-- قد كانت لي بالأمس حمامة......بيضاء في لون السكر.....منقارها من العاج و اللؤلؤ....و عيونها مسحورة كمنامة ....طارت حمامتي في جو السماء.......وسط السحاب لم تظهر....و غنت و غردت مثل عصفور.....فغار منها سكون السماء....!!حمامتي يا قاهرة المسافات..........و يا ماهرة في إركاع قلبي..........و يا ماكرة في بعض الأحايين.........أعطني من جناحك ريشة.........و من عينك غمزة.......و من منقارك قليلا من دهاء.... !!قد لففت طيرانك و غناءك في كفن العزاء..و مسحت ذكرياتك من طاولة الغداء...من غرفة النوم نزعت صورتك...و أهديتها للزوال ...للفناء...ليس لأني أكرهك..بل لأنك حبيبة السماء.... !!أنا لست ساحرا يخرج من جيبه الحمام...و لست ذكر حمام يطير وسط الغمام...أنا لست طابة و لا طوبة...لست عقابا و لست عقوبة....بل إني ابن الأرض يا حبيبة السماء ....!!حمامتي.....إن كنت يوما في أقصى شمال الدنيا....في أقصى يمينها سأكون....و إن جاءتك حمامة تشدو بماضيها......فتلك زفرة من قلب حنقة...فدعيها...لعلها تردعك عن مجون....أو تذكرك بحب رعاه القدر...تذكرك بقلبك،قد غطاه الكدر...بجفول،بجفاء ، بدمع كنهر...بريش قد لا يصلح يوما للطيران...بمنقار قد يزول منه جمال اللؤلؤ....و عيون يسكنهما غوري حيران ...!!عودي حمامتي لوكر آمن...عودي و اسكني مع حبات التراب...عودي لتحطي فوق سقفي....فليس سقف مثله في السماء...أمتعي بغنائك أذني تسمعك...فليست أذن تسمعك في السماء....و ليس في السماء تراب و لا قرميد و لا شجر...و لا قلب يهواك..و لا يد تحن عليك...عودي يا حبيبة السماء...أنا ابن الأرض أهواك....فلا تكوني بعد اليوم... حبيبة السماء.!!