لماذا لا نستكثر من الاصدقاء او بالاحرى لماذا نقلل منهم....
هذا ما سنعرفه من خلال النصوص التاليه
رأيت أنني من أجبن الناس عند الوادع، ومن أضعفهم عند ساعة الفراق، ومن أكثرهم شجاً وعاطفة فكنت كلما صاحبت قوما، أزداد هماً على همي، وخوفا من المستقبل المقبل على خوفي..
وليس ذلك لشي الا مخافة الفراق..
فان ذلك مما يصدع قلبي.. ويعلم الله.
وقد اثر عن احد الاصاحب عندما سئل عن ذلك فقال
مالك تستقل من الأصحاب؟ !
فقال: خشية الفراق....
الفراق عند العرب من أعظم ما يكون، وأشد شيء على النفس الفراق، قيل لـ جعفر الصادق رضي الله عنه وأرضاه: لماذا لا تصاحب إخوانك؟ قال: خوف الفراق؛ كأنه يقول: أستوحش إذا فارقتهم، ولذلك أتركهم من أول الطريق،
وكان الحسن البصري إذا ودع إخوانه يبكى حتى يخاف عليه.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا ما ودع أصحابه وحانت لحظة الفراق، وانهمرت الدموع، وتحركت القلوب يقول صلى الله عليه وسلم لصاحبه ولتلميذه الذي يودعه: { أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك } وما أجلها من كلمات! وما أروعها من عبارات! (أستودعك الله التي لا تضيع ودائعه)
ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم عند عائشة وقد نام على فخذها، فبكت وهو نائم فاستيقظ فقال: ما هذا يا عائشة ؟ فقالت: يا رسول الله! ذكرت القيامة وأهوالها، وما فيها من مصائب وآفات، وعذاب شديد أو نعيم مقيم، فهل يلتقي المتحابان في الآخرة يا رسول الله؟ هل يبحث كل عن صاحبه، ويبحث عن أبيه، وعن أبنائه، وعن أمه، وعن أخته، قال: نعم يا عائشة ! إلا في ثلاثة مواقف لا يذكر شخص أحداً، قالت: ما هي يا رسول الله؟ قال: عند المرور على الصراط، كلٌ يقول: نفسي نفسي، والصراط دحض مزلة، فإذا نجا من الصراط، فمنهم من يمر كالريح المرسلة، أو كالبرق الخاطف، أو كالجواد، أو كالدلول، أو يمشي مشياً، أو يحبو حبواً، أو يكردس في النار -والعياذ بالله- هذا موقف لا يسأل أحد عن أحد أبداً.
والموقف الثاني: عندما تتطاير الصحف، لأن كل شخص عند الموت يوضع في قبره، وتوضع معه صحيفته في حلقه، لا يراها إلا الله والملائكة فقط، فإذا أتى يوم القيامة طارت ورجعت إليه، إما في يمينه وإما في شماله، هذا الموقف الثاني.
والموقف الثالث: عند الحسنات، توزن حسناتك وسيئاتك، والملك ماسك بهذا والثاني بهذا، من اليمين والشمال، فإذا رجحت حسناتك على سيئاتك قال: سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبداً، وإن رجحت سيئاتك على حسناتك -والعياذ بالله- قال: شقي فلان شقاء لا يسعد بعدها أبداًَ.
فهذه ثلاثة مواقف لا يبحث أحد فيها عن أحد.
فإذا انتهت المواقف المذكورة، فكل شخص يبحث عن صديقه، وعن قريبه، وعن أبيه إذا كان مؤمناً، أما إذا كان كافراً فلا.
ويموت إبراهيم بين يدي المصطفى صلى الله عليه وسلم، فيبكي وتدمع عيناه الدموع الحارة الساخنة، ويقول وهو في ساعة الفراق: { تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون } يُدفع له ابن بنته فيبكي عليه الصلاة والسلام، فيقولون: مالك يا رسول الله؟ يظنون أن العظماء لا يبكون، والعظماء لهم وقت للبكاء ووقت للصفاء، ووقت لرفع الراية إلى السماء، بكى عليه الصلاة والسلام فقالوا: مالك تبكي؟ فقال: { رحمة وضعها الله في قلب من يشاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء }
قال الإمام مالك رحمه الله: كنا نأتي ربيعة بن أبي عبد الرحمن فإذا ذُكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى نرحمه، وهكذا المحب، كلما ذكرته بحبيبه بكي، وهو دائم البكاء؛ في اللقاء يخشى الفراق، وفي الفراق للاشتياق، فطالما حبيبه بعيد يبكي يريد أن يقابله، فإذا قابله بكي، فهو دائم البكاء جيئة وذهاباً.
تقول ام عبدالله لما أردنا أن نرتحل مهاجرين إلى الحبشة أقبل عمر ووقف علي، وكنا نلقى منه البلاء والأذى والغلظة علينا، فقال لي: الانطلاق يا أم عبد الله ؟ الرحيل؟ الوداع؟ الفراق؟ الهجرة؟ ترك الأهل والديار والأموال؟ الانطلاق يا أم عبد الله.
« ليتني استشهدت ولم أبق حياً أتجرع لوعة الفراق » .. بهذه الجملة عبّر
عدنان أبو جبر ، أحد حراس الشيخ أحمد ياسين ، عن مشاعره التي تعصف بكيانه
منذ فارق شيخه الياسين مع اثنين من رفاق دربه من حراس الشيخ .
يقول القاضي أبو المجد
ولقد لقيت الحادثات فما جرى *** دمعي كما أجراه يوم فراق
• وتذكر أن حرارة الفراق تطفئها برودة الأمل باللقاء..
• لو كان للفراق وجه، لكان أقبح وجه في الدنيا، ولو كان له صوت. لكان أنشز صوت فيها، ولو كان له طعم لكان أشد على اللسان من العلقم وأقسى من الصبر..
لكن ماذا بعد هذا الفراق الا اللقاء
لقاء المؤمنين في الجنة ان شاء الله
لقاء الاحبة محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه
نسأل الله ان يجمعنا ومن نحب من اخواننا واهلينا في جنان الخلد
بارك الله فيكم وحفظكم ورعاكم