هل أفتى الشيخ الألباني بالجهاد في الجزائر و قال لهم : "عجلوا عجلوا!" ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ، و على آله و صحبه و من والاه ؛ أما بعد :
قال الله -تعالى- : ﴿ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) ﴾ [الذاريات] ؛ فهذه سنة الله في عباده المرسلين - عليهم الصلاة و السلام- ، حيث ما من رسول أرسله الله -تعالى- إلا كذّب به قومه و حاربوه و نعتوه بما ذكره الله -عز و جلّ- في الآية السابقة .
و لم يختلف ورثتهم عنهم في هذا الأمر كثيرا ؛ فقد نالوا قديما و حديثا نصيبا من مختلف النعوت التي تسيء إليهم قصد تنفير الناس عنهم و صدّهم عن الحق الذي يحملونه ؛ فلا يُستغرب حينئذ ما قرأناه من سيرة أئمة الإسلام و ما عانوه ، و ما رأيناه هذا العصر من أئمتنا و ما نالوه من ألسنة و أقلام الضُلاّل المنحرفين !
فكيف يسلم من كيد المخالفين عالمٌ يدعو إلى الحق بعلمه ، ولم يسلم نبيٌّ يدعو إلى الحق مع ما أعطاه الله من الآيات البينات ؟!
فما من عالم إلا و ابتلاه الله –تعالى- بأعداء يحاربونه من أجل الحق الذي جاء به لأنه يخالف ما يهوونه و ما يدعون إليه !
فالجهمي و إخوانه يقول عنهم "مشبهة" و "حشوية" ؛ و الصوفيّ و الشيعيّ و إخوانهم يقول عنهم "وهابية" ، و الحزبي يقول " جامية" و آخر " مدخلية"، و غير ذلك من الألقاب الكاذبة الوهمية !
و من مكايدهم كذلك : إلصاق الأكاذيب و التُهم بمشايخنا بأدنى شبهة يلتقطونها من هنا و هناك ، أو هفوة يطيرون بها فرحا !
لكن أنى لهم إطفاء نور الله بأفواههم و قد أخبرنا أنه مُتِمُّهُ و قد وعد بالنصر من ينصره؛ فمن ينصر من حارب الله و رسوله –صلى الله عليه و سلم- و أين مفرّهم غير الخزي و الخذلان في الدنيا و العذاب الشديد في الآخرة ؟!
و الذي أريد التطرق إليه في هذا الموضوع ، هو فرية عظيمة على مجدد هذا العصر ، الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني -قدسه الله روحه و حشرنا و إياه مع الذين أنعم عليهم- ؛ حيث خُصِّصت له فرية في بلدنا قصد تنفير الناس عنه و منع أشرطته و مؤلفاته حين وجدوه كالشوكة في حلوقهم تمنعهم من نشر باطلهم في أوساط الناس .
فقد ألصقوا به تُهمة هو بريئ منها براءة الذئب من دم يوسف - عليه السلام- ، و قالوا إن الألباني هو الذي أفتى بالجهاد في الجزائر و قال لهم عجلوا عجلوا ! أي بالخروج على الحاكم ؛ و كلام الشيخ معروف في هذه القضية و منشور و مشهور لا يُخالف إخوانه العلماء فيه !
فقوم نشروا هذا ليطعنوا في الشيخ و يصدوا الناس عن دعوته و يُحرضوا الحكام ضده لضرب السلفية في الجزائر بخصوص ؛ و قوم طاروا بها فرحا و استغلوها لدعوة الشباب للخروج على الحكام و تخريب البلاد و ترويع العباد.
و قد قال-عزّ و جلّ- : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴾ [الحج 38] ، فالحمد لله الذي صدق وعده و الله لا يخلف الميعاد !
أبدأ بسرد دليل على واقع أثر هذه الفرية في نفوس الذين صعدوا الجبال بحجة الجهاد، و بيان واضح أن كثيرا منهم صعدوا بعد أن قيل لهم : إن الشيخ الألباني أفتى بالجهاد و قال عجلوا عجلوا !
جاء في مكالمة مباشرة مع الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي –حفظه الله تعالى- يوم 2 رمضان 1420هـ من بعض الذين صعدوا إلى الجبال ما يلي :
قال السائل: نحن نحيطكم علماً أنَّ الذي يكلِّمك الآن هم إخوانك المقاتلون من الجزائر، وبالضبط المقاتلون: (الجماعة السلفية للدعوة والقتال)، ونحن في إحدى كتائبها: (كتيبة الغرباء) بالبويرة؛ نعود طبعاً بعد أن بلغنا من كلام أهل العلم ما بلغنا أن نطرح عليكم بعض التساؤلات، وكنا قد أعطيناك بدايتها في الصباح، وها نحن نعطيك تفاصيلها إن شاء الله -عزّ وجلّ-.
عموماً أودُّ أن نعطيك ـ يا شيخنا ـ نظرةً لمجريات الأحداث منذ أن بدأت إلى يومنا هذا؛ حتى تكون عندك صورة متكاملة عمّا جرى إن شاء الله -عزَّ وجلَّ-.
كما تعلمون ـ شيخنا ـ القضية بدأت بظهور الجبهة الإسلامية للإنقاذ على الساحة، التحزب ـ يعني ـ المفهوم ذاك والانتخابات، ثم تَوقَّفت الانتخابات وجرى ما جرى في تلك الفترة، في 92 بدأ جماعة من التكفيريّين عمليّات القتل والجبهة الإسلامية للإنقاذ في إبّان تلك الفترة كانت تدعم القتال بشكل إعلامي فقط، وتحمِّس الشباب لذلك.
بعد ذلك شيخنا انتشر عند الإخوة أنَّ الشيخ ناصر الدين الألباني قد أفتى بهذا القتال، وقال: " عجِّلوا! عجِّلوا! "، وهناك شريط مسموعٌ في هذه الفترة مع هذه الظروف الإعلامية ومع الظروف المتقلبة ـ يعني ـ ...( ) أصبح الشباب يلتحق أفواجاً أفواجاً بهؤلاء المقاتلين.
قال الشيخ: أَسمعني شريط الألباني.
السائل: ماذا شيخنا؟
الشيخ: أسمعني كلام الشيخ الألباني هذا الذي يقول: " عجِّلوا! عجِّلوا!".
السائل: ماذا يا شيخ ماذا؟
الشيخ: أقول: أَسمعوني صوت الشيخ الألباني هذا الذي اعتمدتم على فتواه.
السائل: الشريط موجود، لكنَّ الشريط بُني على واقعٍ غير واقع الذي سأل الشيخ، لم يعطه الواقع الصحيح؛ أوهمه أنَّ ثَمَّة عُدّة، وثَمَّة (7) ملايين و(3) ملايين وهكذا، فالشيخ قال: " عجِّلوا! عجِّلوا! " كأنّه أوهمه غير الواقع، فكان هذا الذي كان..."اهـ المقصود و الله المستعان ! (نقلا من كتاب"فتاوى العلماء الأكابر فيما أُهدر من دماء في الجزائر" للشيخ عبد المالك رمضاني –حفظه الله- ؛ الطبعة الثامنة 1430 هـ/ 2009 م ، مكتبة و تسجيلات الغرباء الأثرية).
فهكذا خُدع كثير من الشباب الذين اعتمدوا على هذا الكلام، و صعدوا به الجبال و دخلوا في صراع مع النظام الحاكم .
و فيما يلي الرد جملة و تفصيلا على هذا الإفك المبين ، و دليل واضح على خزي هؤلاء الذي غرّروا الشباب في بلدنا و دعوهم للخروج على جماعة المسلمين ؛ فو الله الذي فعل هذا لا يخاف الله و يكذب على عباد الله بلا ورع ؛ عاملهم الله بعدله و هدى من انخدع بهم إلى السبيل القويم .
انظروا عباد الله كيف فعل هؤلاء بكلام الشيخ كما فعل اليهود بكلام الله ! يحرفون الكلم من مواضعه و العياذ بالله !
قال الشيخ في ذلك المقطع : " هل الشعب مستعد للخروج على الحاكم؟ -نعود للبحث الأول- ؛ هل الشعب مستعد للخروج على الحاكم استعدادا من النوعين ؟ الاستعداد المعنوي الروحي و الاستعداد المادي ؛ إن كان كذلك فأنا أقول: عجلوا ! , و لا تتخذوا هذه الوسائل الدبلوماسية , أن نحن نريد أن ندخل في البرلمان , من أجل الإصلاح بطريقة لا يشعر الحاكم كيف تأكل الكتف ؛ لكن هل تظن أن الشعوب المسلمة في أي شعب يعني، عندها مثل هذا الاستعداد للخروج على الحاكم؟ و لو بهذه الطرق الملتوية الوئيدة اللطيفة الناعمة ؛ فحينما تسلسلنا في تصور الموضوع , حتى وقع اصطدام بين الحاكم و المحكوم ؛ هل الشعب عنده استعداد لمقاومة الحاكم و قوته و من ورائه؟ " اهـ
و هم بتروا الكلام و نقلوا منه ما احتاجوا إليه فتوقفوا عند قوله -رحمه الله- : " عجلوا!" فتعجل الشباب بالخروج، و لا زلنا نذوق مرارة فعلهم هذا إلى يومنا هذا ، و الله المستعان !
بينما الشيخ بيّن لهم بالحكمة و الحجة و البيان أن هذا العمل محرم ، و أن الحزبية محرمة ، و أن الدخول إلى البرلمنات محرم ، و أنه لابد من دعوة الشعب إلى دين الله أولا وِفق المنهج الرباني "التصفية و التربية" ؛ و لكن أبوا إلاّ العناد ، فموعدهم أمام رب العباد !
تجدون المقطع المذكور هنــا ، و الشريط كاملا بوجهيه هنــا و هنــا .
و هنا تفريغ لبعض الجلسة ليزداد الأمر وضوحا :
الشيخ : هل الشعب مستعد للخروج على الحاكم؟ -نعود للبحث الأول- ؛ هل الشعب مستعد للخروج على الحاكم استعدادا من النوعين ؟ الاستعداد المعنوي الروحي و الاستعداد المادي ؛ إن كان كذلك فأنا أقول: عجلوا ! , و لا تتخذوا هذه الوسائل الدبلوماسية , أن نحن نريد أن ندخل في البرلمان , من أجل الإصلاح بطريقة لا يشعر الحاكم كيف تأكل الكتف ؛ لكن هل تظن أن الشعوب المسلمة في أي شعب يعني، عندها مثل هذا الاستعداد للخروج على الحاكم؟ و لو بهذه الطرق الملتوية الوئيدة اللطيفة الناعمة ؛ فحينما تسلسلنا في تصور الموضوع , حتى وقع اصطدام بين الحاكم و المحكوم ؛ هل الشعب عنده استعداد لمقاومة الحاكم و قوته و من ورائه؟
السائل: بالنسبة للجزائر- حسب ما هو موجود و ظاهر- أن الشعب مستعد بقيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ أن يخرج على الحاكم
الشيخ: أرجوك ما تحيد عن الجواب، أنا ما سألت مستعد و لا، أنا سئلت شيئين هناك موجودان أم لا؟ الاستعداد الإيماني الروحي و الاستعداد المادي السلاحي ؛ هذا الاستعداد موجود؟ واضح سؤالي؟
السائل: نعم واضح السؤال،
الشيخ: طيب فليكن إذن الجواب واضحا أيضا.
السائل: واضحا إن شاء الله
الشيخ: نعم
السائل : فأما عن الجانب الروحي , فهناك - يعني - من ما يكفي أن يجعل الشعب الجزائري يهم و تدفعه عقيدته إلى أن يخرج على الظالم , إذا كان في مقدمة هذا الشعب شيوخ الذين نذروا أنفسهم لله - سبحانه و تعالى - ، فهناك ما يدفع - يعني ما أقول أن هناك الجانب الكافي الكلي - و لكن هناك ما يدفع الشعب لكي يخرج في وجه الظالم ليسقطه ؛ هذا من الجانب الروحي .
أما من الجانب الاستعداد المادي قد لا تكون عندي معرفة كبيرة بهذا الجانب، و لكن فيه ما يمكن أن يؤدي إلى إسقاط النظام أقل شيء.
الشيخ: يا شيخ - بارك الله فيك - أرجوا أنك تكون نظرتكم بعيدة
السائل : إن شاء الله
الشيح: لأنو أنا لما أتكلم عن النظام , أربط معه الراضي عنه ؛ و أنت حينما تجيب لا تربط معه الراضي عنه،
السائل: صح، هو هذا موجود لا سيما فرنسا تلعب دور كبير في الجزائر.
الشيخ: طيب طيب،إذا ما هي الاستعدادات- بارك الله فيكم - في ما إذا وقعت الواقعة ؟ لأنني أخشى أن يصيبكم ما أصاب غيركم - في مصر و غيرها- أنو ترجعوا مهزومين مقهورين مقتولين بدون فائدة ؛ و لذلك فأنا ألفت نظركم - أخيرا- إلى المبدأ الإسلامي " خير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه و على آله و سلم- "، ما هو السبيل الذي طرقه الرسول - عليه السلام - حتى أوجد الحكم الإسلامي؟ هل ساير الكفار و شاركهم في نظامهم , لكي يستولي عليهم ؟ أم دعاهم بكلمة الحق :أن يعبدوا الله و يجتنبوا الطاغوت ؟ أليس هذا هو السبيل الذي نؤمن به نحن معشر المسلمين و بخاصة السلفيين جميعا ؟ إذن هل هذا هو السبيل الذي يراد سلوكه بالانضمام إلى البرلمان ؟ هل هو سبيل الرسول - عليه السلام - الذي قال لنا ربنا في القرآن: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ ؛ و من رأى العبرة بغيره فليعتبر؛ الشعوب الإسلامية الحركة القائمة الآن في الجزائر, ما هي الأولى من نوعها ؛ و لعلكم تعلمون هذه الحقيقة؛ طيب، فماذا استفادت هذه الحركات , التي حاولت أول حركة قامت - هم جماعة الإخوان المسلمين- الذين أرادوا أن يصلوا إلى الحكم في مصر بطريق إيش؟ الانتخابات ؛ شو كانت العاقبة؟ دسوا واحد يرمي حسن البنا و إذا به قتل، راحت القوة كلها هباءً منثورا؛ لماذا؟ لأن الشعب ما ربي تربية إسلامية بأفرادها , و إنما ربي تربية حزبية للوصول إلى إيش؟ الحكم ؛ ثم نحن بعد ذلك نصلح الشعب:
أو ردها سعد و سعد مشتمل....ما هكذا يا سعد تورد الإبل
و لذلك : ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ فأنا أرجوا أن إخواننا - هناك -
تكون نظرتهم بعيدة ؛ و ألا يصدق فيهم المثل العربي القديم:" فلان لا ينظر إلى أبعد من أرنبة أنفه " هذه العين و هذه الأرنبة ؛ نرجو أن تكون نظرتهم بعيدة و بعيدة جدا .
هب أن الشعب الجزائري الآن هو من القوة المادية كالجيش العراقي، ماذا يفيد؟ ماذا أفاد الجيش العراقي؟ و لذلك فالإيمان قبل كل شيء ؛ و لا يكفي الإيمان بخمسة , بعشرة , بألف , بألوف مؤلفة ؛ الشعب نفسه لا زم يكون إيش؟ مسلما؛ أنا ما أدري - الآن - كيف الحياة عندكم , لكني أتساءل : هذه الجماعات الإسلامية - على تنوعاتها - لا يوجد فيهم ناس يتعاملون بالربا؟
السائل: عند القواعد، قاعدة الجماعة - مثلا - أتباعها، طبعا فيه الصالح و فيه المخطئ و دون ذلك، و فيها....
الشيخ:طيب، و هكذا كان الأمر في العهد الأول في الإسلام؟
السائل: أبدا.
الشيخ: فإذن بارك الله فيك، المكتوب مُبَيَّن من عنوانه يقولون ؛ فلا يحتاج الأمر إلى أكثر من التروي و التفكير و معالجة الأمر جذريا.... اهـ
و ما يشد الانتباه كذلك في تلك الجلسة ، أن السائل حاول في الأخير اختطاف "رخصة" من الشيخ للخروج بحيلة ماكرة؛ لكن هيهات أن يفعل ذلك و أسد السنة يراقب كل صغيرة و كبيرة من كلامهم
فقد قال ذاك الممثل : عندي سؤال فقهي ؛ فقال له الشيخ : و هذا ليس فقهي ؟!
و كان سؤاله : إذا كان هناك في مسألة قولان , راجح و مرجوح ؛ هل يجوز الأخذ بالرأي المرجوح في حالة الضرورة ؟
فاصطاده أسد السنة - رحمه الله - و قال له : هذا سؤال سياسي!
فرحمه الله رحمة واسعة ، و جزاه عنا و عن الإسلام خير الجزاء
ثم أنقل لكم كلام للشيخ عبد المالك رمضاني –حفظه الله تعالى- علّق به على هذه الفعلة في كتابه " فتاوى العلماء الأكابر فيما أُهدر من دماء في الجزائر" :
" هل يفهم من هذا الكلام أن الشيخ –رحمه الله- يأمر بالخروج؟! هل يُفهم منه هذا من قريب أو من بعيد؟! من صريح العبارة أو من دلالة الإشارة؟! من منطوقه أو من مفهومه؟! ﴿ فإنّها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور﴾ [الحج46].
هل يجوز لعاقل أن يقطع قول الله –تعالى-: ﴿فويل للمصلين﴾ عن قوله:﴿الذين هم عن صلاتهم ساهون﴾؟![الماعون4-5].
هل يجوز لعاقل أن يقرأ قول الله –تعالى-: ﴿قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين﴾[الزخرف81] ثمّ يفهم منه أن لله ولدا، أو أن الرسول –صلى الله عليه و سلم- دخله شك في ذلك ؟!
هل يجوز لعاقل أن يفهم من قول الله –تعالى- للكفّار تهديدا : ﴿ اعملوا ما شئتم﴾[فصلت40] أنه يأمر –سبحانه- بكل عمل : سيئة و حسنة ؟!
هل يجوز لعاقل أن يفهم من قول الله –تعالى- لأهل النار إهانةً : ﴿ذق إنك أنت العزيز الكريم﴾[الدخان49] لأنه أعزّه و أكرمه؟!
إن قول الشيخ : "عجلوا" لا يخرج عن مثل هذا الأسلوب القرآني؛ و قد ظهر لي أن الشيخ أراد أمرين هما:
الأول: بيان تناقض السائل و فرقته؛ لأنهم يزعمون أنهم على استعداد للحل الدموي؛ فلماذا إذا اللجوء إلى الحل السياسي؟!
الثاني: بيان عجزهم على ألسنتهم؛ لأنه علق تعجيل الخروج على حصول مقدمتين هما:
كفر الحاكم، و هذا لم يوافقهم عليه، و الأخرى هي : وجود الاستعداد المادي و المعنوي لدى الخارجين، و قد بيّن انعدامه، و مثله قول الله –تعالى- يوم القيامة : ﴿ يا معشر الجن و الإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات و الأرض فانفذوا﴾ [الرحمن33] مع أنه لا يقدر أحد من هؤلاء على الهروب من أمر الله و قدره. (حاشية ص119/120).
ثم قال –حفظه الله تعالى- تحت تفريغ المكالمة بين الشيخ ربيع –حفظه الله- و المقاتلين من الجبال (حاشية ص183) :
" قد مرّ تفريغ هذه الفتوى في آخر فتاوى الشيخ الألباني –رحمه الله- ، و بان للقارئ أن كلام الشيخ لا يوهم ذلك، لا من قريب و لا من بعيد.
و محاولة إلصاق التهمة بالشيخ الألباني محاولة فاشلة؛ لأنه ليس في كلام الشيخ أدنى إيحاء بالخروج، كما بيّنته في الموضع المشار إليه، كما أن المشكلة ليست في الواقع المكذوب المعروض على الشيخ بقدر ما هي في التلاعب المكشوف بفتاوى أهل العلم و الإعراض عنها؛ لأن القوم كانوا عطشى إلى الدماء من أول يوم!". اهـ
نسأل الله أن ينصر دينه و أن يعلي كلمته و أن يحفظ بلاد المسلمين من كل شر و أن يريحنا من شر الخوارج.
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين