زرقاء على قارعة الضياع..من قعر فنجان صدء..ياولدي ..ابكي كالنساء على ملك لم تحافظ عليه ...كالرجال..
منارة مزيّفة في الدهر..تحجب ظل الضباب..وتصدم الرؤية بمنظر جانبي باهت ..لعير العرب على مشارف صحراء الجليد... جرح في جبهة الكلمات العارية ..على جسد لم يترك مكانا لرضعه أو احتضانه..لهاث في الأرصفة المزدحمة بالدمع..تتبختر عليها الفوضى في سكون..يفتح البوق أثيره المزعج..نفير مهتريء ..هذه دعوة فاجرة للسطل العام..
وجه عربي جاف..تخلّى عن لون عمامته..ورباط خيله ..ممشوق القامة في ذل ..أغمي على شرايين رجولته في عزّ الصبا..يثرثر عن تأوهات الليل والعشق ..ويفتح فاه عن شوق مكبوت للأحضان والنهود..تناسى ..في لهفة شوقه .. أن الدعاء هناك ..في القبة مقطوع تحت الستّين ..أن الصلاة المعجلة مؤجلة ..تحت نعال جند من مواخير التاريخ..
..في النفير إليها ..لا أحد.. في جهة ما من القلب ..ينطق..أنا شهيد اليأس من فرج قريب..من غد جديد..أرهقتني جثث العبيد المكدسة في وطني..على الأرصفة الممدودة دون ترتيب....في عيوني الباردة من الدمع.. وثلوج الذل تكسو حاجبيّ اللعينتين..تعاتبني أسوارها..لا صلاة اليوم خلفي ..لا دعاء..بإرادة الدخان والرصاص..دعوة للسطل العام وخدش النظام..
رأيت القدس اليوم..تتعرّى عن حجارة دامعة..رأيت كفن الكلمات..تخرج عاهرة من أفواه بائسة ..زادها تقلص الجبين من تحتها أو من فوقها..عهرا على فجور..رأيت الحجارة المقدسة ..المدنسة تستغيث بلا مغيث.. المجد الطاعن في السّن واليأس يتأبط سيفا خصّيا مجعدا..شحبت تجاعيده وتباعد نبضه ..رأيت القدس اليوم تهذي..تبا أين المشانق ؟ أين السيوف؟....المشانق تحت الغطاء في الليل ظفيرة..والسيوف أقسمت ألا تنتصب الرجولة فيها..
رأيت القدس ..رأيت..نظرات الحزن البعيدة..سفينة تغرق في أجفان ذليلة ..تظلّلها أهداب النسيان ..من الخلف والأمام....تنزف على العتبات المقدسة ..والمدنسة ..وهذه الصلاة المقطوعة بلا أجل..
من قعر فنجان ..أين عير العرب..؟ ..تبا أين سيوف العرب..كلمة فاجرة..دعوة للإنتحار العام..