسرائيلي، لانه معني بعدم نقل الصراع الى جبهته، والدخول في اشكالية، يشعر انها معد لها مسبقا على بيدره، ان لم يضبط الحساب على البيدر الاسرائيلي، من اجل ذلك فحركتهم جاءت من اعلى مستوى باتصال رئاسي مع مبارك، وتحضير لزيارة عمر سليمان لتل ابيب.
اباطرة الانقلاب،بدل البحث عن حل جاد وصحيح لازمة اهل القطاع، يعمدون الى استغلالها الى اقصى حد ممكن ان يستفيدوا منه، خدمة لمصالحهم، وحفاظا على حياة قادتهم، الذين ربما اسقطوا نظرية مشاريع الشهادة، ولم يعدوا يطمعوا في جنة الله، طالما شعروا ان جنة الارض فيها ما فيها.
وبما ان السياسة مصالح قبل ان تكون صداقات، فأولى ضحاياهم سوف يكونون حلفائهم المتمسكين باستمرار المقاومة كمنهجية عمل ارتبط وجودهم باستمرارها طالما الاحتلال موجود، وهذا مؤشر الى صدام قريب بين دعاة الاخوة، وما الاعتقالات والملاحقات التي تمت وتتم في القطاع سوى الخطوة الاولى لوضع ستتسع رقعته، بحكم تفكك التقاطعات، وتتضارب المصالح، وهنا نكون قد استبدلنا حرب بحرب ، وتهدئة بتهدئة، ولكن في الاتجاهات المعاكسة.
على فصائل العمل الوطني، والقاعدة الحمساوية، ان يوقفوا مسلسل الذبح البطيء للمشروع الوطني، من خلال تشكيل ممانعة حقيقية للمشروع الانقلابي، الذي اصبح مكشوفا ومحكوما بمصلحة رؤوسه، ومأزوما بما يعانيه الشعب الفلسطيني الذي اصبح الجميع مطالب بايجاد حل عاجل قبل وقوع الكارثة، التي من الممكن ان يستغلها اباطرة الانقلاب الذين بدأوا المرحلة الثانية من هدنة مع العدو مقابل حرب مع الاخوة.
مدير المكتب الصحفي الفلسطيني – لبنان
احسان الجمل