إن أمر استئناف العمل كما كان يشغل بال الأولياء - و كلنا أولياء تلاميذ (كل التلاميذ) - فإنه يشغل بال المربين بالدرجة الأولى لعدة اعتبارات أهمها مصلحة التلاميذ و تنفيذ البرامج و أخيرا تلطيف الجو أو البيئة التعليمية التي أرادتها الوصاية معفنة حتى النخاع عن طريق الاستخفاف تارة و عن طريق التهديد المخالف للقانون تارة أخرى ، و إن كان هذا لا يفاجئني أنا شخصيا بحكم تكويني في الحقوق و العلوم السياسية و أعرف - بعض الشيء - ما هي استراتيجيات صانع القرار و بخاصة إذا كان فاقدا للمصداقية و الشخصية على حد السواء لأن البيئة النفسية و السيكولوجية تؤثر على أي قرار قبل أن يصدره. و لا يضن الإخوة المربون أن القرارات الإدارية تصنع دائما على أعلى مستوى لاسبب بسيط و هو عدم تخصص رئيس الهيئة الإدارية و عدم كفاءته في الموضوع فيطلب من أحد معاونيه صناعة القرار الذي سيتخذه هو فيما بعد و يتابع تنفيذه، فلا نندهش لأي قرار تعسفي في حق رجال التربية و التعليم سواء بخصوص الأجور أو الترقية أو غيرها، فقد يكون صانع القرار مربي (؟) سابق ترقى إلى منصب محترم و بامتيازات خيالية فلا يريد أن ينافسه فيها زملاءه القدامى، أو قد يكون صانع القرار تلميذ عاق يريد الانتقام من مربيه على غرار الصحفية التي وصفتنا - أيام الرئيس الشاذلي بن جديد - بالجراثيم عندما طالبنا بإصلاح المنظومة التربوية و كانت النتيجة أن وُوجهنا بالمطاردات و المضايقات و أما هي فحصلت على منصب وزير . فنحن مع ترقية كل الكفاءات ممن تتلمذوا على أيدي 500 ألف مربي أحسنهم حالا غارق في القروض الاستهلاكية و التي بطالب صندوق النقد الدولي ( fmi) بإعادتها - و العياذ بالله - و يعارض الزيادة المحترمة في أجور عمال قطاعات الخدمات خاصة - لأنه يعتبرنا قطاعا غير منتج- و نقول لأصحاب هذا الرأي، إذا كان القطاع الصناعي الذي ينتج قطع الغيار أو القطاع الفلاحي الذي ينتج الخضر أو قطاع النسيج الذي ينتج القماش أهم عندهم من قطاع التربية و التعليم - الذى صنفته اليونسكو ثالث أصعب مهنة - و الذي لا ينتج سوى الدكاترة و المهندسين و الأئمة و مختلف الإطارات بالإضافة إلى رؤساء الأحزاب - سواء تحالفوا أو تشرذموا - نقول لهم لقد حكمتم على أنفسكم بأنكم أقل شأنا من العجلات المطاطية و البطاطا و الأقمصة لأنها -ببساطة - نتاج قطاع أرقى من ذلك القطاع الذي أنتم نتاجه.
فوالله الذي لا إله غيره، لن تقوم لنا قائمة ما لم نهتم بالتربية و التعليم بمختلف أطواره و تفعيل البحث العلمي و ترشيد نفقاته و ربطه بمتطلبات الاقتصاد الوطني...و أسكت و لا أزيد لأن الكلام إذا طال ينسي بعضه بعضا.
فاستئناف العمل هذا ليس خنوعا و لا ضعفا و إنما احتراما لهيبة الدولة الجزائرية - التي غالبا ما داسها الكبار (؟) - و المتمثلة في الاستجابة للحكم الاستعجالي الصادر عن مجلس قضاء الجزائر، فرجاء من الإخوة عدم التطاول على ممثليهم في الكتب الوطني و أن يحسبوا الأمور بأعين متفتحة و أن يفوتوا الفرصة على أعداء الجزائر في الداخل و الخارج.