الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جلد منفوخ ينط هنا وهناك.. هي أبلغ عبارة قرأتها في وصف (لعبة) كرة القدم، هذه (اللعبة) التي أصبحت الشغل الشاغل لكل الناس في هذا الزمان صغيرهم وكبيرهم غنيهم وفقيرهم ذكرهم وأنثاهم. الحديث عن هذه اللعبة واسع ومتشعب لكن ليس الهدف من هذا الموضوع هو الإحاطة بجميع جوانب هذه اللعبة السياسية منها والإقتصادية والدينية والتاريخية ...إلخ.
ما نريد الحديث عنه متعلق بالدجة الأولى بلقاء مصر-الجزائر الذي سيلعب بعد أسبوع من الآن.
عندما نقرأ ونسمع كل ما قيل وما يقال حول هذا اللقاء المرتقب يخيل إلينا أن مصير البلد متعلق بهذه المباراة !! فإن صلحت المبارة صلح أمر البلاد والعباد وإن فسدت فسد أمرهم ؟؟؟
فهل هذا صحيح ؟؟
هل سيتغير شيء بعد 14 نوفمبر المقبل ؟؟
هب أن الجزائر تأهلت إلى كأس العالم ...دعونا نبالغ في كلامنا ولنفرض أن الجزائر فازت بكأس إفريقا وفازت أيضا بكأس العالم !! هل سيغير هذا من واقعنا شيئا ؟؟
هل سيحصل البطال على عمل ؟
هل سيحصل المتشرد على مسكن ؟
هل ستحل مشاكل الجامعات والمؤسسات التربوية ؟
هل سيتحلى القضاة بالنزاهة ؟
هل سيتزوج العزاب والعازبات ؟
هل سينتهي زمن الرشوة والحقرة والتعسف ؟
هل ستتوقف الإعتداءات والإختطافات والسرقة... ؟
هل سينسى الشباب اليائس أمر الهروب إلى الضفة الأخرى من البحر ؟
هل ستصنف الجزائر في مصاف الدول الأكثر تقدما في العالم ؟
هل وهل وهل ...
طبعا لن يحدث أي شيء من هذا القبيل كل ما في الأمر هو أنها مجرد مقابلة في لعبة الجلد المنفوخ الذي ينط هنا وهناك وفي حالة تأهل المنتخب سيخرج الشعب إلى الشوارع ليهتف ويصرخ ويفرح بتحرير فلسطين وخروج المحتلين من العراق وأفغنستان وسائر بلاد الإسلام .. ماذا ؟؟ عفوا لقد نسيت نفسي للحظة فخرجت عن الموضوع ودخلت في عالم الأحلام.. فمعذرة، دعونا نعود إلى الواقع ... قلت سيخرج الناس إلى الشوارع للإحتفال بالتأهل إلى كأس العالم ينسون همومهم ليوم أو يومين وبعدها سيعود كل شيء إلى ما كان عليه. طبعا آلاف الدولارات ستضخ في جيوب (اللاعبين) وسيحصلون على فيلات وسيارات لأنهم أبطال !!!
هذا ما سيحصل عليه (اللاعبون) أما (الجادون) من أطباء ومعلمون وأساتذة جامعيون ومنهندسون فليس أمامهم سوى الإضراب عن العمل لعلهم يحصلون على بعض مطالبهم. وربما قد يندم الواحد منهم لماذا اختار أن يكون (جادا) في هذه الحياة فلو كان (لاعبا) لتسابق الجميع من أجل تشجيعه على (اللعب) ولحققوا مطالبه قبل أن يطلبها...
هكذا صار شأن (اللعب) في هذا الزمان حتى صرنا نقرأ عن أئمة يدعون على المنابر في المساجد يوم الجمعة بالفوز للمنتخب !!! والله إنه لأمر مخز أن ينزل الأئمة بمستواهم إلى الحضيض فلا يحترمون لا قدسية المكان ولا الزمان ولا يراعون شرف مهنتهم فالدعوة والخطابة والإمامة هي ميراث الأنبياء والرسل فكيف ينزلون بها إلى هذا المستوى ؟؟
بل حتى حجاج بيت الله الحرام منهم من صرح بأنه سيخصص جزء من دعائه للمنتخب !! وليت شعري كيف يترك من من الله عليه بزيارة بيته الحرام كيف يترك الجنة ونعيمها وكيف ينسى جهنم وسعيرها وكيف يغفل عن إخوانه المضطهدين في مشارق الأرض ومغاربها ثم يدعو بالفوز للمنتخب في (لعبة) اسمها جلد منفوخ ينط هنا وهناك.