مفهوم النصر وبعض صوره مختصرة عن كتاب أساليب المجرمين في التصدي لدعوة المرسلين
عن مفهوم النصر(=النجاح) من زاوية إسلامية أحب التنبيه على مسائل مهمة :
1- أن النصر لهذا الدين والعاقبة للمتقين وهو وعد إلهي صريح
2- أنّ الله عزّ وجلّ لم يحدد موعدا لهذا النصر وهذا لحكمة أرادها عزّ وجلّ
3-أن هذا الوعد لا يعني التراخي والركون إلى الكسل بحجة أنّ الله وعدنا بالنصر
وسنتحدّث في هذه العجالة عن أمرين أساسيين قد يغفل عنهما الكثير من المثقفين
أولهما - عن حقيقة الإنتصار
ثانيهما - عن صور الإنتصار
1- عن حقيقة الإنتصار :
تقوم الدعوة إلى الله على ركنين أساسيين هما (الداعي) وما يدعوا إليه (المنهج)
فأما الداعي فهو الرسول صلى الله عليه وسلم أو من يقوم مقامه في دعوة الخلق إلى الله وتفهيمهم حقائق الدعوة (=الإسلام) فإنه قد يطرأ عليه ما قد يطرأ على جميع البشر من الخطئ والغضب والنسيان والمرض والموت وغيرها بل قد يحدث لغير الرسل والانبياء من الدعاة أكثر من ذلك من انتكاس وارتداد وغيره مما قد يطرأ على الإنسان إن لم يعصمه الله عز وجل ولهذا جاء التحذير إلى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم شديد اللهجة كما في قوله تعالى ( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا (74) إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا ) (الإسراء 74-75)
لكن يبقى الركن الثاني من أركان الدعوة وهو المنهج ثابتا لا يتغير ولا يتبدل ولا تؤثر فيه الأحداث وعليه فإن الإنتصار الحقيقي إنما هو انتصار المنهج وذلك بظهوره وعلوه واقتناع الناس به ولو أدى ذلك إلى تغييب الداعي (السجن = نموذج يوسف عليه السلام) أو غيابه (القتل = نموذج الغلام في قصة أصحاب الأخدود) وفي كلتا الحالتين لا يستطيع أحد أن يقول بانّ إحدى هانين الدعوتين قد فشلت في تحقيق أهدافها ذلك أنّ الهدف هو انتصار المنهج واقتناع الناس به ولو تعطّل الحكم بالشريعة على المستوى السياسي ذلك أن الغاية إنما هي زحزحة الناس عن النار ودخولهم الجنة لا إقرارهم على أخطائهم التي قد تكبهم يوما على وجوههم في النار من أجل وعاء انتخابي صغير أو مصلحة دنيوية تافهة
2 - عن صور الإنتصار :
يمكن عرض صور الإنتصار بإجمال في النقاط الآتية :
1- نصر الرسول بإهلاك أعدائه من المجرمين ( نموذج موسى عليه السلام )
2- نصر الرسول بخارقة -من عنده سبحانه- مع بقاء قومه (نموذج صالح عليه السلام)
3- نصره بالإنتقام من أعدائه بعد قتله أو موته ( نموذج أشعياء و يحيى بن زكريا عليهما السلام)
4 - بنشر ذكره في العالمين بعد قتله أو موته ( أو رفعه = نموذج عيسى عليه السلام وقصة الغلام )
5- تسليط الرسول على أعدائه فيقتلهم وهو النصر العسكري ( نموذج داود وسليمان عليهما السلام)
6- إظهاره بقوة الحجة والبيان (نموذج خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام)
7- بتثبيته على الحق في أحلك الظروف ( نموذج يوسف عليه السلام)
8 - استجابة قومه وإيمانهم ( نموذج يونس عليه السلام )
9 - إيتاؤه الملك وتبويئه أعلى المناصب ( المرحلة الأخيرة من دعوة يوسف عليه السلام)
10- توقيع معاهدة ظاهرها الهزيمة والإستسلام وحقيقتها ما تؤول إليه من فتح ونصر ( من أمثلة ذلك ما حصل لنبينا صلى الله عليه وسلم في الحديبية)
ولمن أراد التفصيل فعليه بكتاب (أساليب المجرمين في التصدي لدعوة المرسلين) لفضيلة الشيح محمد بن عبد العزيز المسند