السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
نقلا من كتاب "حكم التدخين لسماحة الشيخ احمد بن حمد بن سليمان الخليلي مفتي السلطنة:
النصوص الدالة على حكم التدخين وحرمة تعاطيه فهي كثيرة في الكتاب العزيز إذ جميع النصوص الدالة على حرمة قتل النفس والتأثير على العقل وتبذير المال وقتل الأولاد هي داخلة فيما يدل على حرمة التدخين بعدما ثبت ضرره بجميع ذلك وإليكم طائفة مما جاء عنها في الكتاب العزيز:
قوله تعالى" يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا"
فإنه نص في حرمة أكل المال بالباطل وقتل الإنسان نفسه كيفما كان هذا القتل سواء بإلقاء نفسه في النار أو ترديه من مكان عال أو ان يفتك بها سلاح-كأن يطلق على نفسه النار أو يطعن نفسه بنصل أو أن يتناول سما قاتلا سواء كان سريع التأثير إو كان بطيئة وهو ما يدل عليه حديث أبي هريرة عند الشيخين وغيرهما كما سيأتي إن شاء الله ولذا اجمع علماء الامة على حرمة أكل الطين لانه يؤدي إلى الموت وإن كان بطيئا.
وقد يجادل مجادل في دلالة هذا النص على ما ذكرناه من حيث إن جمهور المفسريين حملوه على قتل الناس بعضهم لبعض وإن كان ضمير الخطاب يوحي بأنه يعني بأنه قتل الإنسان لنفسه وما ذلك إلا لأجل التنبيه على ان الجنس البشري لما جبل عليه من العلاقات الإجتماعية كان واجبا عليه ان يحافظ على جميع أفراده فإن الفرد كالجمع لما بينهم من العلائق التي تشد بعضهم لبعض.
وجوابه انه وإن كان دالا على تحريم قتل الناس بعضهم بعضا إلا إن دلالته على حرمة قتل الإنسان نفسه أشد وأبلغ إذ مسؤولية الإنسان عن نفسه اشد من مسؤوليته على غيره وبقدر ما يكون الغير أقرب إليه وألصق به تتضاعف مسؤوليته عنه ومن أدلة شمول هذا النهي لقتل الانسان نفسه وانطباق ما صحبه من الوعيد عليه استدلال عمرو بن العاص بالآية الكريمة على صحة ما فعله عندما سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب تركه الإغتسال من الجنابة وإكتفائه عنه بالتيمم مع إمامته بالمصلين عندما كان اميرا عليهم في غزوت ذات السلاسل فإعتذر بأنه خشي على نفسه من شدة البرد مع ما عرفه من عدم جواز إقدامه على ما يضر بنفسه من الآية الكريمة وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الإستدلال ولم يعنفه فكان له حكم الرفع.
على إن المدخن لا يقتل نفسه فحسب بل هو متسبب في قتل غيره أيضا إذ ما من مدخن إلا ويحلو له أن ينفث سمومه في أوساط الناس فلا يتورع أحدهم عندما تكون السيجارة بين أنامله وقد إمتلكته نشوة التدخين أن ينفر الدخان في وجوههم ويخنق أنفاسهم ولو كان في مجلس أكل أو شرب وما من شك إن ذلك من أسباب الإضرار بهم وقد يؤدي مع إستمراره إلى إتلاف حياتهم وهو ما أثبتته الفحوص الطبية فقد جلس عشرون شخصا من غير المدخنين مع مجموعة من المدخنين لمدة ساعة في غرفة لا تهوية فيها وإذا بنتيجة ذلك أن أولئك العشرون جميعا عندما فحص دمهم تبين أن أول أكسيد الكربون في مجرى دمائهم قد إرتفع كأنما كل واحد منهم دخن سيجارة وإستنشق دخانها وهذا ما أثبتته وحدة الأبحاث للإدمان التابعة لمعهد لندن للطب النفسي وافادة دراسة أخرى أن غير المدخن إن كان بين عشرة مدخنين فإن ما يستنشقه من الدخان لا يقل عن نصيب واحد منهم على انه جاء فيما اصدره المكتب الاقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية ما يدل على أن هذا النوع من التدخين هو أشد ضررا وها هو ذا بنصه :
ولعل من أسوء انواع التدخين ذلك الذي يقال عنه التدخين القسري ويعني به استنشاق الشخص غير المدخن لسجائر الغير قسرا رغم أنفه سواء في المكتب أو في وسائل المواصلات أو في المنزل، وفي نهاية الثمانينات من القرن الماضي كان التدخين القسري كل عام يسبب عدد يتراوح بين أربعة آلاف وخمسة آلاف وفاة في الولايات المتحدة وحوالي ألف وفاة في كندا كما إن النساء غير المدخنات والمتزوجات من رجال مدخنين يتعرضون إلى سرطان الرئة بنسبة أكبر كثيرا من النساء المتزوجات من أشخاص غير مدخنين وجاء فيما اصدره البنك الدولي عن منظمة الصحة العالمية " ويؤثر التدخين أيضا في صحة غير المدخنين فالاطفال الذين يولدون لامهات مدخنات يولدون ناقصي الوزن ويواجهون قدرا أكبر من الإصابة بالامراض التنفسية وهم أكثر عرضه للوفاة مقارنة بوفاة الرضع المفاجئة من الاطفال الذي يولدون لامهات غير مدخنات كما ان البالغين من غير المدخنين يواجهون خطرا قد يكون قليلا ولكنه يتزايد بإستمرار فينتهي بهم إلى مرض قاتل أو مرض يحدث عجزا بدنيا بسبب تعرضهم لدخان الاخرين".
هذا وقد دل هذا النص على ان تعاطيه من الكبائر لترتب الوعيد عليه وكل ما توعد في القرآن والسنه فهو كبيرة.
للامانة منقول