![]() |
|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
"دروس رمضـانية للشيــخ " سلمــان بن فهـد العــودة
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() بسم الله الرحمان الرحيم
الوقفة الأولى كتب عليكم الصيام قال الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا كُتِبَ عَلَيْكُم الصيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلى الذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلكُمْ تَتقون أياماً مَعدُودات فَمًنْ كَانَ مِنْكُمْ مريضًا أوْ عَلَى سَفَرٍ فَعدَّةٌ مِنْ أيامٍٍ أُخَر ) [البقرة:183، 184]. هذه الآية أصل في وجوب صيام رمضان؛ و لذلك أجمع أهل العلم كافة على أنه يجب على كل مسلم أن يصوم شهر رمضان، و من أنكر وجوبه أو جحده فهو كالمرتد ، إلا أن يكون جاهلاً ، حديثَ عهد بإسلام ، فإنه يُعلَّم – حينئذ-، فإن أصر على الإنكار فهو كافر ، يُقْتلُ مرتدًا لأنه جحد أمرًا ثبت وجوبه بنصَّ القرآن ، كما يدل على ذلك قولـه تعالى ( كُتِبَ عَلَيْكُم ) أي: فرض وأوجب عليكم. وفي قوله جلّ و علا : ( كَمَا كُتِبَ عَلَى الذين مِنْ قَبْلِكُم ) تسلية للمؤمنين، وإشعار لهم بأن الله ( قد فرض هذا الأمر على من كان قبلهم من الأمم الكتابية، وفي ذلك تخفيف على نفوس المؤمنين من وطأة الصوم، فإن المسلم إذا عرف أن هذا درب سلكه قبله الصالحون من الأنبياء وأتباعهم؛ فإنه يفرح بذلك ويخف عليه لا يستثقله. ثم قال تعالى : ( لَعَلَكُمْ تَتَقُون )، إيماءً إلى الحكمة في مشروعية الصيام، وهي تحقيق التقوى لله من قِبَل الصائم. ثم قال : ( أيّاماً مَعْدُوداتٍ )، فهي أيام قليلة بالقياس إلى أيام السنة، شهر واحد فقط، ليس في صيامه عبء ثقيل على الصائمين. كتاب دروس رمضانية .... د.سلمان بن فهد العودة ... يتبع إن شاء الله
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() جزاكم الله خيرا |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله فيك وجزاك خيرا اخي الطاهر صح فطورك سلام |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() السلام عليكم ورحمة الله وبكاته
جزاك الله خيرا يا الطاهر سلام |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() بسم الله الرحمان الرحيم الوقفة الثالثة من معاني الصيام للصيام معانٍ ومقاصد عظيمة، لو تأملناها وتفكرنا فيها مليًّا لطال عجبنا منها : المعنى الأول: أن الصوم مرتبط بالإيمان الحق بالله جل وعلا؛ ولذلك جاء أن الصوم عبادة السر، لأن الإنسان بإمكانه ألاّ يصوم إن شاء، سواء بأن يتناول مأكولاً أو مشروبًا، أو بمجرد فقد النية، وإن أمسك طوال النهار. إذن فالصوم عبادة قلبية سرية بين العبد وربه، فإن امتناع العبد عن المفطرات على الرغم من استطاعته الوصول إليها خفية دليل على استشعاره اليقيني لاطلاع الله تعالى على سرائره وخفاياه، وفي ذلك -بلا ريب- تربية لقوة الإيمان بالله - جل وعلا- وهذا السر الإيماني يجري في سائر العبادات التي يتقرب بها العبد إلى خالقه سبحانه. انظر إلى الوضوء والغسل، اللذينِ يتطهر بهما العبد من الأحداث، فإن فيهما دلالة على إيمان العبد بأن الله تعالى رقيب عليه؛ مما يحمله على أداء تلك الأمانة السرية بينه وبين ربه، ولو أتى إلى الصلاة بدون طهور لما علم الناس بذلك. انظر إلى الصلاة، ألا ترى أن المصلي يقرأ في قيامه الفاتحـة، وفي ركوعه يقول: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده يقول: سبحان ربي الأعلى، وفي جلوسه بين السجدتين يقول: رب اغفر لي، وفي التشهد يقول: التحيات لله.. الخ، وكل هذا يقوله سرًا لا يسمعه مجاوره الملتصق به، أتراه لو لم يكن مؤمنًا بعلم الله تعالى بهمسات لسانه، وخواطر ذهنه، ووساوس قلبه، أتراه يدعو ويذكر الله سبحانه وتعالى في صلاته بهذه السرية، التي لا يطّلع عليها إلا ربه –سبحانه-( وَإنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ) [طه: 7]. المعنى الثاني: أن الصيام يربَّي العبد على التطلع إلى الدار الآخرة، حيث يتخلى عن بعض الأمور الدنيوية؛ تطلعًا إلى ما عند الله تعالى من الأجر والثواب؛ لأن مقياسه الذي يقيس به الربح والخسارة مقياس أخروي، فهو يترك الأكل والشرب والملذات في نهار رمضان؛ انتظارًا للجزاء الحسن يوم القيامة، وفي ذلك توطين لقلب الصائم على الإيمان بالآخرة، والتعلق بها، والترفع عن عاجل الملاذ الدنيوية، التي تقود إلى التثاقل إلى الأرض، والإخلاد إليها. هذا مع ما له في الصـوم من النعيم، والحياة الطيبـة في الدنيـا: من صحـة البدن، وفرح القلب بالطـاعة، والسعادة، وانشراح الصدر بالإيمان. أما أصحاب المقاييس المادية الدنيوية، فإنهم ينظرون إلى الجانب الدنيوي القريب في الصوم؛ فلا يرونه إلا حرماناً من لذة الأكل والشرب والوقاع، التي تحصل بها سعادة للنفس، وتلبية لحاجات الجسد. ولا ينظر هؤلاء إلى الجانب الأخروي، الذي يمثل الجزاء الحقيقي، والخلود الصحيح؛ مما يعدم أو يضعف في قلوبهم التطلع إلى الآخرة وما فيها من النعيم. المعنى الثالث: أن في الصيام تحقيقًا للاستسلام والعبودية لله جل وعلا؛ إذ الصوم يربي المسلم على العبودية الحقة، فإذا جاء الليل أكل وشرب؛ امتثالاً لقول ربه الكريم ( وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ) [البقرة: 187]؛ ولهذا كان مستحبًا أن يأكل الصائم عند الإفطار وعند السحور، وكره الوصال، فالأكل - حينئذ- عبادة لله. وإذا طلع الفجر أمسك عن الأكل والشرب، وسائر المفطرات؛ امتثالاً لأمر الله تعالى { ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلى الَّيْلِ } [البقرة: 187]. وهكذا يتربى المسلم على كمال العبودية لله، فإذا أمره ربه تعالى بالأكل في وقت معين أكل، وإذا أمره بضد ذلك في وقت آخر امتثل، فالقضية ليست مجرد أذواق وشهوات وأمزجة، وإنما هي طاعة لله تعالى، وتنفيذ لأمره. وإن العبودية لله سبحانه لهي الحرية الحقيقية، وكمال الحرية في كمال العبودية له تعالى، ولذلك قال عياض -رحمه الله-: ومــما زادني شرفــًا وتيهـا *** وكـدت بأخمصـي أطأ الثريـا دخولي تحت قولك:"يا عبادي" *** وأن صيَّـرت أحمـد لـي نبيـا ويقول الآخر: أطعتُ مطامعي؛ فاستعبدتْــني *** ولو أني قنعـتُ لكنـت حـرَّا — وهذا المعنى متحقق في الصلاة والحج وغيرهما، فالعبد في صلاته حينًا يقف، وحينًا يركع، وحينًا يسجد، وحينًا يقعد؛ لأن هذا هو أمر الله ومراده، فيحقق المصلي العبودية بامتثاله. وفي حجه لا ينهى عن الأكل والشرب، لكنه ينهى عن محظورات أخرى يجب على المحُرِم تجنُّبها: من جماع، ودواعيه، ومن تغطية الرأس، والطيب، وتقليم الأظافر، وقص الشعر.. فيجب عليه تجنبها؛ لأن الله تعالى أراد منه ذلك. ولو امتنع عن شيء لم يمنعه الله منه -كالأكل والشرب-، معتقدًا أن ذلك لأجل الإحرام لكان مبتدعًا، كما أنه لو فعل شيئًا من محظورات الإحرام كان مخطئًا. فإذا انتهى إحرامه كان مطالبًا بأن يحلق رأسه أو يقصره، وأن يغتسل ويتزين ويتطيب ويقلم أظفاره ( ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُم) [الحج: 29]. هكذا يتربى المؤمن على معنى الاستسلام والعبودية لله تعالى، بحيث يأمره بالشيء؛ فيمتثل، ويأمره بضده؛ فيمتثل، سواء أدرك الحكمة أو لم يدركها. المعنى الرابع: أن الصوم تربية للمجتمع: وذلك أن الصائم حين يرى الناس من حوله صيامًا كلهم؛ فإن الصوم يكون يسيرًا عليه، ويحس بالتلاحم مع المجتمع الذي يربطه به جانب عبادي، يلتقي عليه الجميع. إن الذي يقارن بين صوم النافلة وصوم رمضان يجد أن في صوم النافلة شيئًا من الكلفة، بينما يجد أن صوم رمضان المفروض يسير سهل، لا كلفة فيه، ولا مشقة؛ للسبب الذي سلف ذكره، حيث إن الصائم في رمضان لا يرى حوله إلا صائمين مثله، فإن خرج إلى السوق وجد الناس فيه صيامًا، وإن دخل البيت وجد أهله صيامًا، وإن ذهب إلى دراسته أو عمله وجد الناس صيامًا.. وهكذا، فيشعر بمشاركة الجميع له في إمساكه؛ فيكون ذلك عونًا له، ومنسيًا له ما قد يجده من المشقة؛ ولذلك نجد المسلمين الذين يدركهم رمضان في بلاد كافرة دفعتهم الضرورة للذهاب إليها، إما لمرض أو لغيره، نجدهم يعانون مشقة ظاهرة في صيام رمضان؛ لأن المجتمع من حولهم مفطرون، يأكلون ويشربون، وهم مضطرون لمخالطتهم. إذن ، فشعور الصائم بأن الناس من حوله يشاركونه عبادته، يخفف عليه أمر الصوم، ويعينه على تحمله بيسر وسهولة، وهذا الأمر ملحوظ، حتى في المجتمعات التي لم يبق فيها إلا بقايا قليلة للإسلام، فإنك تجد آثار رمضان ظاهرة على الجميع، حتى الفساق في ذلك المجتمع الذي غلـب عليه الفساد يظهر عليهم أثر هذا الشهر الكريم، وفي ذلك تربية للمجتمع بجملته. ومن هنا كانت عناية الإسلام بإصلاح المجتمعات عناية كبيرة، فالفساد بصفته حوادث فردية، لا مناص من وقوعه في المجتمع، وقد وقع شيء من تلك الحوادث الفردية في مجتمع الصحابة الأطهار، فكان هناك مَن سَرَق، ومَن شرب الخمر، ومَن زنا.. فهذا الأمر لابد من وقوعه، لكن الذي لا يصح أن يقع في المجتمع المسلم هو: أن تعلن المنكرات ويجاهر بها؛ فيتلوث المجتمع العام، ويصبح من العسير على الفرد الذي يريد طريق الخير أن يهتدي؛ لأن المجتمع يضغط عليه، ويثنيه عن غايته. فتربية المجتمع من مقاصد الإسلام، والصوم من وسائل ذلك، وأثره في ذلك المجال واضح، ولعل من مظاهر ذلك- إضافة إلى ما سبق- أنك تجد صغار السن في المجتمع يصومون، وتجد أهل الفسق يستسرون بالعصيان، وترى الكفار لا يعلنون الأكل والشرب. كتاب دروس رمضانية .... د.سلمان بن فهد العودة
... يتبع إن شاء الله |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() جزاك الله خيراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||
|
![]() بسم الله الرحمان الرحيم الوقفة الرابعة مع فضائل الصيام للصيام عدة فضائل منها : — أن الصيام جُنة (3) من النار ، كما روى الإمام أحمد عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصوم جنة يستجن بها العبد من النار"(4)، وفي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا"(5). فإذا كان صوم يوم واحد يباعد وجه الصائم عن النار سبعين عامًا؛ فما بالك بصوم شهر رمضان كله، أو صوم ثلاثة أيام من كل شهر نافلة، أو غير ذلك من أنواع الصيام المشروع؟! إنه لفضل عظيم.. والصوم جنة من الشهوات، فقد جاء في حديث ابن مسعود -المتفق عليه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء"(6)، فأرشد صلى الله عليه وسلم الشاب الذي لا يستطيـع الزواج أن يستعين بالصوم على إطفاء أجيج الشهوة؛ لأن الصوم يجأ الشهوة ويقطعها. وإن كثيرًا من الشباب اليوم يشتكون من الشهوة، التي يثيرها ما شاع في هذا العصر بخاصة؛ من نساء يتبرجن في الأسواق، ومجلات هابطة في المكتبات والمحلات ، وغير ذلك من الفتن التي تلاحق الشباب في الطائرة، وفي الشارع، وفي المستشفى.. وغيره، والشاب مجبول على ما ركّب الله تعالى فيه من الشهوة الغريزية، التي تتحرك عند وجود ما يثيرها، وبخاصة إذا اجتمع مع ذلك ضعف الوازع الديني.. فإلى هؤلاء الشباب نهدي هذه النصيحة النبوية: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء". ولقد ثبت بالتجربة جدوى هذا الطب النبوي، الذي يمثل دواء ناجعًا لما يكابده الشباب من الشبق (7)، ويغني عن غيره من الأدوية المادية. — أن الصوم سبيل إلى الجنة، فقد روى النسائي -بسند صحيح- عن أبي أمامه رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، مرني بأمر ينفعني الله به. قال: "عليك بالصيام؛ فإنه لا مثل له"(8). فبين صلى الله عليه وسلم أنه لا شيء يقرب العبد من الله، ويباعده من عذابه كالصيام. بل أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن في الجنة بابًا خاصًا بالصائمين، كما في الحديث المتفق عليه عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؛ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، فلم يدخل منه أحد"(9). ونلاحظ أن اسم هذا الباب يتناسب مع صفة الصائم الذي يصيبه العطش من أثر الصيام. — أن الصيام يشفع لصاحبه، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصيـام والقرآن يشفعـان للعبد يوم القيامـة، يقول الصيام: أي ربَّ، منعته الطعـام والشهوات بالنهار؛ فشفَّعني فيه، ويقول القـرآن: منعتـه النـوم بالليل، فشفعـني فيه. قال: فيشفعان"(10). فالصوم يتمثل يوم القيامة شيئًا حسيًا، ينطق ويشفع لصاحبه، سواء كان صوم فرض أو صوم نفل. — أن الصوم كفارة ومغفرة للذنوب، فإن الحسنات تُكَفَّرُ السيئات، قال الله تعالى: {إنَّ الحَسَنات يُذْهِبْنَ السَّيئِاتِ } [هود: 114]. والصوم فيه من الحسنات الشيء الكثير . وفي تكفير الصوم للذنوب وردت أحاديث عدة، منها حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها: الصلاة والصيام والصدقة"(11)، أي أن كل ما يبدر من العبد من أخطاء في حق أهله؛ بكلمة نابية، أو تقصير، ومن أخطاء في حق جيرانه: كل ذلك وما أشبهه من الصغائر تكفرها الصلاة والصوم والصدقة. وفي الحديث المتفق على صحته، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه"(12)، أي: إيمانا بالله سبحانه وتعالى واحتسابًا للأجر الذي أعدّه الله - تبارك وتعالى- للصائمين. وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتَنَبَ الكبائر"(13)؛ فصوم رمضان سبب لمغفرة الذنوب التي بينه وبين رمضان الذي سبقه، إذا اجتنبت كبائر الذنوب؛ فإن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة -كما هو مذهب جمهور علماء السلف-، ولذلك قال الله تعالـى(إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِرْ عَنكُمْ سَيِئَاتِكُم مُدْخَلاً كَرِيمًا)[النساء: 31]. — أن الصوم سبب للسعادة في الدارين، كما في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه"(14). أما فرحته عند فطره فهي نموذج للسعادة واللذة التي يجدها المؤمن في الدنيا؛ بسبب طاعته وتقواه لمولاه سبحانه وتعالى، وهي السعادة الحقيقية. وفرحته عند فطره تأتي من جهتين : الأولى: أن الله تعالى أباح له الأكل والشرب في تلك اللحظة، والنفس- بلا شك- مجبولة على حب الأكل والشرب؛ ولذلك تعبدنا الله - تبارك وتعالى - بالإمساك عنهما. الثانية: سرورًا بما وفقه الله-تعالى - إليه من إتمام صيام ذلك اليوم، وإكمال تلك العبادة، وهذا أسمى وأعلى من فرحه بإباحة الطعام له. — أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، وخلوف فمه هو: الرائحة التي تنبعث من المعدة- عند خلوها من الطعام- عن طريق الفم، وهي رائحة مكروهة عند الخلق، لكنها محبوبة عند الخالق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -في الحديث المتفق عليه-: "والذي نفس محمد بيده؛ لخلوف فم الصائم أطيب عند الله مـن ريـح المسك "(15). وفي هذا دليل على أنه لا بأس من أن يستاك الصائم بعد الزوال؛ بل هو أمر مستحب -على القول الراجح الصحيح- في المواضع التي يستحب فيها السواك في كل حال: عند الصلاة، وعند الوضوء، وعند دخول المنـزل، وعند الاستيقاظ من النوم … إلى غير ذلك من المواضع؛ لأن هذا الخلوف ليس من الفم، وإنما هو من المعدة . وكما أن خلوف فم الصائم المكروه لدى المخلوقين أطيب عند الله – سبحانه- من ريح المسك؛ فكذلك دم الشهيد يوم القيامة له رائحة المسك، مع أن الدم -من حيث هو- مستقذر؛ بل هو نجس عند أكثر الفقهاء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :" ما مِن مكلوم (16) يُكْلَم في الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يَدمى، اللون لون دم، والريحُ ريح مسك"(17). وهكذا فإن ما قد يكون مكروهًا للبشر يكون محبوباً عند الله؛ لأنه من آثار التقرب إليه؛ ولهذا كان بكاء المذنبين، وانطراحهم بين يدي الله سبحانه وتعالى؛ من أعظم القربات إليه، وربما كان في كثير من الأحيان خيرًا من كثير من العبادات والطاعات التي يدلُّ بها العبد، ويستعظمها في نفسه، وقد يزهى بها، بخلاف المنكسرين الباكين، المحسين بتقصيرهم- وإن كانوا مذنبين-. وليس شيء أعظم من الدعاء؛ لأن الدعاء يتحقق فيه انكسار العبد وذله، وخضوعه بين يدي ربه، ويظهر فيه فقره، وحاجته إلى فضلـه، وبخاصة حـين يكـون العبـد مضطـرًا { أَمَّن يُجيبُ المُضْطرَّ إذا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ الأَرْضِ } [النمل: 62]. ـــــــــــ (3) الجُنّة: السترة. لسان العرب (13/94). (4) أخرجه أحمد (14840) من حديث جابر رضي الله عنه. وأورده الهيثمي في المجمع (3/180) وقال: إسناده حسن اهـ، وحسنه المنذري في الترغيب والترهيب (1452). (5) أخرجه البخاري (2840)، ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. (6) البخاري (5065)، ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. (7)الشَّبقَ: شدة الشهوة. (8) أخرجه عبد الرزاق (7899)، وابن أبي شيبة (8895)، وأحمد (21773)، والنسائي (2221)، وابن خزيمة (1893)، وابن حبان (3425)، والحاكم (1533) والبيهقي (8263)، والطبراني في الكبير (7463)، والبيهقي في شعب الإيمان (3893)من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/181): رجال أحمد رجال الصحيح. اهـ وقد صححه الحاكم. (9) البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه. (10) أخرجه ابن المبارك في الزهد (385)، وأحمد (6589)، والحاكم (2036)، والبيهقي في شعب الإيمان (1994)وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم، وقال الهيثمي في المجمع (10/381): إسناد أحمد حسن على ضعف في ابن لهيعة وقد وثق اهـ. (11) البخاري (525)، ومسلم (144) من حذيفة بن اليمان رضي الله عنه. (12) البخاري (38)، ومسلم (760) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (13) أخرجه مسلم (233) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (14) أخرجه البخاري (1904)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (15) أخرجه البخاري (1904) ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (16) المكلوم: الذي فيه جراح، والكَلْم: الجراحة. مختار الصحاح (ص240). (17) رواه البخاري (5533) ومسلم (1876) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. كتاب دروس رمضانية .... د.سلمان بن فهد العودة
... يتبع إن شاء الله |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 9 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 10 | |||
|
![]() تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمـــــــــال |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 11 | |||
|
![]() بسم الله الرحمان الرحيم الــوقفة الخـامسة من فضائل شهر رمضان بعد أن تحدثنا عن فضائل الصوم - فرضًا كان أو نفلاً- نقف هنا مع فضائل الشهر الكريم : — فهو شهر القران : ( شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنزِلَ فِيهِ القُرْءانُ ) [البقرة: 185]. وقوله: ( أُنزِلَ فِيهِ القُرْءانُ ). يحتمل عدة معان : فقد يكون المراد إنزاله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، كما جاء ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما- . وقد يكون المقصود أن إنزال القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم ابتدأ في شهر رمضان؛ ذلك أن القرآن نزل أول ما نزل في ليلة تقابل ليلة القدر، وليلة القدر من رمضان. وقيل: إن معنى قوله: (شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنزِلَ فِيهِ القُرْءَانُ ) أي: الذي أنزل القرآن في مدحه، والثناء عليه، وبيان فضله، وإيجاب صيامه. و أقوى هذه المعاني هو الأول، والمعنى الثاني قريب منه. — وهو شهر الصبر، فإن الصبر لا يتجلى في شيء من العبادات تجليه في الصوم، حيث يحبس المسلم نفسه: عن الأكل، والشرب، والجماع وغيره في النهار طوال شهر كامل؛ ولهذا كان الصوم نصف الصبر، وجزاء الصبر الجنة، كما يقول الله تعالى: (إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر: 10]. — وفيه تغلق أبواب النيران، وتفتح أبواب الجنان. وتصفد الشياطين ومردة الجن، كما جاء في الحديث المتفق عليه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين"(18) وفي لفظ: "وسلسلت الشياطين " (19)، أي جعلوا في الأصفاد والسلاسل؛ فلا يَصِلون في رمضان إلى ما كانوا يَصِلون إليه في غيره، ولذلك تجد أن وسوسة الشيطان، وكيده، وتلبيسه على الناس في رمضان أقل منه في غيره، بل إن الشيطان يخاف من رمضان كما يخاف من الأذان والإقامة؛ فيوليَّ عند سماعهما. ولعل من المُشَاهَد الملحوظ أنه إذا أقبل رمضان بدأ العصاة يستعدون للتوبة، وكثيرًا ما يسأل بعض الناس قبيل رمضان أسئلة تدل على استعدادهم للتوبة؛ وعزمهم عليها، فيقول أحدهم : أنا عندي مظلمة؛ فكيف أتخلص منها؟ ويقول آخر: أنا أقع في المعصية الفلانية؛ فكيف أتوب منها؟ ويقول غيره: أنا أقصر في الطاعة الفلانية؛ فكيف أحافظ عليها؟ وهكذا يتأهبون للتوبة قبل رمضان، فالشيطان يخاف من قدوم رمضان وقربه، حيث يضعف كيده وتأثيره، فما بالك إذا دخل رمضان، وسلسل الشيطان، وصفد بالأغلال، فلا يستطيع إغواء الناس إلا في أقل القليل من الذنوب. على أن هناك نفوسًا شريرة؛ شديدة التقبل لوسوسة الشيطان، فهي- حتى حين يضعف تأثير الشيطان في رمضان- يكون فيها شر في ذاتها، فتستمر على ما كانت عليه من معصية وإسراف . — وفى هذا الشهر ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر، (لَيْلَةُ الْقْدرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِِ شَهْرٍ * تَنَـزَّلُ المَلئِكَةُ وَالرُّوحُ فيِهَا بإِذْنِ رَبِهِم مِنْ كُلِ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر: 3- 5]. وقد حسب بعض أهل العلم ألف شهر، فوجدوها تزيد على ثلاث وثمانين سنة، وفي موطأ الإمام مالك - بسند مرسل-: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُرِيَ أعمار الناس قبله - أو ما شاء الله من ذلك- فكأنه تقاصر أعمار أمته، ألا يبلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر ، خير من ألف شهر"(20). وإنه لفضل عظيم أن يدرك العبد ليلة القدر؛ فيكون قد أدرك فضل ثلاث وثمانين سنة أو أكثر. — وفيه دعاء مستجاب، فقد ورد عن جابر رضي الله عنه -بسند جيد- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لٍلهِ في كل يوم وليلة عُتَقَاءَ من النار في شهر رمضان، وإن لكل مسلم دعوة يدعو بها فيستجاب "(21)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :" إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد "(22)، فليحرص العبد عند إفطاره على التضرع إلى الله تعالى بجوامع الدعاء. ـــــــــ (18) أخرجه البخاري (1898)، ومسلم (1079) من حديث أبي هريرة رضي الله. (19) البخاري (1899)، ومسلم (1079) من حديث أبي هريرة رضي الله. (20) أخرجه مالك (698) مرسلاً، قال ابن عبد البر في التمهيد (24/373): لا أعلم هذا الحديث يروى مسندًا من وجه من الوجوه، ولا أعرفه خارج الموطأ مرسلاً ولا مسندًا، وهذا أحد الأحاديث التي انفرد بها مالك ولكنها رغائب وفضائل وليست أحكامًا، ولا بنى عليها في كتابه ولا في موطئه حكمًا.اهـ. (21) أخرجه البزار في مسنده، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (10/149) وقال: رجاله ثقات.اهـ، وأخرج أحمد (7401)مرفوعًا: "إن لله عتقاء في كل يوم وليلة، لكل عبد منهم دعوة مستجابة" وقد أشار الحافظ ابن حجر في أطراف المسند (7/203) إلى أن هذا مقيد بشهر رمضان. (22) أخرجه ابن ماجه (1753) قال البوصيري في مصباح الزجاجة (636): إسناد صحيح رجاله ثقات.اهـ كتاب دروس رمضانية .... د.سلمان بن فهد العودة ... يتبع إن شاء الله |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 12 | |||
|
![]() بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 13 | |||
|
![]() الســــــــــــلام عليكم ورحمة الله |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 14 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 15 | |||
|
![]() بسم الله الرحمان الرحيم الوقفة السادسة مع بعض أحكام الصيام إن الكلام عن أحكام الصيام يطول ، ولكن لا بأس بالحديث عن أبرزها باختصار : أولاً: ما يثبت به دخول رمضان: يثبت دخوله إما بإكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا، أو برؤية هلال رمضان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمّ عليكم فاقدروا له"(23)، و في لفظ: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُبّي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا"(24). ولا يثبت بغير ذلك، ولهذا لا يعتمد- مثلاً- على الرؤيا. ومن طريف ما يُروى - هنا - أن العراقي ذكر في (طرح التثريب) أن القاضي حسين- وهو من فقهاء الشافعية- جاءه رجل فقال له : أنا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال لي: إن الليلة من رمضان، فقال القاضي حسين: "إن الذي تزعم أنك رأيته في المنام رآه الصحابة في اليقظة، وقال لهم: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته". ولا يجوز -على الراجح- أن يصوم المسلم آخر يوم من شعبان، احتياطًا لرمضان، وأما من صام ذلك اليوم لأنه يوافق يومًا كان يصومه؛ فلا حرج، كأن يصومه لأنه يوافق يوم الاثنين أو الخميس؛ أو لأنه يصوم يومًا ويفطر يومًا، فوافق يوم صومه آخر شعبان، أو غير ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل يصوم صومه، فليصم ذلك اليوم"(25). ثانيا: النيـة: لابد من تبييت النية في صوم الفرض؛ لما روت حفصة - رضي الله عنها- ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له"(26). أما صيام النفل فلا يجب فيه تبييت النية من الليل؛ بل يجوز بنية من الليل أو النهار، فلو نوى المرء صوم النافلة بعد طلوع الشمس- مثلاً- فصومه صحيح. وهنا تنبيهان حول تبييت النية : الأول: أن بعض الناس يوسوسون في النية، والوسوسة في النية من أخطر أنواع الوسواس؛ فترى بعضهم يتكلفون ويشككون في تبييتهم لنية الصيام، وهذا كله من تلبيس إبليس الذي يجب ألا يلتفت إليه الصائمون، فإن المسلم بمجرد دخول رمضان يستقر في نفسه أنه سيصوم رمضان كله، وهذا يكفي. الثاني: أن الليل يشمل جميع المدة التي قبل طلوع الفجر، فلو نام أحد من الليل بدون أن يعلم أن تلك الليلة من رمضان، ثم استيقظ قبل طلوع الفجر ببضع دقائق، وعلم أن الليلة من رمضان، فتناول ما تيسر، ثم أمسك؛ لكان ذلك كافيًا، وليس المقصود بتبييت النية أنه يلزمه أن ينام، وقد نوى أنه سوف يصوم. ثالثًا: السحـور : أَمَر النبي صلى الله عليه وسلم بالسحور، كما في الحديث المتفق عليه عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تسحروا، فإن في السحور بركةً"(27)، وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر"(28)، فاليهود والنصارى- فيما يظهر- لا يتسحرون؛ ومخالفةً لهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين بأن يتسحروا، فينبغي الحرص على السحور ولو على شربة من ماء، إن لم يجد المسلم غيرها. رابعًا: الإفطـار: يستحب تعجيل الفطر، وتأخير السحور، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -في الحديث المتفق عليه-: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر"(29)، وجاء من طرق عن العباس رضي الله عنه وغيره:"لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحـور"(30) . وفي صحيح مسلم أن عائشة - رضي الله عنها - سئلت عن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار، ويؤخر الصلاة؛ أيهما أفضل؟ فقالت: "عن الذي يعجل الإفطار، ويعجل الصلاة كذلك كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم"(31). فيستحب للصائم أن يبادر بالفطر بمجرد ما يتيقن غروب الشمس، وأن يفطر على رطب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد حَسَا حَسَوَاتٍ (32) من ماء، كما روى أنس رضي الله عنه عن النبي :صلى الله عليه وسلم " أنه كان يُفطر على رطبات، فإن لم يجد فعلى تمرات، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء" (33). ويستحب أن يقول عند الإفطار: "ذهب الظمأ، وابتلّت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى "(34). هذا أصح ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء عند الإفطار، ولا يثبت في أدعية الإفطار غيره، لكن للصائم أن يدعو عند فطره بما شاء من خيري الدنيا والآخرة . خامسًا: المفطَّـرات : ومن أحكام الصيام ما يتعلق بالمفطرات التي تفسد الصوم، وهي : 3،2،1 - الأكل والشرب والجماع: إذا تعمد الصائم شيئًا منها، من غير إكراه ولا نسيان، فإنه يفسد صومه بنص القرآن، وإجماع أهل العلم، قال الله تعالى: { عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فالْْْئـنَ باشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كتََبَ الله ُلَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخيَطُ الأبْيَضُ مِِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفجـْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى الَّيل } [البقرة: 187] فمن أفطر بالأكل أو الشرب عمدًا فعليه التوبة والاستغفار، وأن يقضي يومًا مكان يومه الذي أفسد صومه فيه، وليس عليه كفارة، هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم. و أما من أفطر بالجِمَاع فإن عليه أربعة أمور : الأول: أن يمسك بقية اليوم؛ لأن هذا فطر غيرمشروع، فليس له أن يأكل أو يشرب حتى تغرب الشمس. الثاني: أن عليه التوبة؛ لأنه ارتكب إثمًا عظيمًا يُوجِب التوبة والإنابة. الثالث: أن يقضي اليوم الذي جَامَعَ فيه. الرابع: أن عليه الكفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، فإن لم يجد سقطت عنه الكفارة. 4 - القيء عمـدًا، وهو أن يتعمد المـرء إفراغ ما في معدته، إما بإدخال إصبعـه في فمه، أو بشـم شيء يهيج المعدة، أو بغير ذلك. فإذا بدر من الصائم هذا العمل؛ فقد فسـد صومه، وعليه قضاء يومه ذلك. وأما من غلبه القيء بدون إرادة منه أو تعمد، فصومه صحيح ولا قضاء عليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ذرعه (35) القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمدًا فليقض"(36) رواه أبو داود والترمذي، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - في كتابه (حقيقة الصيام) أنه حديث صحيح (37). 6،5 - الحيض والنفاس، فإن المرأة إذا حاضت أو نفست؛ فإنه لا يصح منها الصوم بالإجماع، فقد قالت عائشة - رضي الله عنها-: "كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة"(38). هذه هي المفطرات المشهورة، ويدخل فيها ما كان في معنى أحدها، فالإبر المغذية التي يستغني بها الإنسان عن الأكل والشرب تفطر الصائم؛ لأنها في معنى الأكل والشرب. والاستمناء يفطر؛ لأنه في معنى الجماع، وهكذا كل ما كان في معنى شيء من المفطرات. ـــــــــ (23) رواه البخاري (1900)، ومسلم (1080) من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. (24) البخاري (1909)، ومسلم (1081) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (25) رواه البخاري (1914)، ومسلم (1082) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (26) أخرجه مالك (637)، وأحمد (25918)، والدارمي (1698)،وأبو داود(2454)، والترمذي (730)، والنسائي في المجتبى (2331)، وفـي الكبرى (2642)، وابن ماجـه (1700)، والدارقطني (2/172)، والطبراني في الكبير(367)، وابن خزيمة (1933)، والبيهقي في الكبرى (7696) عن حفصة رضي الله عنها. قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في العلل الكبير (202): فيه اضطراب والصحيح عن ابن عمر موقوفًا.اهـ ورجح وقفه النسائي في الكبرى (2642). (27) البخاري (1923)، ومسلم (1095) من حديث أنس رضي الله عنه. (28) مسلم (1096) من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه. (29) البخاري (1957)، ومسلم (1098) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه. (30) أخرجه أحمد (20805) من حديث أبي ذر رضي الله عنه، قال الهيثمي في مجمع الزوائد(3/154): فيه سليمان بن أبي عثمان قال أبو حاتم مجهول. اهـ، وقد رمز لحسن الحديث السيوطي في الجامع الصغير (13240)، وصحح الشيخ الألباني قوله سبحانه وتعالى: "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر" في صحيح الجامع (7284)، لورود شواهد تقويه، وحكم بالضعف على لفظة: "وأخروا السحور" انظر ضعيف الجامع (6212). قال ابن عبد البر: أخبار تعجيل الفطر وتأخير السحور متواترة.اهـ نقلا عن فيض القدير للمناوي (13240). (31) أخرجه مسلم (1099) عن أبي عطية الهمْدَاني. (32) تجرع جرعة بعد جرعة. المعجم الوسيط (1/181). (33) رواه أحمد (12265)، وأبو داود (2356)، والترمذي (696)، والدارقطني (23)، والحاكم (1575)، والضياء في المختارة (1585) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وقد صححه الدارقطني وكذلك الحاكم وقال: على شرط مسلم. (34) رواه أبو داود (2357)، والدارقطني (24)، والحاكم (1536)، والبيهقي في الكبرى (7922)، وفي شعب الإيمان (3902) من حديث عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-، وقال الدارقطني: إسناده حسن. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. (35) ذرعه: غلبه. المعجم الوسيط (1/322). (36) أخرجه ابن أبي شيبة (9188)، وأحمد (10085)، وأبو داود (2380)، والترمذي (720)، وابن ماجه (1676)، ابن الجارود (385)، وابن خزيمة (1960)، وابن حبان (3518)، والحاكم (1557) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال الترمذي: حديث حسن غريب.اهـ، وقال الدارقطني: رواته ثقات اهـ، قال المناوي في فيض القدير (1118): ذكر الترمذي أنه سأل عنه البخاري فقال: لا أراه محفوظاً، وقد روي من غير وجه ولا يصح إسناده وأنكره أحمد، وقال الدارمي: زعم أهل البصرة أن هشاماً وهم فيه. اهـ (37) انظر حقيقة الصيام ص 13 وما بعدها. (38) أخرجه البخاري (321)، ومسلم (335). كتاب دروس رمضانية .... د.سلمان بن فهد العودة
... يتبع إن شاء الله |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
"دروس\, للشيــخ\", رمضـانية\ |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc