ليوم الجمعة 20شوال1430ه/09أكتوبر2009م
الموضوع:سورة العصر
الخطبة الأولى :الحمد لله رب العالمين خالق الخلق واله الناس أجمعين هو ولينا و مولانا عليه توكلنا وإليه أنبنا و إليه المصير واشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له الرحمن الرحيم يمن من يشاء من عباده بما شاء لا معتب لحكمه وهو اسرع الحاسبين واشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه بلغ رسالة ربه وسلامه وتحياته وبركاته ورضوانه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وكل من اهتدى بهديه إلى يوم الدين أما بعد :أيها المسلمون الدنيا متاع زايل و لذة فانية و الإنسان مخلوق ضعيف وعمره لحظات وكل يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها قال تعالى:"فأما من اعطى و إتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغني عنه ماله إذا تردى" وقال تعالى :"يقوم إنما هذه الحياة الدنيا متع وإن الآخرة هي دار القرار من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أوانثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب " عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال :جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :" يا محمد عش ما شئت فإنك ميت واعمل ما شئت فإنك مجزي به واحبب ما شئت فإنك مفارقه" نعم أيها المسلمون يغش في هذه الدنيا مسافرين ونخرج منها غير مخثرين وندفن من كل ما اكتسبناه فيها مجردين والموفق من وفقه الله فعمل صالحا ودعا إلى الله و كان من المسلمين وإن من الخسارة الغبن أن يوجد أناس في هذه الحياة ثم يخرجون منها وما عرفوا وظيفتهم وما فقهوا مهمتهم يحرصون على جمع الدنيا وينافسون على حطامها ويغرقون فيطلب كمالياتها وتلهيهم ملهياتها ثم لا يفاجأ أحدهم إلا بالموت يختطفه على غرة وإذا هاذم اللذات ينتزع روحه على غفلة وإذا كان الناس في تعاملاتهم الدنيوية يخسرون ثم يربحون فإن خسارة الدين والنفس في الآخرة هي الخسارة الحقيقية التي ما بعدها ربح فهي المصيبة العظمى والكسر الذي لا يجبر والجرح الذي لا يبرأ قال سبحانه وتعالى :"قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذالك هو الخسران المبين " و قال تعالى :" و من الناس من يعبد الله على حر ف فإن أصابه خير اطمأن به وان أصابته فتنة إنقلب على وجهه خسر الدنيا و ا لآخرة ذلك هو الخسران المبين "وقال ايضا:"وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون إلا الظن وان هم إلا يخرصون"ولكن الله قد جغل برحمته من ذلك الخسران فرجا وفتح بمنه من تلك الضلالة طريقا و مخرجا قال جل و علا "والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصلوا بالحق و تواصلوا بالصبر" فاستثنى من جنس الخسران الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم فأولئك هم الفائزون قال الله تعالى :"فأما الذين أمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذالك هو الفوز المبين "وقال سبحانه :"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذالك هو الفوز الكبير " إنه الإيمان والعمل الصالح ذالكم هو منهج المسلم في حياته وتلكم هي أركان عيشه الحقيقية ذالكم هو طريق الفوز الإنسان وربحه ومخج نجاته من الخسارة وبعد الإيمان والعمل الصالح يأتي التواصي بالخير والصبر عليه قال ابن كثير رحمه الله وتواصوا بالحق هو اداء الطاعات وترك المحرمات وتواصوا بالصبر أي على المصائب والأقدار واذى من يؤذي ممن يامرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر وقال ابن القيم وأقسم سبحانه في سورة العصر أن كل احد في خسر إلا الذين آمنوا وهم الذين عرفوا الحق وصدقوا به فهذه مرتبة وعملوا الصالحات وهم الذين عملوا بما علموه من الحق فهذه مرتبة اخرى وتواصوا بالحق أي وصى به بعضهم بعضا تعليما وإرشادا فهذه مرتبة ثالثة وتواصوا بالصبر أي صبروا على الحق ووصى بعضهم بعضا بالصبر عليه والثبات فهذه مرتبة رابعة وهذا نهاية الكمال فإن الكمال أن يكون الشخص كاملا في نفسه مكملا لغيره وكماله بإصلاح قوتيه العلمية والعملية فصلاح القوة العلمية بالإيمان وصلاح القوة العملية بعمل الصالحات فهذه السورة على اختصارها هي من أجمع سور القرآن للخيربحذافيره والحمدلله الذي جعل كتابه كافيا عن كل ما سواه شافيا من كل داء هاديا إلى كل خير أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية :الحمد لله رب العالمين وأشهد ان لاإله إلا الله وحده لا شريك له المالك ليوم الدين وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الأمين والصفوة من خلقه أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :فاتقوا الله تعالى وأطيعوه وراقبوا امره ونهيه ولا تعصوه واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه أيها المسلمون إن سورة العصر منهج كامل لمن أراد أن يحيا الحياة التي أرادها الله منه حين خلقه ووالله لو عمل المسلمون بهذه الأركان الأربعة للحياة لوجدوا لحياتهم طعما و لعيشتهم معنى ذلك أنه لا حياة منعمة ولا عيش صافيا إلا بالإيمان والعمل الصالح واتلدعوة إلى الله والصبر واليقين قال سبحانه :الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون "وقال تعالى :" ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون "نعم أيها المسلمون لو آمن الناس إيمانا صادقا جازما يخلصون فيه لله ويسيرون على ما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لواتقوا ربهم بفعل أوامره وترك نواهيه لو تآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر ونصح بعضهم بعضا لوجدوا بركة كاملة في دنياهم قال الله تعالى :"ياقومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين"