السلام عليكم
هذا ما استطعت جمعه من أحاديث ضعيفة واردة في شهر رمضان ، ومن كان له غير ذلك من الأحاديث الضعيفة فليتفظل بها ، لأن من من المصائب العظمى التي نزلت بالمسلمين منذ العصور الأولى انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بينهم .
1 - مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ
أخرجه البخاري في صحيحه معلقا ، كتاب الصوم ، باب إذا جامع في رمضان (4/194) .
وذكره البخاري بصيغة التمريض فقال : ويُذكر عن أبي هريرة رفعه : …فذكره .
ووصله أبوداود (2396) ، والترمذي (723) ، وابن ماجة (1672) ، وابن خزيمة في صحيحه (3/238رقم1988) ، وأحمد (2/376) من طريق سفيان الثوري وشعبة كلاهما عن حبيب بن أبي ثابت عن عمارة بن عمير عن أبي المطوس عن أبيه عن أبي هريرة .
قال الترمذي : حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وسمعت محمدا يقول : أبو المطوس اسمه يزيد بن المطوس ولا أعرف له غير هذا الحديث .ا.هـ.
وقال ابن خزيمة في صحيحه (3/238رقم1988) : إن صح الخبر ، فإني لا أعرف ابن المطوس ، ولا أباه .
وقال ابن عبدالبر في التمهيد (7/173) : وهو حديث ضعيف ، لا يحتج بمثله .
وفال ابن القيم في تهذيب السنن (حاشية عون المعبود 7/28) : وقال الدارقطني : ليس في رواته مجروح ، وهذه العبارة لا تنفي أن يكون فيهم مجهول ، لا يعرف بجرح ولا عدالة .
ويقال في هذا ثلاثة أقوال : أبو المطوس ، وابن المطوس ، والمطوس تفرد بهذا الحديث قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به من الروايات .
وقال الحافظ ابن حجر في التغليق (3/171) والفتح (4/191) : وقال البخاري في التاريخ : تفرد أبو المطوس بهذا الحديث ، ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا .
قلت : واختلف فيه على حبيب بن أبي ثابت اختلافا كثيرا فحصلت فيه ثلاث علل : الاضطراب والجهل بحال أبي المطوس والشك في سماع أبيه من أبي هريرة ، وهذه الثالثة تختص بطريقة البخاري في اشتراط اللقاء .
وقال الألباني في تمام المنة (ص396) : الحديث ضعيف ، وقد أشار لذلك البخاري بقوله : " ويذكر " ، وضعفه ابن خزيمة في صحيحه والمنذري والبغوي والقرطبي والذهبي والدميري فيما نقله المناوي .
وقال في الضعيفة (2/283) : فضعفه البخاري وغيره بجهالة أبي المطوس .
وبهذا يظهر من مجموع كلام أهل العلم ضعف الحديث ، بل قال كثير من العلماء أن من أفطر يوما من رمضان متعمدا فإنه يقضي يوما مكانه ، ولم يقل بما دل عليه الحديث إلا ابن مسعود كما قال البخاري في الموضع الآنف الذكر بعد حديث أبي هريرة : وبه قال ابن مسعود .
وقد ذكر البخاري أيضا من ذهب إلى أنه يقضي يوما مكانه فقال : وقال سعيد بن المسيب والشعبي وابن جبير وإبراهيم وقتادة وحماد : يقضي يوما مكانه .
والآثار التي ذكرها البخاري عن هؤلاء ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح من وصلها ، وكلها تقريبا تصرح بقضاء ذلك اليوم مع الاستغفار .
بل قال الإمام البغوي في شرح السنة (6/290) : فالعلماء مجمعون على أنه يقضي يوما مكانه .
وقال العظيم آبادي في عون المعبود (7/29) : والذي عليه أكثر السلف أنه يجزئه يوم بدل يوم وإن كان ما أفطره في غاية الطول والحر وما صامه في غاية القصر والبرد .
2 - جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلَال ،َ قَالَ : أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : يَا بِلَالُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنْ يَصُومُوا غَدًا .
أخرجه أبو داود (2340) ، والترمذي (691) ، والنسائي في الكبرى (2433 ، 2434 ، 2435 ، 2436) ، وابن ماجه (1652) من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس .
ورواية سماك عن عكرمة مضطربة ولهذا ظهر الاضطراب في هذا الحديث ، فمرة يروى موصولا ، ومرة مرسلا .
وممن رجح الرواية المرسلة الإمام الترمذي فقال : حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ اخْتِلَافٌ ، وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ سِمَاكٍ رَوَوْا عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا .
وقال النسائي في الكبرى : مرسل .
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص : وَسِمَاكٌ إِذَا تَفَرَّدَ بِأَصْلٍ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً .
وضعفه الشيخ الألباني في " الإرواء " (907) .
وقال الشيخ سليمان العلوان في " شرحه لبلوغ المرام " : ومن أرسله اضبط وأحفظ وأكثر ممن وصله فتعين بهذا ترجيح إرساله إلا أنه يشهد له حديث ابن عمر السابق .ا.هـ.
3 - عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ " .
رواه الترمذي ( 797 ) ، والبيهقي في السنن ( 4/296 – 297 ) والحديث ضعيف فيه ثلاث علل :
1 – نُمَير بن عَرِيب مجهول ، قال أبو حاتم في الجرح والتعديل ( 8/498 ) : لا أعرف نُمير بن عَرِيب إلا في حديث : الصوم في الشتاء .
2 – عامر بن مسعود الجمحي ليس صحابيا ، قال يحيى بن معين في تاريخه (2/289) : عامر الذي يروي " الصوم في الشتاء " ليس له صحبة .
3 – أن عامر مجهول الحال لم يروِ عنه إلا اثنان .
4 - عَنْ حَفْصَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ .
أخرجه أبو داود (2454) ، والترمذي (730) ، والنسائي في الكبرى (2652 ، 2653 ، 2654 ، 2655 ، ) ، وابن ماجه (1700) ، وأحمد (6/287) .
والحديث روي مرفوعا وموقوفا ، ورجح الترمذي وقفه فقال : حَدِيثُ حَفْصَةَ حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَوْلُهُ ، وَهُوَ أَصَحُّ ، وَهَكَذَا أَيْضًا رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَوْقُوفًا وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَفَعَهُ إِلَّا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ .ا.هـ.
وقال النسائي في الكبرى : قال أبو عبد الرحمن : والصواب عندنا موقوف ، ولم يصح رفعه – والله أعلم – لأن يحيى بن أيوب ليس بذلك القوي ، وحديث ابن جريج ، عن الزهري غير محفوظ . والله أعلم .ا.هـ.
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : وَاخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ , فَقَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ : لَا أَدْرِي أَيَّهمَا أَصَحُّ يَعْنِي رِوَايَةَ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ لَكِنَّ الْوَقْفَ أَشْبَهُ . وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ : لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ الْمَوْقُوفُ أَصَحُّ . وَنَقَلَ فِي الْعِلَلِ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ هُوَ خَطَأٌ , وَهُوَ حَدِيثٌ فِيهِ اِضْطِرَابٌ وَالصَّحِيحُ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ مَوْقُوفٌ . وَقَالَ النَّسَائِيُّ : الصَّوَابُ عِنْدِي مَوْقُوفٌ وَلَمْ يَصِحَّ رَفْعُهُ . وَقَالَ أَحْمَدُ : مَا لَهُ عِنْدِي ذَلِكَ الْإِسْنَادُ .
وقال الشيخ العلوان في " شرحه لبلوغ المرام " : والصحيح وقفه على ابن عمر وعلى حفصه فقد رواه مالك في الموطأ عن نافع عن ابن عمر به وهذا إسناد صحيح .
وأما وقفه على حفصة فقد جاء عند النسائي وغيره من طريق سفيان عن ابن عيينه ومعمر وجماعة كلهم يروونه عن الزهري عن حمزة عن ابن عمر عن حفصة به وهذا إسناد صحيح . ولا يعلم لحفصة وابن عمر مخالف من لصحابة .ا.هـ.
والحديث جاء عن عائشة عند مالك (1/288) من طريق ابن شهاب عن عائشة ، وهو منقطع ، ولهذا بوب على النسائي في الكبرى على الحديث : أرسله مالك .
وجاء عند الدارقطني (2/172-173) عن عائشة وقال الدارقطني : تفرد به عبد الله بن عباد عن المفضل بهذا الإسناد ، وكلهم ثقات .ا.هـ.
أما عبد الله بن عباد هو البصري ، قال عنه ابن حبان (2/10) : شيخ سكن مصر ، يقلب الأخبار . روى عن المفضل بن فضالة ، عن يحيى بن أيوب ، عن يحيى بن سعيد عن عمرة ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ... فكره بنحو حديث حفصة . هذا مقلوب ، إنما هو عند يحيى بن أيوب ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن حفصة . فيما يشبه هذا ، روى عنه روح بن الرح أبو الزنباغ نسخة موضوعة .ا.هـ.
وجاء عند الدارقطني (2/173) من حديث ميمونة بنت سعد وفي سنده الواقدي .
والشيخ الألباني – رحمه الله – لم يذكر رواية ميمونة بنت سعد عند الدارقطني في " الإرواء " (914) .
5 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا .
أخرجه الترمذي (700) ، وأحمد (2/329) . وقال الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ !
وصححه الشيخ العلامة أحمد شاكر في " المسند (12/231 ح 7240) !
والحديث في سنده قُرَّةُ بن عبد الرحمن بن حيويل .
قال الإمام أحمد : منكر الحديث جدا . وقال يحيى بن معين : ضعيف الحديث . وقال أبو زرعة : الأحاديث التي يرويها مناكير . وقال أبو حاتم والنسائي : ليس بقوي . وقال أبو داود : في حديثه نكارة . وقد روى له مسلم مقرونا بغيره .
وهناك أحاديث في فضل تعجيل الفطر تغني عن هذا الحديث ومنها :
1 - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ .
أخرجه البخاري (1957) ، ومسلم (1098) .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (4/198) :
( تَنْبِيهٌ ) : مِنْ الْبِدَع الْمُنْكَرَة مَا أُحْدِثَ فِي هَذَا الزَّمَان مِنْ إِيقَاع الْأَذَان الثَّانِي قَبْل الْفَجْر بِنَحْوِ ثُلُثِ سَاعَةٍ فِي رَمَضَان , وَإِطْفَاء الْمَصَابِيح الَّتِي جُعِلَتْ عَلَامَةً لِتَحْرِيمِ الْأَكْل وَالشُّرْب عَلَى مَنْ يُرِيد الصِّيَام زَعْمًا مِمَّنْ أَحْدَثَهُ أَنَّهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَة وَلَا يَعْلَم بِذَلِكَ إِلَّا آحَاد النَّاس , وَقَدْ جَرَّهُمْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ صَارُوا لَا يُؤَذِّنُونَ إِلَّا بَعْد الْغُرُوب بِدَرَجَةٍ لِتَمْكِينِ الْوَقْت زَعَمُوا فَأَخَّرُوا الْفِطْر وَعَجَّلُوا السُّحُور وَخَالَفُوا السُّنَّةَ , فَلِذَلِكَ قَلَّ عَنْهُمْ الْخَيْر كَثِيرٌ فِيهِمْ الشَّرُّ , وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .ا.هـ.
2 - عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ قَالَ : دَخَلْتُ أَنَا ، وَمَسْرُوقٌ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْنَا : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا يُعَجِّلُ الْإِفْطَارَ وَيُعَجِّلُ الصَّلَاةَ وَالْآخَرُ يُؤَخِّرُ الْإِفْطَارَ وَيُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ . قَالَتْ : أَيُّهُمَا الَّذِي يُعَجِّلُ الْإِفْطَارَ ، وَيُعَجِّلُ الصَّلَاةَ . قَالَ : قُلْنَا : عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - . قَالَتْ : كَذَلِكَ كَانَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أخرجه مسلم (1099) .
نكتفي بهذا .
6 - عَنْ أَنَس قَالَ : " أَوَّل مَا كُرِهَتْ الْحِجَامَة لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب اِحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِم , فَمَرَّ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : أَفْطَرَ هَذَانِ , ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد فِي الْحِجَامَة لِلصَّائِمِ , وَكَانَ أَنَس يَحْتَجِم وَهُوَ صَائِم " .
أخرجه الدارقطني (2/182) ، وقال : كُلّهمْ ثِقَات , وَلَا أَعْلَم لَهُ عِلَّة .
قال الزيلعي في " نصب الراية " (2/480-481) نقلا عن ابن عبد الهادي :
قال صاحب " التنقيح " : هذا حديث منكر ، لا يصح الاحتجاج به ، لأنه شاذ الإِسناد والمتن ، وكيف يكون هذا الحديث صحيحاً سالماً من الشذوذ ، والعلة ، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة ، ولا هو في المصنفات المشهورة ، ولا في السنن المأثورة ، ولا في المسانيد المعروفة ، وهم يحتاجون إليه أشد احتياج ، ولا نعرف أحداً رواه في الدنيا إلا الدارقطني ، رواه عن البغوي عن عثمان بن أبي شيبة حدثنا خالد بن مخلد به ، وكل من رواه بعد الدارقطني إنما رواه من طريقه ، ولو كان معروفاً لرواه الناس في " كتبهم " ، وخصوصاً الأمهات " كمسند " أحمد ، و" مصنف " ابن أبي شيبة ، و" معجم" الطبراني ، وغيرهما .
ثم إن خالد بن مخلد القطواني ، وعبد اللّه بن المثنى ، وإن كانا من رجال الصحيح ، فقد تكلم فيهما غير واحد من الأئمة . قال أحمد بن حنبل في خالد : له أحاديث مناكير . وقال ابن سعد : منكر الحديث ، مفرط التشيع . وقال السعدي : كان معلناً بسوء مذهبه . ومشاه ابن عدي ، فقال : هو عندي إن شاء اللّه لا بأس به .
وأما ابن المثنى ، فقال أبو عبيد الآجري : سألت أبا داود عن عبد اللّه بن المثنى الأنصاري ، فقال : لا أخرج حديثه . وقال النسائي : ليس بالقوي . وذكره ابن حبان في " الثقات " ، وقال : ربما أخطأ . وقال الساجي : فيه ضعف ، لم يكن صاحب حديث . وقال الموصلي : روى مناكير . وذكره العقيلي في " الضعفاء " ، وقال : لا يتابع على أكثر حديثه ، ثم قال : حدثنا الحسين الدارع حدثنا أبو داود سمعت أبا سلمة يقول : حدثنا عبد اللّه بن المثنى ، وكان ضعيفاً منكر الحديث ، وأصحاب الصحيح إذا رووا لمن تكلم فيه ، فإنهم يدَعون من حديثه ما تفرد به ، وينتقون ما وافق فيه الثقات ، وقامت شواهده عندهم ، وأيضاً فقد خالف عبد اللّه بن المثنى في رواية هذا الحديث عن ثابت ، أمير المؤمنين في الحديث شعبة بن الحجاج ، فرواه بخلافه ، كما هو في " صحيح البخاري " ، ثم لو سلم صحة هذا الحديث لم يكن فيه حجة ، لأن جعفر بن أبي طالب رضي اللّه عنه قتل في غزوة مؤتة ، وهي قبل الفتح ، وحديث : أفطر الحاجم والمحجوم كان عام الفتح، بعد قتل جعفر بن أبي طالب، انتهى كلام " صاحب التنقيح " .ا.هـ.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح () : وَرُوَاته كُلّهمْ مِنْ رِجَال الْبُخَارِيّ , إِلَّا أَنَّ فِي الْمَتْن مَا يُنْكَرُ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْفَتْح , وَجَعْفَر كَانَ قُتِلَ قَبْل ذَلِكَ .ا.هـ.
7 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَإِنْ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ .
أخرجه أبو داود (2380) ، والترمذي (720) ، والنسائي في الكبرى (3116) ، وابن ماجه (1676) .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ : سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ : لَيْسَ مِنْ ذَا شَيْءٌ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُرِيدُ أَنَّ الْحَدِيثَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ .
وقال الترمذي : حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ . و قَالَ مُحَمَّدٌ : لَا أُرَاهُ مَحْفُوظًا . قَالَ أَبُو عِيسَى : وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ .
وقَالَ الْحَافِظ شَمْس الدِّين اِبْن الْقَيِّم رَحِمه اللَّه في تعليقه على السنن (7/6-7 عون المعبود ) :
هَذَا الْحَدِيث لَهُ عِلَّة , وَلِعِلَّتِهِ عِلَّة .
أَمَّا عِلَّته فَوَقْفه عَلَى أَبِي هُرَيْرَة , وَقَفَهُ عَطَاء وَغَيْره .
وَأَمَّا عِلَّة هَذِهِ الْعِلَّة فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحه بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة إِنَّهُ قَالَ : " إِذَا قَاءَ فَلَا يُفْطِر , إِنَّمَا يَخْرُج وَلَا يُولِج " قَالَ : وَيُذْكَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " أَنَّهُ يُفْطِر " وَالْأَوَّل أَصَحّ .ا.هـ.
ورواه النسائي في الكبرى (3118) موقوفا على أبي هريرة فبوب بقوله : وقَفَه عطاء .
8 – عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن النُّعْمَان بْن مَعْبَد بْن هَوْذَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ وَقَالَ : لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ .
أخرجه أبو داود (2377) ، والبخاري في التاريخ الكبير (7/398) .
قَالَ أَبُو دَاوُد قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ : هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ . يَعْنِي حَدِيثَ الْكُحْلِ .
وقَالَ الزَّيْلَعِيُّ (2/457) : قَالَ صَاحِبُ " التَّنْقِيحِ " مَعْبَدٌ وَابْنُهُ النُّعْمَانُ كَالْمَجْهُولَيْنِ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ اِبْنُ مَعِينٍ : ضَعِيفٌ , وَقَالَ لِي أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ .ا.هـ.
وقال الترمذي في موضوع الاكتحال : وَلَا يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ .
وجاء في مسألة اكتحال الصائم أحاديث :
9 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : اشْتَكَتْ عَيْنِي أَفَأَكْتَحِلُ وَأَنَا صَائِمٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
أخرجه الترمذي (726) . وقال : حَدِيثُ أَنَسٍ ، حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ ، وَلَا يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ . وَأَبُو عَاتِكَةَ يُضَعَّفُ .
وابو عاتكة هو طريف بن سلمان ، ويقال : سلمان بن طريف .
قال أبو حاتم : ذاهب الحديث . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال النسائي : ليس بثقة . وقال الدارقطني . ضعيف . وقال ابن حبان : منكر الحديث جدا ، ويروي عن أنس ما لا يشبه حديثه ، وربما روى عنه ما ليس من حديثه .
حديث آخر :
10 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْتَحِلُ وَهُوَ صَائِمٌ .
أخرجه ابن خزيمة (2008) بلفظ :
نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ، ونزلت معه ، فدعاني بكحل إثمد ، فاكتحل في رمضان وهو صائم – إثمد غير ممسك .
قال ابن خزيمة عقب الحديث : أنا أبرأ من عهدة هذا الإسناد لمعمر .
قال الحافظ ابن حجر في " التلخيص " () : وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ , وَقَالَ فِي مُحَمَّدٍ : إنَّهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ , وَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ .
والأحاديث في منع الاكتحال للصائم لا تثبت كما قرر آنفا .
11 - عن سلمان قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال : يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، جعل الله صيامه فريضة ، و قيام ليله تطوعا ، و من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، و من أدى فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ، و هو شهر الصبر و الصبر ثوابه الجنة ، و شهر المواساة ، و شهر يزاد فيه رزق المؤمن ، و من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه ، و عتق رقبته من النار ، و كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء قالوا : يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم ، قال : يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على مذقة لبن ، أو تمرة ، أو شربة من ماء ، و من أشبع صائما سقاه الله من الحوض شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة ، و هو شهر أوله رحمة و وسطه مغفرة و آخره عتق من النار ، فاستكثروا فيه من أربع خصال ، خصلتان ترضون بهما ربكم ، و خصلتان لاغنى بكم منهما ، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله ، و تستغفرونه ، و أما الخصلتان اللتان لاغنى بكم عنهما، فتسألون الجنة و تعوذون من النار .
أخرجه ابن خزيمة (1887) في صحيحه ، وبوب عليه : باب فضائل شهر رمضان إن صح الخبر .
وقال العقيلي في " الضعفاء " (1/35) : " ... وذكر حديثا طويلا في فضل شهر رمضان قد رُوي من غير وجه ليس له طريق ثَبْتٌ بيِّن .ا.هـ.
وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (1/249) عن أبيه : هذا حديث منكر . غلط فيه عبد الله بن بكر ، إنما هو أبان بن أبي عياش ؛ فجعل عبد الله بن بكر بن أبان بن إياس .
والحديث في سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف .
وقال العلامة الألباني في الضعيفة (871) : مـنـكـر ... قلت : وهذا سند ضعيف من أجل علي بن زيد بن جدعان ، فإنه ضعيف كما قال أحمد وغيره ، وبين السبب الإمام ابن خزيمة فقال : " لا أحتج به لسوء حفظه " . ولذلك لما روى الحديث في صحيحه قرنه بقوله : " إن صح الخبر " . وأقره المنذري في " الترغيب " وقال : إن البيهقي رواه من طريقه ...ا.هـ.
والله أعلم
وصلي اللهم وسلم على المصطفى وسلم تسليما كثيرا
ولا تنسوني من صالح دعائكم
في انتظار ردودكم
السلام عليكم