صور تتقطع لها الأكباد وتدمع لها الأعين وتصمت أمامها الأفواه..

[Mohamed]

أشلاء متناثرة، وعشرات الجرحى متساقطون على الأرصفة، أحدهم فاقد لذراعه يطلب النجدة، وجثة أحد أعوان الأمن ممزقة مرمية على الأرض، وقرابة العشرين سيارة محطمة ومحروقة، ونيران مشتعلة، زجاج متطاير على بعد مئات الأمتار، وسحابة كبيرة من الدخان الأسود، عمارتان منهارتان... بكاء وعويل وأطفال مصدومون، وهلع كبير وأناس يجرون في كل الاتجاهات، وصور مأساوية أخرى تتقطع لها الأكباد وتدمع لها الأعين وتصمت أمامها الأفواه... تلك هي صور الخمس دقائق الأولى بعد الانفجار الانتحاري الذي استهدف صبيحة أمس، مقر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بحيدرة بالجزائر العاصمة.
في الوقت الذي توجهت أعين الجميع لمعرفة مصدر الانفجار الأول الذي هز مقر المجلس الدستوري بالأبيار، دوى انفجار آخر أشد من الأول لقربه من مكان تواجدنا، بحيث لم يكن يفصلنا عنه سوى 300 متر فقط. فلم نشعر كيف تسارعت بنا الخطى مع باقي المواطنين إلى مكان الانفجار في الوقت الذي كان فيه الجميع فارا عكس اتجاهنا، العديد منهم كان غارقا في دمائه بسبب الجراح البليغة التي أصيبوا بها خوفا من انفجار ثان لسيارة أخرى أو انفجار للغاز المتسرب من العمارتين المنهارتين.
دقائق فقط وصلنا إلى مكان الانفجار، كان المنظر مروّعا لبشاعة الصور المرعبة التي صدمتنا بحيث وجدنا عشرات الأشخاص متساقطين على الرصيف غارقين في دمائهم، أحدهم، وهو عون أمن مبتورة ذراعه، يطلب النجدة، وامرأة أخرى بجانبه رجلها متدلية والعديد من الجرحى الآخرين البعض منهم انتقل إلى وسط الطريق يطلب من أصحاب السيارات المارين بالقرب من مقر المفوضية المستهدف لأخذهم إلى المستشفى لتلقي الإسعافات كان ذلك قبل وصول سيارات الإسعاف إلى عين المكان، والتي وجدت العديد منهم قد نقل من قبل المواطنين. دقائق فقط بعد ذلك امتلأ المكان بالمواطنين، وأغلبهم جاء للبحث على ذويه، لا سيما أن مكان الانفجار كان قريبا من مدرستين ابتدائيتين، هما مدرسة لالة فاطمة نسومر، ومدرسة الإخوة عياد. وما زاد من الأجواء الدرامية بمكان الفاجعة أكثر هو بكاء الأطفال الصغار وعائلاتهم الذين قدموا للبحث عن فلذات أكبادهم. صور مرعبة ومناظر تقشعر لها الأبدان.

يومية الخبر
2007/12/12