هل من الممكن افادتي؟؟ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم الثانوي > قسم التعليم الثانوي العام > أرشيف منتديات التعليم الثانوي

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

هل من الممكن افادتي؟؟

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-05-27, 08:58   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
fatiii
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي هل من الممكن افادتي؟؟

السلام عليكم
اهلا بكم كيف حالكم اتمنى ان تكونوا بخير وفي معنويات عالية .وربي يوفقنا جميعا
اما طلبي فهو لمن لديه درس القضية الفلسطينية ودرس الحرية والشعور بالنا في الفلسفة ارجو افادتني لاننا لم ندرس هذه الدروس
وجزاكم الله خيرا
وربي ينجحنا كاااااااااامل
امييييييين يارب
السلام عليكم









 


قديم 2011-05-27, 10:10   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
fatiii
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

سلااااااام
اين الردود يا اهل المساعدة










قديم 2011-05-27, 10:46   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
اسلامي سر حياتي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية اسلامي سر حياتي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم اختي ريم هذا ماوجدته لكي بالنسبة للقضية الفلسطينية:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلسطين من تصفية الاستعمار التقليدي إلى الهيمنة الأحادية والتواطؤ الدولي

الإشكالية: القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي

سيــر الــــدرس

1/ الانتداب البريطاني على فلسطين:

بعد مؤتمر سان ريمو بإيطاليا في 25 أفريل وتحت غطاء عصبة الأمم فرض الانتداب البريطاني على فلسطين ، واعتبرت فلسطين مستعمرة بريطانية يخضع مندوبها السامي لوزير المستعمرات ( ونستون تشرشل )، فكانت بريطانيا التي أصدرت وعد بلفور في 02/11/1917 قد شرعت في تطبيقه منذ انتدابها على فلسطين ، وقد ميز هذه المرحلة التطورات التالية:

- تعيين هربرت صمويل كمندوب سامي لبريطانيا في فلسطين في جويلية 1920.

- إنشاء الوكالة اليهودية ( حاييم وايزمان) عام 1920 التي شجعت هجرة اليهود إلى فلسطين وبناء المستوطنات والمدارس والجامعات العبرية.

- اهتمام الانتداب بتسهيل وتنشيط الهجرات اليهودية إلى فلسطين.

- تنشيط الإستثمار اليهودي في فلسطين وإدخال اليهود للعمل في كافة المؤسسات المدنية والعسكرية.

- إنشاء الجامعة العبرية عام 1924.

- أصبحت القدس مقرا لكل من اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية العالمية والوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي.

- اغتصاب الأراضي الفلسطينية ومنحها لليهود.

- قيام الفلسطينيين بالتصدي للإحتلال البريطاني والمشروع الصهيوني عن طريق القيام بسلسلة من الإنتفاضات والثورات خلال سنوات ( 1920-1921-1925-1929-1936 ).

- قيام بريطانيا بإصدار الكتاب الأبيض الأول عام 1922 والكتاب الأبيض لعام 1930 وهي جملة من الإصلاحات هدفها إرضاء الفلسطينيين لكن تم إلغائها بسبب غضب اليهود ورفضهم لها.

02/ مشاريع التقسيم 1937-1947:

أ‌- مشروع التقسيم1937:

لقد استمرت مظاهر الرفض للاحتلال البريطاني والمشاريع الصهيونية في فلسطين عن طريق عقد المؤتمر الإسلامي عام 1931 لدراسة الأخطار التي تتعرض لها الأراضي المقدسة ، القيام بمظاهرات واحتجاجات عام 1933 مطالبة بوقف الهجرة اليهودية، تشكيل الأحزاب السياسية لتنظيم الشعب الفلسطيني وتوعيته ( حزب الاستقلال، حزب الدفاع، الحزب العربي الفلسطيني، حزب الكتلة الوطنية)، استمرار الثورات الاشتباكات المسلحة بين العرب واليهود وكان أعنفها هي ثورة عزالدين القسام عام 1935 ، إعلان الفلسطينيين للعصيان المدني ( الامتناع عن دفع الضرائب، الإضرابات، المسيرات...)

وأمام هذه الإضرابات بعثت بريطانيا لجنة لتقصي الحقائق، وفي 07 جويلية 1937 نشرت الحكومة البريطانية توصيات لجنة بيل التي نصت على ضرورة تقسيم فلسطين.


مشروع التقسيم: نص المشروع على تقسيم فلسطين إلى:

· دولة يهودية: تمتد من الحدود اللبنانية الفلسطينية إلى جنوبي يافا.

· ومنطقة تقع تحت الانتداب البريطاني: وتشمل الأماكن المقدسة: القدس، وبيت لحم، وممرا يصلها بالبحر قرب يافا مرورا باللد والرملة، ثم الناصرة وشواطئ بحيرة طبريا.

· ودولة عربية: وتشمل ما تبقى من فلسطين، بما فيها مدينة يافا ، ومناطق غزة، وبئر السبع، والنقب، والخليل، ونابلس، والقسم الشرقي من مناطق طولكرم، وجنين، وبيسان.

وقد رفض العرب مقترحات التقسيم في مؤتمر بلودان بسوريا عام 1937 وأستمر كفاح الشعب الفلسطيني حتى إندلاع الحرب العالمية الثانية.

ب‌- مشروع التقسيم1947:

بعد فشل بريطانيا في تسوية الصراع الفلسطيني العربي قامت بعرض القضية على هيئة الأمم المتحدة في01 افريل 1947 ، فقامت هذه الأخيرة بتعيين لجنة تحقيق قدمت تقريريها يوم 31 آوت 1947 وتمت المصادقة على هذا القرار ( رقم 181 ) في الجمعية العامة بأغلبية الأصوات يوم 29/11/1947

مشروع التقسيم: نص المشروع على تقسيم فلسطين إلى:

دولة عربية: تتألف من الجليل الغربي ومنطقة نابلس والسهل الساحلي ( قطاع غزة، الضفة الغربية، أقصى الشمال الغربي ).

دولة يهودية: تتكون من الجليل الشرقي ومرج بن عامر والقسم الأكبر من السهل الساحلي ومنطقة بئر السبع التي تضم النقب( صحراء النقب، الشريط الساحلي الشمالي من حيفا إلى يافا، طبرية).

و القدس وما جاورها توضع تحت الوصاية الدولية.

وقد رفض الفلسطينيون والعرب في مؤتمر القاهرة ديسمبر 1947 قرار تقسيم فلسطين، بينما رحب به اليهود الصهاينة.

3/ الحرب العربية الإسرائيلية الأولى 1948:

أ- ظروفها وأسبابها:

في 14 ماي 1948 أعلنت بريطانيا إنهاء الانتداب على فلسطين والانسحاب منها في اليوم الموالي (15 ماي 1948) وبتفاهم سري مع الصهاينة على ذلك، وفي منتصف ليلة 15 ماي 1948 قام دافيد بن غوريون بصفته رئيس اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية العالمية بإعلان قيام دولة إسرائيل الصهيونية بفلسطين وعاصمتها تل أبيب ( تل الربيع )، وبرئاسة حاييم ويزيمان وفي أقل من 48 ساعة حضيت هذه الدولة باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفياتي وبريطانيا وفرنسا وأصبحت إسرائيل عضوا في هيئة الأمم سنة 1949م. وإزاء هذا الموقف قررت الحكومات العربية إرسال قواتها إلى فلسطين لمساندة الشعب الفلسطيني.

ب- وقائعها:

اندلعت الحرب في 15 ماي 1948 حيث قام حوالي 40 ألف جندي منة القوات المشتركة ( المصرية، السورية، اللبنانية، الأردنية، العراقية) بالهجوم على الكيان الصهيوني من كل الجوانب، واستطاعوا تحقيق انتصارات ساحقة طوقوا خلالها تل أبيب، فأسرع مجلس الأمن – تحت ضغط القوى العظمى- إلى إصدار قرار بوقف القتال لمدة شهر، إبتداءا من 11 جوان 1948 كهدنة تكتيكية أستغلها اليهود في الحصول على المدد العسكري من أوربا والولايات المتحدة، ثم قاموا بهجوم مضاد في 09 جويلية 1948، حققوا على إثره عدة انتصارات، لتنتهي الحرب يوم 16 جويلية 1948 بهزيمة الأنظمة العربية.

جـ - نتائجها:

- هجرة 600 ألف فلسطيني من وطنهم قهرا.

- عقد هدنة رودس 1949 والتي أدت إلى عقد سلسلة من الاتفاقيات بين الدول العربية وإسرائيل، كرست الهزيمة العربية وضياع أرض فلسطين، حيث أصبحت إسرائيل تسيطر على حوالي: 20 ألف كلم2 منها.

- توسيع رقعة إسرائيل التي أصبحت تسيطر على كل فلسطين ما عدا قطاع غزة الذي بقي تحت السيطرة المصرية والضفة الغربية والضفة الغربية تحت الإدارة الأردنية.

- المجازر التي ارتكبها الصهاينة ضد الفلسطينيين، ومنها مجزرة دير ياسين في 09 أفريل 1949، التي راح ضحيتها 245 شخص ، فظهرت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين العالقة حتى اليوم.

- سقوط بعض الأنظمة العربية بعد اكتشاف خيانتها في حرب 1948، مثل نظام الملك فاروق في مصر سنة 1952.

- توقيع إسرائيل على بروتوكول لوزان 1949 والقاضي بقبول التقسيم، عودة اللاجئين وحق تعويضهم وتدويل القدس.

4/ الحرب العربية الإسرائيلية الثانية (العدوان الثلاثي على مصر) 1956: أصطلح عيها دوليا بحرب السويس ويسميها العرب بالعدوان الثلاثي على مصر، إذ بعد نجاح الثورة المصرية وتصميمها على تحرير الوطن العربي وقيام جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس بعد أن رفض البنك الدولي تمويل مشروع السد العالي بتحريض الولايات المتحدة .

بدأت المؤامرات تحاك ضد مصر من طرف اليهود والبريطانيين والفرنسيين، وشنوا هجوما على مصر في 29 أكتوبر 1956 فأجتاح اليهود قطاع غزة وسيناء وركز البريطانيون والفرنسيون هجومهم على بورسعيد.

وأمام الضغط الدولي خاصة الإتحاد السوفياتي الذي هدد باستعمال القوة ضد الغزاة وما قامت به المقاومة المصرية أنهيت العمليات في 06 نوفمبر 1956 انسحبت فرنسا وبريطانيا من بورسعيد 22 ديسمبر 1956، وانسحبت إسرائيل من يوم 06 مارس 1957 من سيناء إلى ما وراء خط الهدنة لعام 1949.

5/ ثورة التحرير 1965: لقد شعر الفلسطينيون بمسؤوليتهم، فأخذوا يهيئون أنفسهم للكفاح المسلح فأعلنوا أثناء عقد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول المنعقد بمدينة القدس في 28 ماي 1964 عن تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة أحمد الشقيري، وقد وضع لها ميثاق ( الميثاق الوطني الفلسطيني ) والذي يقضي بإنشاء الدولة الفلسطينية وتلي ذلك إنشاء جناح عسكري لها هو جيش التحرير الفلسطيني الذي كان يضم العديد من الفصائل كان أهمها منظمة فتح التي تأسست سنة 1957 لذلك أصبح ياسر عرفات منذ 1969 رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وكانت أول عملية فدائية يوم 01 جانفي 1965 ضد الصهاينة معلنة بداية الثورة الفلسطينية وكانت المنظمة تنطلق في عملياتها العسكرية من القواعد الخلفية في البلدان العربية المجاورة ( سوريا، لبنان، الأردن ) .

تواصلت الثورة رغم ردود الفعل الإسرائيلية الإرهابية وحروبها المدعمة بالقوى الإستعمارية الغربية والأمريكية ، ورغم ذلك لم تتوقف الثورة واستمرت في شكل عمليات فدائية لتتحول إلى انتفاضة شعبية عامة وعارمة أرغمت في كثير من الأحيان العدو للتفاوض مع قيادات فتح.











قديم 2011-05-27, 10:58   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
اسماء 4800
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية اسماء 4800
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

احنا مدرناش هكا في الكلاس خلعتيني










قديم 2011-05-27, 11:02   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
اسلامي سر حياتي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية اسلامي سر حياتي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفضلي هذا مايخص الشعور:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

المادة : فلسفة
الإشكالية 04 : الحياة بين التنافر والتجاذب .
المشكلة 01 : الشعور بالأنا والشعور بالغير .

طرح المشكلة :
إن التعايش الاجتماعي يقتضي ضرورة تشكيل نسيج من العلاقات بين الأفراد ، يحكمها التفاعل العقلاني ،تأثيرا و تأثر ،تنافر وتجاذب ... كلا يسعى للتعبير عن ذاته وإثبات وجودها وتميزها عن غيرها ، هذه المسألة طرحة مشكلة إدراك الذات وعلاقة الغير في ذلك . فهل الوعي بالذات كاف لتحقيق الوجود الذاتي ؟ أو بعبارة أخرى كيف نصل إلى تحقيق الأنا الذاتي ؟ هل هو متوقف على وعي الذات لذاتها أم على معرفة الغير " المغايرة ؟

ملاحظة وضعية مشكلة والتعليق عليها :
- وضعيات مشكلة تتناول : كيفية الحكم بالمماثلة ، الطريق إلى معرفة الغير
- التعليق عليها أنظر الكتاب المرسي


التمييز بين الأنا ، الذات والغير :
معنى الأنا :
- لغة : ضمير المتكلم
- اصطلاحا : يطلق على النفس المدركة ، قال ابن سينا " المراد بالنفس ما يشير إليه كل أحد بقوله أنا "
• الإحساس بعملية التفكير وإدراك المحيط " الآخر " أي الذات المفكرة العارفة لنفسها في مقابل
الموضوعات التي تمتاز عنها .
• الأنا عند الوجوديين " جوهر حقيقي ثابت يحمل الأعراض التي يتألف منها الشعور الواقعي "
• أو هو :" الحقيقة الثابتة التي تعد أساسا للأحوال والتغيرات النفسية
• المعنى النفسي والأخلاقي : تشير كلمة أنا في الفلسفة التجريبية إلى الشعور الفردي الواقعي ، فهي إذن تطلق على موجود تنسب إليه جميع الأحوال الشعورية كقول كوندياك عند الكلام على التمثال : الأنا هي شعوره – أي شعور التمثال – بما هو وبما كان "
• المعنى المنطقي : تدل كلمة الأنا على المدرك من حيث أن وحدته وهويته شرطان ضروريان يتضمنان تركيب مختلف عن الذي في الحدس وارتباط التصورات بما في الذهن .
معنى الذات :
لغة : الذات النفس والشخص ، يقال ذات الشيء نفسه وعينه
اصطلاحا :
- الذات ما يقوم بنفسه ويقابله العرض ، بمعنى ما لا يقوم بنفسه ، والذات يطلق على باطن الشيء وحقيقته
- يطلق لفظ الذات على الماهية ، بمعنى ما به الشيء هو هو ويراد به حقيقة الشيء ويقابله الوجود
* الذات في المنطق : تطلق على جميع المقومات التي تحدد مفهوم الشيء ومنه الذاتي وهو ما يخص الشيء ويميزه وبين الذاتي والعرضي بهذا المعنى تضاد .
معنى الغير :
لغة : المخالف والمعارض
يقدم " لسان العرب " لابن منظور تحديدا لغويا للغير حيث الغير مشتق من التغير وتغايرت الأشياء أي اختلفت، تحديد يكرس نفس الفهم المتداول على اعتبار أن الآخر أو الغير هو المخالف والمباين. أما معجم روبير فالأخر يتحدد بكونه " من ليس نفس الشخص " . غير أن هذا التحديد السلبي للأخر باعتباره المغاير والمختلف عن الأنا يبقى تحديدا مجردا غير ملموس، لا يشير إلى فرد بعينه أو جماعة معينة حيث يتم حصر الأخر في الغريب ، المغاير ، البعيد ، الأجنبي وكل من لا يشاركني نفس الهوية، وتتحدد علاقة الذات بالأخر وفق معيار العلاقة القائمة بينهما ونظرة أحدهما للأخر ، قد تأخذ هذه العلاقة طابعا صراعيا ( العنف ، السخرية ، الميز العنصري ، التطرف الديني ، التعصب العرقي ، الصراع الاجتماعي )
المعنى الفلسفي الآخر والغير يتحدد على نحو دقيق على اعتبار أن الغير هو الأنا الذي ليس أنا، كما حدد ذلك سارتر، وقد يكون تعريف الغير مسألة غير ممكنة وفق التحديد الارسطي حيث أن الشيء أما أن يكون مطابقا لذاته أو مخالفا لها .
الــــوعــي وتـشــكــل الــذات :

يمتاز الإنسان بالوعي الذي يميزه عن غيره وبه يدرك أن موجود وأن العلم من حوله موجود كذلك ، وعي يصاحبه مادام حي ، ومن هنا لا يخرج الوعي أن يكون وعيا بالذات أو وعيا وبالموضوع ، وبالشعور يتحقق الكائن الواعي كوجود في العالم وهذا هو مضمون الكوجيتو الديكارتي " أنا أفكر إذن أنا موجود " فكيف وصل إليه ؟
تصور ديكارت :
ممارسة الشك يعني اخذ مسافة بين الذات والأخر، وبين الذات وباقي الموضوعات، فالذات بوصفها ذات مفكرة لها الثقة العمياء في قدرتها العقلية والتأملية لفهم والسيطرة على كل ما يوجد خارجا عنها [ OBJET ] وتمثله بشكل شفاف ويقيني، حيث تصبح الذات العاقلة باعتبارها نورا فطريا وإدراكا هو الأساس التي تتم على أساسه معرفة الأشياء الخارجية فيما فيها الآخرأطروحة ديكارت R. Descartes
سبقت الإشارة أن فلسفة ديكارت شكلت الانعطافة في مسيرة الفلسفة الإنسانية حيث اعتبرها هيدجر الأرض الصلبة le sol fermé الذي ستؤسس عليه الفلسفة الحديثة بنيانها ، الأرض الصلبة لن تكون إلا الذات المفكرة le sujet pensant وبالتالي سيكون الكوجيطو " أنا أفكر أنا موجود " je pense , je suis " الأساس المتين والحقيقة اليقينية الأولى لبناء الفلسفة الحديثة على أساس الذات الفردية من خلال الانطلاق من وعي الذات لذاتها كلحظة يقينية ودون وساطات من أحد، فالذات قادرة على معرفة ذاتها تجسيدا " لمبدأ الكوجيطو وعلى اعتباره أنه تعبير عن فعل الوعي الذاتي كنشاط حدسي.
فإثبات حقيقـة الذات المفكرة تمر عبر تجربة الشك Doute ، الشك الـذي يقـود إلى اليقين، الشك حتى في المسلمات، حتى تصل الذات إلى الحقيقة اليقينية الأولى التي لا تقبل الشك وفي حقيقة الوجود المفكر (الأنا المفكر) واعتبارها الحقيقة التي تفرض نفسها على الفكر والعقل ببداهة ووضوح ، ومن ثم يكون وجود الأنا المفكر مستقل عن وجود الغير، لذا يصبح وجود الغير متوقفا على حكم العقل والاحتكام إلى نور العقل باعتباره الضمانة الوحيدة الموصلة لحقيقة دون الاعتماد على الحواس أو الملاحظة للإثبات وجود الغير، لأنها كثيرا ما تخطئ وتخدع يقينية العقل وخداع الحواس لذا يقرر ديكارت أن معرفة الغير أو الآخر هي معرفة عقلية ومتوقفة على شهادة
العقل شهادة الحواس .
ديكارت يدشن مرحلة وحدانية الذات Le solipsisme ( أنا وحدي موجود) حيث كل ذات تعتبر ذاتها حقيقة مكتفية بذاتها ، وتملك يقين وجودها بشكل فردي عبر آلية التفكير ، فالإنسان يعي ذاته بذاته دون الحاجة إلى وساطات الغير حتى ولو كان هذا الغيرمشابها لي .
الذات في التصور الديكارتي منعزلة عزلة مطلقة لا تثبت غيرها ولا تحتاج لا حد أن يثبتها لكن إلى أي مدى ستبقى الذات تعيش في الاستقلال بطولي عن الآخرين ، أليست الذات في حاجة إلى الآخر لإثبات ذاتها، ألا يمكن الحديث عن الذات الجماعية بدل الذات
الفردية ، الحديث عن نحن بدل الحديث عن الأنا .
يؤسس ديكارت لتجربة جديدة ، تجربة الذات العارفة التي تمنح للأشياء وجودها أو إلغائه، فوجود الأشياء مرتبط بتجربة التفكير والوعي وممارسة الشك كعملية عقلية، الشك ممارسة ذاتية لا تمارس بالنيابة يعني أن ما يتم تأكيده هو وجود الذات المفكرة وفق مبدأ الكوجيطو أنا أفكر إذن أنا موجود الأخر فهو جازا وممكن مادام فعل التفكير لا يمارس بالنيابة نيابة عن الأخر لذا فوجوده يتحدد وفق منطق الاستدلال بالمماثلة مادام يشبهني فهو موجود يأكد ديكارت لو نظرنا إلى الناس من نافذة وهم يتحركون في الشارع فماذا نرى أكثر من المعاطف والقبعات التي تكسوا أشباحا أو ناسا باهتين يتحركون بواسطة دوالب ، فجوهر الذات هو الفكر الذي لا يتحقق إلا بممارسة تأملية خاصة، إذن فوجود الآخر جائر ذو صبغة افتراضية .
وقد أكد الفيلسوف الفرنسي مين ديبران الأمر بقوله : " قبل أي شعور بالشيء فلا بد من أن الذات وُجود " ويقول أيضا " إن الشعور يستمد إلى التمييز بين الذات الشاعرة والموضوع المشعور به "
ويرى هوسرل زعيم الفلسفة الظواهرية " أن الشعور هو دائما شعور بشيء " وهذا يقتضي أن تكون الذات الشاعرة واعية لذاتها حتى يمكنها أن تعي الأشياء والموضوعات .
* وعليه يمكن القول أنه كلما كان الوعي بالذات أكثر كلما كان كانت الذات أو الأنا أكثر تحقيقا لنفسها وتأكيدا لوجودها وكيانها ، وأكثر معرفة بفعاليتها وانفعالاتها ، ونقاط قوتها وضعفها .

نقد
لقد وجهة انتقادات عدة لهذا التصور عن الوعي يمكن حصرها في النقاط التالية :
01- الشعور حسب التصور الديكارتي قلعة داخلية حيث يعيش الإنسان منعزلا ، أما باقي العالم فهو بالنسبة إلى هذا الأنا كخشبة المسرح وهذه القلعة ليست حقيقية وإنما هي كما يقول غوسدروف ": مجرد خيال وإنتاج لأوهام لا تعرف بنية الفكر الحي ذاتها وليس للشعور مضمون داخلي فهو في حد ذاته فراغ ".
02 – إن وعي الذات لذاتها أو ما يسمى بالاستبطان عند علماء النفس أمر مستحيل لأن الذات واحدة ، ولا يمكنها أن تشاهدها ذاتها بذاتها أو ملاحظ وموضوع الملاحظة ، لأن الشعور هو دائما شعور بشيء، ولأن المعرفة تفترض وجود العارف وموضوع المعرفة ونخلص من ذلك أن شعور الذات بذاتها أمر لا أمل في تحقيقه
03 – إن الشعور كمؤسس للأنا مصدر خداع ، فقد يكون مجرد انطباع ، ثم هل الشعور قادر على معرفة اللاشعور الذي يخفيه ويختفي وراءه حتى تتحقق معرفة الذات لذاتها ؟
04 – هنا نجد أفلاطون يتساءل قديما حول هذه الحقيقة " الشعور أساس الوجود " في أسطورة الكهف معتبرا ما يقدمه لنا وعينا ما هو إلاّ ظلال وخلفها تختفي أو تختبئ حقيقتنا كموجودات .
05 – اعترض سبينوزا على تحديد ديكارت ووصف الشعور بالوهم والمغالطة ، فاعتقاد الناس بحرية تصرفاتهم ظن خاطئ لعدم وعيهم بسلطان رغباتهم وشهواتهم ، وأنهم لا يعلمون شيئا عن الأسباب المتحكمة في شعورهم الموجه له : إن السكير كما قال يتوهم أن يتحدث بأمر حر صادر عن ذهنه عن تلك الأمور التي كان يؤدي في صحوه ألا يقول عنها شيء ، ولكنه في الواقع تحت تأثير الخمر .
06 – لقد فرويد أن أفكارنا وردودنا المختلفة ما هي إلاّ نتاج تربية أكرهنا عليها المجتمع والعائلة ، كما قد يكون هذا الوعي بفعل تأثير لا شعوري ، فالوعي وحده ليس هو المحدد لذات الإنسان وأن هذه الذات محصلة ظواهر لا يستطيع الوعي تفسيرها ، إننا لسنا كما نشعر بل وما نشعر به ما هو إلاّ قناع تختبئ وراءه حقيقة ذاتنا .
لكن هذا التفسير لم يحدد لنا حقيقة الذات العارفة ، كما أن الفرد يدرك ذاته في بعض الأحيان من خلال الغير الذي يواجهنا ويدفعنا إلى التفكير في أنفسنا .
التباين الموجود بين هذه المواقف حول مسألة الشعور بالذات ، ويؤكد صعبة التمكن من معرفة ذواتنا على حقيقتها إلاّ أن الوعي يبقى الدعامة والشرط الأساسي في كل معرفة مادام في مواجهة مع غيري أي خارجا عني ، وهنا طرحت مشكلة أخرى هي هل باستطاعة الأنا العارف لذاته أن يتعرف على الأنا الآخر ؟ ّ
ثالثا : معرفة الذات بين المغايرة والتناقض :
أ – معرفة الذات تقوم على التقابل والمغايرة :
كل معرفة تقوم على فعل الفكر المتجه نحوى موضوع ما مهما كانت طبيعته ، وهذا الفعل القائم على التحليل والفحص والتركيب ،والاستدلال يتضمن تقابل في جميع الأحوال مع الذات ، فالموضوع منفصل عنها ومعناه متباين معها ،وهذا يعمق من تمايز الذات مع غيرها ، إن الذات تتعرف على نفسها مباشرة بوعيه المتمتع بالإرادة وبالقصد والحرية والفاعلية ، كما أنها تتجلى لنفسها على أنه فردية مميزة عندما تقابل الآخر وتتبلور في وجود خاص ، ومثل هذه المعرفة تقتضي وجود الآخر والوعي به والاعتراف به ، هذا الطرح قال به الفلاسفة العقليون ، ويتمثل عندهم أساسا في أن الإنسان يستطيع بعقله عزل الموضوعات والأشياء والأشخاص أو غيرها ، وأن يتناولها بالفحص والنظر والتدقيق لينتهي بعد هذا الفعل إلى تمييزها عن بعضها من خلال كيفياتها ، ويحقق لها بذلك هويتها المميزة لها . مثل تميز أنصار الفريق الرياضي عن غيره من الأنصار بطريقة التشجيع .
هذا التصور العقلي قائم على فكرة المقابلة أو المقارنة التي يقوم بها العقل من خلال تحديد أوجه الشبه والاختلاف فاشعور لا يمكن أن يقع له الإدراك وهو مستقل تماما عن الأشياء أو الموضوعات المشعور بها ، وعلى هذا النحو تحصل لهذه الكيفيات مدلولاتها ، ويحصل الإحساس بالتماثل بيننا وبين الآخر .
وعلى هذا فوجود الآخر والشعور به متوقفا على ما تقوم به االذات الفردية " الأنا " من أفعال باتجاهه ، وهذه الذات تتعرف على العالم وعلى الغير بالعقل .
ب – معرفة الذات تتوقف على تأسيس التناقض :
يعتبر الفيلسوف الألماني فريدريك هيجل أن الغير أو الآخر ضروريا لوجود الوعي بالذات ، والأنا لا يكون أنا إلاّ بالعلاقة مع الغير الذي هو في الوقت نفسه مكون له وفاعل ، وليس مجرد وجود جائز ، فعن طريق المقابل لي أتعرف على أناي ، وهذا الأنا الذي هو أناي ليس له من معنى إلاّ لأنه ليس الآخر ، وأن كل معرفة لذاتها تتطلب الاعتراف بها من طرف الآخر ، ويمكن بيان أطروحته على الصورة التالية :
إن إدراك الآخر يتحدد من خلال الاتصال به وهو اتصال تماثل العلاقة التي تربط الأنا بالآخر ، وهذه العلاقة هي علاقة تناقض يحصل عنها وعي الذات ووعي ذات الآخر ، وهذا ما يتجلى في جدلية هيجل القائمة بين العبد والسيد .فالسيد والعبد شخصان أحدهما ارتفع عن الأشياء المادية ، وألحق وجوده بالآخر الذي هو العبد ، ولم يخاطر العبد بنفسه ولم يضح بها ، استغل السيد هذا الوضع فكان أن نشأ عنه صراع ، والسيد ينتصر فيصبح بذلك المالك والحر ، وفي هذه الحالة تنشا بين الاثنين علاقة ، فالسيد لا يقتل خصمه بل يحتفظ به ككيان لسيادته وآدات لتحقيق مآربه ، أما العبد فمن خلال العمل الذي يسخره إليه سيده يدرك في قرارات نفسه أن يؤثر في الموضوعات والأشياء ، ينفذ إلى أعماقه ويشكلها كما يريد ، هذا الصراع يؤدي إلى أن يدرك كلا منهما أناه وفي الوقت نفسه يدرك الآخر .
ومن هذه الجدلية يظهر الأنا والآخر في صورة موضوعين مستقلين يقفان وجها لوجه ن وأن وعييهما يتحدان من خلال أن كلا منهما يثبت ذاته لنفسه كما يثبته للآخر بواسطة الصراع من اجل الحياة أو الموت ، وبالتالي يصبح الشعور بالأنا يقوم مقابل الشعور بالغير .
لكن كيف للغير أن يعرف ذاته إذا كانت معرفة الأنا تمر من خلاله ؟
تتم دون أن يتحرر الأنا عن الآخر أو يعزل نفسه عنه ، لهذا عليه أن يعيه من أجل التغلب عليه ، وأن يضعه في ذاته دون أن يفقد نفسه فيه ، وهذا التحرر من الغير دليل على ضرورة وجوده ومقابلته حتى يتم له وعيه أولا بذاته والذي ينتج عنه ثانيا إدراك الآخر .
نقد للتصورين :
إن الصراع ليس مفهوما أخلاقيا في العلاقات بين الناس وخاصة إذا تحول إلى عنف ، فقد نختلف في مواقفنا ولا نتفق على رأي من الآراء وقد تتنوع مللنا ومعتقداتنا ، لكن هذا ليس مبرر للتناحر على البقاء والغلبة ، كما أن ربط معرفة الذات الآخر لا يعني فقدانه لحريته ، فالغير موضوع لا يتضمن سلب معانيه ، بل يجب التواصل معه يقول لحبابي ": إن معرفة الذات تكمن في أن يرضى الشخص بذاته كما هو ضمن هذه العلاقة النا كجزء من النحن في العالم ." .
رابعا : التواصل مع الغير يؤسس المعرفة بالذات .
أ- الحذر من طمس الغير :
يمكن تحقيق التواصل مع الغير من دون تنافر عن طريق الوعي بالمماثلة والإحساس المشترك ، وعن طريق اللغة والنظر لأن هذا الشعور لا ينطوي على نفسه ، وهنا يعتبر برغسون أن بذل جهد على مستوى الحدس يمكننا من التموقع داخل شخصية الآخر ، وأن الإتصال الحقيقي بالغير حسب تصور ميرلوبونتي : أن العلاقة المعرفية المتأزمة والصراعية بين الذات والآخر ليست هي العلاقة الوحيدة والممكنة، وبسبب هذه الأزمة هو نظرتها للآخر من زاوية العقل والفكر والحساب القائم على التجريد والتقسيم .
لذا يؤكد بونتي أن معرفة الغير تقتضي مني التعاطف معه ، لان الآخر وعي لا أستطيع معرفته إلا إذا اعتبرته ذات إنسانية يحس ويفكر ويعي مما يعني قناة معرفته تكون عبر التعاطف معه ومشاركته في أحاسيسه والتفاعل معه في دائرة ما هو إنساني ، فلكي اعرف وأتعرف على الآخر علي أولا معرفة ذاتي لكي اعي الآخرين . فمعرفة الآخرين عن طريق العقل معناه إفقار وجودهم وتشيئهم يحدد بونتي نظرة جديدة لمعرفة الآخر، أو بالأحرى التعرف عليه ليس من قناة المعرفة وإنما عن طريق التواصل والتفاعل والمشاركة الحية من خلال الانفتاح على الغير،لان العالم ليس هو ما أفكر فيه ، لكن هو ما أعيشه .
ب - التواصل عند سارتر
01 – لقد اعتبر سارتر الآخر مقوما أساسيا مكوننا للأنا والوعي به ، والنقطة الأساسية عنده تتمثل في الصلة بين الذات والغير " وجود الآخر شرط لوجودي وشرط لمعرفة نفسي ، وعلى ذلك يصبح اكتشافي لدواخلي اكتشافا للآخر" والغير هو إنسان وليس شيئا ، وهو حقيقة مطلقة موجودة ، تنكشف وتتجلى كما تظهر ، وهذا الإنسان ليس شيئا بل هو كائن تنتظم حوله الأشياء في العالم " الإنسان الآخر " ينظر إليّ وباستمرار ، وفي ذلك إمكانية تحولي بالنسبة إليه إلى موضوع ، وهو موضوع أصبح موجودا للغير .
02 – أنا أفكر : الوعي والمواجهة .
أخذ سارتر بالفكرة التي انطلق منها ديكارت "أنا أفكر فإذن أنا موجود " وبعد أن حددها متجاوزا الفردية الذاتية الخالصة أضحت عنده حقيقة مطلقة يندفع إليها الوجدان ليعي نفسه ويعي بالتالي وجوده ،بل ويعي الآخرين فالأنا أفكر لا تجعلني أعي نفسي ... ولكنها تجعلني أعي نفسي مواجها للآخرين ، وتجعل الأخر حقيقة أكيدة لي ، ووعي له لا يقل قوة عن وعيي لنفسي " ، وما دام هناك كونية للإنسان نابعة من اختياره الحر لنفسه ، ومن فهمه لمشروعه وليست معطاة ، وما دام انها تتكون وتتطور فهي تمكنني من فهم كل رجل من أية حقبة تاريخية كانت ، فكل إنسان يحي مشروعه ويعيشه ، وأنه يستطيع أن يذهب بخياله إلى حدود مشروع الآخر ويحياه ، وبالتالي إدراك الذات لا يتم إلاّ من خلال الغير ، حالة الخجل مثلا حين يكون الإنسان وحيدا في حديقة ويتصرف بشكل طبيعي باعتباره مركز العالم ، لكن بمجرد لا يكتشف فردا أخر يراقبه يحس بالخجل ، إذن فالذات اكتشفت خجلها بسبب وجود الآخر ، وليس لعامل نفسي وذاتي ، فالذات في حاجة إلى الأخر لتعرف نفسها "
فعن طريق الرؤية ينكشف الغير لأن وراء نظرته ذات تحكم وتفكر وحين تحكم الذات عن الأخر تحوله إلى موضوع ، حيث كل واحد يحول الآخر ويشيئه بواسطة الرؤية ، لذا فالوعي بالذات عند سارتر يتحدد وفق معيار التمايز عن الآخر، لان خصوصية كل وعي تتحدد بقدرته على اخذ المسافة " se distancier " والتراجع أمامه " prendre recul " وعدم الالتصاق به " décoller se " فظهور الآخر أمام الذات يعني تحويله إلى موضوع ، هذه هي اللحظة الأولى للنفي المتبادل ، الذات تنفي الغير ، والغير ينفي الذات ، النفي يعني تحويل آخر إلى موضوع ، حيث كل طرف يريد أن يشغل مركز العالم ومحطة الاهتمام ولأن الرؤية " le regard " تدفع الذات إلى الخجل والى الهروب من العالم والانحصار داخل حدود الذات .
03 – التواصل عند غابريل مارسيل :
انفراد الأنا بالوجود حسب هذا الفيلسوف ما هي إلاّ نتيجة للتمييز بين الفرد والموضوع ، فهي ترسم دائرة الانفراد لأنها تعزل الغير في الخارج داخل دائرة أشكلها أنا بنفسي ، فعندما أعامل الغير مثل الأنت وليس مثل الهو فإن ذلك يزيدني انفرادا بالنسبة إلى هذا الغير ، وعندما أعامله كـ هو فإنني أختزل الغير في شيء يتحرك هكذا ، وعلى العكس من ذلك عندما أعامله كـ أنت أراه وأمسكه كحرية ، لأنه حرية وليس طبيعة أو شيئا ، لهذا فمعرفتي بالغير مرتبطة بمقدار تفتحي عليه .
** الطرح المجرد والممارسة العملية :
إن الاشتغال بطرح العلاقات المجردة بين الأنا والغير طرحا فلسفيا خالصا برغم قيمتها الفكرية ،إلاّ أنها من الناحية الواقعية والعملية قد تكون في أكثر الأحيان غير مجدية ، لذلك ينبغي تجاوز الطرح المجرد لمشكلة الأنا والغير والشروع في إيجاد القواعد والأطر العملية والممارستية للتواصل الحقيقي بين الأنا والغير .
• الانطلاق من قاعدة كلية موحدة مفادها " الإقرار بالغير شبيها لنا "
• تأكيد مبدأ التعادل والتساوي في الاعتبار بين الأنا والغير
• تفعيل ذلك من خلال جملية من القيم الأخلاقية والإنسانية مثل الحب والصداقة والإحسان والتسامح ، والتواصل والحوار ، ونشر ثقافة التعايش مع الغير ، وخلق أسباب التنافس والنزيه ، الوقوف ضد أوجه التنافر والصراع والعنف .












قديم 2011-05-27, 11:05   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
اسلامي سر حياتي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية اسلامي سر حياتي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفضلي هذا مايخص الشعور:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

المادة : فلسفة
الإشكالية 04 : الحياة بين التنافر والتجاذب .
المشكلة 01 : الشعور بالأنا والشعور بالغير .

طرح المشكلة :
إن التعايش الاجتماعي يقتضي ضرورة تشكيل نسيج من العلاقات بين الأفراد ، يحكمها التفاعل العقلاني ،تأثيرا و تأثر ،تنافر وتجاذب ... كلا يسعى للتعبير عن ذاته وإثبات وجودها وتميزها عن غيرها ، هذه المسألة طرحة مشكلة إدراك الذات وعلاقة الغير في ذلك . فهل الوعي بالذات كاف لتحقيق الوجود الذاتي ؟ أو بعبارة أخرى كيف نصل إلى تحقيق الأنا الذاتي ؟ هل هو متوقف على وعي الذات لذاتها أم على معرفة الغير " المغايرة ؟

ملاحظة وضعية مشكلة والتعليق عليها :
- وضعيات مشكلة تتناول : كيفية الحكم بالمماثلة ، الطريق إلى معرفة الغير
- التعليق عليها أنظر الكتاب المرسي


التمييز بين الأنا ، الذات والغير :
معنى الأنا :
- لغة : ضمير المتكلم
- اصطلاحا : يطلق على النفس المدركة ، قال ابن سينا " المراد بالنفس ما يشير إليه كل أحد بقوله أنا "
• الإحساس بعملية التفكير وإدراك المحيط " الآخر " أي الذات المفكرة العارفة لنفسها في مقابل
الموضوعات التي تمتاز عنها .
• الأنا عند الوجوديين " جوهر حقيقي ثابت يحمل الأعراض التي يتألف منها الشعور الواقعي "
• أو هو :" الحقيقة الثابتة التي تعد أساسا للأحوال والتغيرات النفسية
• المعنى النفسي والأخلاقي : تشير كلمة أنا في الفلسفة التجريبية إلى الشعور الفردي الواقعي ، فهي إذن تطلق على موجود تنسب إليه جميع الأحوال الشعورية كقول كوندياك عند الكلام على التمثال : الأنا هي شعوره – أي شعور التمثال – بما هو وبما كان "
• المعنى المنطقي : تدل كلمة الأنا على المدرك من حيث أن وحدته وهويته شرطان ضروريان يتضمنان تركيب مختلف عن الذي في الحدس وارتباط التصورات بما في الذهن .
معنى الذات :
لغة : الذات النفس والشخص ، يقال ذات الشيء نفسه وعينه
اصطلاحا :
- الذات ما يقوم بنفسه ويقابله العرض ، بمعنى ما لا يقوم بنفسه ، والذات يطلق على باطن الشيء وحقيقته
- يطلق لفظ الذات على الماهية ، بمعنى ما به الشيء هو هو ويراد به حقيقة الشيء ويقابله الوجود
* الذات في المنطق : تطلق على جميع المقومات التي تحدد مفهوم الشيء ومنه الذاتي وهو ما يخص الشيء ويميزه وبين الذاتي والعرضي بهذا المعنى تضاد .
معنى الغير :
لغة : المخالف والمعارض
يقدم " لسان العرب " لابن منظور تحديدا لغويا للغير حيث الغير مشتق من التغير وتغايرت الأشياء أي اختلفت، تحديد يكرس نفس الفهم المتداول على اعتبار أن الآخر أو الغير هو المخالف والمباين. أما معجم روبير فالأخر يتحدد بكونه " من ليس نفس الشخص " . غير أن هذا التحديد السلبي للأخر باعتباره المغاير والمختلف عن الأنا يبقى تحديدا مجردا غير ملموس، لا يشير إلى فرد بعينه أو جماعة معينة حيث يتم حصر الأخر في الغريب ، المغاير ، البعيد ، الأجنبي وكل من لا يشاركني نفس الهوية، وتتحدد علاقة الذات بالأخر وفق معيار العلاقة القائمة بينهما ونظرة أحدهما للأخر ، قد تأخذ هذه العلاقة طابعا صراعيا ( العنف ، السخرية ، الميز العنصري ، التطرف الديني ، التعصب العرقي ، الصراع الاجتماعي )
المعنى الفلسفي الآخر والغير يتحدد على نحو دقيق على اعتبار أن الغير هو الأنا الذي ليس أنا، كما حدد ذلك سارتر، وقد يكون تعريف الغير مسألة غير ممكنة وفق التحديد الارسطي حيث أن الشيء أما أن يكون مطابقا لذاته أو مخالفا لها .
الــــوعــي وتـشــكــل الــذات :

يمتاز الإنسان بالوعي الذي يميزه عن غيره وبه يدرك أن موجود وأن العلم من حوله موجود كذلك ، وعي يصاحبه مادام حي ، ومن هنا لا يخرج الوعي أن يكون وعيا بالذات أو وعيا وبالموضوع ، وبالشعور يتحقق الكائن الواعي كوجود في العالم وهذا هو مضمون الكوجيتو الديكارتي " أنا أفكر إذن أنا موجود " فكيف وصل إليه ؟
تصور ديكارت :
ممارسة الشك يعني اخذ مسافة بين الذات والأخر، وبين الذات وباقي الموضوعات، فالذات بوصفها ذات مفكرة لها الثقة العمياء في قدرتها العقلية والتأملية لفهم والسيطرة على كل ما يوجد خارجا عنها [ OBJET ] وتمثله بشكل شفاف ويقيني، حيث تصبح الذات العاقلة باعتبارها نورا فطريا وإدراكا هو الأساس التي تتم على أساسه معرفة الأشياء الخارجية فيما فيها الآخرأطروحة ديكارت R. Descartes
سبقت الإشارة أن فلسفة ديكارت شكلت الانعطافة في مسيرة الفلسفة الإنسانية حيث اعتبرها هيدجر الأرض الصلبة le sol fermé الذي ستؤسس عليه الفلسفة الحديثة بنيانها ، الأرض الصلبة لن تكون إلا الذات المفكرة le sujet pensant وبالتالي سيكون الكوجيطو " أنا أفكر أنا موجود " je pense , je suis " الأساس المتين والحقيقة اليقينية الأولى لبناء الفلسفة الحديثة على أساس الذات الفردية من خلال الانطلاق من وعي الذات لذاتها كلحظة يقينية ودون وساطات من أحد، فالذات قادرة على معرفة ذاتها تجسيدا " لمبدأ الكوجيطو وعلى اعتباره أنه تعبير عن فعل الوعي الذاتي كنشاط حدسي.
فإثبات حقيقـة الذات المفكرة تمر عبر تجربة الشك Doute ، الشك الـذي يقـود إلى اليقين، الشك حتى في المسلمات، حتى تصل الذات إلى الحقيقة اليقينية الأولى التي لا تقبل الشك وفي حقيقة الوجود المفكر (الأنا المفكر) واعتبارها الحقيقة التي تفرض نفسها على الفكر والعقل ببداهة ووضوح ، ومن ثم يكون وجود الأنا المفكر مستقل عن وجود الغير، لذا يصبح وجود الغير متوقفا على حكم العقل والاحتكام إلى نور العقل باعتباره الضمانة الوحيدة الموصلة لحقيقة دون الاعتماد على الحواس أو الملاحظة للإثبات وجود الغير، لأنها كثيرا ما تخطئ وتخدع يقينية العقل وخداع الحواس لذا يقرر ديكارت أن معرفة الغير أو الآخر هي معرفة عقلية ومتوقفة على شهادة
العقل شهادة الحواس .
ديكارت يدشن مرحلة وحدانية الذات Le solipsisme ( أنا وحدي موجود) حيث كل ذات تعتبر ذاتها حقيقة مكتفية بذاتها ، وتملك يقين وجودها بشكل فردي عبر آلية التفكير ، فالإنسان يعي ذاته بذاته دون الحاجة إلى وساطات الغير حتى ولو كان هذا الغيرمشابها لي .
الذات في التصور الديكارتي منعزلة عزلة مطلقة لا تثبت غيرها ولا تحتاج لا حد أن يثبتها لكن إلى أي مدى ستبقى الذات تعيش في الاستقلال بطولي عن الآخرين ، أليست الذات في حاجة إلى الآخر لإثبات ذاتها، ألا يمكن الحديث عن الذات الجماعية بدل الذات
الفردية ، الحديث عن نحن بدل الحديث عن الأنا .
يؤسس ديكارت لتجربة جديدة ، تجربة الذات العارفة التي تمنح للأشياء وجودها أو إلغائه، فوجود الأشياء مرتبط بتجربة التفكير والوعي وممارسة الشك كعملية عقلية، الشك ممارسة ذاتية لا تمارس بالنيابة يعني أن ما يتم تأكيده هو وجود الذات المفكرة وفق مبدأ الكوجيطو أنا أفكر إذن أنا موجود الأخر فهو جازا وممكن مادام فعل التفكير لا يمارس بالنيابة نيابة عن الأخر لذا فوجوده يتحدد وفق منطق الاستدلال بالمماثلة مادام يشبهني فهو موجود يأكد ديكارت لو نظرنا إلى الناس من نافذة وهم يتحركون في الشارع فماذا نرى أكثر من المعاطف والقبعات التي تكسوا أشباحا أو ناسا باهتين يتحركون بواسطة دوالب ، فجوهر الذات هو الفكر الذي لا يتحقق إلا بممارسة تأملية خاصة، إذن فوجود الآخر جائر ذو صبغة افتراضية .
وقد أكد الفيلسوف الفرنسي مين ديبران الأمر بقوله : " قبل أي شعور بالشيء فلا بد من أن الذات وُجود " ويقول أيضا " إن الشعور يستمد إلى التمييز بين الذات الشاعرة والموضوع المشعور به "
ويرى هوسرل زعيم الفلسفة الظواهرية " أن الشعور هو دائما شعور بشيء " وهذا يقتضي أن تكون الذات الشاعرة واعية لذاتها حتى يمكنها أن تعي الأشياء والموضوعات .
* وعليه يمكن القول أنه كلما كان الوعي بالذات أكثر كلما كان كانت الذات أو الأنا أكثر تحقيقا لنفسها وتأكيدا لوجودها وكيانها ، وأكثر معرفة بفعاليتها وانفعالاتها ، ونقاط قوتها وضعفها .

نقد
لقد وجهة انتقادات عدة لهذا التصور عن الوعي يمكن حصرها في النقاط التالية :
01- الشعور حسب التصور الديكارتي قلعة داخلية حيث يعيش الإنسان منعزلا ، أما باقي العالم فهو بالنسبة إلى هذا الأنا كخشبة المسرح وهذه القلعة ليست حقيقية وإنما هي كما يقول غوسدروف ": مجرد خيال وإنتاج لأوهام لا تعرف بنية الفكر الحي ذاتها وليس للشعور مضمون داخلي فهو في حد ذاته فراغ ".
02 – إن وعي الذات لذاتها أو ما يسمى بالاستبطان عند علماء النفس أمر مستحيل لأن الذات واحدة ، ولا يمكنها أن تشاهدها ذاتها بذاتها أو ملاحظ وموضوع الملاحظة ، لأن الشعور هو دائما شعور بشيء، ولأن المعرفة تفترض وجود العارف وموضوع المعرفة ونخلص من ذلك أن شعور الذات بذاتها أمر لا أمل في تحقيقه
03 – إن الشعور كمؤسس للأنا مصدر خداع ، فقد يكون مجرد انطباع ، ثم هل الشعور قادر على معرفة اللاشعور الذي يخفيه ويختفي وراءه حتى تتحقق معرفة الذات لذاتها ؟
04 – هنا نجد أفلاطون يتساءل قديما حول هذه الحقيقة " الشعور أساس الوجود " في أسطورة الكهف معتبرا ما يقدمه لنا وعينا ما هو إلاّ ظلال وخلفها تختفي أو تختبئ حقيقتنا كموجودات .
05 – اعترض سبينوزا على تحديد ديكارت ووصف الشعور بالوهم والمغالطة ، فاعتقاد الناس بحرية تصرفاتهم ظن خاطئ لعدم وعيهم بسلطان رغباتهم وشهواتهم ، وأنهم لا يعلمون شيئا عن الأسباب المتحكمة في شعورهم الموجه له : إن السكير كما قال يتوهم أن يتحدث بأمر حر صادر عن ذهنه عن تلك الأمور التي كان يؤدي في صحوه ألا يقول عنها شيء ، ولكنه في الواقع تحت تأثير الخمر .
06 – لقد فرويد أن أفكارنا وردودنا المختلفة ما هي إلاّ نتاج تربية أكرهنا عليها المجتمع والعائلة ، كما قد يكون هذا الوعي بفعل تأثير لا شعوري ، فالوعي وحده ليس هو المحدد لذات الإنسان وأن هذه الذات محصلة ظواهر لا يستطيع الوعي تفسيرها ، إننا لسنا كما نشعر بل وما نشعر به ما هو إلاّ قناع تختبئ وراءه حقيقة ذاتنا .
لكن هذا التفسير لم يحدد لنا حقيقة الذات العارفة ، كما أن الفرد يدرك ذاته في بعض الأحيان من خلال الغير الذي يواجهنا ويدفعنا إلى التفكير في أنفسنا .
التباين الموجود بين هذه المواقف حول مسألة الشعور بالذات ، ويؤكد صعبة التمكن من معرفة ذواتنا على حقيقتها إلاّ أن الوعي يبقى الدعامة والشرط الأساسي في كل معرفة مادام في مواجهة مع غيري أي خارجا عني ، وهنا طرحت مشكلة أخرى هي هل باستطاعة الأنا العارف لذاته أن يتعرف على الأنا الآخر ؟ ّ
ثالثا : معرفة الذات بين المغايرة والتناقض :
أ – معرفة الذات تقوم على التقابل والمغايرة :
كل معرفة تقوم على فعل الفكر المتجه نحوى موضوع ما مهما كانت طبيعته ، وهذا الفعل القائم على التحليل والفحص والتركيب ،والاستدلال يتضمن تقابل في جميع الأحوال مع الذات ، فالموضوع منفصل عنها ومعناه متباين معها ،وهذا يعمق من تمايز الذات مع غيرها ، إن الذات تتعرف على نفسها مباشرة بوعيه المتمتع بالإرادة وبالقصد والحرية والفاعلية ، كما أنها تتجلى لنفسها على أنه فردية مميزة عندما تقابل الآخر وتتبلور في وجود خاص ، ومثل هذه المعرفة تقتضي وجود الآخر والوعي به والاعتراف به ، هذا الطرح قال به الفلاسفة العقليون ، ويتمثل عندهم أساسا في أن الإنسان يستطيع بعقله عزل الموضوعات والأشياء والأشخاص أو غيرها ، وأن يتناولها بالفحص والنظر والتدقيق لينتهي بعد هذا الفعل إلى تمييزها عن بعضها من خلال كيفياتها ، ويحقق لها بذلك هويتها المميزة لها . مثل تميز أنصار الفريق الرياضي عن غيره من الأنصار بطريقة التشجيع .
هذا التصور العقلي قائم على فكرة المقابلة أو المقارنة التي يقوم بها العقل من خلال تحديد أوجه الشبه والاختلاف فاشعور لا يمكن أن يقع له الإدراك وهو مستقل تماما عن الأشياء أو الموضوعات المشعور بها ، وعلى هذا النحو تحصل لهذه الكيفيات مدلولاتها ، ويحصل الإحساس بالتماثل بيننا وبين الآخر .
وعلى هذا فوجود الآخر والشعور به متوقفا على ما تقوم به االذات الفردية " الأنا " من أفعال باتجاهه ، وهذه الذات تتعرف على العالم وعلى الغير بالعقل .
ب – معرفة الذات تتوقف على تأسيس التناقض :
يعتبر الفيلسوف الألماني فريدريك هيجل أن الغير أو الآخر ضروريا لوجود الوعي بالذات ، والأنا لا يكون أنا إلاّ بالعلاقة مع الغير الذي هو في الوقت نفسه مكون له وفاعل ، وليس مجرد وجود جائز ، فعن طريق المقابل لي أتعرف على أناي ، وهذا الأنا الذي هو أناي ليس له من معنى إلاّ لأنه ليس الآخر ، وأن كل معرفة لذاتها تتطلب الاعتراف بها من طرف الآخر ، ويمكن بيان أطروحته على الصورة التالية :
إن إدراك الآخر يتحدد من خلال الاتصال به وهو اتصال تماثل العلاقة التي تربط الأنا بالآخر ، وهذه العلاقة هي علاقة تناقض يحصل عنها وعي الذات ووعي ذات الآخر ، وهذا ما يتجلى في جدلية هيجل القائمة بين العبد والسيد .فالسيد والعبد شخصان أحدهما ارتفع عن الأشياء المادية ، وألحق وجوده بالآخر الذي هو العبد ، ولم يخاطر العبد بنفسه ولم يضح بها ، استغل السيد هذا الوضع فكان أن نشأ عنه صراع ، والسيد ينتصر فيصبح بذلك المالك والحر ، وفي هذه الحالة تنشا بين الاثنين علاقة ، فالسيد لا يقتل خصمه بل يحتفظ به ككيان لسيادته وآدات لتحقيق مآربه ، أما العبد فمن خلال العمل الذي يسخره إليه سيده يدرك في قرارات نفسه أن يؤثر في الموضوعات والأشياء ، ينفذ إلى أعماقه ويشكلها كما يريد ، هذا الصراع يؤدي إلى أن يدرك كلا منهما أناه وفي الوقت نفسه يدرك الآخر .
ومن هذه الجدلية يظهر الأنا والآخر في صورة موضوعين مستقلين يقفان وجها لوجه ن وأن وعييهما يتحدان من خلال أن كلا منهما يثبت ذاته لنفسه كما يثبته للآخر بواسطة الصراع من اجل الحياة أو الموت ، وبالتالي يصبح الشعور بالأنا يقوم مقابل الشعور بالغير .
لكن كيف للغير أن يعرف ذاته إذا كانت معرفة الأنا تمر من خلاله ؟
تتم دون أن يتحرر الأنا عن الآخر أو يعزل نفسه عنه ، لهذا عليه أن يعيه من أجل التغلب عليه ، وأن يضعه في ذاته دون أن يفقد نفسه فيه ، وهذا التحرر من الغير دليل على ضرورة وجوده ومقابلته حتى يتم له وعيه أولا بذاته والذي ينتج عنه ثانيا إدراك الآخر .
نقد للتصورين :
إن الصراع ليس مفهوما أخلاقيا في العلاقات بين الناس وخاصة إذا تحول إلى عنف ، فقد نختلف في مواقفنا ولا نتفق على رأي من الآراء وقد تتنوع مللنا ومعتقداتنا ، لكن هذا ليس مبرر للتناحر على البقاء والغلبة ، كما أن ربط معرفة الذات الآخر لا يعني فقدانه لحريته ، فالغير موضوع لا يتضمن سلب معانيه ، بل يجب التواصل معه يقول لحبابي ": إن معرفة الذات تكمن في أن يرضى الشخص بذاته كما هو ضمن هذه العلاقة النا كجزء من النحن في العالم ." .
رابعا : التواصل مع الغير يؤسس المعرفة بالذات .
أ- الحذر من طمس الغير :
يمكن تحقيق التواصل مع الغير من دون تنافر عن طريق الوعي بالمماثلة والإحساس المشترك ، وعن طريق اللغة والنظر لأن هذا الشعور لا ينطوي على نفسه ، وهنا يعتبر برغسون أن بذل جهد على مستوى الحدس يمكننا من التموقع داخل شخصية الآخر ، وأن الإتصال الحقيقي بالغير حسب تصور ميرلوبونتي : أن العلاقة المعرفية المتأزمة والصراعية بين الذات والآخر ليست هي العلاقة الوحيدة والممكنة، وبسبب هذه الأزمة هو نظرتها للآخر من زاوية العقل والفكر والحساب القائم على التجريد والتقسيم .
لذا يؤكد بونتي أن معرفة الغير تقتضي مني التعاطف معه ، لان الآخر وعي لا أستطيع معرفته إلا إذا اعتبرته ذات إنسانية يحس ويفكر ويعي مما يعني قناة معرفته تكون عبر التعاطف معه ومشاركته في أحاسيسه والتفاعل معه في دائرة ما هو إنساني ، فلكي اعرف وأتعرف على الآخر علي أولا معرفة ذاتي لكي اعي الآخرين . فمعرفة الآخرين عن طريق العقل معناه إفقار وجودهم وتشيئهم يحدد بونتي نظرة جديدة لمعرفة الآخر، أو بالأحرى التعرف عليه ليس من قناة المعرفة وإنما عن طريق التواصل والتفاعل والمشاركة الحية من خلال الانفتاح على الغير،لان العالم ليس هو ما أفكر فيه ، لكن هو ما أعيشه .
ب - التواصل عند سارتر
01 – لقد اعتبر سارتر الآخر مقوما أساسيا مكوننا للأنا والوعي به ، والنقطة الأساسية عنده تتمثل في الصلة بين الذات والغير " وجود الآخر شرط لوجودي وشرط لمعرفة نفسي ، وعلى ذلك يصبح اكتشافي لدواخلي اكتشافا للآخر" والغير هو إنسان وليس شيئا ، وهو حقيقة مطلقة موجودة ، تنكشف وتتجلى كما تظهر ، وهذا الإنسان ليس شيئا بل هو كائن تنتظم حوله الأشياء في العالم " الإنسان الآخر " ينظر إليّ وباستمرار ، وفي ذلك إمكانية تحولي بالنسبة إليه إلى موضوع ، وهو موضوع أصبح موجودا للغير .
02 – أنا أفكر : الوعي والمواجهة .
أخذ سارتر بالفكرة التي انطلق منها ديكارت "أنا أفكر فإذن أنا موجود " وبعد أن حددها متجاوزا الفردية الذاتية الخالصة أضحت عنده حقيقة مطلقة يندفع إليها الوجدان ليعي نفسه ويعي بالتالي وجوده ،بل ويعي الآخرين فالأنا أفكر لا تجعلني أعي نفسي ... ولكنها تجعلني أعي نفسي مواجها للآخرين ، وتجعل الأخر حقيقة أكيدة لي ، ووعي له لا يقل قوة عن وعيي لنفسي " ، وما دام هناك كونية للإنسان نابعة من اختياره الحر لنفسه ، ومن فهمه لمشروعه وليست معطاة ، وما دام انها تتكون وتتطور فهي تمكنني من فهم كل رجل من أية حقبة تاريخية كانت ، فكل إنسان يحي مشروعه ويعيشه ، وأنه يستطيع أن يذهب بخياله إلى حدود مشروع الآخر ويحياه ، وبالتالي إدراك الذات لا يتم إلاّ من خلال الغير ، حالة الخجل مثلا حين يكون الإنسان وحيدا في حديقة ويتصرف بشكل طبيعي باعتباره مركز العالم ، لكن بمجرد لا يكتشف فردا أخر يراقبه يحس بالخجل ، إذن فالذات اكتشفت خجلها بسبب وجود الآخر ، وليس لعامل نفسي وذاتي ، فالذات في حاجة إلى الأخر لتعرف نفسها "
فعن طريق الرؤية ينكشف الغير لأن وراء نظرته ذات تحكم وتفكر وحين تحكم الذات عن الأخر تحوله إلى موضوع ، حيث كل واحد يحول الآخر ويشيئه بواسطة الرؤية ، لذا فالوعي بالذات عند سارتر يتحدد وفق معيار التمايز عن الآخر، لان خصوصية كل وعي تتحدد بقدرته على اخذ المسافة " se distancier " والتراجع أمامه " prendre recul " وعدم الالتصاق به " décoller se " فظهور الآخر أمام الذات يعني تحويله إلى موضوع ، هذه هي اللحظة الأولى للنفي المتبادل ، الذات تنفي الغير ، والغير ينفي الذات ، النفي يعني تحويل آخر إلى موضوع ، حيث كل طرف يريد أن يشغل مركز العالم ومحطة الاهتمام ولأن الرؤية " le regard " تدفع الذات إلى الخجل والى الهروب من العالم والانحصار داخل حدود الذات .
03 – التواصل عند غابريل مارسيل :
انفراد الأنا بالوجود حسب هذا الفيلسوف ما هي إلاّ نتيجة للتمييز بين الفرد والموضوع ، فهي ترسم دائرة الانفراد لأنها تعزل الغير في الخارج داخل دائرة أشكلها أنا بنفسي ، فعندما أعامل الغير مثل الأنت وليس مثل الهو فإن ذلك يزيدني انفرادا بالنسبة إلى هذا الغير ، وعندما أعامله كـ هو فإنني أختزل الغير في شيء يتحرك هكذا ، وعلى العكس من ذلك عندما أعامله كـ أنت أراه وأمسكه كحرية ، لأنه حرية وليس طبيعة أو شيئا ، لهذا فمعرفتي بالغير مرتبطة بمقدار تفتحي عليه .
** الطرح المجرد والممارسة العملية :
إن الاشتغال بطرح العلاقات المجردة بين الأنا والغير طرحا فلسفيا خالصا برغم قيمتها الفكرية ،إلاّ أنها من الناحية الواقعية والعملية قد تكون في أكثر الأحيان غير مجدية ، لذلك ينبغي تجاوز الطرح المجرد لمشكلة الأنا والغير والشروع في إيجاد القواعد والأطر العملية والممارستية للتواصل الحقيقي بين الأنا والغير .
• الانطلاق من قاعدة كلية موحدة مفادها " الإقرار بالغير شبيها لنا "
• تأكيد مبدأ التعادل والتساوي في الاعتبار بين الأنا والغير
• تفعيل ذلك من خلال جملية من القيم الأخلاقية والإنسانية مثل الحب والصداقة والإحسان والتسامح ، والتواصل والحوار ، ونشر ثقافة التعايش مع الغير ، وخلق أسباب التنافس والنزيه ، الوقوف ضد أوجه التنافر والصراع والعنف .












قديم 2011-05-27, 11:08   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
اسلامي سر حياتي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية اسلامي سر حياتي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وهذا فيما يخص الحرية:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الحرية والمسؤولية
عندما ندخل لقسم ما ونجد نافذة محطمة فإننا نتجه باهتمامنا إلى البحث عن الفاعل ، والشيء نفسه في جميع الأحداث مهما كان نوعها ، لكن لماذا هذا الاهتمام ؟ مما لا شك فيه أن الهدف هو تحميل الفاعل المسؤولية ، الشيء الذي يثبت أن وجود المسؤولية يستلزم فعل نضعه على عاتق شخص ما لأنه تسبب في حدوثه ، وكان في مقدوره عدم القيام به ، وقد يتسع مجال المسؤولية ليشمل كل من هو تحت مسؤوليته ، لكن هل مجرد قيام الفرد بالفعل تترتب عنه المسؤولية ؟ ، إننا لسنا مسؤولين إلاّ عن الأفعال التي نقوم بها ، أي الأفعال التي نعدها أفعالنا بحق ونحن على يقين بأننا قمنا بها عن قناعة وحرية ، هذه العملية طرحت مسألة أيهما مصدرا للآخر الحرية أم المسؤولية ؟. وهل المشكلة متعلقة الحرية أم المسؤولية ؟ .
أولا : المشكلة مرتبطة بالحرية باعتبارها شرط لا في المشروط " المسؤولية "
الحديث عن المسؤولية لا يستقيم إلاّ بوجود الحرية ، لكن السؤال المطروح هل حقيقة الإنسان حر أم مقيد ؟
للإجابة على هذا التساؤول نستعرض الآراء التي تتناول هذه المسألة .
01 – اثبات الحرية :
الحرية مبدأ مطلق لا يفارق الإنسان ، وهو أزلي يتخطى مجال الدوافع الموضوعية والذاتية على حد سواء ويتمثل تارة في قرار الإنسان قبل نزوله إلى الأرض ، وتارة في شعوره بالحرية أو كونه صاحب إرادة وقرار ، وتارة في أعماق النفس وطبيعة الذات الوجودية .
الحرية الانسانية مطلقة لأن الله بريء من أفعال البشر التي اختاروها بمحض إرادتهم ، وهذا ما أكد عليه أفلاطون من خلال أسطورته المرتبطة بالجندي " آر " وهذا ملخصها :" إن آر الجندي الذي استشهد في ساحة الشرف يعود إلى الحياة من جديد بصورة لا تخلو من المعجزات ، فيروي ويصف لأصدقائه الأشياء التي تمكن من رؤيتها في الجحيم حيث أن الأموات يطالبون بأن يختاروا بمحض حريتهم مصيرا جديدا لتقمصهم القادم ، وبعد ذلك يشربون من نهر النسيان " ليثه " léthé ثم يعودون إلى الأرض ، وفي الأرض يكونون قد نسو بأنهم هم الذين اختاروا مصيرهم ويأخذون في اتهام القضاء والقدر ." وهذا دليل على أن الفرد هو الذي يتحمل المسؤولية وليس الله لأن هذا الأخير بعيدا عن أفعال العباد الإرادية لأنه بريء . وفي هذا الاتجاه يؤكد كانط أن الحرية علية معقولة متعالية ومفارقة للزمن وليس بدعة أن يكون الإنسان حرا و مسؤولا ما دام اختياره الأصلي إنما يتحقق في عالم مطلق معقول ، لا يخضع بأي حال لقيود الزمن ، وإن صاحب السوء هو الذي قد يكون اختار بكل حرية تصرفه منذ الأزل بقطع النظر عن الزمن أو الطباع ، فالشرور الفاشية في العالم إنما هي نتيجة حرية الاختيار
ويذهب المعتزلة بزعامة واصل بن عطاء إلى أن شعور المرء أو إرادته هي العلة الأولى لجميع أفعاله مستدلين على ذلك بحجج عقلية وأخرى نقلية ، فالدليل العقلي يتمثل في أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعي بالقدرة الإقدام أو الإحجام على فعل أمر ، ومما يؤكد هذا الأمر أن الإنسان يفرق بين الأفعال التي يقوم بها كأن يطالع أو يكتب أو بين الأفعال التي تجري عليه كرها كإرغامه على القيام بعمل ما تقول المعتزلة :" إن الإنسان يحس من نفسه وقوع الفعل على حسب الواعي والصوارف فإذا أراد الحركة تحرك ، وإذا أراد السكون سكن ."، ولهذا فإن التكليف مرتبط بالوعي ، ولما وجد الوعي وجد التكليف وعلى هذا فإنه سيحاسب في الآخرة على الطاعة من جهة وعلى المعصية من جهة أخرى ، وهذا برهانا على كمال عدل الله . واعتمدوا كذلك في إثبات دعواهم على كثير من الآيات التي تنسب للإنسان الحرية كقوله في سورة الكهف آية 29 ": فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ." وقوله تعال في سورة الأعراف آية 23 :" ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين .". وفي السياق نفسه نجد الفيلسوف الفرنسي رونيه ديكارت حينما أكد على أن الحرية تدرك بطريقة مباشرة دون الاستدلال أو البرهان عليها يقول :" إن حرية إرادتنا يمكن أن نتعرف عليها بدون أدلة ، وذلك بالتجربة وحدها التي لدينا عنها ." وهنا نجد ديكارت يشبه الحرية بالأمور البديهية التي تعود عليها الفرد والتي يتقبلها مباشرة .
هذا ونجد برغسون يرى أن الحرية هي عين ديمومة الذات ، والفعل الحر يصدر في الواقع عن النفس بأجمعها وليس عن قوة معينة تضغط عليها ، أو عن دافع بالذات يتغلب على غيره ، والديمومة عبارة عن تغبر مستمر بحيث لا يمكن أن تتكرر حالتان متشابهتان تمام التشابه ، والعلة الباطنية العميقة تنتج معلولها مرة واحدة ، ولكنها لا تنتجه بعد ذلك أبدا لهذا فالحرية تدخل ضمن معطيات الشعور المباشر لا معطيات الحتمية العلمية التي يكشف عنها قانون العلية ، فالحرية ليست موضوع للتفكير أو التحليل يقول برغسون :" إن الفعل الحر ليس فعلا ناتجا عن التروي والتبصر ، وإنه ذلك الفعل الذي يتفجر من أعماق النفس ." هذا التصور البرغسوني يؤكد على أن الإنسان صانع أفعاله بحريته المطلقة دون الخضوع للتأثير الآلي المرتبط بمبدأ الحتمية .
ما يثبت أن الفرد حر حرية مطلقة هو أنه هو الذي يصنع هويته بنفسه ما دام لا يخضع لأي قوة أخرى ، هذا ما حاول أن يؤكد عليه جون بول سارت بقوله :" إن الإنسان لا يوجد أولا ليكون بعد ذلك حرا ، وإنما ليس ثمة فرق بين وجود الإنسان ووجوده حرا ." وهذا يثبت أن وجود الإنسان سابق لماهيته أي أنه كائن أولا ثم يصير بعد ذلك هذا أو ذاك لأنه مضطر للاختيار والمسؤولية .
وعليه نجد هذه التصورات تثبت الحرية بالنسبة للإنسان ،لذا يجب أن يتحمل المسؤولية الكاملة الناجمة عنها .
لكن القول بالحرية المطلقة تصور مبالغ فيه كثيرا ، كونه تجاوز قانون الكون لهذا أصبحت هذه التصورات السابقة مجرد وهم ، لأن الإرادة ليست تلك القوة السحرية التي تقول للشيء كن فيكون ،وتنفلت من كل مؤثر خارجي كان أو داخليا لأن العوامل الإجتماعية والرغبات اللاشعورية والتقلبات الجوية ، والمؤثرات البيولوجية لها تأثير على الإنسان لهذا فإن شعورنا بأننا أحرار مصدر انخداع وغرور لأن الشعور ظاهرة ذاتية متغيرة من شخص لآخر ، لهذا فلا يمكن أن نبني ما هو مطلق على ما هو متغير ، لذا فحرية برغسون هي حرية الفرد بمعزل عن الآخرين ، أما عن تصور سارتر فهو تصور متشائم ينفي القدرة الإلهية ، كما أنه بدلا من إثبات الحرية نفها بصورة غير مباشرة ،أما المعتزلة فجعلت من دور الدين ثانوي ما دام الفرد هو الذي يقوم بالفعل ، وبالتالي لا وجود للقضاء والقدر .
نفي الحرية :
ينفي بعض الفلاسفة الحرية عن الإنسان باسم الجبرية تارة والحتمية تارة أخرى .
أنصار الجبرية :
الحرية غير موجودة ما دامت أفعال البشر مقدرة عليهم من عند الله ، لهذا فإن الإنسان يخضع مثله مثل الكائنات الأخرى لضرورة متعالية هي القدرة الإلهية ، هذا ما حاول أن يؤكد عليه الجهمية بزعامة جهم بن صفوان ، فالله عز وجل خلق الإنسان وحدد أفعاله وسلوكاته بقدرته الكلية المطلقة ، ولهذا فالإنسان مجبر على أفعاله ولا إرادة له وعلى هذا الأساس تكون إرادتنا تابعة لنظام الكون ،فلا حول ولا قوة له لتجاوزه ، واختياره ما هو إلاّ وهم ، والأفعال تنسب للإنسان على سبيل المجاز فنقول تحرك الفرد ، وأثمرت الشجرة ،واستندوا في إثبات دعواهم على ما ورد في القرآن الكريم من الآيات التي يفيد ظاهرها التسخير ، من ذلك قوله تعال في سورة التكوير الآية 29 :" وما تشاءون إلا ّ أن يشاء الله رب العالمين."
نفي الحرية بإسم الحتمية :
الحتمية مبدأ عقلي علمي يقوم أساس على القول بأنه كلما توفرت نفس الشروط أدت إلى نفس النتائج ، وانطلاقا من هذا ذهب البعض إلى نفي الحرية باسم هذا المبدأ الذي يسري على جميع الظواهر سواء الطبيعية أو الإنسانية .وأهم هذه الحتميات يمكن حصره فيما يلي :
- الحتمية الحيوية " البيولوجية "
يرى أنصارها أن سلوك الإنسان يخضع إلى التغيرات الفيزيائية الكيميائية في الجسم ، ويستندون إلى بعض الحقائق العلمية منها أن كل واحد عند الولادة يكون حاملا لمعطيات وراثية تتعلق بالعتاد الكروموزومي الوراثي كالجنس " ذكر أو أنثى " والخصائص الأساسية للمزاج والتشويهات المختلفة أو الألم الجنيني الذي يحدث نتيجة لما يصيب تطور المضغة خلال الحمل .
الحتمية النفسية :
الظواهر النفسية ليست سوى مجرد أحداث كونية يمكن تحديدها وتفسيرها والتنبؤ بها إذا عرفنا شروطها ، وأسبابها وعللها القريبة أو البعيدة ، ومعنى هذا أن كل نشاط نفسي متوقف على الحالة التي سبقته سواء كان وجداني كالأهواء والرغبات ، أو إدراك وتذكر مما لا يدع مجالا للحرية ، ونجد هذا الزعم عند المدرسة السلوكية والتحليل النفسي ، فالأولى – المدرسة السلوكية – ترى أن أفعال الإنسان تعود أفعال المنعكس الشرطي التي تظهر في صورة مؤثر واستجابة ، وإذا ربطنا كل مؤثر باستجابة معينة أمكننا أن نتنبأ بالإستجابة ، ولنوضح هذه الفكرة بالمثال التالي : فضروب السلوك التي نواجه بها مؤثرات البيئة ما هي سوى منعكسات شرطية اكتسبت بالتجربة كالغضب يرجع مثلا إلى الشتم او تضييق الحرية .أما مدرسة التحليل النفسي بزعامة فرويد فترجع كل أفعال الإنسان إلى الرغبات المكبوتة في أعماق اللاشعور منذ عهد الطفولة وبالتالي لا فعل للفرد وإنما كل أفعاله تحددها طبعة الرغبات المكبوتة .
الحتمية الإجتماعية :
يعتقد بعض علماء الإجتماع بزعامة دوركايم أن الظواهر الإجتماعية تسير وفق قوانين ثابتة تخضع لمبدأ الحتمية كغيرها من الظواهر الطبيعية ، كعاداتنا وأفكارنا الناتجة عن التربية التي تلقيناها في الوسط الذي نعيش فيه ، والطبقة التي ننتمي إليها ، مما يجعل هذا الوسط يحدد أفعال الفرد يقول دوركايم :" إذا تكلم الضمير فينا فإن المجتمع هو الذي يتكلم ." وهذا يعني أن الفرد مقيد بما يوجد داخل المجتمع ، وبالتالي فشخصية الفرد هي شخصية الجماعة .
النقد :
لكن هل يمكن تصور الفرد دون عقل أو تفكير ؟ لهذا فإن هذا التصور مبالغ فيه لأن القول بالجبر فيه ظلم والله لا يتصف بهذه الصفة بل بالعدل ن فكيف نقول بالقضاء والقدر ثم نحاسب الفرد على الفعل في الآخرة ، كما أن القول بالحتمية لا يعني نفي الحرية لأنها قد تكون من أسباب التي تؤدي إلى النتائج ، كما أن نفي الشعور والإقرار باللاشعور جعل الإنسان والحيوان في نفس المرتبة ، إضافة لهذا كله نجد أن شخصية الفرد ليست شخصية الجماعة
الحرية الإنسانية موجودة لكن ضمن شروط هذا ما حاول أن يجسده ابن رشد حيث أكد أن الله منح العبد الإرادة ليصرف بها أمره ، وقدرة تمكنه من فعل الشيء وضده ، وفي هذا ما يبرر تحمل مسؤوليته ، إلاّ أن هذه القدرة والإرادة ليستا مطلقتين بل هما خاضعتان لأسباب داخلية كالغرائز والانفعالات والدوافع التي خلقها الله في الفرد ، وخارجية تتمثل في البيئة التي نحتك بها ونحتاج إليها وكل هذه الأشياء مقدرة عليه بقضاء الله وقدره ، وبالتالي الله خلق الإنسان وجعل له العقل ليميز به بين الأفعال لهذا سيتحمل نتيجة فعله أمام الله .
** من خلال تحليل المواقف السابقة نجد هناك تعارض في الآراء بين النافي للحرية والمؤيد لها لكن يمكن صياغة الإشكال التالي والذي يمكننا من صياغة المسألة صياغة أخرى : هل يسعى الإنسان إلى الحرية أم التحرر ؟
أو بعبارة أخرى هل القضية تتعلق بحرية الإنسان أم تتعلق بتحرره ؟
التحرر مرتبط بالعمل على تجاوز كل الإكراهات والقيود ، فالحرية والحتمية ضدان يمكن أن يصدقا أي الاعتراف بالحتمية والعمل للتحرر من منها . وهنا تعددت التصورات :
الماركسية ترى أن الحرية الحقيقية تنحصر في حركة تحرر الإنسان من قوانين الطبيعة ومن الطبقية ، فالتحرر من قوانين الطبيعة يتم وفق معرفة قوانينها والسيطرة عليها لتحقيق بعض الأهداف المعينة بطريقة ممنهجة ومرسومة ، فليس شك في أن حرية الإنسان قد تزايدت بتزايد معارفه العلمية ، وقدراته الفنية واختراعاته الآلية ، وفيما يخص التحرر من الطبقية فيتم بوعي الطبقة العاملة لاغترابها الاقتصادي من لدن الرأسماليين ، وإسقاطها لقيام مجتمع طبقي تحيا فيه حياة حرة من كل استغلال ، وهكذا يكون الوعي هو السبيل إلى التحرر سواء أكان ذلك على مستوى الطبيعة أم على مستوى المجتمع يقول إنجلز :"فالإنسان لم يكن يتميز عن الحيوان فإن سيطرته على نفسه وعلى الطبيعة لم تكن بعد قد تحققت ، وبالتالي فإن حظه لم يكن يزيد عن حظ الحيوان منها ، ولكن من المؤكد أن كل خطوة خطاها في سبيل الحضارة لم تكن سوى مرحلة من مراحل تحرره .".
وعليه فإن الحرية ليست سوى القدرة على التحكم في أنفسنا وفي العالم الخارجي الذي يحيط بنا .وهذا ما أكدت عليه الشخصانية ، فهي لا تعتبر الحرية مسألة ذاتية شعورية بل تعتبرها عملية تحرر مستمر ، وترى أن هناك عدة وجوه لتحرر الشخص الموجود في التاريخ ، والحاضر في الطبيعة ، فمن جهة أولى أن الشخص مدعو للتحرر من طبيعته البشرية ، وذلك بإعلان الرغبات والميول والأهواء وتجاوز أنانيته البيولوجية ، ومن جهة ثانية أنه مدعو للتحرر من كل حياة سهلة رخيصة يهبها له المجتمع مقابل استسلامه لقسره المجتمعي ، ومن جهة ثالثة على الشخص أن يتحرر من الضرورة الطبيعية بالاستقلال عنها يقول رائد هذا الاتجاه إيمانويل موني :" إن الحرية لا تكتسب بمضادات الطبيعة إنما تكتسب بالانتصار عليها وبها ." والواقع أن الحرية الشخصانية هي حريات أو عملية تحرر ماثلة في إسهامات الأشخاص السياسية والاقتصادية ، وفي محاربة الشخص لنزوات طبيعته البشرية .
النقد :
هذه النظرة حاولت أن تبين لنا أن الإنسان بالعلم والوسيلة يمكن له أن يتحرر من الحتميات التي هو خاضع لها ، إلاّ أن العلم الذي توصل له الفرد لم يمكنه من التحرر تحررا مطلقا ، لأن الفرد كلما تحرر من حتمية إلاّ ويجد نفسه أمام حتمية أخرى ، فبالعلم مثلا تمكن الإنسان من تسخير الطبيعة لخدمته وتلبية حاجياته البيولوجية ، وتحويل المواد من حالة صلبة مثلا إلى حالة سائلة ، لكن كثرة المصانع أدت إلى ارتفاع درجة الحرارة والتلوث ، وما ثقب طبقة الأوزون إلاّ مبررا على أن تحرر الفرد نسبي وليس مطلقا .
** إذن إذا كانت الحرية شرط للمسؤولية فكيف لنا أن نؤسس لها والحرية لم تثبت إثباتا مطلقا ، ورغم ذلك تبقى المسؤولية قائمة ويتحملها الفرد بوصفه إنسان .
ثانيا المسؤولية كمشروط تبرر وجود الحرية كشرط
نظرة تجعل من المسؤولية هي المبدأ والمنطلق الذي يجب إثباته وتبريره ، لأنه إذا وجدت المسؤولية ترتب عنها بالضرورة وجود الحرية ، أن الإنسان ما دام مسؤولا فهو حرا ، بمعنى المسؤولية كمشروط تصير تسبق الحرية كشرط . فكيف يمكن تبرير ذلك ؟
تعريف المسؤولية :
لغة : مصدر صناعي من اسم المفعول " مسؤول " المشتق من " سأل" ، وهي تعني أن الفرد مسؤول عن الأفعال التي قام بها في الماضي وخلفت وراءها أثارا .
إصطلاحا : تحمل الشخص ما يترتب عن أفعاله المخالفة للقانون مثل الغش والتزوير ، أي أن المسؤولية من حيث هي تبعة تتألف من ثلاث عناصر : مخالفة وضرر وعلاقة سببية بينهما .

شرطا المسؤولية :
الوعي : يقصد بالوعي القدرة على التمييز بين ما هو خير وما هو شر في الأفعال ، ومعرفة النتائج الحسنة في التصرفات والأعمال ، ولا يمكن لأي شخص أن يتوفر على هذا الشرط إلاّ إذا بلغ مرحلة النضج العقلي ، باعتباره علامة على اكتمال وظائفه العقلية ، بدليل أن من لم ينضج عقليا لا يميز كثيرا بين الأعمال الصالحة والأعمال الطالحة ولهذا رفعت المسؤولية عن الحيوان لأنه كائن غير عاقل ، وعن الطفل لأنه لم يبلغ سن الرشد ، وعن المجنون لأنه فقد وعيه ، فمن لا يدرك ما يعمل لا يسأل عما جنت يداه ، وهذا ما نص عليه الحديث النبوي الشريف " رفع القلم عن ثلاث : الصبي حتى يحتلم والمجنون حتى يعقل ، والنائم حتى يستيقظ ."
02 – الحرية :
إن الوعي في حد ذاته لا يكفي لقيام المسؤولية فقد تكون لدى الشخص القدرة على التمييز بين الخير والشر ، ولكن ليس في امكانه أن يحدث الفعل أو يمتنع ، أي غير قادر على الاختيار ، لهذا فالشعور بالمسؤولية مبنيا على الشعور بالحرية ، لذلك لا يكون الشخص مسؤولا إلاّ عن الأفعال الإرادية الحرة النابعة من ذاته العاقلة ، فإذا قام هذا الشخص بفعل تحت تأثير أو إكراه سواء داخليا كالمرض ، أو خارجيا كالوقوع تحت سلطة شخص آخر فإن هذا الشخص لا يعد مسؤولا ، لأن حرية الاختيار منعدمة ، ولا بد من التمييز هنا بين الإكراه والخطأ ن فقد يكون الشخص غير مكره لكنه يخطئ فيفعل ما لا يجب فعله ، وهو بذلك لا يتحمل المسؤولية من الناحية الأخلاقية لأنه فعل غير إرادي ، لكن العدالة على الرغم من ذلك تعاقبه وتحمله مسؤولية فعله ، وهذا حتى يحتاط الناس أكثركما هو الشأن في القتل الغير عمدي .
النتائج التي تترتب عن الفعل والتي يتحمل الفرد مسؤوليتها تختلف بحسب الضرر ، الشيء الذي أدى إلى تنوع المسؤولية بين الأخلاقية والإجتماعية .
أنواع المسؤولية :
المسؤولية الأخلاقية :
تتمثل في الشعور الداخلي بالتبعة ، أي فيما يترتب عن مخالفة القانون الأخلاقي ، كشعور التلميذ الذي يغش في الامتحان بأنه قام بفعل لا تأمر به الأخلاق ، أو التاجر الذي لا يفي بالكيل والميزان ، المسؤولية الأخلاقية تقوم أساسا على تأنيب الضمير باعتباره المحكمة الداخلية التي يخضع لها الفرد ، لأن المسؤول والسائل شخص واحد ،ومن هنا كانت المسؤولية الأخلاقية ذاتية ، وكان مدارها النية أو القصد ، وفي هذا السياق يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ."
المسؤولية الإجتماعية :
مسؤولية قانونية ناتجة عن الحياة الجماعية التي يعيشها الفرد ، وأساسها الضرر الذي يلحق بالغير سواء في شخصه أو ممتلكاته أو حياته ، وهي نوعان :
أ – المسؤولية المدنية :
تتولد عن المخالفات التي تلحق الضرر بممتلكات الغير بصفة عامة ، ومن ثمة كان تعويض الضرر محور العقوبة التي تفرضها المحكمة على الجاني ، وغالبا ما تكون مالية ، غير أن تبعة المسؤولية المدنية لا تقتصر على الفرد المسؤول ،بل يمكن أن تمتد إلى الأفراد الآخرين الذين هم تحت كفالته ، كالأبناء غير الراشدين والحيوانات ... إلخ .
ب – المسؤولية الجنائية :
تتولد عن الضرر الذي يلحق الغير من جراء خرق النظام العام ، أو الاعتداء على حقوق الآخرين ، ولكنها تختلف عن المدنية في نوعية العقوبة ، لأن الضرر هنا يتعلق بجريمة تهدد حياة الأفراد وممتلكاتهم ، ولهذا أخذت العقوبة شكل القصاص بدلا من التعويض ، فقد تكون الإعدام ، وقد تكون السجن المؤبد أو المؤقت ، وقد تجمع العقوبة بين القصاص والتعويض
** الفرق بين المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية لا يعني وجود تربط بينهما وتداخل ، لأن الأخلاقية كثيرا ما تؤثر في الاجتماعية بدليل أن العدالة تميز في أحكامها بين القتل المتعمد والغير متعمد ، لهذا تصبح للمسؤولية الاجتماعية أبعاد أخلاقية والعكس ، وهذا ما طرح مشكلة المسؤولية من زاوية أخرى وهي الجزاء بين النظرة العقلية المؤكدة لتحمل الفرد مسؤوليته ، والتصور الوضعي المؤكد على أن دور العقاب مرتبط بالإصلاح لا الردع .

التصور العقلي والديني

يذهب رجال الدين وفلاسفة الأخلاق إلى الإقرار بأن التكليف يسبق الحرية ويتقدمها ، ومن ثمة تبرير وجود المسؤولية كمشروط سابق عن الحرية مهما كان التكليف إلهيا أو تكليف أخلاقيا فنجد المعتزلة كفرقة كلامية بزعامة واصل بن عطاء تقر بأن مبدأ التكليف الإلهي للعباد يثبت لزوم الحرية ، وإلاّ كان عديم المعنى ولا بطل الوعد والوعيد وما فائدة العقاب الإلهي وإلاّ يصبح الله يتصف بالظلم ، يقول المعتزلة :" إن الإنسان لو لم يكن حرا لكان التكليف سفها ولبطل الوعد والوعيد والثواب والعقاب ، فلا يصح عقلا أن تقول لمن ليس حرا : افعل ولا تفعل ". وفي هذا السياق يستدل المعتزلة بالآية الكريمة :" لا يكلف الله نفسا إلاّ وسعها ." وبهذا نجد المعتزلة تثبت الحرية على أساس المسؤولية. وفي سياق الإلزام الأخلاقي يصرح كانط أن الواجب يتضمن الحرية لأن القيم الأخلاقية الحقيقية مرتبطة بالأوامر القطعية المجسدة في " أن تفعل كذا ..... ولا تفعل كذا .... " لهذا فالواجب كإلزام أخلاقي وتكليف هو الذي يسمح لنا بتصور امتلاك الإنسان للحرية ، وهنا يقول كانط :" إذا كان يجب عليك فأنت تستطيع ".
إذن الواجب الأخلاقي يسبق الحرية ويثبت وجودها ، وهذا ما دفع بالعديد من الفلاسفة العقليين إلى التأكيد على أن وجود المسؤولية يثبت الحرية بالنسبة للفرد ، ذلك أن هذا الأخير يتمتع بحرية كاملة في تصرفاته وأفعاله ، إذ بإمكانه أن يحدث الفعل من تلقاء نفسه أو يمتنع ، وبالتالي يستطيع أن يلتزم بقواعد القانون ويستطيع ايضا أن يتجاوزها ، وعندئذ يحمله القانون المسؤولية على الفعل الذي اختاره بإرادته ، فالعقوبة حسب التصور الكلاسيكي تبرز أخلاقيا لأنها مرتبطة أشد ارتباط بالقانون الأخلاقي يقول لايبنيتز :" هناك نوع من العدالة ليس له قطعا غرض التعديل ولا غرض المثل ولا حتى غرض إصلاح الشرور ن هذه العدالة لم تقم إلاّ على التوافق الذي يستلزم ضربا من الرضا في التفكير عن فعل سيء ."
ونفس الفكرة يعبر عنها مالبرانش في كتابه مقالة في الأخلاق بقوله : إن جزاء الاستحقاق وعقوبة الخطيئة يقتضيهما النظام الضروري للعدل ، وهو القانون الذي لا يجوز انتهاكه ونقضه لا من طرف العقول ولا حتى من طرف الإله نفسه " إن الذي يريد من الله ألاّ يعاقب الجور أو إدمان الخمر لا يحب الله ". وعليه يصبح دور العقاب حسب هذه النظرية يكمن في تأديب المجرم وردعه وحمله على معانات الإثم الذي اقترفه ، فيحس بخطيئته وهذا ما يجعله يفكر في إصلاح أمره لكي يعوض سلوكه المنحرف .
نقد :
هذه النظرية جعلت الحرية مطلقة لهذا يتحمل الفرد مسؤولية أفعاله ، لكن بالنظر إلى الحرية في أرض الواقع نجدها نسبية ، وبالتالي لا يمكن تأسيس شيء على أساس متغير .
النظرية الوضعية :

إن التطور الذي عرفته الدراسات الحديثة حول فكرة العقاب والاهتمام بها من طرف علماء النفس والاجتماع له أهمية في حياة الفرد ، فقد صار ينظر إلى العقوبة على أنها وسيلة لإصلاح المجرم والوقاية من الجريمة ، والتخفيف من حدتها ، ومن أبرز رواد هذه النظرية مؤسس علم الجريمة العالم الإيطالي سيزار لومبروزو وانريكو فيري وغيرهم عندما اعتبروا أن أسباب الجريمة موضوعية خارجة عن نطاق حرية الفرد ، لهذا كانت دراسة العقاب دراسة وضعية فلومبروزو اعتبر أن للمجرمين استعدادات فطرية ووراثية للجريمة وان تنوع الجرائم في المجتمع يعود إلى تنوع ميول هؤلاء الأفراد ، وأطلق عليها لومبروزو النقائص البيولوجية وهي في الغالب وراثية يزود بها المجرم منذ الولادة وعندما ستطيع العلم اكتشاف الأسباب بدقة يمكن للإنسان عندئذ ان يعالج السلوكات الإجرامية المرضية ويتنبأ بها، ومن وقسم لومبروزو المجرمين إلى أصناف أهمهم : المجرمين بالفطرة ، والمجرمين المجانين ، والمجرمين العادة ، والمجرمين بالصدفة ..
وإلى جانب هذه الفئة من المجرمين بالوراثة توجد فئة اكتسبت الجريمة عن طريق تأثير الظروف الإجتماعية وقساوتها أو فساد المجتمع ، هذا ما ذهب إليه فيري حين بين أن الظروف السيئة كالحرمان والفقر المدقع وغيرها تلعب دورا كبيرا في ظهور الجريمة وانتشارها في المجتمع ، فمجاورة الغنى الفاحش مثلا للفقر المدقع يدفع الفرد للسرقة .
ومن بين المدارس التي أكدة على عدم وجود الحرية ، وبالتالي لا يتحمل الفرد المسؤولية الكاملة مدرسة التحليل النفسي بزعامة الطبيب النمساوي سيغموند فرويد ، هذه المدرسة فسرت السلوكات الإجرامية بردها إلى قوى نفسية لاشعورية تتمثل في بعض الدوافع والميول ن والذكريات المكبوتة في لا شعور الإنسان منذ أيام الطفولة ، ويمكن تفسير الخروج عن القانون ومختلف أشكال التمرد والثورة كثورة ضد الأب الذي يمثل السلطة عند الطفل ، أي أنه شكل من أشكال إرضاء الغريزة العدوانية ورفض سلطة الأب القاهرة التي تمنع الطفل من إشباع رغباته كلها.
لهذا إذا أردنا أن نحمي المجتمع من تكرار الجريمة ينبغي الاهتمام بالمجرم من أجل الكشف عن الميل الذي كان وراء جريمته وتبعا لذلك يحدد الجزاء الملائم والذي يكون وسيلة علاجية للمجرم
النقد : لا يمكن نفي دور مختلف الدوافع في رفع المسؤولية عن الفرد لأنه غير حر ، لكن التطور العلمي لم يكشف لحد الآن عن الترابط الموجود بين الحتمية والجريمة ، الشيء الذي من شأنه أن يبقي على المسؤولية وبالتالي الحرية .


05
المسؤولية وعظمة الإنسان :

01 – عظمة الإنسان لأنه كائن القيم وحامل المسؤولية :
إن عظمة الإنسان تتجلى في أن الله تعالى خلقه وسواه ، وعدله ونفخ فيه من روحه الشريفة ، واسجد له الملائكة تكريما لشأنه ، وعظمة الإنسان تكمن في أنه أوتيا العقل وملكة الوعي ، بها يميز ويدرك وبها يحكم ، هذه الصفات تعطي لوجوده بعدا وقدرا ، وتثبت إنسانيته وتؤكدها ، وتسمو به إلى درجة خدمة المطلق والجهاد في سبيله ، كل هذا يثبت أنه كائن مسؤول وراع للمسؤولية ، لأنها خاصية جوهرية معبرة عن كيانه الإنساني ، وتبعات وجوده ، وتصبح الحرية مجرد شرط للمُسَاءَلَةِ عن تبعات الفعل وكيفية إثباته .
ولهذا ينظر إلى الطفل قبل سن الرشد على أنه يتحمل تبعات أفعاله ويسأل عنها ، ويوجه إلى الحسن والقبيح ، ويمدح عن الخير ويزجر عن الشر .
02 – عظمة الإنسان في كونه خليفة الله في الأرض :
تتجلى عظمة الإنسان في أن الله شرفه ورفع من قدره ، وحمله الأمانة والرسالة ، وجعله موضع التكليف واستخلفه في أرضه لينظر كيف يعمل اتجاه خالقه ، وتجاه ذاته ،وتجاه الغير والوجود من جهة حسن العمل أو الاساءة لذلك فهو مسؤول عما يفعل ، وفيما يختار .
03 – تسخير العلية العلمية والعلية الفلسفية :
إن عالم الظواهر والأشياء محكوم بعلية علمية تعبر عنها العلاقات السببية بين الظواهر في شكل علة ومعلول وعظمة الإنسان تظهر من خلال عمله واجتهاده لكشف هذه العلاقات العلية بين الظواهر وصياغتها في شكل قوانين وتسخيرها لصالحه وخدمته ككائن واع وفعال ومسؤول .
والعلية الفلسفية كمبدأ يهتم بالأبعاد المعنوية والميتافيزيقية للإنسان من حيث أفعاله وأنماط تفكيره ، وارتباطاته بالعلل الأولى ، كل ذلك يعبر عن عظمة الإنسان وتحمله المسؤولية بين ما هو مادي وما هو معنوي ، وقدرة الإنسان على تفسير العلل ، والتأثير فيها وكأنه الجوهر الذي تنتهي إليه كمسؤول يتحمل تبعات ما يفعل اتجاه كل ذلك .




حل المشكلة :
إن مشكلة العلاقة بين الحرية والمسؤولية ترتبط أشد الارتباط بالإنسان ، فكما أننا نقول في مجال الفلسفة ،إن
الإنسان حيوان عاقل نقول أيضا إنه كائن مسؤول بقطع النظر عن وضعه وأحواله وسنه ، ومهما كانت عبقرية المفكرين في حصر مشكلته وضبطها فإن لعظمة الإنسان بالنظر للكائنات الأخرى سر يزيده اعتبارا وكرامة في
أعين المؤمنين بالخالق والفضوليين في إجلاء خباياه .


كل النجاح والتوفيق بإذن الله










قديم 2011-05-27, 11:50   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
fatiii
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
اهلا اختي شكرا وجزاك الله كل خير ووفقك لكل ما يحبه ويرضاه
وربي ينجحك باعلى معدل ويرزقك الجنة
امييييييييييييييييييين
السلام عليكم










قديم 2011-05-27, 11:59   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
اسلامي سر حياتي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية اسلامي سر حياتي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

العفووو اختي ريم










قديم 2011-05-27, 12:54   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
nesrine bou
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لكم معلومات مفيدة










قديم 2011-05-27, 18:05   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
fatiii
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
لا منسيتكش حنونتي شريفة واشنو بدلتي اسمك خافت نغلط فيك
ههههههههههههه
ربي يعيشك حبيبتي
سلاااااام










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الممكن, افادتي؟؟


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:26

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc