بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين
أما بعد فكثير من الناس عندنا اذا ما أنكرت عليه معصية أو طالبته بفعل بعض الواجبات قال لك الدين في القلب أو الإيمان في القلب أو العبرة بما في القلب و نحو ذالك من العبارات.........
و رغبة مني في ازالة هذه الشبه التي قد يشكل على بعض اخواننا الرد عليها كتبت هذه الكلمات.
فأما مختصرا :
فنقول لهذا المحتج : صدقت في قولك ان الدين في القلب و العبرة بما في قلب و لكن النبي صلى الله عليه و سلم جاء لاصلاح القلوب وجاء أيضا لاصلاح الأعمال، و لو كان الإيمان مستقرا في قلب العبد فلا بد أن يظهر على الجوارح و لقام الإنسان بفعل الواجب و ترك المحرم و يدل على هذا قوله عليه الصلاة و السلام:{ ألا ان في الجسد مضغضة اذا صلحت صلح الجسد كله و اذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب.}
و أما مطولا فاليكم بعض ما تيسر لي جمعه من أقوال لأهل العلم في كشف هذا الشبه:
السؤال
فضيلة الشيخ! هناك بعض الناس إذا حدثته عن سلوك الطريق المستقيم قال لك: إن الدين في القلب وليس في الأشكال ويقول: بأن الرجل لا يلتزم أو يسلك الطريق المستقيم إلا بعد بلوغ الأربعين ويحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبعث إلا بعد الأربعين! الشيخ: لا إله إلا الله! السائل: فما قولكم يا شيخ؟!
الجواب
الشيخ العثيمين رحمه الله:
قولنا: نوافقه في قوله: إن التقوى في القلب، والإيمان في القلب؛ لكننا نقول له: إن الذي قال: ( التقوى هاهنا ) وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، هو الذي قال: ( إنها إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ) ، ففساد الظاهر عنوان على فساد الباطن، ثم إن كان هذا الفساد مخرجاً عن الإسلام كان الباطن خارجاً عن الإسلام، وإن لم يكن مخرجاً ففي القلب مرض لكنه لا يبلغ حد الكفر.
فنحن نجيبه بما استدل به، نقول: أنت قلت: التقوى هاهنا ونحن نقول: الذي قال: ( التقوى هاهنا ) هو الذي قال: ( إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) .
ففساد الظاهر دليل على أن الباطن فيه بلاء، أفهمتَ؟ الفقرة الثانية ماذا يقول؟ السائل: إنه لا يسلك الطريق المستقيم إلا بعد بلوغه الأربعين.
الشيخ: وأما هذا فنقول: هذا خطأ عظيم، نعم تمام الأربعين فيه كمال قوة العقل والبدن، وأما التكليف فإن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ( رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق ) فالحد هو البلوغ، فمتى ما بلغ الإنسان وكان عاقلاً أُلْزِم ما يُلْزِم به من له أربعون سنة ومن له خمسون سنة ومن له دون ذلك؛ لكن يستحسن في مثل هذا يُرْفَع إلى ولاة الأمور حتى يستتيبوه فإن تاب، وإلا عاملوه بما يقتضيه هذا الكلام، فهذا الكلام خطير جدا.
لقاء الباب المفتوح:شريط رقم135
***********************
قال تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)
فدل هذا على أن محل الإيمان هو القلب و قال النبي صلى الله عليه و سلم : (التقوى ها هنا) و يشير الى صدره ، فاذن الإيمان و التقوى كلهما في القلب ، و لكن لو صح أن في قلب الإنسان ايمان و تقوى لصلحت الجوارح لقول الرسول صلى الله عليه و سلم
ألا ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله و اذا فسدت فسد الجسد كله ألا و هي القلب) ، فنحن نقول الذي قال التقوى ها هنا هو الذي قال ألا ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله و اذا فسدت فسد الجسد كله ، فنقول يا أخي ان ايمانك ناقص ، مادمت تصر على المعصية فاننا لا نقول انك غير مؤمن على سبيل الإطلاق و لكن نقول ان ايمانك ناقص فاتق الله و كمله ، لأن الإيمان عند أهل السنة و الجماعة يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية ، نعم.
فتاوى الحرم المدني شريط رقم 5 وجه ب
**********************
الشيخ الألباني رحمه الله
على كل حال الظاهر عنوان الباطن و ليس الأمر كما يقول بعض الناس من الشباب التائه أنوا يا أخي العبرة بما في القلب ، صحيح العبرة بما في القلب و لكن الأمر كما قيل و كل اناء بما فيه ينظحُ و هذا المعنى مؤخوذ من قوله عليه الصلاة و السلام : (ألا ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله و اذا فسدت فسد الجسد كله ألا و هي القلب) ، اذا القضية المعنوية {الروحية} كما يقولون اليوم هي كالقضية المادية البدنية ، لا يمكن أن تجد جسما سليما في الظاهر و القلب مريض ، لا بد من أن يظهر أثر هذا المرض على ظاهر الجسد و كذالك بالنسبة للناحية الايمانية ، فاذا كان الايمان هو المستقر في قلب هذا الانسان فلا بد من أن يظهر على بدن هذا الانسان و هذا صريح في الحديث السابق : (ألا ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله و اذا فسدت فسد الجسد كله ألا و هي القلب.) فنسأل الله أن يصلحنا ظاهرا و باطنا.
سلسلة الهدى و النور الشريط رقم 488
منقول للفائدة
********
والنّاس ممّن يقول هذه الموقولة صنفان:
رجل عنده شبهة ورثها من غيره، وهذا يجب في حقّه البيان باللّين وبالأدلّة الشرعيّة،
و آخر مكابر، يريد أن يتعذّر بها لكي لا ينتهي عن الشّهوات المحرّمة أو لإجتناب الواجبات التي أوجبها اللّه عليه، وهذا غالبا ما يكون فارّا من الحقّ، لا يريده، وإنّما يريد الدّنيا،
والأجدى أن تركّز جهود الدّاعي على الصّنف الأوّل:
قال تعالى:
{إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ }يس11
وقال سبحانه:
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }ق37
أما النوع الثاني فما أكثرهم ..نسأل الله لنا ولهم الهداية والتوفيق
والسلام عليكم ورحمة الله