فصل الخلاف في جند مصر

[المهزوز]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اثار البعض في المنتدي موضوع فضل اهل مصر وتحديدا جندها وضعف البعض الحديث الشريف ( ما معناه سيفتح الله عليكم مصر فاتخذوا من اهلها جندا كثيفا فهم خير اجناد الارض )

وشكك البعض في كفاءة جند مصر والصقوا بها كل العيوب والنقائص

رد بعض المصريين الغيوريين بأن هذا الانتقاص لا يتفق مع المعارك الكبري التي خاضها الجيش المصري مثل حطين وعين جالوت

وردوا عليهم بالقول ان هذه المعارك الخالدة والفاصلة في تاريخ الاسلام لم يشارك فيها المصريين بل كان الجيش يتألف من الاكراد والمماليك والاتراك

وقد تابعت الحوار وبحثت وتوصلت الي النتائج الاتية

اولا : القول ان المصريين لم يشتركوا في حطين او عين جالوت هو قول غير دقيق

بالنسبة لحطين فان صلاح الدين الايوبي ايقن انه لتحرير بيت المقدس والممالك الصليبية في الشام يجب توحيد المشرق الاسلامي كله

وفعلا تم ذلك وكان صلاح الدين يجند الجند ويحشدهم ويستنفر المسلمين للمعركة القادمة

فلم يدع مصريين او شاميين او اتراك او غيرهم ممن يدينون بدين الاسلام ولم يجندهم ومن يقرأ تاريخ بن الاثير سيجد ذلك ومعظم الاسطول كان جنود مصريين

بل وصل الامر بصلاح الدين ان يطلب المعونة والمدد من الخليفة يعقوب المنصور عاهل المرابطين في المغرب والاندلس وبطل معركة الزلاقة العظيمة

فكيف يكون ذلك ولا يستعين بالمصريين!!!!!!!!!

ونفس الامر بالنسبة لمعركة عين جالوت وكان سلطان مصر وقتئذ هو سيف الدين قطز من المماليك البحرية وكان تقيا محبا للعدل احبه الجميع

وقد بدأت وفود التتار تقترب من مصر في وقت حرج بعد ان اجتاحوا العراق والشام واحدثوا المذبائح الرهيبة

وقام قطز باستنفار المسلمين لملاقاة العدو وامر خطباء المساجد باستنفار الناس للجهاد

وضم اليه كل من يستطيع ان يحمل السيف واشترك جنود مغاربة في هذه المعركة العظيمة

اذا فالثابت ان المصريين اشتركوا في المعركتين الكبيرتين بجانب اشقاءهم المسلمين من شتي الانحاء

اما المثال الواضح الذي يثبت بما لا يدع اي مجال للشك في كفاءة ومقدرة جند مصر

هو ما حدث اثناء ولاية محمد علي باشا حكم مصر سنة 1805 م

فالمصريين هم من اختاروا محمد علي لحكم مصر وفرضوه علي الخلافة العثمانية وهو جندي الباني لا يحسن القراءة ولكنه كان داهية عصره وهو بحق باني مصر الحديثة

في بداية ولايته كان الجيش يتألف من المماليك والالبانيين والسودانيين

ثم حدثت واقعة خطيرة جعلت محمد علي يستعين بالمصريين في الجيش الا وهي الحملة الانجليزية علي مصر المسماة بحملة فريزر سنة 1807

فقد دخلت الحملة الاسكندرية واحتلتها بسهولة ولم يدافع عنها حاكمها التركي ولكن عندما توجهوا لمدينة رشيد

ودخلوا المدينة بالفعل انقض اهلها عليهم باسلحتهم البدائية ومزقوهم وردوهم للاسكندرية مدحزرين حتي طلبوا الصلح وغادروا مصر تماما

ولم يفوت الداهية محمد علي الواقعة وعلي الفور قرر الاستعانة بالمصريين في الجيش واحلالهم محل المماليك والاتراك والالبانيين

وبالفعل نفذ محمد علي مذبحة القلعة الرهيبة سنة 1811 واباد المماليك ومزقهم

واتبع ذلك بالتخلص من رؤساء الجند الا لبانيين والاتراك

ثم فتح الجيش علي مصراعيه للمصريين وارسل البعثات وانشا الكلية الحربية واصبح الجيش معظمه مصريين

ثم بدات المعارك الكبري التي خاضها المصريين اثناء ولاية محمد علي

وكان اولها فتح السودان للتخلص من بقايا المماليك واكتشاف منابع النيل وكان الجيش المصري تحت امرة اسماعيل باشا بن محمد علي وخاض الجيش معارك ضارية قتل فيها قائد الحملة اسماعيل باشا حتي تحقق النصر

وكانت الجولة الثانية بالجزيرة العربية وكان الوهابيون قد استولوا علي الحجاز والاماكن المقدسة وقطعوا خطبة الخليفة العثماني فارسل اليهم ولاة الشام واحدا بعد الاخر ولكنهم فشلوا في القضاء عليهم

ثم امر محمد علي الذي ارسل الجيش المصري تحت قيادة ابنه طوسون باشا وخاض الجيش المصري معارك هائلة وذهب محمد علي بنفسه لقيادة الجيش ثم ارسل ابنه ابراهيم باشا الذي استطاع القضاء عاي الوهابيين ودخول عاصمتهم وتدميرها ( ليس موضوعنا شرعية الحرب )

ثم جاءت الجولة الثالثة وهي حروب المورة ببلاد اليونان التي اشعلت الثورة ضد العثمانيين وهزمتهم وبددتهم وطلب الخليفة سرعة تدخل والي مصر لانقاذ الجيش العثماني

وبالفعل ارسل محمد علي ابنه ابراهيم باشا علي رأس الجيش المصري الذي استطاع هزيمة المتمردين والقضاء علي ثورتهم تماما ثم اتبع ذلك اجتماع الدول الاوروبية واقرارهااعطاء الاستقلال لليونان

ثم جاءت الجولة الرابعة وهي حروب الشام بعد توتر العلاقات بين مصر والدولة العثمانية ودفع الخليفة العثماني لوالي عكا احمد باشا الجزار للاحتكاك بمصر وكان هذا الوالي قد هزم الفرنسيين وردهم عن عكا

ولكن استطاع الجيش المصري هزيمة الاتراك ووواصلوا انتصاراتهم بالشام ثم توجهوا الي اسيا الصغري واقتربوا من الاستانة وهزموا الجيش العثماني هزيمتين ماحقتين في قونية ونزيب واصبح الطريق مفتوحا الي الاستانة عاصمة الخلافة

ثم حدث ما حدث من تكالب الدول الغربية وفي مقدمتها بريطانيا علي مصر واجبارها علي الانسحاب

اخواني هذه نبذة مختصرة ومن يريد المزيد فليقرأتاريخ الجبرتي الذي عاصر هذه الاحداث

ارجوا ان يكون ردي هذا كافيا لمن يشكك في مصر وجندها

وما كتبت هذا الا للتوضيح والامانة

السلام عليكم