تائية ابن الفارض - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > خيمة الأدب والأُدباء

خيمة الأدب والأُدباء مجالس أدبيّة خاصّة بجواهر اللّغة العربيّة قديما وحديثا / مساحة للاستمتاع الأدبيّ.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تائية ابن الفارض

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-07-25, 22:40   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
تجويد
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية تجويد
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز 
إحصائية العضو










افتراضي تائية ابن الفارض





سقتني حميَّا الحبِّ راحة َ مقلتي=وكأسي محيَّا مَن عنِ الحسن جلَّتِ
فأوهمتُ صَحبي أنّ شُربَ شَرَابهِم=بهِ سُرَّ سرِّي في انتشائي بنظرة ِ
وبالحَدَقِ استغنيتُ عن قَدَحِي و مِنْ=شمائلها لا مِن شموليَ نشوتي
ففي حانِ سُكري ، حانَ شُكري لفتية =بهم تمَّ لي كتمُ الهوى مع شهرتي
ولمَّا انقضى صحوي تقاضيتُ وصلها=و لم يغشَني في بسطِها قبضُ خَشيتي
وأبْثَثْتُها ما بي، ولم يكُ حاضِري=رقيبٌ لها حاظٍ بخلوة ِ جلوتي
وقُلتُ، وحالي بالصّبابَة ِ شاهدٌ=و وجدي بها ماحِيَّ والفقدُ مثبتي
هَبي، قبلَ يُفنِي الحُبُّ مِنّي بقِيّةً=أراكِ بها، لي نظرَة َ المتَلَفّتِ
و مِنّي على سَمعي بلَن، إن منَعتِ أن=أراكِ فمنْ قبلي لغيريَ لذَّتِ
فعندي لسكري فاقة ُ لإفاقة ٍ=لها كبدي لولا الهوى لمْ تفتّتِ
و لو أنَّ ما بي بالجبال وكانَ طو=رُ سينا بها قبلَ التَّجلِّي لدُكَّتِ
هوى عبرة ٌ نمَّتْ بهِ وجوى ً نمتْ=به حُرقٌ أدواؤها بِيَّ أودتِ
فطوفانُ نوحٍ، عندَ نَوحي، كأدمَعي=وإيقادُ نيرانِ الخليلِ كلوعتي
ولولا زفيري أغرقتنيَ أدمعي=و لولا دموعي أحرقتنيَ زفرتي
و حزنيَ ما يعقوبُ بثَّ أقلَّهُ=وكُلُّ بِلى أيوبَ بعضُ بَلِيّتي
وآخرُ ما لاقى الألى عشقوا إلي ال ..=رَّدى ، بعضُ ما لاقيتُ، أوّلَ محنَتي
وفي ساعة ٍ، أو دونَ ذلكَ، مَن تلا=لآلامِ أسقامٍ، بجِسمي، أضرّتِ
لأَذكَرَهُ كَربي أَذى عيشِ أزمَة ٍ=بمُنقَطِعي ركبٍ، إذا العيسُ زُمّتِ
وقد برَّحَ التَّبريحُ بي وأبادني=ومَدحُ صِفاتي بي يُوَفّقُ مدحتي
فنادمتُ في سُكري النحولَ مراقبي=بجملة ِ أسراري وتفصيلِ سيرتي
ظهرتُ لهُ وصفاً وذاتي بحيثُ لا=يراها لبلوى مِن جوى الحبِّ أبلتِ
فأبدتْ ولم ينطقْ لساني لسمعهِ=هواجِسُ نفسي سِرَّ ما عنهُ أخفَتِ
وظَلّت لِفِكري أُذنُهُ خَلَداً بها=يَدورُ بهِ، عن رُؤيَة ِ العينِ أغنَتِ
أحَبّنيَ اللاّحي، وغارَ، فلامَني،=مُجيبا ًإلَيها، عن إنابَة ِ مُخبِتِ
كأنَّ الكرامَ الكاتبينَ تنزَّلوا=على قَلبِهِ وَحياً، بِما في صحيفَتي
وما كانَ يدري ما أجنُّ و ما الَّذي=حَشايَ منَ السِّرّ المَصونِ، أَكَنَّتِ
وكشفُ حجابِ الجسمِ أبرزَ سرَّ ما=بهِ كانَ مستوراً لهُ مِن سريرتي
فكنتُ بسرِّي عنهُ في خفية ٍ وقدْ=خفتهُ لوهنٍ من نحوليَ أنَّتي
لَقيلَ كنَى ، أو مسّهُ طَيفُ جِنّة ِ=له ، والهوى يأتي بكلِّ غريبة ِ
وأفرَطَ بي ضُرَّ، تلاشَت لَمْسّهِ=أحاديثُ نَفسٍ، بالمدامِعِ نُمّتِ
فَلو هَمّ مَكروهُ الرّدى بي لما دَرى=مكاني ومن إخفاءِ حبِّكِ خفيتي
وما بينَ شوقٍ واشتياقٍ فنيتُ في=تَوَلٍّ بِحَظرٍ، أو تَجَلٍّ بِحَضرة ِ
فلو لفنائي مِن فنائكِ ردَّ لي=فُؤاديَ، لم يَرغَب إلى دارِ غُربَة ِ
وعنوان شاني ما أبثُّك بعضهُ=وما تَحتَهُ، إظهارُهُ فوقَ قُدرَتي
واُمسِكُ، عَجزاً، عن أُمورٍ كثيرة ٍ=بِنُطقيَ لن تُحصى ، ولو قُلتُ قَلّتِ
شفائي أشفى بل قَضى الوَجدُ أن قَضى=وبردُ غليلي واجدٌ حرَّ غلَّتي
وباليَ أبلى مِن ثيابِ تجلُّدي=بهِ الذاتُ، في الأعدامِ، نِيطَت بلَذة
فلو كشفَ العوَّادُ بي وتحقَّقوا=منَ اللوحِ ما مِنِّي الصَّبابة ُ أبقتِ
ومنذُ عفا رسمي وهِمتُ، وَهَمتُ في=وجودي فلم تظفر بكونيَ فكرتي
وبعدُ فحالي فيكِ قامت بنفسها=وبيِّنتي في سبقِ روحي بنيَّتي
و لم أحكِ في حبَّيكِ حالي تبرُّماً=بها لاضطِرابٍ، بل لتَنفِيسِ كُربَتي
ويَحسُنُ إظهارُ التّجلّدِ للعِدا=ويقبحُ غيرُ العجزِ عندَ الأحبَّة ِ
ويَمنَعُني شكوَايَ حُسنُ تَصبّري=ولو أشكُ للأعداء ما بي لأشكَت
وعُقبى اصطِباري، في هَواكِ، حمِيدَة ٌ=عليكِ ولكنْ عنكِ غيرُ حميدة ِ
وما حَلّ بي من مِحنَة ٍ، فهومِنحَة ٌ،=وقد سَلِمَت، من حَلّ عَقدٍ، عزيمتي
وكَلّ أذًى في الحبّ مِنكِ، إذا بَدا=جعلتُ لهُ شكري مكانَ شكيَّتي
نَعَم وتَباريحُ الصّبابَة ِ، إن عَدَت=علىَّ منَ النعماءِ في الحبِّ عدَّتِ
ومنكِ شقائي بل بلائيَ مِنَّة ٌ=وفيكِ لباسُ البؤسِ أسبَغُ نِعمَة ِ
أرانِيَ ما أولِيتُهُ خيرَ قِنْيَةٍ=قديمُ وَلائي فيكِ من شرّ فِتيَة ِ
فلاحٍ وواشٍ:ذاك يُهدي لِعِزّة ٍ=ضلالاً و ذا بي ظلَّ يهذي لغرَّة ِ
أُخالِفُ ذا في لومِهِ عن تقًى ، كما=أخالِفُ ذا في لؤمِهِ، عن تَقيّة
و ما ردُّ وجهي عن سبيلِكِ هولُ ما=لقيتُ، ولاضرّاءُ، في ذاكَ، مسّتِ
ولا حلمَ لي في حمل ما فيكِ نالني=يُؤدّي لحَمدي، أولَمَدحِ موَدّتي
قضى حسنكِ الدَّاعي إليكِ احتمالَ ما=قصصتُ وأقصى بعدَ ما بعدَ قصَّتى
وما هوَ إلاَّ أنْ ظهرتِ لناظري=بأكملِ أوصافٍ على الحسنِ أربتِ
فحلَّيتِ لي البلوى فخلَّيتِ بينها=وبيني فكانت منكِ أجملَ حلية ِ
ومَن يتَحَرّشْ بالجمالِ إلى الرّدى =رأى نفسَه، من أنفَس العيش، رُدّتِ
ونفسٌ ترى في الحبِّ أن لا ترى عناً=و لا بالولا نفسٌ صفا العيش ودَّتِ
وأينَ الصّفا ، هيهاتِ من عَيشِ عاشِقٍ=وجنَّة ُ عدنٍ بالمكارهِ حفَّتِ
ولي نفسُ حرٍّ لو بذلتِ لها على=تَسَلّيكِ، ما فوْقَ المُنى ما تسلّتِ
ولو أُبعِدَتْ بالصّدّ والهجرِ والقِلى=وقَطعِ الرّجا، عن خُلّتي، ما تَخَلّتِ
وعن مذهَبي، في الحُبّ، ماليَ مذهَبٌ=وإنْ مِلتُ يوماً عنهُ فارَقتُ ملّتي
و لو خَطَرَت لي في سواكِ إرادة ٌ=على خاطري سهواً قضيتُ بردَّتي
لكِ الحكمُ في أمري فما شئتِ فاصنعي=فلم تكُ إلاّ فيكِ لا عنكِ رغبتي
ومُحكَمِ عهدٍ، لم يُخامِرْهُ بيننا=تَخَيُّلُ نَسخٍ ، و هوَ خيرُ أليّةِ
وأخذُكِ ميثاقَ الولا حيثُ لم أَبِنْ=بمظهرِ لبسِ النَّفسِ في فئِ طينتي
وسابِقِ عهدٍ لم يَحُل مُذ عَهِدتُهُ=ولاحِقِ عَقدٍ، جَلّ عن حَلّ فترَة
ومَطلِعِ أنوارٍ بطلعتِكِ التّي=لبهجتها كلُّ البدورِ استسرَّتِ
ووصفِ كمالٍ فيكِ أحسنُ صورة ٍ=وأقوَمُها، في الخَلقِ، منهُ استمدّتِ
ونعتِ جلالٍ منكِ يعذبُ دونهُ=عذابي، وتحلو، عِندَهُ ليَ قتلَتي
وسِرِّ جَمالٍ، عنكِ كُلُّ مَلاحَةٍ=بهِ ظهرتْ في العالمينَ وتمَّتِ
وحُسنٍ بهِ تُسبى النُّهَى دَلّني على=هوىً حَسُنَتْ فيهِ لعزِّك ذلَّتي
ومعنىً ، ورَاءَ الحُسنِ، فيكِ شهِدتُهُ=بهِ دَقّ عن إدراكِ عَينِ بَصيرَتي
لأنتِ مُنى قلبي، وغايَة ُ بُغيَتي=وأقصى مُرادي، واختياري، وخِيرَتي
خلعتُ عذاري واعتذاريَ لابسَ الـ=خلاعةِ مسروراً بخلعي وخلعتي
وخلعُ عذاري فيكِ فرضى وإنْ أبى اْقـ=ـترابيَ قومي والخلاعة ُ سنَّتي
وليسوا بقومي ما استعابوا تَهتُّكي=فأبدَوْا قِلىً واستحسنوا فيكِ جفوتي
وأهليَ في دينِ الهوى أهلهُ وقد=رضُوا ليَ عاري، واستطابوا فضيحتي
فمن شاء فليغضبْ سواكِ ولا أذى ً=إذا رضيتْ عنَّي كرامُ عشيرتي
وإنْ فَتَنَ النُّسَّاكَ بعضُ محاسنٍ=لديكِ، فكُلٌّ منكِ موضِعُ فِتنَتي
وما احترتُ، حتى اخترتُ حُبّيكِ مَذهباً=فوا حيرتي إنْ لمْ تكنْ فيكِ خيرتي
فقالت هوى غيري قصدتَ ودونهُ اقْـ=ـتَصَدتَ، عميّاً، عن سواءِ مَحجّتي
وغرّكَ، حتى قُلتَ ما قُلتَ، لابِساً=بهِ شَينَ مَينٍ لبسُ نفسٍ تمنَّتِ
وفي أنفَسِ الأوطارِ أمسَيتَ طامعاً=بنفسٍ تعدَّت طَورَهَا فتعدّتِ
وكيفَ بحبى وهوَ أحسنُ خلةٍ=تفوزُ بدعوى وهيَ أقبَح خلَّة ِ
وأينَ السُّهَا مِن أكْمَهٍ عن مُرادِهِ=سَها، عَمَهاً، لكنْ أمانيكَ غرّت
فقمتَ مقاماً حُطَّ قدرُكَ دونَهُ=على قدمٍ عن حظِّها ما تخطَّتِ
ورُمتَ مراماً، دونَهُ كم تطاوَلت=بِأعناقِها قومٌ إليهِ فجذَّت
أتيتُ بيوتاً لم تُنَل من ظهورهَا=لَدَيّ، فَدَعني من سَرَابٍ بِقيعة
وبينَ يدِي نجواكَ قدَّمتَ زخرفاً=ترومُ بهِ عِزّاً، مرامِيهِ عَزّتِ
وجئتَ بِوَجهٍ أبيضٍ، غيرَ مُسقِطٍ=لجاهِكَ في داريكَ حاطِبَ صفوتي
ولو كنتَ بي من نقطة ِ الباءِ خفضة ً=رُفعتَ إلى ما لَمْ تنلهُ بحيلة ِ
بحيثُ ترى أن لا ترى ما عَدَدتهُ=وأنَّ الّذي أعددتَهُ غيرُ عُدَّة ِ
ونَهجُ سبيلي واضِحٌ لمنِ اهتدَى =ولكنَّها الأهواءُ عَمَّت فأعمَتِ
وقد آنَ أن أبدي هواكَ، ومن به=ضَناكَ، بما ينَفي ادّعاكَ محبّتي
حليفُ غرامٍ أنتَ لكنْ بنفسهِ=و إبقاكَ وصفاً منكَ بعضُ أدلَّتي
فَلَم تهوَني ما لم تكن فيَّ فانياً=ولمْ تَفنَ ما لا تُجتَلى فيكَ صورَتي
فدَع عنكَ دعوى الحبّ، وادعُ لِغَيرِهِ=فؤادَكَ، وادفَع عنكَ غَيّكَ بالتي
وجانبْ جَنابَ الوصلِ هيهاتَ لم يكن=وها أنتَ حيٌّ إن تكُنْ صادقاً مُتِ
هوَ الحُبّ، إن لم تَقضِ لم تَقضِ مأرَباً=منَ الحُبّ، فاختر ذاك، أو خَلّ خُلّتي
ودُونَكَ بحراً خُضتُهُ، وقَفَ الأُلى=إليكِ، ومَن لي أن تكونَ بقبضَتي
وما أنا بالشَّاني الوفاةَ على الهوَى=وشأني الوفَا تأتي سِواهُ سجيَّتي
وماذا عسى عنِّي يُقالُ سِوى قضَى=فُلانٌ، هوىً ، مَن لي بِذا، وهْو بُغيَتي
أجَلْ أجَلي أرضى انقِضاهُ صبَابَةً=ولا وصلَ، إن صَحّتْ، لحبّك، نسبتي
وإن لم أفُز حَقاً إليكِ بِنِسبَة ٍ=لعزَّيتها حسبي افتخاراً بتهمة ِ
ودونَ اتّهامي إن قَضَيتُ أسًى فما=أسأتُ بنفسٍ بالشهادة ِ سُرَّتِ
ولي منكِ كافٍ إن هَدَرتِ دمي، ولم=أُعدَّ شهيداً علمُ داعي منيَّتي
ولم تَسْوَ روحي في وِصالِكِ بَذلَها=لدَىَّ لِبَونٍ بينَ صونٍ وبذلة ِ
وإني، إلى التّهديدِ بالموتِ، راكنٌ=ومَن هولِهِ أركانُ غيري هُدَّت
ولم تعسِفي بالقتلِ نفسِيَ بل لها=بهِ تُسعفي إن أنتِ أتلفت مُهجتي
فإن صحَّ هذا القالُ منكِ رفعتِني=وأعليتِ مقداري و أغليتِ قيمتي
وها أنا مستدعٍ قضاكِ وما بهِ=رضاكِ ولا أختارُ تأخيرَ مدَّتي
وعِيدُكِ لي وعدٌ، وإنجازُهُ مُنى=وليٌّ بغيرِ البعدِ إن يُرمَ يثبتِ
وقد صِرتُ أرجو ما يُخافُ فأسعِدي=به روحَ مَيْتٍ للحياةِ استعدتِ
وبي مَن بها نافستُ بالرّوحِ سالِكاً=سبيلَ الأُلى قَبلي أبَوا غيرَ شِرعتي
بِكُلّ قَبِيلٍ كَم قَتِيلٍ بها قَضَى=أسىً لم يفز يوماً إليها بنظرة ِ
وكمْ في الورى مثلي أماتت صبابة ً=و لو نَظَرَت عَطفاً إليهِ لأحيَتِ
إذا ما أحَلّت، في هواها، دَمي، فَفي=ذُرى العِزّ والعَلياءِ قَدري أحَلّتِ
لعمري وإن أتلفتُ عمري بحبِّها=ربحتُ وإن أبلت حَشايَ أبلّتِ
ذللتُ لها في الحيِّ حتى وجدتُني=وأدنى منالٍ عندهم فوقَ همَّتي
وأخمَلَني وَهناً خُضُوعي لَهُم، فلَم=يَرَوني هَواناً بي مَحَلاًّ لخِدمتي
ومِن دَرَجاتِ العِزّ أمسَيتُ مُخلِداً=إلى دَرَكاتِ الذُّلِّ من بعدِ نخوَتي
فلا بابَ لي يُغشى ولا جاهَ يُرتجى=ولاجَارَ لي يُحمى لِفَقدِ حَمِيّتي
كأنْ لم أكن فيهم خطيراً ولم أزل=لديهم حقيراً في رخاءٍ وشدَّة ِ
ولوعَزّ فيها الذّلُّ ما لَذّ لي الهوى =على حَسَبِ الأفعالِ في كُلّ مُدّتي
فَحالي بِها حالٍ بِعَقلِ مُدَلَّة ٍ=وصِحّة ِ مَجْهودٍ وعِزِّ مَذَلّة ِ
أسرَّت تمنِّى حبِّها النَّفسُ حيثُ لا=رقيبَ حجاً سرّاً لسرِّي وخصَّتِ
فأشفقتُ من سيرِ الحديثِ بسائري=فتعرِبُ عن سرى عبارَة عبرتِي
يُغالِطُ بَعضي عنهُ بعضي، صِيانَة ً=و مَينيَ، في إخفائهِ، صِدقُ لَهجَتي
ولمَّا أَبَت إظهارهُ لجوانحِي=بَديهَة ُ فِكري، صُنتُهُ عن رويّتي
وبالغتُ في كتمانهِ فنسيتُهُ=وأُنسيتُ كَتمي ما إليهِ أسَرّتِ
فإن أجنِ مِن غرسِ المُنى ثَمَرَ العَنا=فِلَّلهِ نفسٌ في مُناها تمنَّتِ
وأحلى أماني الحُبّ للنفسِ ما قَضَت=عَنَاها بهِ مَن أذكَرَتها وأنستِ
أقامَت لَها مِنّي عليَّ مُراقِباً=خوَاطِرَ قلبي، بالهوَى ، إنْ ألَمّتِ
فإن طرقتْ سرّاً من الوهمِ خاطري=بِلا حاظِرٍ، أطرَقتُ إجلالَ هيبَة ِ
ويطرَفُ طرفي إن هممتُ بنظرة ِ=وإن بُسِطت كفِّي إلى البَسطِ كفَّتِ
ففي كلِّ عضوٍ فِيَّ إقدامُ رغبةٍ=ومن هيبة ِ الإعظامِ إحجامُ رهبة ِ
لِفِيّ وسَمعي فيّ آثارُ زِحْمَة ٍ=عليها بَدَتْ عِندي كإيثارِ رحمة ِ
لسانيَ إنْ أبدَى إذا ما تلا اسمها=له وصفُه سمعي وما صمَّ يصمُتِ
وأذنيَ إنْ أهدى لسانِيَ ذكرَها=لقلبي ولم يستعبدِ الصَّمتَ صُمّتِ
أغارُ عليها أن أهيمَ بِحُبّها=وأعرِفُ مِقداري، فأُنكرُ غيرَتي
فتُختَلَسُ الرّوحُ ارتياحاً لها، وما=أبرِّئُ نفسي من توهُّمِ مُنية ِ
يراها على بعدٍ عن العينِ مسمعي=بطيفِ ملامٍ زائرٍ حين يقطتي
فَيَغبِطُ طَرفي مِسمَعي عندَ ذِكرها=وتَحسِدُ ما أفنَتهُ مِنّي، بقيّتي
أممتُ أمامي في الحقيقة ِ فالورَى=ورائي، وكانتْ حَيثُ وجّهتُ وجهتي
يراها أمامي في صلاتيَ ناظري=ويشهدُني قلبي أمامَ أئمَّتي
ولا غروَ إن صلَّى الإمامُ إليَّ إنْ=ثوَتْ في فُؤادي و هْي قِبلة ُ قبلتي
وكلُّ الجهاتِ السِّتِّ نحوي توجَّهت=بما تمَّ من نُسكٍ وحجٍّ وعمرة ِ
لها صلواتي بالمقامِ أُقيمها=وأشهَدُ فيها أنّها ليَ صَلّتِ
كِلانَا مُصَلٍّ واحِدٌ، ساجِدٌ إلى=حقيقَتِهِ، بالجمعِ، في كلّ سجدَة ِ
وما كان لي صَلّى سِواي، ولم تكن=صلاتي لغيري في أدا كلِّ ركعة ِ
إلى كم أُواخي السِّترَ ها قد هتَكتُهُ،=وحلُّ أُواخي الحُجبِ في عقدِ بيعتي
مُنِحتُ ولاهاً يومَ لا يومَ قبلَ أنْ=بَدَتْ عند أخذِ العهدِ، في أوّليّتي
فِنلتُ ولاهاً لابسمعِ وناظرٍ=ولا باكتسابٍ واجتلابِ جبلَّة ِ
وهِمتُ بها في عالمِ الأمرِ حيثُ لا=ظهورٌ وكانت نَشوتي قبلَ نشأتي
فأفنى الهوى ما لم يكُن ثَمّ باقياً=هُنا، من صِفاتٍ بينَنا فأضمحلّتِ
فألفيتُ ما ألقَيتُ عنّيَ صادراً=إليَّ ومنِّي وارداً بمزيدَتي
وشاهدتُ نفسي بالصِّفاتِ الّتي بها=تحجَّبتِ عنِّي في شُهودي وحِجبَتي
وإني التي أحبَبتُها، لامَحالة ً،=وكانت لها نفسي عليَّ مُحيلَتي
فهامَت بها من حيثُ لم تدرِ، وهْيَ في=شُهودي، بنفس الأمرِ غير جَهولَة ِ
و قد آن لي تفصيلُ ما قلتُ مُجملاً=وإجمالُ ما فصَّلتُ بسطاً لبسطَتي
أفادَ اتخاذي حُبَّها، لاتّحادنا،=نوادرُ عن عادِ المحبِّينَ شذَّتِ
يَشي لي بِيَ الواشي إليها، ولائمي=عليها، بها يُبدي، لديها، نَصيحَتي
فأوسِعُهَا شكراً وماأسلفَت قِلَىً=وتمَنحُنِي بِرّاً لصدقِ المحبَّة ِ
تقرَّبتُ بالنَّفسِ احتساباً لها ولمْ=أَكنْ راجِياً عنها ثواباً، فأدنَتِ
وقدَّمتُ مالي في مآليَ عاجلاً=وما إنْ عساها أنْ تكونَ مُنِيلتَي
وخلَّفتُ خلفي رؤيتي ذاكَ مخلصاً=ولستُ براضٍ أن تكونَ مطيَّتي
فأثنيتَ لي إلقاءُ فقريَ والغَنَى=فضيلة َ قصدي فاطَّرحتُ فضيلَتي
فلاحَ فلاحي في اطّراحي، فأصبحتْ=ثوابيَ لا شيئاً سِواهَا مُثيبَتي
وظِلْتُ بها، لا بي، إليها أدُلّ من=بهِ ضلَّ عن سُبلِ الهدى وهي دلَّتِ
فَخَلِّ لها، خُلّي، مُرادَكَ، مُعطِياً=قِيادَك من نفسٍ بها مطمئنَّة ِ
وأمسِ خَليّاً من حُظوظِكَ، واسمُ عن=حضيضِكَ، واثبُتْ، بعد ذلكَ تنبُتِ
وكن صارِماً كالوقتِ، فالمَقْتُ في عسى =وإيَّاك علاَّ فهيَ أخطرُ علَّة ِ
وفي عِلمِهِ، عن حاضِريهِ مزِيَّة ٌ=نشاطاً ولا تُخلِدْ لعجزٍ مُفَوِّتِ
وَأقدِمْ، وقَدّمْ ما قَعدتَ لهُ معَ الـ=ـخوالِفِ، وَاخرُج عن قيود التّلفّتِ
وجُذّ بسيفِ العزمِ سوفَ فإن تَجِدْ=له نَفَساً فالنَّفسُ إن جُدتَ جَدَّتِ
وأقبِلْ إليها، و انحُها مُفلِساُ، فقد=وصَيتَ لِنُصحي، إن قبِلتَ نصحيتي
فلم يَدنُ منها موسِرٌ باجتِهادِهِ=وعنها بهِ لم ينأَ مؤثرُ عسرَة ِ
بذاكَ جرى شرطُ الهوى بين أهلهِ=وطائفة ٌ، بالعَهدِ، أوفَت فوَفَّت
متى عصفَت ريحُ الولا قصفتْ أخا=غَناءٍ، ولو بالفَقرِ هَبّت لَرَبّت
وأغنى يمينٍ باليسارِ جزاؤها=مُدى القطعِ ما للوصلِ في الحبِّ مُدَّتِ
وأخلِص لها واخلصْ بها عن رُعونة ِ افـ=ـتقارِكَ من أعمالِ برٍّ تزكَّتِ
وعادِ دواعي القيلِ و القالِ، وانجُ من =عوادي دعاوٍ صدقُها قصدُ سُمعة ِ
فألسُنُ مَن يُدعى بألسَنِ عارِفٍ=وقد عُبِرَتْ كل العِباراتِ، كَلّتِ
وما عنه لم تُفضَحِ، فإنّكَ أهلُهُ=وأنتَ غريبٌ عنه، إن قلتَ، فاصْمتِ
سَمِعتَ سِواها، وهيَ في الحُسْنِ أبدَتِ=غدا عبدَه من ظَنَّه خَيرَ مُسكِتِ
فكُن بَصَراً وانظر وسمعاً وعهْ وكنْ =لساناً وقُل فالجمعُ أهدَى طريقة ِ
ولاتتّبِع مَنْض سَوّلَت نفسُهُ لَهُ=فصارَت لهُ أمَّارةً واستمرَّتِ
ودَع ما عداهَا واعدُ نفسكَ فهي مِن=عِدَاها وعذ منها بأحصَنِ جُنَّة ِ
فنَفسيَ كانَت، قبلُ، لَوّامَةً متى=أُطِعها عَصَت ، أو أعصِ عنها مُطيعَتي
فأوردتُها ماالموتُ أيسرُ بعضِهِ=وأتعَبتُها، كَيما تَكون مُريحتي
فعادت، ومهما حُمّلَتْهُ تحَمّلَتْـ=ـهُ مِنّي، وإنْ خَفَـفتُ عنها تأذَّتِ
و كَلَّفتهُا، لا بل كَفَلتُ قيامها=بتكليفيها حتى كلفتُ بِكُلْفتي
وأذهبتُ في تهذيبها كلَّ لذَّة ٍ=بإبعادِها عن عادِها، فاطمأنّتِ
ولم يبقَ هولٌ دونهَا ما ركبتُهُ=وأشهَدُ نفسي فيهِ غيرَ زَكيّة ِ
وكلُّ مقامٍ عن سلوكٍ قطعتُهُ=عُبودِيّةً حَقّقتُها، بعُبودة ِ
وصرتُ بِها صَبّاً، فلمّا تركتُ ما=أُريدُ، أرادَتني لها وأحبّتِ
فَصِرتُ حبيباً، بل مُحِبّاً لِنفسِهِ،=وليسَ كقَولٍ مَرّ، نفسي حبيبتي
خَرَجتُ بها عنّي إليها، فلم أعُد=إليَّ ومثلي لا يقولُ برجعة ِ
وأفرَدتُ نفسي عن خُروجي، تكرّماً، =فلم أُرضهَا من بعدِ ذاكَ لصحبَتي
وغَيّبتُ عن إفرادِ نفسي، بحيثُ لا=يُزاحمُني إبداءُ وصفٍ بحضرَتي
و ها أنا أُبدي، في اتّحاديَ، مَبدَئي=وأُنهي انتهائي في تواضُعِ رِفعَتي
جَلَت ، في تَجَلّيها، الوُجودَ لِناظري=ففي كلِّ مرئيٍّ أراها برؤية ِ
وأُشهِدتُ غَيبي، إذ بَدت، فوجدتُني=هُنالكَ إيّاها بجلوة ِ خلوتي
وطاحَ وُجودي في شُهودي، وبِنتُ عن=وُجودِ شُهودي، ماحياً، غيرَمُثبِتِ
وعانقتُ ما شاهدتُ في محوِ شاهدي =بمَشهدِهِ للصّحوِ، من بَعد سَكرَتي
لِيجمَعَ شَملي كُلُّ جارِحة ٍ بها=وذاتي بذاتي إذ تحَلت تجلَّتِ
فَوصفيَ، إذ لم تُدْعَ باثنَينِ، وَصفُها=وهيئتُهَا إذ واحدٌ نحنُ هيئتي
فإن دُعِيَت كنتُ المُجيبَ وإن أكن=منادَىً أجابت من دعاني ولبَّتِ
وإن نَطَقَت كنتُ المُناجي، كذاك إن=قصَصتُ حديثاً إنَّما هي قصَّتِ
فقدْ رُفعت تاءُ المخاطَبِ بيننا=وفي رفعِهَا عن فُرقة ِ الفرقِ رفعتي
فإن لم يُجوِّز رؤية َ اثنين واحداً=حِجَاكَ ولم يثبت لبُعدِ تثبُّتُ
وأُعرِبُ عنها، مُغرِباً، حيثُ لاتَ حيـ=ـنَ لَبسٍ، بتَبيانَي سَماعٍ ورؤيَة ِ
وأُثبِتُ بالبُرْهانِ قوليَ، ضارباً=مثالَ محقٍّ والحقيقة ُ عُمدَتي
بمتبوعةٍ يُنبيكَ في الصَّرعِ غيرُها=على فمِها في مسِّها حيثُ جُنَّتِ
ومن لُغَةٍ تبدو بغيرِ لِسانِها=عليهِ براهينُ الأدلَّة صحتِ
فلو واحِداً أمسَيتَ أصبحتَ واجِداً=مُناَزلةً ما قلتهُ عن حقيقة ِ
و لكن على الشِّركِ الخفيُّ عَكَفتِ لو=عرفتَ بنفسِ عن هدى الحقِّ ضلَّتِ
وفي حُبّهِ مَن عزَّ توحيدُ حِبِّهِ=فبالشّركِ يَصلى مِنهُ نارَ قَطيعَة
وما شانَ هذا الشّأنَ مِنكَ سِوى السَّوى=و دعواهُ، حقّاً، عنكَ إن تُمحَ تثبُت
كذا كنتُ حيناً قبلَ أن يُكشَفَ الغِطَا=مِنَ اللَّبسِ، لا أنفكُّ عن ثَنَوِيَّة
أروحُ بفقدٍ بالشهودِ مؤلِّفي=و أغدو بوجدٍ بالوجودِ مشتِّتى
يُفرِّقني ليَّ التزاماً بمحضَري=ويجمعُني سلى اصطلاماً بِغَيبَتي
أخالُ حضيضي الصّحو،والسُّكرَ معرَجي=إليها ومحوِي مُنتهى قابَ سِدرتي
فلمّا جلَوتُ الغَينَ عنّي اجتَلَيتُني=مفيقاً ومني العينُ بالعينِ قرَّتِ
ومِن فاقتي، سُكراً، غَنيتُ إفاقة ً=لدى فَرقي الثَّاني فَجمعي كَوَحدَتي
فجاهِد تُشاهد فيكَ منكَ وراءَ ما=وصَفتُ، سُكوناً عن وُجودِ سَكينة ِ
وبي موقفي، لا بل إليّ تَوَجّهي=كذاكَ صَلاتي لي، ومِنّيَ كَعبتي
فلا تَكُ مفتوناً بِحُسنِكَ، مُعجباً=بنفسِك موقوفاً على لبس غرَّة ِ
وفارِق ضَلالَ الفَرقِ، فالجمعُ مُنتِجٌ=هُدى فِرقَة ٍ، بالاتّحادِ تَحَدّتِ
وصرِّح باطلاقِ الجمالِ ولا تقل=بِتَقييدهِ ، مَيلاً لزُخرُفِ زينَة
فكُلُّ مَليحٍ حُسنهُ مِن جمالها=مُعارٌ لهُ، بل حُسنُ كلّ مَليحة ِ
بها قيسُ لبنى هامَ بل كلُّ عاشقٍ=كمجنونِ ليلى أو كُثيِّرِ عَزَّة ِ
فكُلٌّ صَبا منهُم إلى وَصفِ لَبسِها=بصورة ِ حُسنِ لاحَ في حُسنِ صورة ِ
وما ذاكَ إلاّ أنْ بدَتْ بِمظاهِرٍ=فظنُّوا سِواهَا وهيَ فيها تجلَّتِ
بدَت باحتِجابٍ، واختَفَت بمظاهِرٍ=على صِبَغِ التّلوينِ في كُلِّ بَرزَة ِ
ففي النّشأة ِ الأولى تَرَاءَتْ لآدَمٍ=بمظهرِ حوا قبلِ حُكمِ الأمومة ِ
فهامَ بها، كَيما يكونَ بهِ أباً=ويَظهَرَ بالزّوجينِ حُكْمُ البُنُوّة ِ
وكان ابتدا حُبِّ المظاهِرِ بعضَها=لِبعضٍ، ولا ضِدٌّ يُصَدّ بِبِغضَة ِ
وما برحَت تبدو وتخفَى لِعلَّة ٍ=على حسبِ الأوقاتِ في كلِّ حقبة ِ
وتَظهَرُ لِلعُشّاقِ في كُلِّ مظْهَرٍ=مِنَ اللّبسِ، في أشكال حُسنٍ بدِيعَة ِ
ففي مرَّةٍ لُبنى وأُخرى بُثينة ً=وآوِنَةً تُدعَى بعزَّةَ عزَّتِ
ولسنَ سِوَاها لا ولا كُنَّ غيرهَا=وما إنْ لها، في حُسنِها، مِنْ شَريكَة ِ
كَذاكَ بِحُكمِ الإتّحادِ بِحُسنِها=كما لي بَدَت، في غَيرِها وَتَزَيّتِ
بدوتُ لها في كلِّ صبّ متيَّمٍ=بأيِّ بديعٍ حُسنُهُ وبِأيّة ِ
و ليسوا، بِغَيري في الهوَى ، لتَقَدّمٍ =عليَّ لسبقٍ في اللَّيالي القديمة ِ
وما القَومُ غَيري في هَواها، وإِنّما=ظهرتُ لهم للَّبس في كلِّ هيئة ِ
ففي مرَّة ٍ قيساً وأخرى كُثيراً=وآونة ً أبدو جميلَ بُثينة ِ
تَجَلّيتُ فيهِم ظاهِراً، واحتَجَبتُ با=طِناً بهِمِ، فاعجَب لِكَشفٍ بِسُترة ِ
وهُنَّ و هُمْ لا وهنَ وهمٍ مظاهرٌ=لنا، بِتَجَلّينا بِحُبٍ ونَضْرَة ِ
فكُلُّ فتى حُبٍّ أنا هُوَ، وهيَ حِبـ=ـبُّ كلِّ فتى والكلُّ أسماءُ لُبسة ِ
أسامٍ بها كنتُ المسمَّى حقيقةً=وكنتُ ليَ البادي بِنَفسٍ تَخَفّتِ
ومازلتُ إيَّاها وإيَّايَ لم تزلْ=و لا فرقَ بل ذاتي لذاتي أحبَّتِ
وليسَ معي، في المُلكِ شيءٌ سِوايَ أو=معيَّة ُ لم تخطُرْ على ألمعيَّة ِ
وهذِي يدي لا أنّ نفسي تخوَّفت=سواي، ولا غيري لخيري ترجت
ولا ذُلَّ إخمالٍ لِذِكري تَوَقّعَت=ولا عِزَّ إقبالٍ لشكري توخّتِ
ولكن لصدِّ الضّدِّ عن طعنهِ على=عُلا أولياءِ المنجدينَ بنجدتي
رجعتُ لأعمالِ العبادة ِ عادة َ=وأعدَدتُ أحوالَ الإرادة ِ عُدّتي
وعُدتُ بنسكي بعد هتكي وعُدتُ مِن =خلاعة ِ بسطي لانقباضٍ بعفّة ِ
وصُمتُ نهاري رغبة ً في مثوبة ٍ=و أحيَيْتُ ليلي، رَهبْة ً مِن عُقوبَة
وعمّرتُ أوقاتي بِوردٍ لِوارِدٍ،=وصَمتٍ لسمتٍ واعتكافٍ لحرمة ِ
وبنتُ عَنِ الأوطانِ هجرانَ قاطعٍ=مُواصلة َ الإخوانِ واخترت عُزلتي
ودققتُ فكري في الحلالِ تورُّعاً=وراعيتُ، في إصلاحِ قُوتيَ، قُوّتي
وأنفقتُ مِن يُسرِ القَناعة ِ، راضِياً=من العيشِ في الدُّنيا بأيسَرِ بُلغة ِ
وهَذّبتُ نفسي بالرياضَة ِ، ذاهِباً=إلى كشفِ ما حُجبُ العوائدِ غطّتِ
وَجَرَّدتُ، في التجريدِ، عزمي تَزَهُداً=وآثَرتُ في نُسْكي استِجابَةَ دعوتي
متى حِلتُ عن قولي أنا هِيَ أو أقُل=وحاشَا لمثلي أنَّها فيَّ حلّتِ
ولَستُ على غيبٍ أحيلُكِ، لا و لا=على مُستحيلٍ، موجِبٍ سَلبَ حيلَتي
وكيفَ، وباسمِ الحقّ ظلَّ تحَقُّقي=تكونُ أراجيفُ الضّلالِ مُخيفَتي
وها دِحيّة ٌ، وافى الأمينَ نبيَّنا=بِصورَتهِ، في بَدءِ وحيِ النّبوءة ِ
أجبريلُ قُل لي كانَ دحية َ إذ بدا=لِمُهدي الهُدى ، في هَيئة ٍ بَشَريّة
وفي علمِهِ من حاضريهِ مزيّة ٌ=بماهيّة ِ المرئيِّ من غيرِ مرية ِ
يرى مَلَكاً يُوحي إليهِ وغيرُهُ=يَرى رَجُلاً يُدعى لَديهِ بِصُحبَة
ولي، مِن أتَم الرُّؤيتينِ، إشارَة ٌ=تُنزِّهُ عن رأى الحلولِ عقيدتي
وفي الذِّكرِ ذكرُ اللبس ليس بمنكرٍ=ولم أعدُ عن حُكمَي كِتابٍ وِسُنَّة ِ
منحتُكَ علماً إنْ تُرِد كشفَهُ فَرِدْ=سَبيليَ واشرَع في اتِّباعِ شَريعَتي
فَمُتبَعُ صَدِّى من شرابٍ نقيعهُ =بِساحِلِهِ صَوناً لِموضِعِ حُرمتي
و لا تَقرَبوا مالَ اليتيمِ، إشَارَة ٌ=لكفِّ يدٍ صُدَّت له إذ تصدّتِ
و ما نالَ شيئاً منهُ غيري سوى فتَىً=على قدمي في القبضِ والبسطِ ما فتَى
فلا تَعشُ عن آثارِ سَيريَ، واخشَ عيْـ=ـنَ إيثارِ غيري، واغشَ عَينَ طريقتي
فؤادي وَلاها، صاحِ، صاحِي الفؤادِ في=ولاية ِ أمري داخلٌ تحتَ إمرتي
ومُلكُ مَعالي العِشقِ مُلكي، وجنديَ الـ=مَعاني وكلُّ العاشقينَ رعيَّتي
فتى الحبّ، ها قد بِنتُ عنهُ بحُكمِ مَن=يراهُ حِجاباً فالهوَى دونَ رُتبتي
وجاوزتُ حدَّ العشقِ فالحبُّ كالقلى=على شأوِ معراجِ اتّحاديَ رحلتي
فطِبْ بالهَوَى نَفساً، فقد سُدتَ أنفُسَ الـ=ـعِبادِ مِنَ العُبّادِ، في كُلّ أُمّة ِ
وغيري على الأغيارِ يُثني، وللسّوى=بظاهِرِ أعمالٍ ونفسٍ تزكتِ
و جُزْ مُثقَلاً، لو خَفَّ طَفَّ موُكَّلاً=بمنقولِ أحكامٍ، وَمَعقولِ حِكمة
و حُز بالولا ميراثَ أرفعِ عارفٍ=غدا همُّهُ إيثارَ تأثيرِ هِمَّة ِ
و تِهْ ساحباً، بالسُّحبِ، أذيالَ عاشِقٍ=بوصلٍ على أعلى المجرَّة ِ جُرَّتِ
وجُل في فُنونِ الإتّحادِ ولاتَحِد=إلى فِئة ٍ، في غيرِهِ العُمرَ أفنَتِ
فواحِدُهُ الجَمُّ الغَفيرُ، ومَنْ غَدا=هُ شِرذمة ٌ حُجَّت بأبلغِ حُجَّة ِ
قمتَّ بمعناهُ وعِش فيهِ أو فَمُت=مُعَنّاهُ، واتْبَع أمّة ً فيهِ أمّتِ
فأنتَ بهذا المَجدِ أجدَرُ من أخي اجـ=ـتِهادٍ، مُجِدٍّ عن رجاءٍ وخِيفَة ِ
وغَيرُ عَجيبٍ هَزُّ عِطفيكَ، دونَهُ=بِأهنَا وأنهَى لذَّة ٍ ومسرَّة ِ
وأوصافُ مَن تُعزى إليهِ، كمِ اصطَفَت=مِنَ النَّاسِ منسيّاً وأسماهُ أسمَتِ
وأنتَ على ما أنتَ عنِّىَ نازحٌ=وليسَ الثُّريَّا، للثَّرى ، بِقَرينَة ِ
بِها كعِباراتٍ، لدَيكَ جَلِيّةٍ=كطورِكَ حيثُ النَّفسُ لم تكُ ظُنَّتِ
وحَدُّكَ هذا، عندَهُ قف، فَعنهُ لوْ=تقدَّمتَ شيئاً لاخترقتِ بجذوة ِ
و قَدْري، بحيثُ المرءُ يُغبَطُ دونهُ=سُمُوّاً ولكن فوق قدركَ غِبطتي
وكلُّ الورى أبناءُ آدمَ غيرَ أنَّ=نِي حُزتُ صَحوَ الجمعِ، من بينِ إخوَتي
فسعي كليميُّ وقلبي منبَّأُ=بأحمدَ رؤيا مقلةٍ أحمدية
وروحيَ للأرواحِ روحٌ و كل ما=ترى حَسَناً في الكونِ من فيضِ طينتي
فذرْ ليَ ما قبلَ الظهورِ عرفتُهُ=خصوصاً وبي لم تدرِ في الذَّرِّ رُفقتي
ولا تُسْمِني فيها مُريداً فمَنْ دُعي=مُراداً لها جَذباً فقيرٌ لعصمتي
وألغِ الكُنى عنِّي ولا تَلغُ ألكَناً=بها فهيَ من آثارِ صيغة ِ صنعَتي
وعن لَقَبي بالعارِفِ ارجِع فإن تَرَ الـ=تَّنابُزَ بالألقابِ في الذِّكرِ تُمقَتِ
فأصغَرُ أتباعي على عينِ قلبهِ=عرَائِسُ أبكارِ المَعارِفِ، زُفَّتِ
جنَى ثمرَ العرفانِ من فرعِ فِطنة ٍ=زكا بِاتّباعي، وهُوَ مِن أصلِ فِطرَتي
فإن سِيلَ عن مَعنىً أتَى بغرائبٍ=عن الفهمِ جلَّتِ بل عن الوهمِ دقَّتِ
و لا تدعُني فيها بنَعتٍ مُقَرَّبٍ=أراهُ بِحُكمِ الجمعِ فَرقَ جريرَة ِ
فوَصليَ قَطعي، واقترابي تَباعُدي،=و ودِّيَ صَدِّى وانتهائي بَدَاءتي
وفي مَن بها ورَّيتُ عنِّي ولم أُرِد=سوايَ، خَلَعتُ اسمي ورَسمي وكُنيتي
فسِرتُ إلى ما دونَه وَقَفَ الأُلى =وضلَّت عقولٌ بالعوائدِ ضلَّتِ
فلا وصْفَ لي والوصفُ رسمٌ كذاكَ الاسـ=ـمِ وَسمٌ، فإن تَكني، فَكَنِّ أو انعَتِ
ومِن أنا إيّاها إلى حيثُ لا إلى=عرَجتُ، وعطّرتُ الوُجودَ برَجعتي
وعن أنا إيَّايَ لباطن حكمةٍ=وظاهِرِ أحكام، أُقيمَت لدَعوَتي
فغايةُ مجذوبي إليها ومُنتهى=مُراديهِ ما أسلفتُهُ قبلي توبتي
ومِنِّيَ أَوجُ السابقينَ بزعمهِمْ=حَضيضُ ثرَى آثارِ موضِعِ وَطأتي
وآخرُ ما بعدَ الإشارةِ حيثُ لا=تَرَقّي ارتفاعٍ، وضعُ أوّلِ خَطوتي
فما عالِمٌ إلاّ بفَضلِيَ عالِمٌ=و لا ناطِقٌ في الكَونِ إلاّ بمِدحَتي
ولاغَروَ أن سُدتُ الأُلى سَبَقوا، وقد=تمسَّكتُ من طهَ بأوثقِ عُروة ِ
عليها مَجازيٌّ سَلامي، فإنّما=حقيقتُهُ مِني إليَّ تحيّتي
وأطيبُ ما فيها وجدتُ بِمبتدا=غرامي، وقد أبدى بها كُلَّ نَذرَة ِ
ظهوري و قد أخفيتُ حاليَ مُنشداً=بها، طَرَباً، والحالُ غيرُ خَفيّة ِ
بَدَت، فرأيتُ الحَزمَ في نَقضِ توبتي، =و قامَ بها عندَ النُّهى عُذر ُمحنَتي
فمنها أماني مَن ضنى جَسَدِي بها=أمانيُّ آمالٍ سَخَت ثمَّ شحَّتِ
وفيها تَلافي الجِسْمِ، بالسُّقمِ، صِحّة ٌ =له وتلافُ الَّنفسِ نفسُ الفئوَّة ِ
ومَوتي بها، وجداً، حياةٌ هَنيئةٌ=وإن لم أمُت في الحُبِّ عِشتُ بِغُصّة ِ
فيا مُهجتي ذوبي جوىً وصبابةً=ويا لوعَتي كوني، كذاكَ، مُذيبتي
ويا نارَ أحشائي أقيمي من الجوَى=حنايَا ضُلوعي فهيَ غيرُ قويمة ِ
ويا حُسنَ صبري في رِضى من أُحبُّها=تجمّل، وكُنْ للدّهرِ بي غيرَ مُشمِتِ
ويا جَلَدي في جنبِ طاعة ِ حُبِّها=تحمَّل عَداَكَ الكَلُّ كُلَّ عظيمة ِ
ويا جسَدي المُضنَى تسَلَّ عن الشِّفَا=ويا كبِدي مَن لي بأن تتَفتَّتي
ويا سقَمي لا تُبقِ لي رمقاً فقد=أبيتُ، لبُقيا العِزِّ، ذُلَّ البَقيّة ِ
ويا صحَّتي ما كانَ من صُحبتي انْقضى=و وصلُك في الأحشاءِ ميْتاً كهجرَة ِ
ويا كلّ ما أبقى الضّنى منّيَ ارتحِلْ=فما لكَ مأوىً في عظامٍ رَميمة ِ
ويا ما عسَى منّي أُناجي تَوَهّماً=بياءِ النَّدا أُونِستُ منكَ بوحشة ِ
وكلُّ الَّذي ترضاهُ والموتُ دونَهُ=بهِ أنا راضٍ، والصّبابة ُ أرضَتِ
ونَفسِيَ لم تَجزَع بإتلافِها أسى ً=ولو جَزِعَت كانت بغيري تأسَّتِ
وفي كُلِّ حيٍّ كلُّ حيٍّ كَميِّتٍ=بها، عِندهُ قَتلُ الهَوى خيرُ مَوتَة ِ
تجمَّعتِ الأهواءُ فيها فمَا ترى=بها غَيرَ صَبٍّ، لا يرى غيرَ صَبوَة ِ
إذا سَفَرَت في يومِ عيدٍ تزاحمَت=على حُسنهِا أبصارُ كلِّ قبيلة ِ
فأرواحُهُم تصبُوا لِمعنى جمالِهَا=وأحداقُهُم من حُسنِها في حديقة ِ
وعنديَ عيدي كُلَّ يومٍ أرى بهِ=جَمالَ مُحَيّاها، بعَينٍ قريرة ِ
وكلُّ اللَّيالي ليلة ُ القدرِ إن دنَت=كما كُلُّ أيَّامِ اللِّقا يومُ جُمعة ِ
و سَعيٌ لها حجٌّ بهِ كُلُّ وَقفة ٍ=على بابها قد عادلَت كُلَّ وَقفة ِ
و أيُّ بلادِ اللّهِ حَلّت بها، فما،=أراها، وفي عيني حَلَتْ، غيرَ مكّة ِ
وأيُّ مكانٍ ضمَّها حَرَمٌ كذا=أرى كلّ دارٍ أوطَنَت دارَ هِجرَة ِ
وما سكَنَتهُ فَهوَ بَيتٌ مُقَدَّسٌ=بقرَّةِ عيني فيهِ أحشايَ قرَّتِ
و مَسجِدِيَ الأقصَى مساحِبُ بُرْدها=وطيبي ثَرى أرضٍ، عليها تمَشّتِ
مواطنُ أفراحي و مَربَى مآربي=وأطوارُ أوطاري ومأمنُ خِيفتي
مَغانٍ، بِها لم يَدخُلِ الدّهرُ بيننا،=ولا كادَنا صرفُ الزّمانِ بفُرقَة ِ
و لا سَعتِ الأيَّامُ في شَتِّ شملِنَا=ولا حكمت فينا اللَّيالي بِجفوة ِ
ولا صبَّحتنا النَّائباتُ بِنَبوَة ٍ=ولا حَدَّثَتنا الحادِثاتُ بنَكبَة ِ
ولا شنَّعَ الواشي بصدٍّ وهجرة ٍ=ولا أرجَفَ اللاَّحي ببينٍ وسلوَة ِ
ولا استيقظتْ عينُ الرَّقيبِ ولمْ تزلْ=عليَّ لهَا في الحبِّ عيني رقيبتي
ولا اختُصّ وَقتٌ دونَ وقتٍ بطَيبَةٍ=بها كلُّ أوقاتي مواسِمُ لذَّة ِ
نهاري أصيلٌ كلُّهُ إن تنسَّمتْ=أوائيلُهُ مِنها برَدِّ تحِيّتي
و ليليَ فيها كلهُ سحَرٌ إذا=سرَى ليَّ منها فيهِ عرفُ نُسيمة ِ
وإن طَرَقت لَيلاً، فشَهرِيَ كُلّهُ=بها ليلة ُ القدرِ ابتهاجاً بزورة ِ
وإن قَرُبَت داري، فعاميَ كُلّهُ=ربيعُ اعتدالٍ، في رِياضٍ أريضَة ِ
وإن رَضيت عني، فعُمريَ كُلُّهُ=زمانُ الصّبا طيباً، وعصرُ الشبيبَة ِ
لئن جمعَت شملَ المحاسنِِِ صورةٍ=شَهِدتُ بها كُلّ المَعاني الدّقيقَة ِ
فقَْ جَمَعَت أحشايَ كلَّ صَبابةٍ=بها وجوىً يُنبيكَ عن كلِّ صبوة ِ
و لِم لا أُباهي كُلّ مَن يدّعي الهوَى=بها و أُناهي في افتخاري بحُظوة ِ
وقد نِلتُ منها فوقَ ما كنتُ راجياً=وما لم أكن أمّلتُ من قُربِ قُربَتي
وأرغَمَ أنفَ البَينِ لُطْفُ اشتِمالِها=عليَّ بما يُربى على كلَّ مُنية ِ
بها مثلَما أمسَيتُ أصبَحتُ مُغرَماً=وما أَصبَحَت فيهِ من الحسنِ أمستِ
فلو مَنَحت كلّ الوَرى بعضَ حُسنها،=خَلا يوسُفٍ، ما فاتَهُم بِمَزِيّة ِ
صرَفتُ لها كُلّي، على يدِ حُسنِها=فضاعفَ لي إحسانُها كلَّ وصلَة ِ
يُشاهِدُ منّي حُسنَها كُلُّ ذَرّة ٍ=بها كلُّ طرفٍ جالَ في كلِّ طرفة ِ
ويثنى عليها فيَّ كلُّ لطيفةٍ=بكُلّ لِسانٍ، طالَ في كُلّ لَفظَة ِ
وأنشَقُ رَيّاها بِكُلّ دَقيقَةٍ=بها كلُّ أنفٍ ناشقٍ كلَّ هبَّة ِ
ويسمعُ مني لفظها كلُّ بضعةٍ=بها كلُّ سمعٍ سامعٍ متنصِّتِ
ويَلْثُمُ منّي كُلُّ جُزٍْ لِثامَها=بكلِّ فمٍ في لَثمهِ كلُّ قبلة ِ
وسارَ ومَتنُ الرّيحِ تحتَ بِساطِه=بهِ كلُّ قلبٍ فيهِ كلُّ محبَّة ِ
وأغرَبُ ما فيها استَجَدتُ، وجادَ لي=بهِ الفتحُ كشفاً مُذهباً كلَّ ريبة ِ
شُهودي بعَينِ الجمعِ كلَّ مُخالِفٍ،=وليَّ ائتلافٍ صدُّهُ كالمودَّة ِ
فشكري لهذا حاصلٌ حيثُ برُّها=لِذا واصلٌ والكلُّ آثارُ نعمتي
وغيري على الأغبارِ يُثني وللسِّوى=سواي، يثنِّي منه عطفاً لِعطَفَتي
وشكريَ لي والبِرُّ منيَ واصلٌ=إليَّ ونفسي باتِّحادي استبدَّتِ
و ثَمَّ أمورٌ تم لي كشفُ سِترها=بصحوِ مفيقٍ عن سوايَ تغطَّتِ
وعنيَ بالتَّلويحِ يفهمُ ذائِقٌ=غَنِيٌّ عنِ التّصريحِ للمُتَعَنّتِ
بها لم يبُحْ من لم يُبح دمَهُ وفي الـ=إشارة ِ معنًى ما العبارة ُ حدَّتِ
ومَبدأُ إبداها اللّذانِ تَسَبّبَا=إلي فُرقتي والجمعُ يأبى تشتُّتي
هُما مَعَنا في باطنِ الجَمعِ واحدٌ=وأرْبَعَة ٌ في ظاهرِ الفَرقِ عُدّتِ
وإنّي وإيّاها لَذاتٌ، ومَن وَشى=بها وثنى عنها صِفاتٌ تبدَّتِ
فذا مُظهرٌ للرُّوحِ هادٍ لأفقِهَا=شهوداً بدا في صيغةٍ معنويَّة ِ
وذا مظهرٌ للّنفسِ حادٍ لرفقِها=و جُوداً، غدا في صِيغَةٍ صُوَرِيَّة ِ
ومَن عَرَفَ الأشكالَ مِثْليَ لم يَشُبْـ=ـهُ شركُ هدى ً في رفعِ إشكالِ شبهة ِ
فَذاتيَ باللّذّاتِ خَصّت عَوالِمي=بمجموعها إمدادَ جمعٍ وعمَّتِ
و جادت، ولا استعدادَ كَسبٍ بفيضِها، =وقبلَ التّهَيّي، للقبولِ، استعدّتِ
فبالنّفسِ أشباحُ الوُجودِ تنَعّمَت=وبالرّوحِ أرواحُ الشّهُودِ تَهَنّتِ
وحالُ شُهودي:بينَ ساعٍ لأفـقِهِ،=ولاحٍ مراعٍ رفقهُ بالنَّصيحة ِ
شهيدٌ بحالي، في السّماعِ لجاذِبي=قَضاءُ مَقَرّي، أو مَمَرُّ قضيّتي
ويثبِتُ نفيَ الإلتباسِ تطابقُ الـ=مثالينِ بالخمسِ الحواسِ المبينة ِ
وبين يديْ مرماي دونَكَ سرَّ ما=تلقَّتهُ منها النَّفسُ سراً فألقَتِ
إذا لاحَ معنى الحُسنِ في أيّ صورَةٍ=وناحَ مُعنّى الحُزنِ في أيّ سُورَة ِ
يُشاهِدُها فِكري بِطَرفِ تَخيّلي=ويسمعُها ذكرى بمسمَعِ فِطنتي
و يُحضرها للنَّفسِ وهمي تصوُّراً=فيحسَبُها، في الحِسّ، فَهمي، نديمتي
فأعجبُ من سُكري بغيرِ مُدامة ِ=وأطربُ في سرِّي ومنيَ طربتي
فيرقصُ قلبي وارتعاشُ مفاصلي=يصفِّقُ كالشَّادي وروحيَ قينتي
وما برحَت نفسي تقوَّتُ بالمُنى=وتمحو القوى بالضُّعف حتى تقوَّتِ
هناك وجدتُ الكائناتِ تحالفت=على أنَّها والعونُ مني مُعينتي
ليجعلَ شملي كلُّ جارحة ٍ بها=ويشملَ جمعي كلُّ منبتِ شعرة ِ
ويَخلْعَ فينا، بيننا، لُبسَ بيننا=على أنَّني لم أَلفِه غير ألفَة ِ
تنبَّهْ لنقلٍ الحسِّ للنَّفسِ راغباً=عن الدَّرسِ ما أبدت بوحي البديهة ِ
لِروحيَ يُهدى ذكرها الرَّوحَ كلَّما=سَرَتْ سَحراً منها شمالٌ وهبَّتِ
ويَلتَذُّ إن هاجَتهُ سَمعيَ بالضُحى =على وَرَقٍ وُرْقٌ شدَت وتغنَّتِ
وينعمُ طرفي إن روتهُ عشيَّةً=لإنسانِهِ عَنها بُروقٌ، وأهدَتِ
ويَمنَحهُ ذَوقي ولمسيَ أكؤسَ الـ=شَّرابِ إذا ليلاً عليَّ أُديرتِ
و يوحيهِ قلبي لِلجَوانِحِ، باطِناً=وتَظفَرُ آسادُ الشّرى بالفَريسة ِ
ويحضِرُني في الجمعِ من باسمها شدا=فأَشهَدُها، عِندَ السّماعِ، بجُملتي
فَيَنحو سَماءَ النّفحِ روحي ومَظهَري الـ=ـمُسَوَّى بها يحنو الأتارِبِ تُربَتي
فمنيَ مجذوبٌ إليها وجاذبٌ=إليهِ ونزعُ النزعِ في كلِّ جذبة ِ
وما ذاكَ إلاّ أنّ نَفسي تَذَكّرَت=حَقيقَتها، مِن نَفسِها، حينَ أوحَتِ
فَحَنّت لِتَجريدِ الخِطابِ بِبرزَخِ الـ=ترابِ وكلٌّ آخذٌ بأزمَّتي
و يُنبيكَ عن شأني الوليدُ وإن نشَا=بليداً بإلهامٍ كوحيٍ وفطنة ِ
إذا أنّ مَن شَدَّ القِماطِ ، وحنّ في=نشاطٍ إلى تفريجِ إفراطِ كربة ِ
يُناغَى فيلغي كلَّ كَلٍّ أصابَهُ=ويُصغي لمَنْ ناغاهُ كالمتنصِّتِ
ويُنسيهِ مُرَّ الخطبِ حلوُ خطابهِ=ويذكِرهُ نجوى عهودٍ قديمة ِ
ويُعرِبُ عن حالِ السّماعِ بحالِهِ=فيُثبِتُ، لِلرَّقصِ، انتِفاءَ النّقيصَة ِ
إذا هامَ شَوقاً بالمُناغي، وهمَّ أن=يطيرَ إلى أوطانهِ الأوليَّة ِ
يَسَكَّنُ بالتَّحريكِ، وهو بِمَهدِهِ=إذا، مالَهُ أيدي مُرَبيّهِ، هَزّتِ
وجدتُ بوجدٍ آخذي عند ذكرِها=بتحبيرِ تالٍ أو بألحانِ صيِّتِ
كما يَجِدُ المكروبُ في نزعِ نفسهِ=إذا، مالَهُ رُسْلُ المَنايا، تَوَفَّتِ
فواجِدُ كَربٍ في سياقٍ لفُرقَة ٍ=كمكروبِ وجدٍ لاشتياقٍ لرفقة ِ
فذا نفسُهُ رقَّت إلى ما بدت بهِ=ورُوحي تَرَقّت للمبادي العَلية ِ
وبابُ تَخَطِّيَّ اتَّصالي بحيثُ لا=حجابَ وصالٍ عنهُ روحي ترقَّتِ
على أثَري مَن كانَ يُؤْثِرُ قَصْدَهُ=كمثليَ فليركَب لهُ صدقَ عزمَة ِ
وكم لُجَّة ٍ قد خُضتُ قبلَ ولوجهِ=فَقيرُ الغِنى ما بُلَّ مِنها بِنَغْبَة ِ
بمرآة ِ قولي إن عزمتَ أريكهُ=فأصغِ لِما أُلقي بِسَمعِ بَصيرَة ِ
لَفَظْتُ مِن الأقوالِ لَفظِيَ عِبرَةً=وحَظّي، مِن الأفْعالِ، في كلِّ فَعلَة ِ
ولَحظي على الأعمالِ حُسنَ ثوابها=وحِفظيَ، لِلأحوالِ، مِن شَينِ رِيبَة ِ
ووَعظي بِصِدقِ القَصدِ إلقاءَ مُخلِصٍ=وَلَفظي اعتِبارَ اللّفظِ في كُلّ قِسمَة ِ
وقلبيَ بيتٌ فيه أسكنُ دونَُه=ظهورُ صفاتي عنهُ من حجُبيَّتي
ومنها يميني فيَّ ركنٌ مقبَّلٌ=ومِن قِبلَتي، لِلحُكمِ، في فيّ قُبلَتي
وحَوليَ بالمَعنى طَوافي، حقيقَة ً،=وسعيي لوجهي من صفائي لمروتي
وفي حَرَمٍ مِن باطِني أمنُ ظاهِري=ومِن حولهِ يُخشى تخطّف جيرتي
ونَفسي بِصَومي عن سِوايَ، تَفَرُّداً،=زكَت وبفضلِ الفيضِ عنيَ زكَّتِ
وشَفعُ وُجُودي في شُهوديَ، ظلَّ في اتّـ=ـحاديَ وِتراً في تيقّظِ غفوتي
وإسراءُ سرِّي عن خصوصِ حقيقةٍ=إليَّ كَسيري في عُمُومِ الشَّريعة ِ
ولم ألهُ بالَّلاهوتِ عن حكمِ مظهري=و لم أنسَ بالنَّاسوتِ مظهرَ حكمتي
فعَنّي، على النّفسِ، العُقودُ تَحكَّمت=ومنّي، على الحِسِّ، الحُدُودُ أُقيمَتِ
وقد جاءني منّي رَسولٌ، عليه ما=عنّتُّ، عَزيزٌ بي، حريصٌ لِرَأفَة ِ
فحكميَ من نفسي عليها قضيتهُ=ولمَّا تولَّتْ أمرها ما تولَّتِ
ومن عهد عهدي قبلَ عصرِ عناصري=إلى دارِ بَعثٍ، قَبلَ إنذارِ بَعثَة ِ
إليَّ رسولاً كنتُ منيَ مرسلاً=وذاتي بآياتي عليَّ استدلّتِ
ولما نقَلتُ النّفسَ من مُلكِ أرضِها=بحكمِ الشِّرا منها، إلى مُلكِ جَنّة ِ
وقد جاهدتْ، واستُشهدتْ في سبيلها، =وفازَتْ بِبُشرَى بيعِها، حينَ أوفَتِ
سَمَتْ بي لجَمعي عن خُلودِ سمائِها، =ولم أرْضَ إخلادي لأرضِ خليفتي
و لا فَلَكٌ إلاّ، ومن نورِ باطنِي=بهِ مَلكٌ يُهدى الهدى بِمشيئتي
ولا قُطرَ إلاَّ حلَّ من فيضِ ظاهري=بهِ قطرةٌ عنها السَّحائبُ سحَّتِ
ومن مطلّعي النُّورُ البسيطُ كلمعةٍ=ومن مشرعي البحرُ المحيطُ كقطرة ِ
فكُلّي لكُلّي طالِبٌ، مُتَوَجّهٌ=وبعضي لبعضي جاذبٌ بالأعنَّة ِ
ومَن كانَ فوقَ التّحتِ، والفوقُ تحته=إلى وَجهِهِ الهادي عَنَت كلُّ وِجهَة ِ
فتحتُ الثّرى فوقُ الأثيرِ لرتقِ ما=فَتَقتُ، وفَتقُ الرّتقِ ظاهرُ سُنّتي
ولا شُبهَة ٌ، والجَمعُ عينُ تَيَقّنٍ=ولا جهةٌ و الأينُ بينَ تشتتي
و لا عِدّة ٌ والعّدَ كالحدّ قاطِعٌ=ولا مدَّة ٌ والحدُّ شركُ موقِّتِ
و لا نِدّ في الدّارَينِ يقضي بنَقضِ ما=بنيتُ، ويُمضي أمرُهُ حُكمَ إمرَتي
و لا ضِدّ في الكَونَينِ، والخَلقُ ما ترى=بهم للتَّساوي من تفاوتِ خِلفتي
ومني بدا لي ما عليّ لَبِستُهُ؛=وعنِّي البوادي بي إليَّ أُعيدتِ
وفيّ شَهِدتُ السّاجدينَ لمَظهري=فحَقّقتُ أني كُنتُ آدمَ سَجدَتي
ومِنْ أفقي الدّاني اجتدى رفقيَ الهدى=ومن فرقيَ الثَّاني بدا جَمعُ وحدَتي
وفي صَعْقِ دكَّ الحِسُّ خَرّت، إفاقَة ً=ليَ النَّفسُ قبلَ التَّوبةِ الموسويَّة ِ
فلا أينَ بعدَ العَينِ، والسّكْرُ منهُ قد=أفَقتُ، وعينُ الغينِ بالصَّحوِ أصحَتِ
وآخرُ محوٍ جاءَ ختميَ بعدهُ=كأَوّلِ صَحوٍ لارتسامٍ بِعِدّة ِ
وكيف دخولي تحتَ ملكي كأوليا=ءِ ملكي وأتباعي وحزبي و شيعتي
ومأخوذُ محوِ الطَّمسِ محقاً وزنتُهُ=بمحذوذِ صحوِ الحسِّ فرقاً بكفَّة ِ
فنقطَةُ غينِ الغينِ عن صَحويَ انمحتْ=ويقظةُ عينِ العينِ محويَ ألغتِ
وما فاقدٌ بالصَّحوِ في المحوِ واجدٌ=لتلوينهِ أهلاً لتمكينِ زلفة ِ
تساوَى النشاوى و الصُّحاة ُ لنعتهم=برسمِ حضورٍ أو بوسمِ حظيرة ِ
وليسوا بقَومي مَن علَيهِم تعاقَبَت=صفاتُ التِباسٍ، أو سِماتُ بقيّة ِ
ومن لم يَرِث عنِّي الكمالَ فناقصٌ=على عَقِبَـيْهِ ناكِصٌ في العُقوبَة ِ
وما فيّ ما يُفضي للَبسِ بقيّةٍ=ولا فئَ لي يقضي عليَّ بفيئة ِ
وماذا عسَى يلقَى جَنانٌ وما بهِ=يفوهُ لسانٌ بينَ وحيٍ وصيغة ِ
تَعانَقَتِ الأطرافُ عنديَ، وانطوى=بِساطُ السِّوى ، عدلاً، بحُكمِ السوِيّة ِ
وعادَ وُجودي، في فَنا ثَنَوِيّة ِ الـ=وُجودِ، شُهوداً في بَقَا أحَديّة ِ
فما فَوقَ طَورِ العَقلِ أوّلُ فَيضَةٍ=كما تحتَ طورِ النَّقلِ آخرُ قبضة ِ
لذلك عَن تفضيلِهِ، وهوَ أهلُهُ=نهانا على ذي النُّون خيرُ البريَّة ِ
أشَرتُ بما تُعطي العِبارَة ُ، والذّي=تغطَّى فقد أوضحتُهُ بلطيفة ِ
ولَيسَ ألَستُ الأمسِ غيراً لمنْ غدا=وجُنحي غدا صُبحي ويوميَ ليلتي
و سرُّ بلَى للّهِ مرآة ُ كشفها=وإثباتُ معنى الجمعِ نفيُ المعيَّة ِ
فلا ظُلمٌ تَغشَى ، و لا ظُلمَ يُختَشَى=ونعمةُ نوري أطفأتْ نار نِقمتي
ولا وَقتَ، إلاّ حيثُ لا وقتَ حاسِبٌ=وجودَ وجودي من حسابِ الأهلَّة ِ
ومَسجونُ حَصرِ العَصرِ لم يَرَ ما وَرا=ء سِجّينِهِ، في الجَنّة ِ الأبدِيّة ِ
فبي دارَتِ الأفلاكُ، فاعجَب لقُطبِها الـ=ـمُحيطِ بها ، والقُطبُ مركَزُ نُقطَة ِ
ولا قطبَ قبلي عن ثلاثٍ خلفتهُ=وقُطبِيّة ُالأوتاد ِعن بَدَلِيّة ِ
فلا تَعدُ خَطّي المُستقيمَ، فإنّ في الـ=ـزَّوايا خبايا فانتهز خيرَ فرصة ِ
فعَنّي بَدَا في الذَّرِّ فيَّ الوَلا، و لِيْ=لبانُ ثُدىِّ الجمعِ منّيَ درَّتِ
وأعجبُ ما فيها شهدتُ فراعني=ومِن نفثِ روحِ القدسِ في الرَّوعِ ورعتي
و قد أشهدتني حُسنها فشدهتُ عنْ=حجايَ ولم أُثبتْ حلايَ لدهشتي
ذَهلتُ بها عنِّي بحيثُ ظننتُني=سِوايَ، ولم أقصِد سَواء مَظِنّتي
ودَلَّني فيها في ذهولي فلمْ أُفقْ=عَليّ ولم أقْفُ التِماسي بظِنّتي
فأصبحتُ فيها والهاً لاهياً بها=و من ولَّهتْ شُغلاً بها عنهُ ألهَتِ
وعن شُغُلي عنَّي شُغِلْتُ، فَلَو بِهَا=قضيتُ ردىً ما كنتُ أدري بُنقلتي
ومِن مُلَحِ الوَجِدِ المُدَلَّهِ في الهَوى الـ=ـمُولَّهِ عَقلي، سَبيُ سَلبٍ كَغَفلَتي
أُسائلُها عنّي، إذا ما لَقيتُها=ومِن حيثُ أهدَت لي هدايَ أضلَّتِ
وأَطلُبُها منّي، وعِنديَ لم تزل=عجبتُ لها بي كيفَ عني استجنَّتِ
وما زِلتُ في نَفسي بها مُتَرَدِّداً=لِنَشوَة ِ حِسّي، والمَحاسِنُ خَمرَتي
أسافرُ عن علمِ اليقينِ لعينهِ=إلى حقِّهِ حيثُ الحقيقة ُ رحلتي
وأنشُدُني عنّي، لأُرشدني على=لساني إلى مسترْشدي عندَ نشدتي
وأسألني رفعي الحجابَ بكشفيَ الـ=ـنقابَ، وبي كانَت إليَّ وسيلَتي
وأنظرُ في مرآة ِ حسنيَ كي أرى=جَمالَ وُجودي، في شُهوديَ طَلْعتي
فإنْ فُهتُ باسمي أُصغِ نحوي تشوُّقاً=إلى مُسمِعي ذِكري بِنُطقي، وأُنصِتِ
وألصقُ بالأحشاءِ كفِّي عسايَ أنْ=أُعانِقَها في وَضعِها، عِندَ ضَمّتي
وأهفُو لأنفاسي لَعلّيَ واجِدي=بِها مُستَجيزاً أنّها بيَ مَرّتِ
إلى أن بَدا منّي، لِعَينيَ، بارِقٌ=وبانَ سنَى فجرى وبانت دُجنَّتي
هناكَ، إلى ما أحجَمَ العقلُ دونَهُ=وَصَلْتُ، وبي مِنّي اتّصالي ووُصلتي
فأسفَرتُ بِشرَاً، إذ بَلَغتُ إليَّ عن=يقينِ يقيني شدّ رحلٍ لسفرتي
وأرشدتُني إذ كنتُ عنِّيَ ناشدي=إليَّ ونفسي بي عليَّ دليلتي
وأستارُ لَبسِ الحِسّ، لما كَشَفَتُها=وكانت لها أسرارُ حُكميَ أرخَتِ
رفعتُ حجابَ النَّفسِ عنها بكشفيَ الـ=ـنّقابَ فكانت عن سُؤالي مُجيبتي
وكنتُ جِلا مرآة ِ ذاتيَ مِن صدا=صفاتي ومنِّي أحدقَتْ بأشعَّة ِ
وأشهَدتُني إيايّ، إذ لا سِوايَ، في=شُهوديَ، موجودٌ، فيَقضِي بِزَحمة ِ
وأسمعُني في ذكريَ اسميَ ذاكري=ونفسي بِنَفيِ الحسّ أصغَتْ وأسمَتِ
وعانقتُني لا بالتزامِ جوارحي الـ=جوانِحَ، لكِنّي اعتَنَقتُ هُوْيّتي
وأوجَدتني روحي، وروحُ تَنَفّسي =يعطِّرُ أنفاسَ العبير المفتَّتِ
وعن شِرْكِ وَصفِ الحسّ كُلّي مُنَزَّه=وفيَّ وقد وحدتُ ذاتيَ نُزهتي
ومدحُ صفاتي في يوفِّقُ مادحي=لحمدي ومدحي بالصِّفاتِ مذمّتي
فشاهدُ وصفي بي جليسي وشاهدي=بهِ لاحتجابي لن يحلَّ بحلَّتي
كذاكَ بِفِعلي عارِفي بيَ جاهِلٌ=وعارفهُ بي عارفٌ بالحقيقة ِ
فخذ علمَ أعلامِ الصِّفاتِ بظاهرِ الـ=معالمِ من نفسٍ بذاكَ عليمة ِ
وفَهمُ أسامي الذَّاتِ عنها بباطنِ الـ=ـعَوالم، من روحٍ بذاكَ مُشيرَة ِ
ظهورُ صفاتي عن أسامي جوارحي=مَجازاً بها للحكمِ نفسي تسمَّتِ
رُقُومُ عُلُومٍ في سُتُورِ هياكِلٍ=على ماوراءَ الحسِّ في النَّفسِ ورَّتِ
وأسماءُ ذاتي عن صفاتِ جوانحي=جَوازاً لأسرارٍ بها، الرّوحُ، سُرّتِ
وآثارُها في العالمين بِعِلمِها=وعنها بها الأكوانُ غيرُ غنيَّة ِ
وُجودُ اقتِنا ذِكرٍ، بأيدِ تَحكّمٍ،=شهودُ اجتنا شُكرٍ بأيدٍ عميمة ِ
مظاهِرُ لي فيها بَدَوْتُ، ولم أكُن=عليّ بخافٍ قبلَ موطنِ بَرزتي









 


رد مع اقتباس
قديم 2010-07-27, 17:38   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
جليل 22
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية جليل 22
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكور اخي بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2010-07-27, 18:51   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الشريف الجرجاني
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية الشريف الجرجاني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رائع فابن الفارض معروف بهذه التائية وهي في الزهد والخمرة الإلاهية أي الحب الرباني مثله في ذلكمثل رابعة العدوية
تشكرين على القصيدة










رد مع اقتباس
قديم 2010-08-28, 22:12   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
تجويد
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية تجويد
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم على المرور

فعلا التائية من اروع القصائد في التصوف وحب الأله










آخر تعديل تجويد 2010-08-28 في 22:14.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الفارض, ثانية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:41

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc