حقائق جديدة حادثة تسمم ووفاة النبي صلى الله عليه وسلم

[NAIIL]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين و على آله و صحبه و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين


اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا يا رب العالمين



أما بعد


قال الله تعالى :وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ

إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ

الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

(آل عمران:104)


حقائق جديدة يكشفها الطب النبوي في حادثة تسمم ووفاة النبي

في البداية والنهاية للإمام إسماعيل بن كثير رحمه الله :-
قال البخاري عن عائشة عن النبي قال
لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله شاه فيها سم.
وفى الصحيحين من حديث شعبه عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك أن امرأة يهودية أتت رسول الله بشاة مسمومة فأكل منها فجئ بها إلى رسول الله فسألها عن ذلك قالت
أردت لأقتلك فقال رسول الله
"ما كان الله ليسلطك علي" أو قال: "على ذلك"
قالوا: ألا تقتلها
قال: "لا"
قال أنس: فمازلت أعرفها في لهوات رسول الله
وقال الزهري عن جابر:-
وإحتجم رسول الله وبقى رسول الله بعده ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي توفى منه فقال:-
(مازلت أجد من الأكلة التي أكلت من الشاة يوم خيبر، حتى كان هذا أوان انقطاع أبهري) فتوفى رسول الله شهيداً.
قال ابن هشام الأبهر العرق المعلق بالقلب
قال فإن كان المسلمون ليرون أن رسول الله مات شهيداً مع ما أكرمه الله به من النبوة.
التلخيص

أن امرأة تدعى زينب بنت الحارث قدمت شاه مصْلِيَّة مسمومة للرسول فأكل منها.
أن الرسول أخبر في مرضه الذي توفى فيه أن هذا أوان انقطاع الأبهر منه من أثر الشاة المسمومة.
إن كثيراً من علماء الأمة وسلفها يرون أن الرسول مات شهيداً وأن الله أنعم عليه بالشهادة بجانب النبوة.
الأبهر: عرق يتصل بالقلب ويمر بالصلب والأبهر هو ما نسميه طبياً الأورطى.
يقول ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد
أن النبي بقى بعد هذا الحادث ثلاث سنين حتى قال في وجعه الذي مات فيه: مازلت أجد من الأكلة التي أكلت من الشاه يوم خيبر فهذا أوان انقطاع الأبهر منى.
قال الزهري: فتوفى شهيداً.
من استعراض القصة في كتب السيرة تبرز لنا عدة أسئلة؟
السؤال الأول

هل نستطيع أن نعرف نوع السم الذي وضعته زينب بنت الحارث للرسول في الشاة؟
يستخدم من آلاف السنين ومعروف في الجزيرة العربية.
يظهر أثره في اللهوات كما قال أنس رضى الله عنه.
إذن ما هو السم الذي استخدم من آلاف السنين وتظهر علامته على اللهوات؟
اللهوات: قالت عائشة رضى الله عنها "ما رأيت رسول الله مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه لهواته إنما كان يبتسم" صحيح مسلم
للهوات: جمع لهاة وهى اللحمة الحمراء المعلقة في أعلى الحنك قاله الأصمعي.
وفى فتح الباري للإمام ابن حجر العسقلاني في التعليق على حديث وفاة الرسول وقصة الشاة المسمومة التي قدمت للرسول بخيبر – يقول ابن حجر
أما قول أنس فمازلت أعرفها في لهوات رسول الله "فاللهوات جمع لهاة وهى اللحمة المعلقة في أصل الحنك وقيل هي ما بين منـقطع اللسان على منقطع اصل الفم وهذا هو الذي يوافق الجمع المذكور.
ومراد أنس رضى الله عنه أنه كان يعتريه المرض من تلك الأكلة أحياناً وهو موافق لقوله في حديث عائشة "ما أزال أجد ألم الطعام".
ويقول ابن حجر ويحتمل أن يكون أنس أراد أن يعرف ذلك في اللهوات بتغيير لونها أو بنتوء فيها (قاله الطبري).
وفى صحيح مسلم بشرح النووي

وأما اللهوات فبفتح اللام والهاء: جمع لَهات بفتح اللام وهى اللحمة الحمراء المعلقة في أصل الحنك "قاله الأصمعي" وقيل اللحمات اللواتي في سقف الفم.
وقوله (مازلت أعرفها) أي العلامة كأنه بقى للسم علامة وأثر من سواد أو غيره.
من المعلوم طبياً في علـم السموم أن السم الذي يترك أثراً على أصل الحنك واللثة هو المواد الثقيلة (Heavy ****ls) مثل الزرنيخ (Arsenic) والقصدير (Lead).
فهل استخدم الزرنيخ أو القصدير (Arsenic - Lead) منذ سنوات عديدة كسم زعاف – وهل يترك كلاهما أثراً على اللهوات؟
في: Human Health fact sheet
ANL, November 2001
Arsenic has been recognized from ancient times be poisonous.
الزرنيخ منذ العصور القديمة يستخدم كمادة سامة.
هل يترك القصدير أو الزرنيخ أثراً على اللهوات؟
* Brit. Med. J 3(5666) 336-7, 1969
(Lead poisoning in soldiers in Hong Kong)
clinical finding include blue lines on the gum.
ظهور خط أزرق في اللثة بالفم نتيجة التسمم بالقصدير.
* Journal of the society of Occupational Medicine, Vol 40, No. 4 pages 149-152, 28 references, 1990
Arsenic trioxide could cause gingival ulceration and gum discoloration.
الزرنيخ يؤدى إلى التهاب وتغير في لون اللثة.
يتضح بعد هذا التفصيل أن القصدير والزرنيخ تؤدى إلى تغير في لون اللثة واللهاة كما تؤدى إلى التهابات بالفم واللثة واللهاة.
بعد هذا الشرح نستنتج الآتي:

من المرجح أن يكون الزرنيخ أو القصدير أو كليهما قد استخدم في تسميم الشاة المصلية التي قدمت للرسول بخيبر.
أن الرسول قد تناول السم فعلاً.
السؤال الثاني

هل يؤثر التسمم بالزرنيخ أو القصدير على الشريان الأبهر؟
* Bulletin of Environmental contamination and toxicology Vol. 31, No. 3 pages 267-270, 1983.
The accumulation of arsenic (AS) compounds was studied in human tissues. The highest mean total AS concentration occurred in the aorta.
* Journal of Nutrition, Vol. 96, No. 1 pages 37-45, 1968.
Large amounts of AS accumulated in tissues especially red cells and aorta.
كمية كبيرة من الزرنيخ تتجمع في الأبهر.
Toxnet web site:
During exposure to lead the concentration is relatively high in soft tissues especially aorta.
أي أن القصدير أيضاً يتجمع بنسبة عالية في الشريان الأبهر.
ومن هذا يمكننا أن نستنتج بوضوح أن كلاً من القصدير والزرنيخ يتركزان بكمية كبيرة في الشريان الأبهر.
السؤال الثالث

هل تتشابه أعراض المرض الذي توفى عنه رسول الله مع انقطاع الأبهر؟
كانت عائشة رضى الله عنها تحدث أن النبي قال بعدما دخل بيته واشتد وجعه "هريقوا على من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلى أعهد إلى الناس" رواه البخاري ومسلم.
قالت عائشة ما رأيت رجلاً أشد عليه الوجع من رسول الله (البخاري ومسلم).
وقال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه (دخلت على رسول الله وهو يوعك وعكاً شديداً فمسسته بيدي فقلت يا رسول الله – إنك لتوعك وعكاً شديدا فقال رسول الله "أجل إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم" البخاري ومسلم
وعن أنس رضى الله عنه قال لما ثقل المرض على النبي جعل يتغشاه فقالت فاطمة واكرب أباه، فقال لها "ليس على أبيك كرب بعد اليوم" رواه البخارى
يقول العباس رضى الله عنه: "وكنت إذا لمسته ضربتني الحمى"
ومن استعراض هذه الروايات يتضح لنا الآتي

أن الرسول أصيب بحمى وارتفاع شديد في درجة الحرارة.
أنه كان يوعك وعكاً شديداً ويتألم ألماً شديداً.
كان يتصبب عرقاً من شدة ارتفاع درجة الحرارة.
كان يغشى عليه لما ثقل عليه المرض.
العلامات والأعراض الإكلينيكية لانقطاع الأبهر

Signs and symptoms of Aortic dissection: chest pain آلام في الصدر

sudden, severe, stabbing tearing حادة – شديدة decreased movement صعوبة الحركة.

pallor اصفرار الوجه .

profuse sweating عرق شديد.

لاحظ أن الرسول كان يوعك وعكاً شديداً.
وكان يحمله العباس وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهما.
الخلاصة

أن أعراض مرض وفاة النبي تتشابه مع أعراض انقطاع الأبهر إلى حد كبير.
السؤال الرابع

أ- هل عرف النبي باقتراب أجله؟
ب- منذ متى عرف مرض انقطاع الأبهر؟
ج- من الذي أخبر النبي بهذا المرض؟
أ- بشر النبي باقتراب أجله في آيات عدة من القرآن الكريم منها قولـه تعالى "إنك ميت وانهم ميتون" الزمر30 وقوله سبحانه "وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون * كل نفس ذائقة الموت" الأنبياء 34،35.
"وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم" آل عمران 144 وقوله "إذا جاء نصر الله والفتح ...) سورة النصر.
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال "أنزلت هذه السورة "إذا جاء نصر الله والفتح" على رسول الله في وسط أيام التشريق وعرف أنه الوداع ) سنن البيهقي.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن عمر رضى الله عنه سأل الصحابة عن قوله تعالى "إذا جاء نصر الله والفتح" قالوا فتح المدائن والقصور قال: ما تقول يا ابن عباس؟ قال "أجل أو مثل ضرب لمحمد ينعي له نفسه" البخاري.
وعن عائشة رضى الله عنها قالت: أقبلت فاطمة تمشى كأن مشيتهاً مشي النبي فقال النبي "مرحباً يا بنيتي" ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها حديثاً فبكت فقلت لها لم تبكى؟ ثم أسر إليها حديثاً فضحكت فقالت: ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن فسألتها عما قال فقالت ما كنت لأفشي سر النبي حتى قبض النبي فسألتها فقالت أسر إلى "أن جبريل كان يعارضني القرآن مرة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي ، وأنك أول أهل بيتي لحاقاً بي" فبكيت فقال "أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين" فضحكت لذلك (البخاري ومسلم).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خطب رسول الله الناس وقال: "إن الله خيَّر عبداً بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله" قال "فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه وكان أبو بكر آنذاك أعلمنا" البخاري ومسلم.
وتقول عائشة رضى الله عنها: كان رسول الله وهو صحيح يقول "إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يحيا أو يخير" فلما اشتكى ورأسه على فخذ عائشة غشى عليه فلما أفاق شخص ببصره نحو سقف البيت ثم قال "اللهم الرفيق الأعلى" فقلت إذاً لا يجاورنا فعرفت أنه حديثه الذي كان يحدثنا وهو صحيح" البخاري .
ب- وهكذا يتضح لنا في نهاية هذا المبحث أن الرسول كان يعلم قرب أجله وأنه خيّر بين الخلد في الدنيا ولقاء الله فاختار لقاء ربه وأن الله أخبره بأن السم الذي دس له في شاة زينب بنت الحارث اليهودية قد سبب انقطاع الأبهر.
الإعجاز العلمي في الحديث:

احتجام الرسول بعد أن أكل من ذراع الشاة المسمومة , يثبت ما أثبتته الأبحاث الحديثة وتجارب المرضي والمعالجين والأطباء عن فوائد الحجامة في مقاومة السموم .
فالحجامة كانت سبب في منع وقوع القتل المباشر وفي الحال لرسول الله بهذا السم القاتل كما أرادت هذه المرأة اليهودية الخبيثة وصرحت بذلك كما في حديث البخاري ومسلم الذي زكرناه وإنما توفي رسول الله عندما أتم أجله الذي كتبه الله سبحانه له.
عن أنس بن مالك أن امرأة يهودية أتت رسول الله بشاة مسمومة فأكل منها فجئ بها إلى رسول الله فسألها عن ذلك قالت أردت لأقتلك فقال
"ما كان الله ليسلطك علي" أو قال: "على ذلك
معرفة الرسول لمرض انقطاع الأبهر بأكثر من ألف عام لمعرفة العلماء لهذا المرض.
إخبار الرسول أن التسمم يسبب مرضا للأبهر وهذا لم يعرف إلا حديثاً ومازال لا يذكر في معظم كتب أمراض القلب.
أن الله أخبر نبيه بقرب أجله وأخبره بسبب الوفاة إذ لم يعرف هذا المرض بصورة قاطعة إلا في القرن التاسع عشر.
الأستاذ الدكتور مجاهد أبو المجد

منقووول