![]() |
|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]()
عُد إلى ربك أيها العبد: تناه عن قبيح فعلك قبل انبثاث جهلك، وانظر لنفسك في أمرك قبل حلولك في قبرك0 كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد، فكأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل0 ووعظ أعرابي ابنه، فقال: لا الدهر يعظك، ولا الأيَّام تنذرك، والساعات تعد عليك، والأنفاس تعد منك، أحب أمريك إليك أردهما بالمضرة عليك0 ووجد على حجر مكتوب: ابن آدم، لو رأيت ما بقى من أجلك لزهدت في طول أملك، ولرغبت في الزيادة في عملك، ولقصَّرت من جهلك وحيلك، وإنما يلقاك ندمك إذا زلت قدمك، وأسلمك أههلك وحشمك، وباعدك الولد القريب، ورفضك الولد والنسيب، فلا أنت إلى دنياك عائد، ولا في حسناتك زائد فاعمل ليوم القيامة0 قبل الحسرة والندامة0 وقف قوم على راهب فقالوا: إنَّا سائلوك، أفمجيبنا أنت؟ فقال: لا تكثروا فإنَّ النهار لم يرجع، والعمر لن يعود، والطالب حثيث في طلبه، ذو اجتهاد، فقالوا: ما على الخلق غداً عند مليكهم؟ قال: على نياتهم، قالوا: فأني الموئل؟ فقال: إلى المقدم، قالوا: فأوصنا، قال: تزودا على قدر سفركم، فإن خير الزاد ما بلغ البغية0 يا هذا: لا تجزع لرؤية ملك الموت، وائت وأنت تشاهد فيها عملك، عمرك قليل، وقد ضيعت أكثره، فكيف شعورك في البقية، ولعل هذا اليوم الآخر، والليلة الأخيرة ما أرخص ما يباع عمرك، وماالأيَّام تنقضي حتى يوارى جسمه في رمسه فمؤجل يلقى الردى في غيره، ومعجل يلقى الردى في نفسه، الدنيا لمن فهم، قنطرة العبور وسوق التزود ومتطهرة التنظيف وزرعت للحصاد، فأما للعاقل فهي مفرقة المجامع، ومحزنة الربوع، ومجرية الدموع، من نال من دنياه أمنيته أسقطت الأيام منها الإلف، اطلب فيها قدر بلغتك، وخذ مقدار حاجتك خصها خصوص المسافر في طلب علف بعيره، اطلب الدنيا قدر الحاجة، واطلب الآخرة على حسب الطاقة، هذا ولو أنك بلغت إلى الحمى التوكل لاستراح قلبك، وغذاك الله كما يغذي الطير، تغدو خماصاً، وتروح بطاناً0 الفصل الخامس والعشرون احذر الغفلة قال الله عز وجل: (وَأَمَّا مَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفسَ عَنِ الهَوَى، فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوَى)0 فإن اختلف المفسرون في المراد بمقام ربه على قولين: أحدهما: إنه قيام العبد بين يدي ربه يوم الجزاء0 والثاني: إنه قيام الله تعالى عباده فأحصى ما اكتسب، والمراد بالهوى ههنا، ما يهوى العبد من المحارم، فيذكر مقامه للحسنات، واعلم: أن من تفكر عند إقدامه على الخطيئة في نظر الحق إليه رده فكره خجلاً مما هم به، فالناس في ذلك على مراتب فمنهم من يتفكر عند جولان الهم بالذنب فيستحي من مساكنة ذلك الخاطر، وهذا مقام أهل الصفا، ومنهم من قويت أسباب غفلته فهو ساكن ذلك الهم إلا أنه لا يعزم عليه، ومنهم من يعزم لقوة غفلته، فهو يستسقي إقدامه فيما عزم عليه، ومنهم من زاد على ذلك بمقارنته المحظور ومداناته، ثم تدركه اليقظة، وإنما يكون هذا على مقدار تكاثف الغفلة وقلتها، فيفكر عند خاطره في عظمته من قد علم، وعند يقظه في جلال من قد سمع، وعند فعله في عزة من قد رأى، وهذا الفكر إنما نبت عن إصرار راسخ من الإيمان في القلب راعاه الحق إليه حذار علته ومعاملة صادقة في الخلوة، إلا أن الغفلة عن التذكرة والسعي على جادة الهوى غشى على القلب، وران عليه فإذا هم بخطيئة أو قاربها اقتلب مراعاة الحق إليه، خذ مراعاته بحق الحق قبل ذلك كما قال الله عز وجل: (فَلَولا أَنَّهُ كَانَ مِن المُسَبِّحِينَ)، وقال: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً)، وكما جاء في الحديث: (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)0 فما ينفر طائر قلبه من وسخ العزم على الذنب ثم عام في بحر الحياة خجلاً مما هم به يخرج نقياً بعد الوسخ طاهراً بعد النجس، لأن الأصل محفوظ بالصدق ومرهون بالإيمان، ولولا لطف الحق لكشف حجب الغفلة لبراقع الذنب، غير أنه أراه برهان الهدى فرجع، وأقام له هاتف التقوى فخشع، والقلوب تحن إلى ما اعتادت وألفت، وتنازع إلى ما مرنت عليه وعرفت0 أما سمعت قول عمر بن أُبىَّ: بَينَما نَحنُ في ولادِكَ فالقاعُ ... سِراعاً والعيشُ يهوى هوياً خَطَرت خطرَةً عَلى القلبِ مِن ... ذِكراكَ وهُنا فما أَطقت مضياًّ قُلتُ للشوقِ إِذا دعاني ... لبيك وللحاديين ردُّوا المطيَّا أثارَهُم بعدَهُم وما صَنعوا ... تخبرنا أُئُناً لَهُم تيعُ يا واقِفاً بالدِّيارِ مُكتَئباً ... يندِبُ قَوماً مَن مَلكهم نُزعوا ادخل إِلى الدارِ فهيَ خاليةٌ ... مِن سادة في التُراب قَد وضَعوا إِذا تأَملتُهُم كأَنَهُم ما ... نَظَروا نَظرةً ولا سمعوا ولا جرى بينهم مذاكرة ... ولا لنصر سعوا ولا نفعوا كانوا كركب خطور رحالهم ... فما استَراحوا حتَى لَها رجَعوا
|
||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
الفائزون |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc