وَكُلُوا واشربوا وَلاَ تُسْرِفُوا
إنّها القاعدة الصحية العريضة الّتي قرّرها الله عزّ وجلّ حين قال في كتابه العزيز: ''يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا واشربوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المسرفين''. الأعراف.31
إنّ الاعتدال في أيِّ أمر هو أسمى درجاته، والاعتدال في أمر الطعام والشرب هو المقصد الّذي ذهبت الآية الكريمة: ''وَكُلُوا واشربوا وَلاَ تُسْرِفُوا''. ففي هذه الآية دعوة للإنسان إلى الطعام والشرب، ثم يأتي التحذير مباشرة عن الإفراط في ذلك. ولقد كان الاعتدال واقعًا في حياة الرّسول صلّى الله عليه وسلم وحياة صحابته رضي الله عنهم، فلم تقتصر توجيهات على عدم الإفراط في الطعام بل حذّر أيضًا من التقتير فيه.
إلاّ أنّ الدقة في بيان الاعتدال في الطعام والشرب تظهر جلية في حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حيث يقول: ''ما ملأ آدمي وعاءً شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم لُقَيْمَات يقمن صلبه، فإن كان لا بدَّ فاعلاً، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه''.
والإسراف إمّا أن يكون بالتهام كمية كبيرة من الطعام فوق حاجة الإنسان أو بازدراد الطعام دون مضغة جيّدًا ويسمى ذلك بالشره، وسبب الشره نفسي غالبًا، ويكون إما كظاهرة للحرمان أو التدليل، أو يسبّب الملل كما هو عند بعض الأطفال، أو يسبّب التعليق باللذة أو يسبّب التقليد، وقد يكون سبب الشره غريزي كما في الحامل أو مرضي.