القصيدة الحرباوية

[abla]

قال السيوطي -رحمه الله- نقلت من خط بعض الفضلاء، قال: نقلت من خط العماري، قال الشيخ أبو عمرو(وفي كتب أخرى: أبو الفتح) عثمان بن عيسى بن منصور بن ميمون البلطي النحوي(توفي: 599هـ): هذه القصيدة الحرباوية؛ لأنها تتلون كالحرباء، وحرف رويها(حرف الميم في آخر كل بيت): يكون مضموما ثم يصير مفتوحا ثم مكسور ثم ساكنا(أي يجوز أن يحرك بالضم والفتح والكسر، ويجوز التسكين)، وإنما عملتها كذلك لأمرين: أحدهما: أني آتي بما لم أسبق إليه، والآخر: كيما أتحدى بها النحاة؛لأني أتيت فيها بمذاهب من النحو لم يقف عليها أحد منهم، ومضمونها شكوى من الزمان وأهله. )
والقصيدة مثبتة في كتاب السيوطي الأشباه والنظائر في النحو4/235 طبعة المكتبة العصرية-1999، وهي مثبتة في معجم الأدباء لياقوت الحموي .




القصيدة الحرباوية


إنِّـي أمـرؤُ لا يَطَّـبِـيني الشَادنُ الحسنُ القِوام
فَارقـتُ شـرَّةَ عِيشَتـيإذ فارَقتنـي والـغَـرام
لا أسـتَـلـذُّ بقَـيـنَـةٍتَشـدو لَـديّ ولا غُـلام
ذُو الحُـزن ليـس يَسُـرُّه طيبُ الأَغَاني والمُـدام
أُمسـي بدَمـع سَـافـحٍفي الخَد مُنسكبٍ سجـام
القى صُروفَ الدَهر مُصطبراً ومَـا حَـدِّي كهـام
لا أشتَكي محـنَ الـدَواهِي إذ تَحِلُّ بـي العِظَـام
مَارستهـنَّ وَمَارستِـنـيفـي تَصرّفهـا الجِسَـام
وبَلوتُ حَدَّ السيـفِ فـيعَمَل فَأَخلَفنـي الحُسـام
واترك مَلامَ الدَهرِ عَـنك فما حَديثُـكَ والمَـلام
إِن كنت في لَيـل الخُـطوبِ ارقب لينكَشف الظَلام
أَرمي زَمَاني مـا رَمَـىللعرضِ حتـى لا يـرام
إِنّي أَرى العيـشَ الخَـمول وصُحبةَ الأشرارِ ذَام
كَـم حاسديـنَ مُعَانِديـنَغَدوا عَلـيّ وكَـم لِئَـام
رُبّ امــرئٍ عَاتبـتُـهلَهِجـاً بِسَبِّـي مُستَـهـام
عَيـنُ العَـدوّ غَـدوتُ مُضطَرا بِصُحبتِـه أُسَـام
لا غَـرو فـي تَفضِيلـههذا الزَمان عَـلا اللئـام
مَالـي ولِلحمـق الأَثيـمِالجاهـلِ الفـدمِ العبـام
إِنّ المُمـوّه عنـدَ فــدمِالنـاسِ يَعلـو والطغـام
ما مِن جَـوى إِلّا تضَـمَّنـه فـؤادي أو سـقـام
هـمُّ أرى فــي بَـثِّـهذُلاً ومـلءُ فَمـي لِجَـام
قَـدَر عَـلـيّ مُحَـتَّـمٌمِن فَوق يَأتـي أو أَمَـام
لا يَستَفيـق القَلـبُ مِـنكَمـدٍ يُلاقـي أو غَـرام
لا تَرجُ خَيراً مِـن ضَـعيفِ الودّ يبخـلُ بالسَـلام
حتّى مَتى شكوى أخي البثِ الكَئيـبِ المُستَضـام
مَا قِيلَ خَلفَك خَـلِّ عَـنه ففيه مـا نَفَـع المـلام
مـا إن يَضـر بـذاك الاحيـنَ تَسمعـه الـكَـلام
مَا في الوَرى مِن مكـرمٍلِذَوي العلـومِ ولا كِـرام
أأعيـشُ فيهـم مـا بَلـوتُهم وقـد جَهلـوا الأنـام
فـي غَفـلـةٍ أَيقاظـهـمعَن سـؤددٍ بَلـه النِيـام
أأعيـشُ فيهـم مـا بَلـوتُهم وقـد جَهلـوا الأنـام
فـي غَفـلـةٍ أَيقاظـهـمعَن سـؤددٍ بَلـه النِيـام
لَيـسَ الحيـاةُ شَهِـيَّـةًلي في الشَقاءِ ولا مَـرام
فكرهتُ في الدُنيا البَقـاءَوقَـد تَنَـكَّـد والمَـقَـام
إِنّي وددتُ وقَـد سَئِمـتُالعيشَ لَـو يَدنُـو حِمَـام


أبو الفتح عثمان بن عيسى بن منصور البلطي