قال الأصمعي : دعاني بعض العرب الكرام إلي قرى (طعام )، فخرجت معه إلي البرية : فأتوا بباطية وعليها السمن غارق، فجلسنا للأكل وإذا بأعرابي ينسف الأرض نسفا، حتى جلس من غير نداء فجعل يأكل والسمن يسيل علي كراعه. فقلت لأضحكن الحاضرين عليه. فقلت له :
كأنك أثلة في أرض هش أتاها وابل من بعد رشِّ
فالتفت إلي بعين مبحلقة وقال : الكلام أنثي والجواب ذكر . وأنت :
كأنك بعرة في إست كبش مدلاة وذاك الكبش يمشي
فقلت له : هل تعرف شيئا من الشعر أو ترويه ! فقال : كيف لا أقول الشعر وأنا أمه وأبوه ! فقلت له : إن عندي قافية تحتاج إلي غطاء. فقال هات ما عندك . فغطست في بحور الأشعار فما وجدت قافيه أصعب من الواو المجزومة فقلت:
قوم بنجد قد عهدناهم سقاهم الله من النو
قلت أتدري النو ماذا ؟ فقال :
نو تلألأ في دجى ليلة حالكة مظلمة لو
فقلت له لو ماذا ؟! فقال :
لو ســار فيها فارس لانثني على بســـاط الأرض منطو
فقلت له . منطو ماذا ؟! فقال :
منطو الكشح هضيم الحشا كالباز ينقضُّ من الجو
فقلت له . الجو ماذا ؟! فقال :
جو السماء والريح تعلو به اشتم ريح الأرض فاعلو
فقلت له فاعلو ماذا ؟! فقال :
فاعلو لما عيل من صبره فصار نجوى القـوم ينعو
فقلت ينعو ماذا ؟! فقال :
ينعو رجال للقنا شرعت كفيت ما لاقوا وما يلقو !
قال : فعلمت انه لاشيء بعد القنا : ولكن أردت أن أثقل عليه فقلت : ويلقوا ماذا ! فقال :
إن كنت ما تفهم ما قلته فأنت عنـــدي رجل بو
فقلت له البو ماذا ؟! فقال :
البو ســلخ قد حشي جلده يا ألف قرنان تقوم أو
فقلت له أو ماذا ؟! فقال :
أو اضرب الرأس بصوانة تقول من ضربتها قو
فخفت أن أقول... قو ماذا ! فيضربني بالقنا...ويكمل البيت...