بحث حول المقارنة المرجعية

[منار السجود]

مقدمـــــــــــــة
إن الملاحظ للوضع الإداري الحالي في ظل تنامي ظاهرة العولمة ودخول القيادات الإدارية في تحديات القرن الحادي والعشرين وازدياد المنافسة بين القطاعات, ليجد أن الأساليب الإدارية التقليدية لم تعد مجدية وان القائد الإداري كي يظل ويبقي المنظمة التي يقودها في إطار المنافسة فانه سيطوي صفحاته التقليدية القديمة ويبدأ بنهج الأساليب الإدارية الحديثة التي أثبتت التجارب نجاحها في القطاعات العامة والخاصة إذا ما طبقت بشكلها الصحيح ووفق منهجها العلمي والعملي ولعل من هذه الأساليب أسلوب إدارة الجودة الشاملة أو الكلية وكذلك أسلوب إعادة هندسة نظم العمل أو ما يسمى اختصارا بالهندرة إضافة إلى أسلوب المقرنة المرجعية وغيرها.
فالقائد الإداري الناجح هو من يبعث التجديد والتطوير في روح منظمته ولا يكون ذلك إلا بتطبيق الأساليب السابقة بنجاح.
وفيما يأتي سيتم التعرض إلى بعض تفاصيل هذه الأساليب والتطرق بشيء من التحليل إلى كل ما يتعلق بصفة خاصة بأسلوبي المقارنة المرجعية وأسلوب إعادة الهندسة من خلال العرض الآتي:
أولا: أسلوب المقارنة المرجعية
1- نشأة و تعريف المقارنة المرجعية
2- أنواع المقارنة المرجعية
3- دور المقارنة المرجعية
4- منهجية وخطوات تنفيذ أسلوب المقارنة المرجعية
5- الأخطاء الشائعة عند تطبيق أسلوب المقارنة المرجعية
ثانيا: أسلوب إعادة الهندسة
1- تعريف الهندرة وأهميتها
2- أهداف واهتمامات الهندرة
3- مبادئ وخطوات الهندرة
4- معايير تحديد العمليات التي تحتاج إلى هندرة
5- فريق الهندرة والقدرات الأساسية اللازمة لإجرائها
أولا: أسلوب المقارنة المرجعية
يعتبر أسلوب المقارنة المرجعية أو ما يطلق عليه التجسس الصناعي, المعايرة التنافسية, القياس المرجعي من الأدوات التي يمكن استخدامها بفاعلية لإجراء تحسين و تطوير في الخدمات فهي المنهجية التي تمكن من البحث بصفة دائمة عن أحسن الطرق الممارسة حتى يمكن تكييف أبعادها الايجابية ووضعها للتنفيذ من أجل أن تصبح الأحسن, وسيتم إيضاح ذلك من خلال العناصر الآتية:
• نشأة و تعريف المقارنة المرجعية؛
• أنواع المقارنة المرجعية؛
• دور المقارنة المرجعية؛
• منهجية وخطوات تنفيذ المقارنة المرجعية؛
• الأخطاء الشائعة عند تطبيق أسلوب المقارنة المرجعية.
1- نشأة و تعريف المقارنة المرجعية
1-1- نشأة المقارنة المرجعية
إن المقارنة المرجعية ليست وليدة الأمس, بل تعود إلى بداية القرن التاسع عشر عندما قام الصناعي الانجليزي FRANCIS LOWELL بدراسة أفضل الأساليب المستخدمة في معامل الطحين البريطانية للوصول إلى أفضل التطبيقات نجاحا في هذا المجال وقد جاء بعد هذا الأخير الصناعي HENRY FORD في عام 1913, والذي قام بتطوير خط التجميع كأسلوب صناعي متميز.
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية, كانت اليابان من أولى الدول التي طبقت المقارنة المرجعية واستندت عليها في إبداع منتجاتها ومبتكراتها. وهذا قبل ظهور مصطلح المقارنة المرجعية في قاموس الأعمال.
وقد انتقلت تطبيقات هذا الأسلوب إلى الولايات الأمريكية المتحدة , حيث تعتبر شركة RANK-XEROX الرائدة العالمية في آلات التصوير أو السحب هي المؤسسة التي قامت بتطبيق المقارنة المرجعية كتسمية وكأسلوب علمي.
أما في أوروبا, والتي تعتبر الأخيرة في هذا الميدان, فقد تفطنت لفائدة مصطلح المقارنة المرجعية أو ما يعرف بـ BENCHMARKING الذي طبقته بطريقة منظمة من مطلع التسعينات.(1)
1-2- تعريف المقارنة المرجعية:اخذ مصطلح المقارنة المرجعية العديد من المفاهيم فقد سماه البعض أداة (TOOL), كما سماه آخرون أسلوب (METHOD ), وفريق ثالث أطلق علية طريقة ) ) وآخر يراها عملية أو صيرورة ( PROCESS). وعلى الرغم من الفروق اللفظية في التسمية, إلا أن هناك شبه إجماع على المعنى المقصود من ذلك والفائدة المنتظرة من التطبيق.(2)
فالمقارنة المرجعية هي نقطة مرجعية انطلاقا من أننا نحدد الأهداف فهي: (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1) : Jean Bril man, 1998, Les meilleures pratiques de management au cœur de la performance, 2eme tirage, d’organisation, Paris, p233. نقلا عن رسالة ماجستير
(2): دراسة أخذت من الانترنت حول المقارنة المرجعية, نقلا عن رسالة ماجستير.
(3): https://perso.Wamadow .Fr /Nathalie. Diaz /html. نقلا عن رسالة ماجستير



سيرورة تحديد الأهداف؛
وسيلة تعريف, انجاز والوصول إلى معايير سامية؛
سيرورة مستمرة لتقسيم الخدمات, المنتجات, والطرق.
* عرفها SPENLY بأنها: عملية قياس ومقارنة الممارسات الرئيسية للمنظمة مع الممارسات الرئيسية للمنظمات الأخرى لترسيخ مقاييس الأداء التي تساعد على وضع أهداف جديدة واكتشاف أفكار جديدة للتحسين.
* أما WILD فيرى بأنها الأسلوب الذي يمكن المنظمة من مقارنة أدائها بمعايير مناسبة أعلى تساعد على ضمان التحسين المستمر.
* كما يعرفها KROJEWSKI et RITZMAN بأنها تسعى للفهم الأفضل لكيفية انجاز المنظمات الرائدة لأنشطتها والمقارنة معها بنية تحسين الأداء الحالي للمنظمة.
* وكذلك عرفها GOETSCH et DAVIS على أنها عملية مقارنة وقياس نشاطات المنظمة أو عملياتها الداخلية مع المنظمات ذات الأداء العالي من داخل وخارج الصناعة التي تعمل فيها تلك المنظمة.(1)
من خلال التعارف السابقة, يمكن القول بأن المقارنة المرجعية هي عبارة عن مقارنة أداء المنظمة مع أحسن المنظمات الأخرى التي تنشط في نفس مجال نشاطها (نفس الفرع أو القطاع) ومحاولة الأخذ بالحسن بما هو موجود في الوقت الحالي ومحاولة تطويره مستقبلا.
2- أنواع المقارنة المرجعية: يمكن تقسيمها إلى جزأين أساسين كما يلي2)
2-1- المقارنة المرجعية الداخلية
تكمن في مقارنة عمليات المنظمة مع مثيلاتها في نفس المنظمة (بين المواقع, الفروع, الدول...) ومن خلال ذلك, يمكن اعتماد وحدات تنظيمية ذات أداء متميز داخل المنظمة واعتبارها كأساس لتحسين أداء الوحدات التنظيمية الأخرى لنفس المنظمة.
هذه الطريقة تعتبر سهلة, وذلك لسهولة جمع المعلومات وتسمح بتحديد الحالة العامة للمؤسسة, وتحديد وظائف داخلية تتماشى مع أهداف المقارنة المرجعية فيمكن أن تصل إلى تحسين في حدود 10% من الأداء.
2-2- المقارنة المرجعية الخارجية
تكمن في إجراء مقارنة أداء المنظمة مع منظمات أخرى رائدة والتي تعمل أو تمارس نفس نشاط المنظمة أو في مجال نشاط آخر ويمكن تقسيمها إلى:
2-2-1- المقارنة المرجعية التنافسية: تستخدم في مجال مقارنة المنتجات, الأفراد, التكنولوجيا, السعر, الجودة. فهي تقوم على أساس المقارنة المباشرة مع الأفضل من المنافسين لتحقيق مستويات أفضل في الأداء, فهذا النوع من المقارنة يعتبر صعبا نظرا لصعوبة الحصول على المعلومات وبالتالي فهو يتطلب معارف كبيرة فهو يتطلب المحافظة على علاقات جيدة مع المنافسين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1): دراسة أخذت من الانترنت حول المقارنة المرجعية, مرجع سابق, نقلا عن رسالة ماجستير.
(2): Jean Bril man, 1998, Op.cit, pp 235-236, نقلا عن رسالة ماجستير.



2-2-2- المقارنة المرجعية الوظيفية: فالأمر هنا يتعلق بمقارنة وظائف مماثلة في مؤسسات تنافسية أو غير تنافسية كوظيفة الإنتاج, التسويق, المالية وذلك في نفس قطاع النشاط. فعلى سبيل المثال يتم مقارنة استقبال المرضى في إحدى المستشفيات مع استقبال الزبائن في إحدى الفنادق المتميزة.
2-2-3- المقارنة المرجعية النوعية (المتجانسة): يتعلق الأمر هنا بمقارنة طرق العمل أو السيرورات في قطاعات أنشطة مختلفة. فهذه الطريقة من المحتمل أن تكون الأكثر إنتاجية وإبداعية. فالمنافسة هنا لا تدخل في الحسبان.(1)
3- دور المقارنة المرجعية: يكمن فيما يمكن أن تقدمه للمنظمة من فوائد والتي تتوقف على النقاط الآتية2)
- تساعد المنظمة في التحديد الدقيق للفجوة بين أدائها وأداء المنظمات الرائدة؛
- تضمن تخصيص الموارد بدقة اكبر واستخدام أفضل؛
- تساهم بشكل فعال في تطوير الإبداع الفردي والجماعي؛
- تطور إمكانية الاستجابة السريعة لمتطلبات الزبون الداخلي والخارجي؛
- تساعد المنظمة على أن تكون أفضل مما هي عليه الآن؛
- تساعد المنظمة على اكتشاف ممارسات جديدة تؤدي إلى تحقيق أهداف جديدة؛
- تؤدي إلى توفير المناخ الملائم لتحقيق التعاون والتكامل بين العاملين في القسم الواحد وبين مختلف أقسام المؤسسة؛
- تساهم بشكل فعال في بناء ميزة تنافسية للمنظمة من خلال التحسين المتسارع والمستمر؛
- تساعد على توفير المناخ الملائم وتعزيز الرغبة لدى قيادة المنظمة والعاملون فيها على تبني التغيير؛
- تزود المنظمة بالوسائل التي تمكنها من تبني في ذات الوقت الذي تعالج فيه نقاط الخلل؛
- تؤثر ايجابيا على معنويات الأفراد وتجعلهم يشعرون بالفخر المستند إلى الانجاز المتميز؛
- تساهم في زيادة الشعور بالمسؤولية لدى العاملين.
4- منهجية وخطوات تنفيذ أسلوب المقارنة المرجعية
4-1-يرى البعض أن هذه الأخيرة تنصب في مجملها في خمسة عشر خطوة جمعت في خمس مراحل وهي: (3)
4-1-1- مرحلة قياس الأداء الداخلي: يشمل:
• تحديد الأنشطة, نتائجها وزبائنها؛
• تحديد أحسن القياسات؛
• إعادة النظر في أداء المؤسسة الحالي.
4-1-2- مرحلة ما قبل المقارنة المرجعية: تشمل:
• إعداد أولويات وتحديد موضوع المقارنة المرجعية؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1): https://perso.Wamadow .Fr. Op. cit, p 04. نقلا عن رسالة ماجستير.
(2): دراسة أخذت من الانترنت حول المقارنة المرجعية, مرجع سابق, نقلا عن رسالة ماجستير
(3): Balme G, 1994, Evaluer et améliorer ses performances le Benchmarking, édition AFNOR, Paris, p 08,نقلا عن رسالة ماجستير.


• اختيار الشركات للمقارنة المرجعية؛
• تحديد طرق الحصول على المعطيات والمعارف.
4-1-3- مرحلة المقارنة المرجعية: تتضمن:
• جمع وتنظيم العناصر المجمعة؛
• تحليل الفوارق للأداء؛
• تقييم الانجاز المستقبلي للمؤسسة.
4-1-4- مرحلة ما بعد المقارنة المرجعية: تتضمن:
• إعلان نتائج وإعداد الأهداف؛
• تطوير مخططات العمل؛
• تحديد موضع التنفيذ للأهداف.
4-1-5- مرحلة الملاحظة والتعديل: تشتمل هذه المرحلة على:
• مراجعة تكامل الأعمال؛
• توقيع النجاح للمشروع وإعادة تعديل الأهداف؛
• تعديل الأهداف والعودة للخطوة الأولى.
4-2- في حين يرى البعض الآخر أن هذه الخطوات تنقسم إلى عشر خطوات جمعت في أربع مراحل فقط وهي1)
4-2-1- مرحلة التخطيط: هناك فريق يقوم بإعداد مخطط التدفق للطريقة أو التقنية المعالجة, لإجراءات الأداء غير المرغوب وفيها يتم حذفها وتعويضها بوصفات أخرى أعدت للمشروع.
4-2-2- مرحلة التحليل: في هذه المرحلة يقوم الفريق بالتركيز على مختلف الطرق أو الإجراءات وذلك بتحليل النتائج.
4-2-3- مرحلة التكامل: هذه المرحلة تمثل الاستنتاجات للمقارنة المرجعية وتحسين تفهم الفريق فيما يخص فوارق الأداء.
4-2-4- مرحلة العمل: يقوم الفريق هنا بإعداد مخططات العمل, مواعيد تنفيذ, تقيس نتائج التحسينات, تحدد وسائل إعادة التقييم المرجع بعد فترة زمنية للتنفيذ.
5- الأخطاء الشائعة عند تطبيق أسلوب المقارنة المرجعية : تتمثل في2)
- المساهمة غير الكافية من جانب الإدارة العليا.
- الاختيار و الإعداد غير السليم لفرق العمل المكلفة بالدراسة أو التطبيق.
- التقنية و الدعم غير الكافي للتنفيذ.
- الأهداف غير السليمة و خاصة على المدى الطويل.
- عدم الواقعية في تحديد المطلوب تحقيقه أو في الزمن المتوقع للتنفيذ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1): https://perso.Wamadoo .Fr / Nathalie. Diaz /html, pp 1-2, نقلا عن رسالة ماجستير.
(2): دراسة أخذت من الانترنت حول المقارنة المرجعية ,BENCHMARKING باللغة الفرنسية.



- الفهم غير السليم أو غير الكافي للمعلومات أو لطريقة التطبيق في الجامعة المختارة.
- غياب المتابعة أو عدم كفايتها.

مما سبق يتضح أن المقارنة المرجعية هي أحد الأساليب التي تساعد على تطوير الجودة وذلك من خلال العمل على مقارنة مستوى الأداء للشركة أو المنظمة مع شركة أو منظمة أخرى تقدم نفس خدمات الشركة أو المنظمة مكان الدراسة ولكن مستوى أدائها ذو جودة عالية باستخدام إجراءات عديدة.





خـــــاتمــــــــــــــــة

من خلال ما سبق دراسته في هذا البحث المختصر يمكن أن نلمس وجود علاقة وطيدة بين هذين المصطلحين, فإذا أخذنا هذه العلاقة على مستوى المؤسسة نجد أنها تنطلق من أسلوب المقارنة المرجعية لتحدد: أين هي من باقي المؤسسات الناجحة في نفس ميدانها وتقيم أدائها أي؛ هل أدائها يقترب أو يفوق أو هو متدني بالنسبة للمؤسسة المرجع؟
وهنا يحين دور استعمال أسلوب الهندرة أو إعادة الهندسة حيث تصيغ المؤسسة الأسلوب الجديد الذي سيمكنها من التفوق وتحسين أدائها ليماثل على الأقل أداء المؤسسة المرجع وذلك من خلال البدء من الصفر أو التغيير الجذري.
نفس الشيء إذا أخذنا العلاقة بالنسبة للفرد أو مصلحة ما في المؤسسة فالفرد يتبع أسلوب المقارنة المرجعية لتحديد مكانته من الخبراء في المؤسسة أو المبدعين فيها أي الذين يفوقونه في المستوى – المعرفة - يلي ذلك إعادة هندسة نشاطه نوعا ما وذلك بإتباع أسلوب جديد يوصله للأداء الكفء.

[محـ العاصيمي ــمد]

بارك الله فيك يا أختي والله ساعدتيني كثيرا

[smail2009]

بارك الله فيك يا أختي والله ساعدتيني كثيرا

[smail2009]

بارك الله فيك