هل تذكر يوم كنا نركض معا
وكانت الارض بساطنا والسماء غطاءنا
والشمس التي كانت تدفئ قلبينا بحبها وعطفها
والأشجار التي ضمتنا بين جناحيها
والأزهار التي رشتنا بعطرها وأريجها الفواح
وهل تذكر يوم توجتنا العصافير عروسين في ليلة اكتمال البدر
يومها كنا نضحك ببراءة لأننا أطفال
وكل ما في الكون كان يدعونا للسعادة
وهل كنا نعلم أن تلك السعادة ستتحول إلى شقاء وان الأرض والسماء
والأشجار والأزهار والطيور وكل ماضمنا بالأمس
سيضيق ذرعا بنا ويرمي بنا إلى يد الأقدار
لم نكن نعلم ما ينتظرنا من شقاء
أتعلم لماذا؟
لأننا كنا أطفالا
كانت البراءة تجري في عروقنا
كانت ترسمها ابتساماتنا وتجسدها ضحكاتنا
لكن اليوم فقدنا كل تلك البراءة
أتعلم لماذا؟
اقولها لك اليوم فقط بدا شقاؤنا
اليوم اصبحنا مسؤولين عن افعالنا
لن نجري كما كنا كمجنونين
لن نرتمي فوق المروج الخضراء معا كما كنا
ونتأمل السماء بصفائها فنرسم أحلامنا الصغيرة
أتعلم كيف ؟
ببراءة الأطفال
لكن اليوم سيأوي كل منا إلى جناحه بعيدا عن الآخر وحيدا
ستبدأ معاناتنا
سنمسك دقات قلبنا حين تدوي كهزيم الرعد
حتى لا يسمعها من حولنا
ويكشفوا سرنا وعارنا
نعم عارنا لا تستغرب ؟
فالحب صار عارا في بلادنا
والشوق صار جرما لا يغتفر
ألا يعلمون أن الحب إذا عصف بالقلوب شتتها مزقها تركها جريحة كليمة
إذا فليلوموا قلبينا لماذا يلوموننا
وليحاكموا شوقنا ولماذا يحا كمونناوماذنبنا
فليشنقوا وليخنقوا مشاعرنا
وان استطاعوا فليكتموا أصوات أشواقنا ودقات قلبنا
ولكنهم لن يستطيعوا منع عيوننا من المناجاة ولن يمنعوها من الشكوى والمواساة
فستذرف أعيننا دموعا حارة بالحب
وستقول أعيننا لبعضنا يحيا الحب
فليفقؤوا عيوننا وليصلبوا أجسادنا
لكن لن يفصلوا أرواحنا
لن يجتثوا ذلك الحب الذي نمى بين أضلاعنا
وسقيناه بدموعنا ووجدنا وحنيننا وعذابنا حتى ملك شغاف قلبينا
وسكن سويداء قلبينا
لن يخمدوا نارا تضرم لهيبها سنينا منذ نعومة أظفارنا
لن يقتلوا أملا نمى كالجنين بين أحضاننا
وهل ينمحي النقش العميق في الأحجار
كذلك حبنا أحلامنا آلامنا أشواقنا لن تنمحي
هل تهجر الام وليدها
كذلك الحبيبة لن تهجر حبيبها
وهل يستغني الطير عن عشه
كذلك الحبيب لن يستغني عن حبيبته ومسكن نفسه وفيض روحه.
هذا بعض ما فاض به خاطري فتقبلوه مني بصدر رحب .