الحَمْدُ للهِ الذي عَلَّمَ بالقَلَمِ، والصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عَلَى مَنْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الكَلِمِ.
السَّلاَمُ عَلَيْكُم ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ، أَمّا بَعْدُ:
يَقُولُ صاحِبُ هذا المَوْقِعِ، ابْنُ أُنْثَى عَبْدُ اللهِ بْنُ آدَمَ بْنِ تُرَابٍ، رَحِمَهُ اللهُ، مُتَمَثِّلاً قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
كُلُّ ابْنِ أُنـــْثَى وإِنْ طالَتْ سَلامَتُهُ
يَوْمـــــــــًا عَلَى آلـــَــةٍ حَـــدْباءَ مَحْمُولُ
هذا بَصِيصٌ مِن بَرِيقِ جَواهِرِ العَرَبِيَّةِ، وَمَا تَفَرَّدَتْ بِهِ عَنْ بَقِيَّةِ أَلْسِنَةِ البَرِيَّةِ، مِمّا كانَ سَجْعُهُ في السَّجْعِ رَأْسًا، أَوْ يُقْرَأُ طَرْدًا وعَكْسًا، ويَتَغَيَّرُ أَوْ يَبْقَى مَعْنىً وجَرْسًا. أَوْ مِمّا كانَ فِيهِ إِبْداعٌ عَزَّ نَظِيرُهُ، وذَهِلَ مِن سِحْرِهِ خَبِيرُهُ. وذالِكُم مِمّا وَقَعَ عَلَيْهِ بَصَرِي، أَوْ سَمِعْتُ مِن خَبَرٍ. والنّاقِلُ عُهْدَتُهُ المَنْقُولُ، وفِي ذالِكُم طَرَفَةُ بنُ العَبْدِ يَقُولُ:
ولاَ تَذْكُرِ الدَّهْرَ في مَجْلِسٍ
حَدِيثًا إِذَا أَنْتَ لَمْ تُحْصِــهِ
ونُصَّ الحَدِيثَ إِلَـى أَهْلِهِ
فإِنَّ الوَثِيقَـةَ فــي نَصِّــــــهِ
وقَدْ راعَيْتُ أَنْ تَخْلُوَ صَحَائِفِي، مِمّا لا يَلْزَمُ مِن الزَّخَارِفِ، كَيْ يَظْهَرَ النَّصُّ واضِحًا فِي قِرَاءَتِهِ، ولاَ يَضِيعَ الحِبْرُ هَدْرًا فِي طِبَاعَتِهِ. وأَجْهَدْتُ نَفْسِي في ضَبْطِ ما نَسَخْتُهُ بالشَّكْلِ، وتَمْيِيزِ هَمْزِ القَطْعِ مِن الوَصْلِ، كَيْ لا يَقَعَ القارِئُ في لُغْزِ التَّصْحِيفِ، أَوْ أَقَعَ في تُهْمَةِ التَّحْرِيفِ. إِلاّ ما اضْطُرِرْتُ لِتَصْوِيرِهِ مِن مَراجِعِهِ، فالعُهْدَةُ عَلَى ناشِرِهِ وطابِعِهِ.
فَإنْ وُفِّقْتُ بَعْدَ هذا فلِلَّهِ وَحْدَهُ الحَمْدُ، وإِنْ قَصَّرْتُ فمِنْهُ العَفْوُ والتَّوفِيقُ يُسْتَمَدُّ، ولَهُ سُبْحانَهُ الأَمْرُ مِن قَبْلُ ومِنْ بَعْدُ.
وَمَن كانَ لَهُ مِن تَعْلِيقٍ أِوْ مَزِيدٍ، فَلاَ يَبْخَلْ بِسَطْرٍ في بَرِيدٍ، ولَهُ عَلَيَّ نَشْرُ بَيَانِهِ، وَإِنْ شاءَ صَرَّحْتُ باسْمِهِ وعُنْوانِهِ، ولَهُ الشُّكْرُ والتَّـقْرِيظُ، وحَقُّهُ لَدَيَّ مَحْفُوظٌ. والسَّلاَمُ.