بما أنّ هناك من يهمه أمر السلوك التنظيمي. وباعتباره تخصصي العام القادم فسأسوق بعض المواضيع التي يطرقها هذا الجانب من الاختصاص، من خلال الإطلاع الذي أقوم به في هذا المجال. ولا أرجو منكم إلا الدعاء لي بالتوفيق أثناء إفطاركم في رمضان المبارك- إن تذكرتموني في حر هذا الصيف-
والكلام الذي سأسوقه ليس كلامي بل أنا ناقل له فحسب.
سوف نتكلم في هذه المداخلة عن موضوع مهم في السلوك التنظيمي ألا وهو.. ( الرضا الوظيفي ) .
أشغل هذا الموضوع علماء السلوك التنظيمي لأهميته وما ينتج عنه على الفرد قبل المنشأة،إذ أن من مكونات وأساسيات المنشآت هي الأفراد،وعندما يكون الأفراد قد رضوا بالأعمال المناطة بهم، وأيضاَ الأعمال والمهام الموكلة إليهم،كلما كان الناتج الوظيفي بهذه المنشأة يزيد يوماَ بعد يوم .
وهنالك تعاريف كثيرة لمفهوم الرضا الوظيفي بقدر الأشخاص الذين ناقشوا موضوع الرضا الوظيفي، نجد مجموعة كبيرة من التعاريف لهذا الموضوع الهام، وسوف نتكلم عن مجموعة من التعاريف عن الرضا الوظيفي وأيضاَ سوف نتكلم عن مكونات الرضا الوظيفي والبرامج الدائمة للرضا الوظيفي ثم نظريات ونماذج الرضا الوظيفي ثم يتلو ذلك قياس للرضا الوظيفي، ونختم إن شاء الله بالآثار الناتجة للرضا الوظيفي .
• من التعاريف لمفهوم الرضا الوظيفي :
1-تعريف( Hoppck ) يقول بأن الرضا الوظيفي هو " مجموعة من الاهتمامات بالظروف النفسية والمادية والبيئية التي تحمل المرء على القول بصدق أنني راضي في وظيفتي " .
2-تعريف ( Vroom ) هو " المدى الذي توفر معه الوظيفة لشاغلها نتائج ذات قيم إيجابية، سواءً كانت إيجابية للفرد أو إيجابية للعمل " .
3-وعرَفه ( Lowler ) وقال بأنه " حصول المرء على مزيد مما كان يُريد يجعله أكثر قناعة ورضا " .
4-وعرًفه ( Katzell ) بقوله هو " الفرق بين ما يحققه المرء فعلاَ وما يطمح إلى تحقيقه .
5-ثم عرفه كل من( Li & Shani ) بقولهما هو " المواقف العاطفية من قِبل الأفراد نحو الوظائف، ويتوقف ذلك على الملائمة والانسجام بين المكافآت التي تقدمها بيئة العمل للفرد، وأولويات الفرد لهذه الوظائف " .
6-ثم عرفه ( النجار ) بقوله هو " الحالة الشخصية للفرد والتي تعبَر عن مدى قبوله العام لمجموعة العوامل الوظيفية المحيطة ببيئة العمل " .
ومن ذلك نخلص إلى :
• مكونات الرضا الوظيفي ومن هذه المكونات :
1-الأجر
وهو الراتب الذي يستحقه العامل عن العمل الذي يقوم به .
2-محتوى العمل ويندرج تحته :
1-درجة تنوع المهام .
2-درجة السيطرة الذاتية المتاحة للفرد في اختيار ظروف أداء العمل .
3-درجة استخدام الفرد لقدراته .
4-خبرات النجاح والفشل في العمل .
3-فرص الترقية
وهو الحصول على مراتب أعلى .. ( ونعرف أن فرص الترقية، كما هو معلوم للجميع، قد لا يتوفر في المراتب العليا وهي ما تُسمى بـ عنق الزجاجة فـ يكون هنالك مجموعة كبيرة من الأفراد يُريدون أن يترقون على وظائف محدودة, وبالتالي لا بد لكل منشأة إذا ارتأت هذه المنشأة أو أرادات أن يكون فرص الترقي في هذه المنشأة عالي، أن تتعامل مع هذا الموضوع بنوع مما يسمى بدراسة المسار الوظيفي لكل موظفِ في المنشأة .
والمسار الوظيفي هو منذُ تعيين الفرد العامل في المنشأة إلى أن يتقاعد هذا الفرد، فيكون هنالك مخطط كامل لما سوف يقوم به الفرد العامل من أعمال ومن وظائف يتم تعيينه أو ترقيته عليها ).
4- نمط الإشراف
هل هو قائم على العلاقات أو على الإنتاج ، ( وهذه تندرج تحت نظريات ما يسمى بالإنتاجية، وتكلمنا عن الإنتاجية في محاضراتِ سابقة، وأيضاً نمط الإشراف فيما يتعلق بالقيادة .. هل القيادة تهتم بالإنتاج أو أنها تهتم بالعلاقات والأفراد ) .
5-جماعة العمل .. وهي قدرة الفرد على الانسجام مع فريق العمل .
6- ساعات العمل والراحة
هل هي قائمة على الحرية في توزيع وقت العمل، ( أو أنها قائمة على الإجبار والإلزام، ونعر أن ساعات العمل تختلف باختلاف نشاط المنشأة، إن كان نشاط المنشأة يقوم على الوحدة، بمعنى أن هناك مجموعة كبيرة من الأعمال ليس لها علاقة بالجمهور، ليس لها علاقة بالمستهلكين، فبالتالي يكون هنا ساعات العمل يكون فيها نوع من الحرية، بمعنى أن يأتي الموظف في الصباح الباكر ويخرج مبكراً من العمل متى ما أنجز العمل الموكل إليه، أي بالوحدات ، أما إذا كان العمل متعلق بالجمهور، فلا بد من حضور هذا الموظف بحضور الجمهور أو المستهلكين، وبالتالي هنا لا بد له من الالتزام بوقت العمل دخولاً وخروجاً .
7-ظروف العمل المادية .. هل هي جيدة أم غير جيدة وبالتالي يقودنا ذلك إلى :
• البرامج الداعمة لما يُسمى بالرضا الوظيفي .. من ذلك
1-برامج صيانة القوى العاملة
وهي ما يُسمى بـ برامج التدريب، ونعرف أن الصيانة هي التي تتعلق بالأفراد، أن يكون الفرد العامل على دراية بجميع الأعمال المناطة به، وأن يكون على قدر المسئولية، وأن يُعطى من الأعمال والمهام والواجبات ما يتناسب مع قدرة هذا الموظف سواءَ قدرة ذهنية أو عقلية أو إدراكية أو عاطفية أو شعورية، وبالتالي لا بد أن ترتبط بذلك ، ومن ما يُسمى بـ برامج التدريب سواء يكون هذا التدريب داخلي داخل المنشأة أو أن يكون هذا التدريب خارجي أي خارج المنشأة .
2-برامج تحسين بيئة وظروف العمل
مثل تهيئة مكان عمل مناسب، إعادة النظر في ساعات العمل، تقليل مصادر الضوضاء، التقليل من رتابة الأعمال .
3-برامج الرفاهية الاجتماعية
مثل النوادي، ودور الحضانة، والمواصلات، والسكن، فكل ما كانت هذه المنشأة بـ برامج النواحي الاجتماعية، كل ما كان ولاء هذا الموظف عالياَ لهذه المنشأة، وأيضاً يدل دلالة صريحة على رضا هذا الموظف في أداءه لأعماله .
4-برامج الأمن والسلامة المهنية .. مثل
أ - تجزئة العمل لتحديد مصدر الخطر فيها .
ب - تحديد نوع المخاطر المهنية والحد من حدوثها .
ج - تدريب العاملين على زيادة مهارة الفرد في العمل وحماية نفسه من الأخطار وتوعيتهم على حسن التصرف عند تعرضهم للإصابات .
د - سجلات حوادث وإصابات وأمراض المهن .
هـ - المتابعة والتفتيش .
والنظريات الحديثة تقلل من أهمية التفتيش العملي، بمعنى أن يأتي شخص إليك للعمل ثم يُفتش ويقيم عملك وجهاَ لوجه .
الآن هنالك ما يُسمى بالوسائل الحديثة، أن توضع كاميرات مراقبة، أن يُوضع برامج وتربط بالشبكة العنكبوتية للمنشأة، بحيث تعرف هذه المنشأة ما تم عمله لكل موظف من الموظفين، وكل موظف يرتبط بمشرف من المشرفين فيعرف كمية الإنتاج الذي ينتجه هذا الموظف ونوعيته وجودته .
5-برامج الرعاية الصحية
مثل التأمين الطبي للعاملين .
6-برامج فرق العمل المُدارة ذاتياً
مثل كونها مسئولة عن إنتاج سلعة أو تقديم خدمة وهي تركز على الجوانب الفنية، لا الإدارية .
7-برامج حلقات الجودة
مثل كونها مسئولة عن تحسين العمليات ودراسة بعض مشاكل العمل .
8-برامج الجودة الشاملة
مثل كونها مسئولة عن جعل العاملين يعملون بشكل صحيح ومن أول مرة وبدون أخطاء .
• نظريات ونماذج الرضا الوظيفي
وهنالك أربع نظريات تدرس الرضا الوظيفي، ومن ذلك :
1-نظرية ( لوك )
ويرى ( لوك ) أن الرضا الوظيفي يمكن النظر إليه من ناحية القيمة .
يعني ذلك أن الرضا الوظيفي يُنظر له كـ حالة عاطفية سارًة، وأنه ليس مجرد مجموعة بسيطة لحالات الرضا للفرد عن العناصر الفردية التي تتكون منها الوظيفة .
أي لا بد من النظر إلى جميع العوامل التي تلعب دوراً في تحديد المستوى الكلي للرضا عند الفرد .
ويمكن النظر لتلك النظريات على أساس المعادلة التالية :
ر و ك وهو ما يُطلق عليه روك = ( ر ف1 ) × هـ1 + ( ر ف2 ) × هـ2 + .. وهكذا .. حيث يعني :
روك ( الرضا الوظيفي الكلي )
ر ف1 ( الرضا الفردي عن جوانب العمل )
هـ1 ( أهمية كل واحد في هذه العناصر، مما يعني أن أهمية نشاط العنصر كـ قوة فاعلة تزيد أو تنقص حسب مدى الرضا مع كل عنصر، مما ينعكس بالتالي على مدى الرضا الوظيفي الكلي ) .
2-نظرية عملية المقاومة ( لا ندي )
-يرى ( لا ندي ) أن الرضا الوظيفي عن مكافأة محددة سوف يتغير بطريقة منتظمة مع مرور الزمن، رغم أن هذه المكافأة نفسها تبقى ثابتة .
مثال :
-قد تكون الوظيفة أكثر متعة في الأسبوع الأول عنه بعد ست سنوات من ممارسة هذه الوظيفة نفسها، ونعرف أن الشيء الجديد الذي يعمله الفرد وهذا شيء طبيعي لدى الإنسان عندما يعمل عملاً جديداً يجد فيه متعة لأنه يتعلم شيء جديد، أما إذا تعود هذا الموظف على هذا العمل الروتيني، أصبح هناك رتابة في هذا العمل وعدم تجديد، مما يدعو علماء الإدارة إلى تغيير في وسائل وطرق أداء
الأعمال، وبالتالي هنالك مجموعة كبيرة من علماء الإبداع في الإدارة، ( وسوف نتكلم عن هذا الموضوع في محاضرات قادمة إن شاء الله ) .
-أن الفرد العامل لديه عوامل تساعده على المحافظة على التوازن في حالته العاطفية، ولأنه ينظر إلى الرضا من عدمه أنهما من الظواهر العاطفية .
-كما يرى أن هنالك عمليات مقاومة للعوامل العاطفية، فـ عند السعادة يكون لها ضابط بحيث لا تخرج عن المألوف والعكس صحيح .
-لاحظ أيضاً أن هذا العامل الذاتي يبدو من الأمور الروحانية الباطنية التي يُدركها المرء بالعقل لا بالحواس، وهو من الوظائف المركزية للجهاز العصبي .
3-نظرية ( لولر ) في الرضا الوظيفي
يرى أن العمليات النفسية لها علاقة بـ :
أ -الراتب أو الدخل .
ب -الإشراف .
ج -الرضا مع العمل نفسه .
-يرى أن الرضا عبارة عن الاختلاف أو الفرق ما بين شعور تجاه ما ينبغي ويحصل عليه و بين ما أدرك الشخص أنه حصل عليه بالفعل .
-وبمعنى آخر.. يتوقع أو يتنبأ بأنه عندما يفوق إدراك عدالة المكافأة ( الجزاء ) كمية المكافأة الفعلية، يكون ( عدم الرضا ) هو النتيجة، وعندما يتساوى إدراك عدالة المكافأة مع المكافأة الفعلية يكون الرضا هو النتيجة، أما إذا كانت المكافأة الفعلية تفوق إدراك عدالة المكافأة فالنتيجة هي ( الشعور بالذنب ) والتوتر أو عدم الارتياح .