![]() |
|
خيمة الأدب والأُدباء مجالس أدبيّة خاصّة بجواهر اللّغة العربيّة قديما وحديثا / مساحة للاستمتاع الأدبيّ. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() العزاء عادت هيلين إلى المزرعة و نفسها تسيل لوعة و أسى ، فما بلغت كوخها حتى ألقت بالكتاب على المنضدة و تهافتت على سريرها باكية منتحبة ، فهرعت إليها صديقتها تسألها ما شانها فأشارت إلى الكتاب و قالت : ها هي ذي خلاصة حياتي من أولها إلى آخرها ، و لم تكن مرغريت تحسن القراءة فاتتها بالكتاب فأنشأت تقرؤه عليها و فؤادها يتمزق لوعة و أسى ، فقاطعتها مرغريت و أقبلت عليها تقول لها : متى تخلى الله عنا يا هيلين فنلجأ إلى الناس في شؤوننا ، و نعتمد عليهم في رزقنا ، و نحن أغنياء الله عنهم بما هيا الله لنا من القوت في هذه الجنة الصغيرة التي نعيش فيها ، فما فينا من يشكو جوعا أو عطشا ، و لا من يمشي عاريا أو حافيا ، و لا من يبيت مغتما أم وحزونا فروحي عن نفسك ، فالله ارحم بك و بنا من الأقارب و الأصدقاء ، ثم عجزت عن امتلاك نفسها و متابعة حديثها ، فاختنق صوتها بالبكاء فتهافتت هيلين على عنقها و ضمتها إلى نفسها و ظلت تقول لها : آه يا صديقتي ! آه يا صديقتي. و كانت فرجيني واقفة بجانبها فاثر في نفسها هذا المنظر المحزن ، فاستعبرت باكية ، و ظلت تتناول يد أمها مرة و يد مرغريت أخرى فتقبلهما و تبللهما بدموعها و تقول لهما أرجو أن لا يكون ذلك من اجلي ، فبكى لبكائها الزنجيان و كانا واقفين عند الباب و اشتد نحيبهما و نشيجهما ، أما بول فقد عصفت في رأسه عاصفة الغضب و ظل يضرب الأرض بقدميه و يشير بيديه متهددا متوعدا لا يعلم من يهدد ، و لا من يتوعد ، و لا على أي رأس من الرؤوس يرسل صاعقة غضبه ، لأنه لم يفهم مما كان شيئا ، فكان هذا المأتم الغريب في تلك الساعة الرهيبة مظهرا من مظاهر الإخلاص و الولاء بين قوم جمعتهم جامعة البؤس و الشقاء ، و وجدت بين قلوبهم الهموم و الآلام ، و اجتمعت القلوب على شيء هو اجمع لشماها و أوثق لرباطها من اجتماعها حول مواقف الهموم و الأحزان ، فسرى عن هيلين قليلا ، و ضمت بول و فرجيني و قالت لهما : أنكما ، و إن كنتما يا ولدي سبب أحزاني و آلامي ، و لكن الشقاء لم يأت منكما ، فلم يفهما شيئا مما تقول ، و لكنها علما بها قد هدأت و سكنت ، و أنها تبتسم لهما ، فاعتنقاها و قبلاها. و ما لبثوا جميعا أن عادوا إلى سرورهم و غبطتهم و لعبهم و مرحهم. و كانت تلك الحادثة أشبه شيء بسحابة اعترضت وجه الشمس ساعة ثم اضمحلت.
|
||||
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الغزال |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc