سقتني حميَّا الحبِّ راحة َ مقلتي=وكأسي محيَّا مَن عنِ الحسن جلَّتِ
فأوهمتُ صَحبي أنّ شُربَ شَرَابهِم=بهِ سُرَّ سرِّي في انتشائي بنظرة ِ
وبالحَدَقِ استغنيتُ عن قَدَحِي و مِنْ=شمائلها لا مِن شموليَ نشوتي
ففي حانِ سُكري ، حانَ شُكري لفتية =بهم تمَّ لي كتمُ الهوى مع شهرتي
ولمَّا انقضى صحوي تقاضيتُ وصلها=و لم يغشَني في بسطِها قبضُ خَشيتي
وأبْثَثْتُها ما بي، ولم يكُ حاضِري=رقيبٌ لها حاظٍ بخلوة ِ جلوتي
وقُلتُ، وحالي بالصّبابَة ِ شاهدٌ=و وجدي بها ماحِيَّ والفقدُ مثبتي
هَبي، قبلَ يُفنِي الحُبُّ مِنّي بقِيّةً=أراكِ بها، لي نظرَة َ المتَلَفّتِ
و مِنّي على سَمعي بلَن، إن منَعتِ أن=أراكِ فمنْ قبلي لغيريَ لذَّتِ
فعندي لسكري فاقة ُ لإفاقة ٍ=لها كبدي لولا الهوى لمْ تفتّتِ
و لو أنَّ ما بي بالجبال وكانَ طو=رُ سينا بها قبلَ التَّجلِّي لدُكَّتِ
هوى عبرة ٌ نمَّتْ بهِ وجوى ً نمتْ=به حُرقٌ أدواؤها بِيَّ أودتِ
فطوفانُ نوحٍ، عندَ نَوحي، كأدمَعي=وإيقادُ نيرانِ الخليلِ كلوعتي
ولولا زفيري أغرقتنيَ أدمعي=و لولا دموعي أحرقتنيَ زفرتي
و حزنيَ ما يعقوبُ بثَّ أقلَّهُ=وكُلُّ بِلى أيوبَ بعضُ بَلِيّتي
وآخرُ ما لاقى الألى عشقوا إلي ال ..=رَّدى ، بعضُ ما لاقيتُ، أوّلَ محنَتي
وفي ساعة ٍ، أو دونَ ذلكَ، مَن تلا=لآلامِ أسقامٍ، بجِسمي، أضرّتِ
لأَذكَرَهُ كَربي أَذى عيشِ أزمَة ٍ=بمُنقَطِعي ركبٍ، إذا العيسُ زُمّتِ
وقد برَّحَ التَّبريحُ بي وأبادني=ومَدحُ صِفاتي بي يُوَفّقُ مدحتي
فنادمتُ في سُكري النحولَ مراقبي=بجملة ِ أسراري وتفصيلِ سيرتي
ظهرتُ لهُ وصفاً وذاتي بحيثُ لا=يراها لبلوى مِن جوى الحبِّ أبلتِ
فأبدتْ ولم ينطقْ لساني لسمعهِ=هواجِسُ نفسي سِرَّ ما عنهُ أخفَتِ
وظَلّت لِفِكري أُذنُهُ خَلَداً بها=يَدورُ بهِ، عن رُؤيَة ِ العينِ أغنَتِ
أحَبّنيَ اللاّحي، وغارَ، فلامَني،=مُجيبا ًإلَيها، عن إنابَة ِ مُخبِتِ
كأنَّ الكرامَ الكاتبينَ تنزَّلوا=على قَلبِهِ وَحياً، بِما في صحيفَتي
وما كانَ يدري ما أجنُّ و ما الَّذي=حَشايَ منَ السِّرّ المَصونِ، أَكَنَّتِ
وكشفُ حجابِ الجسمِ أبرزَ سرَّ ما=بهِ كانَ مستوراً لهُ مِن سريرتي
فكنتُ بسرِّي عنهُ في خفية ٍ وقدْ=خفتهُ لوهنٍ من نحوليَ أنَّتي
لَقيلَ كنَى ، أو مسّهُ طَيفُ جِنّة ِ=له ، والهوى يأتي بكلِّ غريبة ِ
وأفرَطَ بي ضُرَّ، تلاشَت لَمْسّهِ=أحاديثُ نَفسٍ، بالمدامِعِ نُمّتِ
فَلو هَمّ مَكروهُ الرّدى بي لما دَرى=مكاني ومن إخفاءِ حبِّكِ خفيتي
وما بينَ شوقٍ واشتياقٍ فنيتُ في=تَوَلٍّ بِحَظرٍ، أو تَجَلٍّ بِحَضرة ِ
فلو لفنائي مِن فنائكِ ردَّ لي=فُؤاديَ، لم يَرغَب إلى دارِ غُربَة ِ
وعنوان شاني ما أبثُّك بعضهُ=وما تَحتَهُ، إظهارُهُ فوقَ قُدرَتي
واُمسِكُ، عَجزاً، عن أُمورٍ كثيرة ٍ=بِنُطقيَ لن تُحصى ، ولو قُلتُ قَلّتِ
شفائي أشفى بل قَضى الوَجدُ أن قَضى=وبردُ غليلي واجدٌ حرَّ غلَّتي
وباليَ أبلى مِن ثيابِ تجلُّدي=بهِ الذاتُ، في الأعدامِ، نِيطَت بلَذة
فلو كشفَ العوَّادُ بي وتحقَّقوا=منَ اللوحِ ما مِنِّي الصَّبابة ُ أبقتِ
ومنذُ عفا رسمي وهِمتُ، وَهَمتُ في=وجودي فلم تظفر بكونيَ فكرتي
وبعدُ فحالي فيكِ قامت بنفسها=وبيِّنتي في سبقِ روحي بنيَّتي
و لم أحكِ في حبَّيكِ حالي تبرُّماً=بها لاضطِرابٍ، بل لتَنفِيسِ كُربَتي
ويَحسُنُ إظهارُ التّجلّدِ للعِدا=ويقبحُ غيرُ العجزِ عندَ الأحبَّة ِ
ويَمنَعُني شكوَايَ حُسنُ تَصبّري=ولو أشكُ للأعداء ما بي لأشكَت
وعُقبى اصطِباري، في هَواكِ، حمِيدَة ٌ=عليكِ ولكنْ عنكِ غيرُ حميدة ِ
وما حَلّ بي من مِحنَة ٍ، فهومِنحَة ٌ،=وقد سَلِمَت، من حَلّ عَقدٍ، عزيمتي
وكَلّ أذًى في الحبّ مِنكِ، إذا بَدا=جعلتُ لهُ شكري مكانَ شكيَّتي
نَعَم وتَباريحُ الصّبابَة ِ، إن عَدَت=علىَّ منَ النعماءِ في الحبِّ عدَّتِ
ومنكِ شقائي بل بلائيَ مِنَّة ٌ=وفيكِ لباسُ البؤسِ أسبَغُ نِعمَة ِ
أرانِيَ ما أولِيتُهُ خيرَ قِنْيَةٍ=قديمُ وَلائي فيكِ من شرّ فِتيَة ِ
فلاحٍ وواشٍ:ذاك يُهدي لِعِزّة ٍ=ضلالاً و ذا بي ظلَّ يهذي لغرَّة ِ
أُخالِفُ ذا في لومِهِ عن تقًى ، كما=أخالِفُ ذا في لؤمِهِ، عن تَقيّة
و ما ردُّ وجهي عن سبيلِكِ هولُ ما=لقيتُ، ولاضرّاءُ، في ذاكَ، مسّتِ
ولا حلمَ لي في حمل ما فيكِ نالني=يُؤدّي لحَمدي، أولَمَدحِ موَدّتي
قضى حسنكِ الدَّاعي إليكِ احتمالَ ما=قصصتُ وأقصى بعدَ ما بعدَ قصَّتى
وما هوَ إلاَّ أنْ ظهرتِ لناظري=بأكملِ أوصافٍ على الحسنِ أربتِ
فحلَّيتِ لي البلوى فخلَّيتِ بينها=وبيني فكانت منكِ أجملَ حلية ِ
ومَن يتَحَرّشْ بالجمالِ إلى الرّدى =رأى نفسَه، من أنفَس العيش، رُدّتِ
ونفسٌ ترى في الحبِّ أن لا ترى عناً=و لا بالولا نفسٌ صفا العيش ودَّتِ
وأينَ الصّفا ، هيهاتِ من عَيشِ عاشِقٍ=وجنَّة ُ عدنٍ بالمكارهِ حفَّتِ
ولي نفسُ حرٍّ لو بذلتِ لها على=تَسَلّيكِ، ما فوْقَ المُنى ما تسلّتِ
ولو أُبعِدَتْ بالصّدّ والهجرِ والقِلى=وقَطعِ الرّجا، عن خُلّتي، ما تَخَلّتِ
وعن مذهَبي، في الحُبّ، ماليَ مذهَبٌ=وإنْ مِلتُ يوماً عنهُ فارَقتُ ملّتي
و لو خَطَرَت لي في سواكِ إرادة ٌ=على خاطري سهواً قضيتُ بردَّتي
لكِ الحكمُ في أمري فما شئتِ فاصنعي=فلم تكُ إلاّ فيكِ لا عنكِ رغبتي
ومُحكَمِ عهدٍ، لم يُخامِرْهُ بيننا=تَخَيُّلُ نَسخٍ ، و هوَ خيرُ أليّةِ
وأخذُكِ ميثاقَ الولا حيثُ لم أَبِنْ=بمظهرِ لبسِ النَّفسِ في فئِ طينتي
وسابِقِ عهدٍ لم يَحُل مُذ عَهِدتُهُ=ولاحِقِ عَقدٍ، جَلّ عن حَلّ فترَة
ومَطلِعِ أنوارٍ بطلعتِكِ التّي=لبهجتها كلُّ البدورِ استسرَّتِ
ووصفِ كمالٍ فيكِ أحسنُ صورة ٍ=وأقوَمُها، في الخَلقِ، منهُ استمدّتِ
ونعتِ جلالٍ منكِ يعذبُ دونهُ=عذابي، وتحلو، عِندَهُ ليَ قتلَتي
وسِرِّ جَمالٍ، عنكِ كُلُّ مَلاحَةٍ=بهِ ظهرتْ في العالمينَ وتمَّتِ
وحُسنٍ بهِ تُسبى النُّهَى دَلّني على=هوىً حَسُنَتْ فيهِ لعزِّك ذلَّتي
ومعنىً ، ورَاءَ الحُسنِ، فيكِ شهِدتُهُ=بهِ دَقّ عن إدراكِ عَينِ بَصيرَتي
لأنتِ مُنى قلبي، وغايَة ُ بُغيَتي=وأقصى مُرادي، واختياري، وخِيرَتي
خلعتُ عذاري واعتذاريَ لابسَ الـ=خلاعةِ مسروراً بخلعي وخلعتي
وخلعُ عذاري فيكِ فرضى وإنْ أبى اْقـ=ـترابيَ قومي والخلاعة ُ سنَّتي
وليسوا بقومي ما استعابوا تَهتُّكي=فأبدَوْا قِلىً واستحسنوا فيكِ جفوتي
وأهليَ في دينِ الهوى أهلهُ وقد=رضُوا ليَ عاري، واستطابوا فضيحتي
فمن شاء فليغضبْ سواكِ ولا أذى ً=إذا رضيتْ عنَّي كرامُ عشيرتي
وإنْ فَتَنَ النُّسَّاكَ بعضُ محاسنٍ=لديكِ، فكُلٌّ منكِ موضِعُ فِتنَتي
وما احترتُ، حتى اخترتُ حُبّيكِ مَذهباً=فوا حيرتي إنْ لمْ تكنْ فيكِ خيرتي
فقالت هوى غيري قصدتَ ودونهُ اقْـ=ـتَصَدتَ، عميّاً، عن سواءِ مَحجّتي
وغرّكَ، حتى قُلتَ ما قُلتَ، لابِساً=بهِ شَينَ مَينٍ لبسُ نفسٍ تمنَّتِ
وفي أنفَسِ الأوطارِ أمسَيتَ طامعاً=بنفسٍ تعدَّت طَورَهَا فتعدّتِ
وكيفَ بحبى وهوَ أحسنُ خلةٍ=تفوزُ بدعوى وهيَ أقبَح خلَّة ِ
وأينَ السُّهَا مِن أكْمَهٍ عن مُرادِهِ=سَها، عَمَهاً، لكنْ أمانيكَ غرّت
فقمتَ مقاماً حُطَّ قدرُكَ دونَهُ=على قدمٍ عن حظِّها ما تخطَّتِ
ورُمتَ مراماً، دونَهُ كم تطاوَلت=بِأعناقِها قومٌ إليهِ فجذَّت
أتيتُ بيوتاً لم تُنَل من ظهورهَا=لَدَيّ، فَدَعني من سَرَابٍ بِقيعة
وبينَ يدِي نجواكَ قدَّمتَ زخرفاً=ترومُ بهِ عِزّاً، مرامِيهِ عَزّتِ
وجئتَ بِوَجهٍ أبيضٍ، غيرَ مُسقِطٍ=لجاهِكَ في داريكَ حاطِبَ صفوتي
ولو كنتَ بي من نقطة ِ الباءِ خفضة ً=رُفعتَ إلى ما لَمْ تنلهُ بحيلة ِ
بحيثُ ترى أن لا ترى ما عَدَدتهُ=وأنَّ الّذي أعددتَهُ غيرُ عُدَّة ِ
ونَهجُ سبيلي واضِحٌ لمنِ اهتدَى =ولكنَّها الأهواءُ عَمَّت فأعمَتِ
وقد آنَ أن أبدي هواكَ، ومن به=ضَناكَ، بما ينَفي ادّعاكَ محبّتي
حليفُ غرامٍ أنتَ لكنْ بنفسهِ=و إبقاكَ وصفاً منكَ بعضُ أدلَّتي
فَلَم تهوَني ما لم تكن فيَّ فانياً=ولمْ تَفنَ ما لا تُجتَلى فيكَ صورَتي
فدَع عنكَ دعوى الحبّ، وادعُ لِغَيرِهِ=فؤادَكَ، وادفَع عنكَ غَيّكَ بالتي
وجانبْ جَنابَ الوصلِ هيهاتَ لم يكن=وها أنتَ حيٌّ إن تكُنْ صادقاً مُتِ
هوَ الحُبّ، إن لم تَقضِ لم تَقضِ مأرَباً=منَ الحُبّ، فاختر ذاك، أو خَلّ خُلّتي
ودُونَكَ بحراً خُضتُهُ، وقَفَ الأُلى=إليكِ، ومَن لي أن تكونَ بقبضَتي
وما أنا بالشَّاني الوفاةَ على الهوَى=وشأني الوفَا تأتي سِواهُ سجيَّتي
وماذا عسى عنِّي يُقالُ سِوى قضَى=فُلانٌ، هوىً ، مَن لي بِذا، وهْو بُغيَتي
أجَلْ أجَلي أرضى انقِضاهُ صبَابَةً=ولا وصلَ، إن صَحّتْ، لحبّك، نسبتي
وإن لم أفُز حَقاً إليكِ بِنِسبَة ٍ=لعزَّيتها حسبي افتخاراً بتهمة ِ
ودونَ اتّهامي إن قَضَيتُ أسًى فما=أسأتُ بنفسٍ بالشهادة ِ سُرَّتِ
ولي منكِ كافٍ إن هَدَرتِ دمي، ولم=أُعدَّ شهيداً علمُ داعي منيَّتي
ولم تَسْوَ روحي في وِصالِكِ بَذلَها=لدَىَّ لِبَونٍ بينَ صونٍ وبذلة ِ
وإني، إلى التّهديدِ بالموتِ، راكنٌ=ومَن هولِهِ أركانُ غيري هُدَّت
ولم تعسِفي بالقتلِ نفسِيَ بل لها=بهِ تُسعفي إن أنتِ أتلفت مُهجتي
فإن صحَّ هذا القالُ منكِ رفعتِني=وأعليتِ مقداري و أغليتِ قيمتي
وها أنا مستدعٍ قضاكِ وما بهِ=رضاكِ ولا أختارُ تأخيرَ مدَّتي
وعِيدُكِ لي وعدٌ، وإنجازُهُ مُنى=وليٌّ بغيرِ البعدِ إن يُرمَ يثبتِ
وقد صِرتُ أرجو ما يُخافُ فأسعِدي=به روحَ مَيْتٍ للحياةِ استعدتِ
وبي مَن بها نافستُ بالرّوحِ سالِكاً=سبيلَ الأُلى قَبلي أبَوا غيرَ شِرعتي
بِكُلّ قَبِيلٍ كَم قَتِيلٍ بها قَضَى=أسىً لم يفز يوماً إليها بنظرة ِ
وكمْ في الورى مثلي أماتت صبابة ً=و لو نَظَرَت عَطفاً إليهِ لأحيَتِ
إذا ما أحَلّت، في هواها، دَمي، فَفي=ذُرى العِزّ والعَلياءِ قَدري أحَلّتِ
لعمري وإن أتلفتُ عمري بحبِّها=ربحتُ وإن أبلت حَشايَ أبلّتِ
ذللتُ لها في الحيِّ حتى وجدتُني=وأدنى منالٍ عندهم فوقَ همَّتي
وأخمَلَني وَهناً خُضُوعي لَهُم، فلَم=يَرَوني هَواناً بي مَحَلاًّ لخِدمتي
ومِن دَرَجاتِ العِزّ أمسَيتُ مُخلِداً=إلى دَرَكاتِ الذُّلِّ من بعدِ نخوَتي
فلا بابَ لي يُغشى ولا جاهَ يُرتجى=ولاجَارَ لي يُحمى لِفَقدِ حَمِيّتي
كأنْ لم أكن فيهم خطيراً ولم أزل=لديهم حقيراً في رخاءٍ وشدَّة ِ
ولوعَزّ فيها الذّلُّ ما لَذّ لي الهوى =على حَسَبِ الأفعالِ في كُلّ مُدّتي
فَحالي بِها حالٍ بِعَقلِ مُدَلَّة ٍ=وصِحّة ِ مَجْهودٍ وعِزِّ مَذَلّة ِ
أسرَّت تمنِّى حبِّها النَّفسُ حيثُ لا=رقيبَ حجاً سرّاً لسرِّي وخصَّتِ
فأشفقتُ من سيرِ الحديثِ بسائري=فتعرِبُ عن سرى عبارَة عبرتِي
يُغالِطُ بَعضي عنهُ بعضي، صِيانَة ً=و مَينيَ، في إخفائهِ، صِدقُ لَهجَتي
ولمَّا أَبَت إظهارهُ لجوانحِي=بَديهَة ُ فِكري، صُنتُهُ عن رويّتي
وبالغتُ في كتمانهِ فنسيتُهُ=وأُنسيتُ كَتمي ما إليهِ أسَرّتِ
فإن أجنِ مِن غرسِ المُنى ثَمَرَ العَنا=فِلَّلهِ نفسٌ في مُناها تمنَّتِ
وأحلى أماني الحُبّ للنفسِ ما قَضَت=عَنَاها بهِ مَن أذكَرَتها وأنستِ
أقامَت لَها مِنّي عليَّ مُراقِباً=خوَاطِرَ قلبي، بالهوَى ، إنْ ألَمّتِ
فإن طرقتْ سرّاً من الوهمِ خاطري=بِلا حاظِرٍ، أطرَقتُ إجلالَ هيبَة ِ
ويطرَفُ طرفي إن هممتُ بنظرة ِ=وإن بُسِطت كفِّي إلى البَسطِ كفَّتِ
ففي كلِّ عضوٍ فِيَّ إقدامُ رغبةٍ=ومن هيبة ِ الإعظامِ إحجامُ رهبة ِ
لِفِيّ وسَمعي فيّ آثارُ زِحْمَة ٍ=عليها بَدَتْ عِندي كإيثارِ رحمة ِ
لسانيَ إنْ أبدَى إذا ما تلا اسمها=له وصفُه سمعي وما صمَّ يصمُتِ
وأذنيَ إنْ أهدى لسانِيَ ذكرَها=لقلبي ولم يستعبدِ الصَّمتَ صُمّتِ
أغارُ عليها أن أهيمَ بِحُبّها=وأعرِفُ مِقداري، فأُنكرُ غيرَتي
فتُختَلَسُ الرّوحُ ارتياحاً لها، وما=أبرِّئُ نفسي من توهُّمِ مُنية ِ
يراها على بعدٍ عن العينِ مسمعي=بطيفِ ملامٍ زائرٍ حين يقطتي
فَيَغبِطُ طَرفي مِسمَعي عندَ ذِكرها=وتَحسِدُ ما أفنَتهُ مِنّي، بقيّتي
أممتُ أمامي في الحقيقة ِ فالورَى=ورائي، وكانتْ حَيثُ وجّهتُ وجهتي
يراها أمامي في صلاتيَ ناظري=ويشهدُني قلبي أمامَ أئمَّتي
ولا غروَ إن صلَّى الإمامُ إليَّ إنْ=ثوَتْ في فُؤادي و هْي قِبلة ُ قبلتي
وكلُّ الجهاتِ السِّتِّ نحوي توجَّهت=بما تمَّ من نُسكٍ وحجٍّ وعمرة ِ
لها صلواتي بالمقامِ أُقيمها=وأشهَدُ فيها أنّها ليَ صَلّتِ
كِلانَا مُصَلٍّ واحِدٌ، ساجِدٌ إلى=حقيقَتِهِ، بالجمعِ، في كلّ سجدَة ِ
وما كان لي صَلّى سِواي، ولم تكن=صلاتي لغيري في أدا كلِّ ركعة ِ
إلى كم أُواخي السِّترَ ها قد هتَكتُهُ،=وحلُّ أُواخي الحُجبِ في عقدِ بيعتي
مُنِحتُ ولاهاً يومَ لا يومَ قبلَ أنْ=بَدَتْ عند أخذِ العهدِ، في أوّليّتي
فِنلتُ ولاهاً لابسمعِ وناظرٍ=ولا باكتسابٍ واجتلابِ جبلَّة ِ
وهِمتُ بها في عالمِ الأمرِ حيثُ لا=ظهورٌ وكانت نَشوتي قبلَ نشأتي
فأفنى الهوى ما لم يكُن ثَمّ باقياً=هُنا، من صِفاتٍ بينَنا فأضمحلّتِ
فألفيتُ ما ألقَيتُ عنّيَ صادراً=إليَّ ومنِّي وارداً بمزيدَتي
وشاهدتُ نفسي بالصِّفاتِ الّتي بها=تحجَّبتِ عنِّي في شُهودي وحِجبَتي
وإني التي أحبَبتُها، لامَحالة ً،=وكانت لها نفسي عليَّ مُحيلَتي
فهامَت بها من حيثُ لم تدرِ، وهْيَ في=شُهودي، بنفس الأمرِ غير جَهولَة ِ
و قد آن لي تفصيلُ ما قلتُ مُجملاً=وإجمالُ ما فصَّلتُ بسطاً لبسطَتي
أفادَ اتخاذي حُبَّها، لاتّحادنا،=نوادرُ عن عادِ المحبِّينَ شذَّتِ
يَشي لي بِيَ الواشي إليها، ولائمي=عليها، بها يُبدي، لديها، نَصيحَتي
فأوسِعُهَا شكراً وماأسلفَت قِلَىً=وتمَنحُنِي بِرّاً لصدقِ المحبَّة ِ
تقرَّبتُ بالنَّفسِ احتساباً لها ولمْ=أَكنْ راجِياً عنها ثواباً، فأدنَتِ
وقدَّمتُ مالي في مآليَ عاجلاً=وما إنْ عساها أنْ تكونَ مُنِيلتَي
وخلَّفتُ خلفي رؤيتي ذاكَ مخلصاً=ولستُ براضٍ أن تكونَ مطيَّتي
فأثنيتَ لي إلقاءُ فقريَ والغَنَى=فضيلة َ قصدي فاطَّرحتُ فضيلَتي
فلاحَ فلاحي في اطّراحي، فأصبحتْ=ثوابيَ لا شيئاً سِواهَا مُثيبَتي
وظِلْتُ بها، لا بي، إليها أدُلّ من=بهِ ضلَّ عن سُبلِ الهدى وهي دلَّتِ
فَخَلِّ لها، خُلّي، مُرادَكَ، مُعطِياً=قِيادَك من نفسٍ بها مطمئنَّة ِ
وأمسِ خَليّاً من حُظوظِكَ، واسمُ عن=حضيضِكَ، واثبُتْ، بعد ذلكَ تنبُتِ
وكن صارِماً كالوقتِ، فالمَقْتُ في عسى =وإيَّاك علاَّ فهيَ أخطرُ علَّة ِ
وفي عِلمِهِ، عن حاضِريهِ مزِيَّة ٌ=نشاطاً ولا تُخلِدْ لعجزٍ مُفَوِّتِ
وَأقدِمْ، وقَدّمْ ما قَعدتَ لهُ معَ الـ=ـخوالِفِ، وَاخرُج عن قيود التّلفّتِ
وجُذّ بسيفِ العزمِ سوفَ فإن تَجِدْ=له نَفَساً فالنَّفسُ إن جُدتَ جَدَّتِ
وأقبِلْ إليها، و انحُها مُفلِساُ، فقد=وصَيتَ لِنُصحي، إن قبِلتَ نصحيتي
فلم يَدنُ منها موسِرٌ باجتِهادِهِ=وعنها بهِ لم ينأَ مؤثرُ عسرَة ِ
بذاكَ جرى شرطُ الهوى بين أهلهِ=وطائفة ٌ، بالعَهدِ، أوفَت فوَفَّت
متى عصفَت ريحُ الولا قصفتْ أخا=غَناءٍ، ولو بالفَقرِ هَبّت لَرَبّت
وأغنى يمينٍ باليسارِ جزاؤها=مُدى القطعِ ما للوصلِ في الحبِّ مُدَّتِ
وأخلِص لها واخلصْ بها عن رُعونة ِ افـ=ـتقارِكَ من أعمالِ برٍّ تزكَّتِ
وعادِ دواعي القيلِ و القالِ، وانجُ من =عوادي دعاوٍ صدقُها قصدُ سُمعة ِ
فألسُنُ مَن يُدعى بألسَنِ عارِفٍ=وقد عُبِرَتْ كل العِباراتِ، كَلّتِ
وما عنه لم تُفضَحِ، فإنّكَ أهلُهُ=وأنتَ غريبٌ عنه، إن قلتَ، فاصْمتِ
سَمِعتَ سِواها، وهيَ في الحُسْنِ أبدَتِ=غدا عبدَه من ظَنَّه خَيرَ مُسكِتِ
فكُن بَصَراً وانظر وسمعاً وعهْ وكنْ =لساناً وقُل فالجمعُ أهدَى طريقة ِ
ولاتتّبِع مَنْض سَوّلَت نفسُهُ لَهُ=فصارَت لهُ أمَّارةً واستمرَّتِ
ودَع ما عداهَا واعدُ نفسكَ فهي مِن=عِدَاها وعذ منها بأحصَنِ جُنَّة ِ
فنَفسيَ كانَت، قبلُ، لَوّامَةً متى=أُطِعها عَصَت ، أو أعصِ عنها مُطيعَتي
فأوردتُها ماالموتُ أيسرُ بعضِهِ=وأتعَبتُها، كَيما تَكون مُريحتي
فعادت، ومهما حُمّلَتْهُ تحَمّلَتْـ=ـهُ مِنّي، وإنْ خَفَـفتُ عنها تأذَّتِ
و كَلَّفتهُا، لا بل كَفَلتُ قيامها=بتكليفيها حتى كلفتُ بِكُلْفتي
وأذهبتُ في تهذيبها كلَّ لذَّة ٍ=بإبعادِها عن عادِها، فاطمأنّتِ
ولم يبقَ هولٌ دونهَا ما ركبتُهُ=وأشهَدُ نفسي فيهِ غيرَ زَكيّة ِ
وكلُّ مقامٍ عن سلوكٍ قطعتُهُ=عُبودِيّةً حَقّقتُها، بعُبودة ِ
وصرتُ بِها صَبّاً، فلمّا تركتُ ما=أُريدُ، أرادَتني لها وأحبّتِ
فَصِرتُ حبيباً، بل مُحِبّاً لِنفسِهِ،=وليسَ كقَولٍ مَرّ، نفسي حبيبتي
خَرَجتُ بها عنّي إليها، فلم أعُد=إليَّ ومثلي لا يقولُ برجعة ِ
وأفرَدتُ نفسي عن خُروجي، تكرّماً، =فلم أُرضهَا من بعدِ ذاكَ لصحبَتي
وغَيّبتُ عن إفرادِ نفسي، بحيثُ لا=يُزاحمُني إبداءُ وصفٍ بحضرَتي
و ها أنا أُبدي، في اتّحاديَ، مَبدَئي=وأُنهي انتهائي في تواضُعِ رِفعَتي
جَلَت ، في تَجَلّيها، الوُجودَ لِناظري=ففي كلِّ مرئيٍّ أراها برؤية ِ
وأُشهِدتُ غَيبي، إذ بَدت، فوجدتُني=هُنالكَ إيّاها بجلوة ِ خلوتي
وطاحَ وُجودي في شُهودي، وبِنتُ عن=وُجودِ شُهودي، ماحياً، غيرَمُثبِتِ
وعانقتُ ما شاهدتُ في محوِ شاهدي =بمَشهدِهِ للصّحوِ، من بَعد سَكرَتي
لِيجمَعَ شَملي كُلُّ جارِحة ٍ بها=وذاتي بذاتي إذ تحَلت تجلَّتِ
فَوصفيَ، إذ لم تُدْعَ باثنَينِ، وَصفُها=وهيئتُهَا إذ واحدٌ نحنُ هيئتي
فإن دُعِيَت كنتُ المُجيبَ وإن أكن=منادَىً أجابت من دعاني ولبَّتِ
وإن نَطَقَت كنتُ المُناجي، كذاك إن=قصَصتُ حديثاً إنَّما هي قصَّتِ
فقدْ رُفعت تاءُ المخاطَبِ بيننا=وفي رفعِهَا عن فُرقة ِ الفرقِ رفعتي
فإن لم يُجوِّز رؤية َ اثنين واحداً=حِجَاكَ ولم يثبت لبُعدِ تثبُّتُ
وأُعرِبُ عنها، مُغرِباً، حيثُ لاتَ حيـ=ـنَ لَبسٍ، بتَبيانَي سَماعٍ ورؤيَة ِ
وأُثبِتُ بالبُرْهانِ قوليَ، ضارباً=مثالَ محقٍّ والحقيقة ُ عُمدَتي
بمتبوعةٍ يُنبيكَ في الصَّرعِ غيرُها=على فمِها في مسِّها حيثُ جُنَّتِ
ومن لُغَةٍ تبدو بغيرِ لِسانِها=عليهِ براهينُ الأدلَّة صحتِ
فلو واحِداً أمسَيتَ أصبحتَ واجِداً=مُناَزلةً ما قلتهُ عن حقيقة ِ
و لكن على الشِّركِ الخفيُّ عَكَفتِ لو=عرفتَ بنفسِ عن هدى الحقِّ ضلَّتِ
وفي حُبّهِ مَن عزَّ توحيدُ حِبِّهِ=فبالشّركِ يَصلى مِنهُ نارَ قَطيعَة
وما شانَ هذا الشّأنَ مِنكَ سِوى السَّوى=و دعواهُ، حقّاً، عنكَ إن تُمحَ تثبُت
كذا كنتُ حيناً قبلَ أن يُكشَفَ الغِطَا=مِنَ اللَّبسِ، لا أنفكُّ عن ثَنَوِيَّة
أروحُ بفقدٍ بالشهودِ مؤلِّفي=و أغدو بوجدٍ بالوجودِ مشتِّتى
يُفرِّقني ليَّ التزاماً بمحضَري=ويجمعُني سلى اصطلاماً بِغَيبَتي
أخالُ حضيضي الصّحو،والسُّكرَ معرَجي=إليها ومحوِي مُنتهى قابَ سِدرتي
فلمّا جلَوتُ الغَينَ عنّي اجتَلَيتُني=مفيقاً ومني العينُ بالعينِ قرَّتِ
ومِن فاقتي، سُكراً، غَنيتُ إفاقة ً=لدى فَرقي الثَّاني فَجمعي كَوَحدَتي
فجاهِد تُشاهد فيكَ منكَ وراءَ ما=وصَفتُ، سُكوناً عن وُجودِ سَكينة ِ
وبي موقفي، لا بل إليّ تَوَجّهي=كذاكَ صَلاتي لي، ومِنّيَ كَعبتي
فلا تَكُ مفتوناً بِحُسنِكَ، مُعجباً=بنفسِك موقوفاً على لبس غرَّة ِ
وفارِق ضَلالَ الفَرقِ، فالجمعُ مُنتِجٌ=هُدى فِرقَة ٍ، بالاتّحادِ تَحَدّتِ
وصرِّح باطلاقِ الجمالِ ولا تقل=بِتَقييدهِ ، مَيلاً لزُخرُفِ زينَة
فكُلُّ مَليحٍ حُسنهُ مِن جمالها=مُعارٌ لهُ، بل حُسنُ كلّ مَليحة ِ
بها قيسُ لبنى هامَ بل كلُّ عاشقٍ=كمجنونِ ليلى أو كُثيِّرِ عَزَّة ِ
فكُلٌّ صَبا منهُم إلى وَصفِ لَبسِها=بصورة ِ حُسنِ لاحَ في حُسنِ صورة ِ
وما ذاكَ إلاّ أنْ بدَتْ بِمظاهِرٍ=فظنُّوا سِواهَا وهيَ فيها تجلَّتِ
بدَت باحتِجابٍ، واختَفَت بمظاهِرٍ=على صِبَغِ التّلوينِ في كُلِّ بَرزَة ِ
ففي النّشأة ِ الأولى تَرَاءَتْ لآدَمٍ=بمظهرِ حوا قبلِ حُكمِ الأمومة ِ
فهامَ بها، كَيما يكونَ بهِ أباً=ويَظهَرَ بالزّوجينِ حُكْمُ البُنُوّة ِ
وكان ابتدا حُبِّ المظاهِرِ بعضَها=لِبعضٍ، ولا ضِدٌّ يُصَدّ بِبِغضَة ِ
وما برحَت تبدو وتخفَى لِعلَّة ٍ=على حسبِ الأوقاتِ في كلِّ حقبة ِ
وتَظهَرُ لِلعُشّاقِ في كُلِّ مظْهَرٍ=مِنَ اللّبسِ، في أشكال حُسنٍ بدِيعَة ِ
ففي مرَّةٍ لُبنى وأُخرى بُثينة ً=وآوِنَةً تُدعَى بعزَّةَ عزَّتِ
ولسنَ سِوَاها لا ولا كُنَّ غيرهَا=وما إنْ لها، في حُسنِها، مِنْ شَريكَة ِ
كَذاكَ بِحُكمِ الإتّحادِ بِحُسنِها=كما لي بَدَت، في غَيرِها وَتَزَيّتِ
بدوتُ لها في كلِّ صبّ متيَّمٍ=بأيِّ بديعٍ حُسنُهُ وبِأيّة ِ
و ليسوا، بِغَيري في الهوَى ، لتَقَدّمٍ =عليَّ لسبقٍ في اللَّيالي القديمة ِ
وما القَومُ غَيري في هَواها، وإِنّما=ظهرتُ لهم للَّبس في كلِّ هيئة ِ
ففي مرَّة ٍ قيساً وأخرى كُثيراً=وآونة ً أبدو جميلَ بُثينة ِ
تَجَلّيتُ فيهِم ظاهِراً، واحتَجَبتُ با=طِناً بهِمِ، فاعجَب لِكَشفٍ بِسُترة ِ
وهُنَّ و هُمْ لا وهنَ وهمٍ مظاهرٌ=لنا، بِتَجَلّينا بِحُبٍ ونَضْرَة ِ
فكُلُّ فتى حُبٍّ أنا هُوَ، وهيَ حِبـ=ـبُّ كلِّ فتى والكلُّ أسماءُ لُبسة ِ
أسامٍ بها كنتُ المسمَّى حقيقةً=وكنتُ ليَ البادي بِنَفسٍ تَخَفّتِ
ومازلتُ إيَّاها وإيَّايَ لم تزلْ=و لا فرقَ بل ذاتي لذاتي أحبَّتِ
وليسَ معي، في المُلكِ شيءٌ سِوايَ أو=معيَّة ُ لم تخطُرْ على ألمعيَّة ِ
وهذِي يدي لا أنّ نفسي تخوَّفت=سواي، ولا غيري لخيري ترجت
ولا ذُلَّ إخمالٍ لِذِكري تَوَقّعَت=ولا عِزَّ إقبالٍ لشكري توخّتِ
ولكن لصدِّ الضّدِّ عن طعنهِ على=عُلا أولياءِ المنجدينَ بنجدتي
رجعتُ لأعمالِ العبادة ِ عادة َ=وأعدَدتُ أحوالَ الإرادة ِ عُدّتي
وعُدتُ بنسكي بعد هتكي وعُدتُ مِن =خلاعة ِ بسطي لانقباضٍ بعفّة ِ
وصُمتُ نهاري رغبة ً في مثوبة ٍ=و أحيَيْتُ ليلي، رَهبْة ً مِن عُقوبَة
وعمّرتُ أوقاتي بِوردٍ لِوارِدٍ،=وصَمتٍ لسمتٍ واعتكافٍ لحرمة ِ
وبنتُ عَنِ الأوطانِ هجرانَ قاطعٍ=مُواصلة َ الإخوانِ واخترت عُزلتي
ودققتُ فكري في الحلالِ تورُّعاً=وراعيتُ، في إصلاحِ قُوتيَ، قُوّتي
وأنفقتُ مِن يُسرِ القَناعة ِ، راضِياً=من العيشِ في الدُّنيا بأيسَرِ بُلغة ِ
وهَذّبتُ نفسي بالرياضَة ِ، ذاهِباً=إلى كشفِ ما حُجبُ العوائدِ غطّتِ
وَجَرَّدتُ، في التجريدِ، عزمي تَزَهُداً=وآثَرتُ في نُسْكي استِجابَةَ دعوتي
متى حِلتُ عن قولي أنا هِيَ أو أقُل=وحاشَا لمثلي أنَّها فيَّ حلّتِ
ولَستُ على غيبٍ أحيلُكِ، لا و لا=على مُستحيلٍ، موجِبٍ سَلبَ حيلَتي
وكيفَ، وباسمِ الحقّ ظلَّ تحَقُّقي=تكونُ أراجيفُ الضّلالِ مُخيفَتي
وها دِحيّة ٌ، وافى الأمينَ نبيَّنا=بِصورَتهِ، في بَدءِ وحيِ النّبوءة ِ
أجبريلُ قُل لي كانَ دحية َ إذ بدا=لِمُهدي الهُدى ، في هَيئة ٍ بَشَريّة
وفي علمِهِ من حاضريهِ مزيّة ٌ=بماهيّة ِ المرئيِّ من غيرِ مرية ِ
يرى مَلَكاً يُوحي إليهِ وغيرُهُ=يَرى رَجُلاً يُدعى لَديهِ بِصُحبَة
ولي، مِن أتَم الرُّؤيتينِ، إشارَة ٌ=تُنزِّهُ عن رأى الحلولِ عقيدتي
وفي الذِّكرِ ذكرُ اللبس ليس بمنكرٍ=ولم أعدُ عن حُكمَي كِتابٍ وِسُنَّة ِ
منحتُكَ علماً إنْ تُرِد كشفَهُ فَرِدْ=سَبيليَ واشرَع في اتِّباعِ شَريعَتي
فَمُتبَعُ صَدِّى من شرابٍ نقيعهُ =بِساحِلِهِ صَوناً لِموضِعِ حُرمتي
و لا تَقرَبوا مالَ اليتيمِ، إشَارَة ٌ=لكفِّ يدٍ صُدَّت له إذ تصدّتِ
و ما نالَ شيئاً منهُ غيري سوى فتَىً=على قدمي في القبضِ والبسطِ ما فتَى
فلا تَعشُ عن آثارِ سَيريَ، واخشَ عيْـ=ـنَ إيثارِ غيري، واغشَ عَينَ طريقتي
فؤادي وَلاها، صاحِ، صاحِي الفؤادِ في=ولاية ِ أمري داخلٌ تحتَ إمرتي
ومُلكُ مَعالي العِشقِ مُلكي، وجنديَ الـ=مَعاني وكلُّ العاشقينَ رعيَّتي
فتى الحبّ، ها قد بِنتُ عنهُ بحُكمِ مَن=يراهُ حِجاباً فالهوَى دونَ رُتبتي
وجاوزتُ حدَّ العشقِ فالحبُّ كالقلى=على شأوِ معراجِ اتّحاديَ رحلتي
فطِبْ بالهَوَى نَفساً، فقد سُدتَ أنفُسَ الـ=ـعِبادِ مِنَ العُبّادِ، في كُلّ أُمّة ِ
وغيري على الأغيارِ يُثني، وللسّوى=بظاهِرِ أعمالٍ ونفسٍ تزكتِ
و جُزْ مُثقَلاً، لو خَفَّ طَفَّ موُكَّلاً=بمنقولِ أحكامٍ، وَمَعقولِ حِكمة
و حُز بالولا ميراثَ أرفعِ عارفٍ=غدا همُّهُ إيثارَ تأثيرِ هِمَّة ِ
و تِهْ ساحباً، بالسُّحبِ، أذيالَ عاشِقٍ=بوصلٍ على أعلى المجرَّة ِ جُرَّتِ
وجُل في فُنونِ الإتّحادِ ولاتَحِد=إلى فِئة ٍ، في غيرِهِ العُمرَ أفنَتِ
فواحِدُهُ الجَمُّ الغَفيرُ، ومَنْ غَدا=هُ شِرذمة ٌ حُجَّت بأبلغِ حُجَّة ِ
قمتَّ بمعناهُ وعِش فيهِ أو فَمُت=مُعَنّاهُ، واتْبَع أمّة ً فيهِ أمّتِ
فأنتَ بهذا المَجدِ أجدَرُ من أخي اجـ=ـتِهادٍ، مُجِدٍّ عن رجاءٍ وخِيفَة ِ
وغَيرُ عَجيبٍ هَزُّ عِطفيكَ، دونَهُ=بِأهنَا وأنهَى لذَّة ٍ ومسرَّة ِ
وأوصافُ مَن تُعزى إليهِ، كمِ اصطَفَت=مِنَ النَّاسِ منسيّاً وأسماهُ أسمَتِ
وأنتَ على ما أنتَ عنِّىَ نازحٌ=وليسَ الثُّريَّا، للثَّرى ، بِقَرينَة ِ
بِها كعِباراتٍ، لدَيكَ جَلِيّةٍ=كطورِكَ حيثُ النَّفسُ لم تكُ ظُنَّتِ
وحَدُّكَ هذا، عندَهُ قف، فَعنهُ لوْ=تقدَّمتَ شيئاً لاخترقتِ بجذوة ِ
و قَدْري، بحيثُ المرءُ يُغبَطُ دونهُ=سُمُوّاً ولكن فوق قدركَ غِبطتي
وكلُّ الورى أبناءُ آدمَ غيرَ أنَّ=نِي حُزتُ صَحوَ الجمعِ، من بينِ إخوَتي
فسعي كليميُّ وقلبي منبَّأُ=بأحمدَ رؤيا مقلةٍ أحمدية
وروحيَ للأرواحِ روحٌ و كل ما=ترى حَسَناً في الكونِ من فيضِ طينتي
فذرْ ليَ ما قبلَ الظهورِ عرفتُهُ=خصوصاً وبي لم تدرِ في الذَّرِّ رُفقتي
ولا تُسْمِني فيها مُريداً فمَنْ دُعي=مُراداً لها جَذباً فقيرٌ لعصمتي
وألغِ الكُنى عنِّي ولا تَلغُ ألكَناً=بها فهيَ من آثارِ صيغة ِ صنعَتي
وعن لَقَبي بالعارِفِ ارجِع فإن تَرَ الـ=تَّنابُزَ بالألقابِ في الذِّكرِ تُمقَتِ
فأصغَرُ أتباعي على عينِ قلبهِ=عرَائِسُ أبكارِ المَعارِفِ، زُفَّتِ
جنَى ثمرَ العرفانِ من فرعِ فِطنة ٍ=زكا بِاتّباعي، وهُوَ مِن أصلِ فِطرَتي
فإن سِيلَ عن مَعنىً أتَى بغرائبٍ=عن الفهمِ جلَّتِ بل عن الوهمِ دقَّتِ
و لا تدعُني فيها بنَعتٍ مُقَرَّبٍ=أراهُ بِحُكمِ الجمعِ فَرقَ جريرَة ِ
فوَصليَ قَطعي، واقترابي تَباعُدي،=و ودِّيَ صَدِّى وانتهائي بَدَاءتي
وفي مَن بها ورَّيتُ عنِّي ولم أُرِد=سوايَ، خَلَعتُ اسمي ورَسمي وكُنيتي
فسِرتُ إلى ما دونَه وَقَفَ الأُلى =وضلَّت عقولٌ بالعوائدِ ضلَّتِ
فلا وصْفَ لي والوصفُ رسمٌ كذاكَ الاسـ=ـمِ وَسمٌ، فإن تَكني، فَكَنِّ أو انعَتِ
ومِن أنا إيّاها إلى حيثُ لا إلى=عرَجتُ، وعطّرتُ الوُجودَ برَجعتي
وعن أنا إيَّايَ لباطن حكمةٍ=وظاهِرِ أحكام، أُقيمَت لدَعوَتي
فغايةُ مجذوبي إليها ومُنتهى=مُراديهِ ما أسلفتُهُ قبلي توبتي
ومِنِّيَ أَوجُ السابقينَ بزعمهِمْ=حَضيضُ ثرَى آثارِ موضِعِ وَطأتي
وآخرُ ما بعدَ الإشارةِ حيثُ لا=تَرَقّي ارتفاعٍ، وضعُ أوّلِ خَطوتي
فما عالِمٌ إلاّ بفَضلِيَ عالِمٌ=و لا ناطِقٌ في الكَونِ إلاّ بمِدحَتي
ولاغَروَ أن سُدتُ الأُلى سَبَقوا، وقد=تمسَّكتُ من طهَ بأوثقِ عُروة ِ
عليها مَجازيٌّ سَلامي، فإنّما=حقيقتُهُ مِني إليَّ تحيّتي
وأطيبُ ما فيها وجدتُ بِمبتدا=غرامي، وقد أبدى بها كُلَّ نَذرَة ِ
ظهوري و قد أخفيتُ حاليَ مُنشداً=بها، طَرَباً، والحالُ غيرُ خَفيّة ِ
بَدَت، فرأيتُ الحَزمَ في نَقضِ توبتي، =و قامَ بها عندَ النُّهى عُذر ُمحنَتي
فمنها أماني مَن ضنى جَسَدِي بها=أمانيُّ آمالٍ سَخَت ثمَّ شحَّتِ
وفيها تَلافي الجِسْمِ، بالسُّقمِ، صِحّة ٌ =له وتلافُ الَّنفسِ نفسُ الفئوَّة ِ
ومَوتي بها، وجداً، حياةٌ هَنيئةٌ=وإن لم أمُت في الحُبِّ عِشتُ بِغُصّة ِ
فيا مُهجتي ذوبي جوىً وصبابةً=ويا لوعَتي كوني، كذاكَ، مُذيبتي
ويا نارَ أحشائي أقيمي من الجوَى=حنايَا ضُلوعي فهيَ غيرُ قويمة ِ
ويا حُسنَ صبري في رِضى من أُحبُّها=تجمّل، وكُنْ للدّهرِ بي غيرَ مُشمِتِ
ويا جَلَدي في جنبِ طاعة ِ حُبِّها=تحمَّل عَداَكَ الكَلُّ كُلَّ عظيمة ِ
ويا جسَدي المُضنَى تسَلَّ عن الشِّفَا=ويا كبِدي مَن لي بأن تتَفتَّتي
ويا سقَمي لا تُبقِ لي رمقاً فقد=أبيتُ، لبُقيا العِزِّ، ذُلَّ البَقيّة ِ
ويا صحَّتي ما كانَ من صُحبتي انْقضى=و وصلُك في الأحشاءِ ميْتاً كهجرَة ِ
ويا كلّ ما أبقى الضّنى منّيَ ارتحِلْ=فما لكَ مأوىً في عظامٍ رَميمة ِ
ويا ما عسَى منّي أُناجي تَوَهّماً=بياءِ النَّدا أُونِستُ منكَ بوحشة ِ
وكلُّ الَّذي ترضاهُ والموتُ دونَهُ=بهِ أنا راضٍ، والصّبابة ُ أرضَتِ
ونَفسِيَ لم تَجزَع بإتلافِها أسى ً=ولو جَزِعَت كانت بغيري تأسَّتِ
وفي كُلِّ حيٍّ كلُّ حيٍّ كَميِّتٍ=بها، عِندهُ قَتلُ الهَوى خيرُ مَوتَة ِ
تجمَّعتِ الأهواءُ فيها فمَا ترى=بها غَيرَ صَبٍّ، لا يرى غيرَ صَبوَة ِ
إذا سَفَرَت في يومِ عيدٍ تزاحمَت=على حُسنهِا أبصارُ كلِّ قبيلة ِ
فأرواحُهُم تصبُوا لِمعنى جمالِهَا=وأحداقُهُم من حُسنِها في حديقة ِ
وعنديَ عيدي كُلَّ يومٍ أرى بهِ=جَمالَ مُحَيّاها، بعَينٍ قريرة ِ
وكلُّ اللَّيالي ليلة ُ القدرِ إن دنَت=كما كُلُّ أيَّامِ اللِّقا يومُ جُمعة ِ
و سَعيٌ لها حجٌّ بهِ كُلُّ وَقفة ٍ=على بابها قد عادلَت كُلَّ وَقفة ِ
و أيُّ بلادِ اللّهِ حَلّت بها، فما،=أراها، وفي عيني حَلَتْ، غيرَ مكّة ِ
وأيُّ مكانٍ ضمَّها حَرَمٌ كذا=أرى كلّ دارٍ أوطَنَت دارَ هِجرَة ِ
وما سكَنَتهُ فَهوَ بَيتٌ مُقَدَّسٌ=بقرَّةِ عيني فيهِ أحشايَ قرَّتِ
و مَسجِدِيَ الأقصَى مساحِبُ بُرْدها=وطيبي ثَرى أرضٍ، عليها تمَشّتِ
مواطنُ أفراحي و مَربَى مآربي=وأطوارُ أوطاري ومأمنُ خِيفتي
مَغانٍ، بِها لم يَدخُلِ الدّهرُ بيننا،=ولا كادَنا صرفُ الزّمانِ بفُرقَة ِ
و لا سَعتِ الأيَّامُ في شَتِّ شملِنَا=ولا حكمت فينا اللَّيالي بِجفوة ِ
ولا صبَّحتنا النَّائباتُ بِنَبوَة ٍ=ولا حَدَّثَتنا الحادِثاتُ بنَكبَة ِ
ولا شنَّعَ الواشي بصدٍّ وهجرة ٍ=ولا أرجَفَ اللاَّحي ببينٍ وسلوَة ِ
ولا استيقظتْ عينُ الرَّقيبِ ولمْ تزلْ=عليَّ لهَا في الحبِّ عيني رقيبتي
ولا اختُصّ وَقتٌ دونَ وقتٍ بطَيبَةٍ=بها كلُّ أوقاتي مواسِمُ لذَّة ِ
نهاري أصيلٌ كلُّهُ إن تنسَّمتْ=أوائيلُهُ مِنها برَدِّ تحِيّتي
و ليليَ فيها كلهُ سحَرٌ إذا=سرَى ليَّ منها فيهِ عرفُ نُسيمة ِ
وإن طَرَقت لَيلاً، فشَهرِيَ كُلّهُ=بها ليلة ُ القدرِ ابتهاجاً بزورة ِ
وإن قَرُبَت داري، فعاميَ كُلّهُ=ربيعُ اعتدالٍ، في رِياضٍ أريضَة ِ
وإن رَضيت عني، فعُمريَ كُلُّهُ=زمانُ الصّبا طيباً، وعصرُ الشبيبَة ِ
لئن جمعَت شملَ المحاسنِِِ صورةٍ=شَهِدتُ بها كُلّ المَعاني الدّقيقَة ِ
فقَْ جَمَعَت أحشايَ كلَّ صَبابةٍ=بها وجوىً يُنبيكَ عن كلِّ صبوة ِ
و لِم لا أُباهي كُلّ مَن يدّعي الهوَى=بها و أُناهي في افتخاري بحُظوة ِ
وقد نِلتُ منها فوقَ ما كنتُ راجياً=وما لم أكن أمّلتُ من قُربِ قُربَتي
وأرغَمَ أنفَ البَينِ لُطْفُ اشتِمالِها=عليَّ بما يُربى على كلَّ مُنية ِ
بها مثلَما أمسَيتُ أصبَحتُ مُغرَماً=وما أَصبَحَت فيهِ من الحسنِ أمستِ
فلو مَنَحت كلّ الوَرى بعضَ حُسنها،=خَلا يوسُفٍ، ما فاتَهُم بِمَزِيّة ِ
صرَفتُ لها كُلّي، على يدِ حُسنِها=فضاعفَ لي إحسانُها كلَّ وصلَة ِ
يُشاهِدُ منّي حُسنَها كُلُّ ذَرّة ٍ=بها كلُّ طرفٍ جالَ في كلِّ طرفة ِ
ويثنى عليها فيَّ كلُّ لطيفةٍ=بكُلّ لِسانٍ، طالَ في كُلّ لَفظَة ِ
وأنشَقُ رَيّاها بِكُلّ دَقيقَةٍ=بها كلُّ أنفٍ ناشقٍ كلَّ هبَّة ِ
ويسمعُ مني لفظها كلُّ بضعةٍ=بها كلُّ سمعٍ سامعٍ متنصِّتِ
ويَلْثُمُ منّي كُلُّ جُزٍْ لِثامَها=بكلِّ فمٍ في لَثمهِ كلُّ قبلة ِ
وسارَ ومَتنُ الرّيحِ تحتَ بِساطِه=بهِ كلُّ قلبٍ فيهِ كلُّ محبَّة ِ
وأغرَبُ ما فيها استَجَدتُ، وجادَ لي=بهِ الفتحُ كشفاً مُذهباً كلَّ ريبة ِ
شُهودي بعَينِ الجمعِ كلَّ مُخالِفٍ،=وليَّ ائتلافٍ صدُّهُ كالمودَّة ِ
فشكري لهذا حاصلٌ حيثُ برُّها=لِذا واصلٌ والكلُّ آثارُ نعمتي
وغيري على الأغبارِ يُثني وللسِّوى=سواي، يثنِّي منه عطفاً لِعطَفَتي
وشكريَ لي والبِرُّ منيَ واصلٌ=إليَّ ونفسي باتِّحادي استبدَّتِ
و ثَمَّ أمورٌ تم لي كشفُ سِترها=بصحوِ مفيقٍ عن سوايَ تغطَّتِ
وعنيَ بالتَّلويحِ يفهمُ ذائِقٌ=غَنِيٌّ عنِ التّصريحِ للمُتَعَنّتِ
بها لم يبُحْ من لم يُبح دمَهُ وفي الـ=إشارة ِ معنًى ما العبارة ُ حدَّتِ
ومَبدأُ إبداها اللّذانِ تَسَبّبَا=إلي فُرقتي والجمعُ يأبى تشتُّتي
هُما مَعَنا في باطنِ الجَمعِ واحدٌ=وأرْبَعَة ٌ في ظاهرِ الفَرقِ عُدّتِ
وإنّي وإيّاها لَذاتٌ، ومَن وَشى=بها وثنى عنها صِفاتٌ تبدَّتِ
فذا مُظهرٌ للرُّوحِ هادٍ لأفقِهَا=شهوداً بدا في صيغةٍ معنويَّة ِ
وذا مظهرٌ للّنفسِ حادٍ لرفقِها=و جُوداً، غدا في صِيغَةٍ صُوَرِيَّة ِ
ومَن عَرَفَ الأشكالَ مِثْليَ لم يَشُبْـ=ـهُ شركُ هدى ً في رفعِ إشكالِ شبهة ِ
فَذاتيَ باللّذّاتِ خَصّت عَوالِمي=بمجموعها إمدادَ جمعٍ وعمَّتِ
و جادت، ولا استعدادَ كَسبٍ بفيضِها، =وقبلَ التّهَيّي، للقبولِ، استعدّتِ
فبالنّفسِ أشباحُ الوُجودِ تنَعّمَت=وبالرّوحِ أرواحُ الشّهُودِ تَهَنّتِ
وحالُ شُهودي:بينَ ساعٍ لأفـقِهِ،=ولاحٍ مراعٍ رفقهُ بالنَّصيحة ِ
شهيدٌ بحالي، في السّماعِ لجاذِبي=قَضاءُ مَقَرّي، أو مَمَرُّ قضيّتي
ويثبِتُ نفيَ الإلتباسِ تطابقُ الـ=مثالينِ بالخمسِ الحواسِ المبينة ِ
وبين يديْ مرماي دونَكَ سرَّ ما=تلقَّتهُ منها النَّفسُ سراً فألقَتِ
إذا لاحَ معنى الحُسنِ في أيّ صورَةٍ=وناحَ مُعنّى الحُزنِ في أيّ سُورَة ِ
يُشاهِدُها فِكري بِطَرفِ تَخيّلي=ويسمعُها ذكرى بمسمَعِ فِطنتي
و يُحضرها للنَّفسِ وهمي تصوُّراً=فيحسَبُها، في الحِسّ، فَهمي، نديمتي
فأعجبُ من سُكري بغيرِ مُدامة ِ=وأطربُ في سرِّي ومنيَ طربتي
فيرقصُ قلبي وارتعاشُ مفاصلي=يصفِّقُ كالشَّادي وروحيَ قينتي
وما برحَت نفسي تقوَّتُ بالمُنى=وتمحو القوى بالضُّعف حتى تقوَّتِ
هناك وجدتُ الكائناتِ تحالفت=على أنَّها والعونُ مني مُعينتي
ليجعلَ شملي كلُّ جارحة ٍ بها=ويشملَ جمعي كلُّ منبتِ شعرة ِ
ويَخلْعَ فينا، بيننا، لُبسَ بيننا=على أنَّني لم أَلفِه غير ألفَة ِ
تنبَّهْ لنقلٍ الحسِّ للنَّفسِ راغباً=عن الدَّرسِ ما أبدت بوحي البديهة ِ
لِروحيَ يُهدى ذكرها الرَّوحَ كلَّما=سَرَتْ سَحراً منها شمالٌ وهبَّتِ
ويَلتَذُّ إن هاجَتهُ سَمعيَ بالضُحى =على وَرَقٍ وُرْقٌ شدَت وتغنَّتِ
وينعمُ طرفي إن روتهُ عشيَّةً=لإنسانِهِ عَنها بُروقٌ، وأهدَتِ
ويَمنَحهُ ذَوقي ولمسيَ أكؤسَ الـ=شَّرابِ إذا ليلاً عليَّ أُديرتِ
و يوحيهِ قلبي لِلجَوانِحِ، باطِناً=وتَظفَرُ آسادُ الشّرى بالفَريسة ِ
ويحضِرُني في الجمعِ من باسمها شدا=فأَشهَدُها، عِندَ السّماعِ، بجُملتي
فَيَنحو سَماءَ النّفحِ روحي ومَظهَري الـ=ـمُسَوَّى بها يحنو الأتارِبِ تُربَتي
فمنيَ مجذوبٌ إليها وجاذبٌ=إليهِ ونزعُ النزعِ في كلِّ جذبة ِ
وما ذاكَ إلاّ أنّ نَفسي تَذَكّرَت=حَقيقَتها، مِن نَفسِها، حينَ أوحَتِ
فَحَنّت لِتَجريدِ الخِطابِ بِبرزَخِ الـ=ترابِ وكلٌّ آخذٌ بأزمَّتي
و يُنبيكَ عن شأني الوليدُ وإن نشَا=بليداً بإلهامٍ كوحيٍ وفطنة ِ
إذا أنّ مَن شَدَّ القِماطِ ، وحنّ في=نشاطٍ إلى تفريجِ إفراطِ كربة ِ
يُناغَى فيلغي كلَّ كَلٍّ أصابَهُ=ويُصغي لمَنْ ناغاهُ كالمتنصِّتِ
ويُنسيهِ مُرَّ الخطبِ حلوُ خطابهِ=ويذكِرهُ نجوى عهودٍ قديمة ِ
ويُعرِبُ عن حالِ السّماعِ بحالِهِ=فيُثبِتُ، لِلرَّقصِ، انتِفاءَ النّقيصَة ِ
إذا هامَ شَوقاً بالمُناغي، وهمَّ أن=يطيرَ إلى أوطانهِ الأوليَّة ِ
يَسَكَّنُ بالتَّحريكِ، وهو بِمَهدِهِ=إذا، مالَهُ أيدي مُرَبيّهِ، هَزّتِ
وجدتُ بوجدٍ آخذي عند ذكرِها=بتحبيرِ تالٍ أو بألحانِ صيِّتِ
كما يَجِدُ المكروبُ في نزعِ نفسهِ=إذا، مالَهُ رُسْلُ المَنايا، تَوَفَّتِ
فواجِدُ كَربٍ في سياقٍ لفُرقَة ٍ=كمكروبِ وجدٍ لاشتياقٍ لرفقة ِ
فذا نفسُهُ رقَّت إلى ما بدت بهِ=ورُوحي تَرَقّت للمبادي العَلية ِ
وبابُ تَخَطِّيَّ اتَّصالي بحيثُ لا=حجابَ وصالٍ عنهُ روحي ترقَّتِ
على أثَري مَن كانَ يُؤْثِرُ قَصْدَهُ=كمثليَ فليركَب لهُ صدقَ عزمَة ِ
وكم لُجَّة ٍ قد خُضتُ قبلَ ولوجهِ=فَقيرُ الغِنى ما بُلَّ مِنها بِنَغْبَة ِ
بمرآة ِ قولي إن عزمتَ أريكهُ=فأصغِ لِما أُلقي بِسَمعِ بَصيرَة ِ
لَفَظْتُ مِن الأقوالِ لَفظِيَ عِبرَةً=وحَظّي، مِن الأفْعالِ، في كلِّ فَعلَة ِ
ولَحظي على الأعمالِ حُسنَ ثوابها=وحِفظيَ، لِلأحوالِ، مِن شَينِ رِيبَة ِ
ووَعظي بِصِدقِ القَصدِ إلقاءَ مُخلِصٍ=وَلَفظي اعتِبارَ اللّفظِ في كُلّ قِسمَة ِ
وقلبيَ بيتٌ فيه أسكنُ دونَُه=ظهورُ صفاتي عنهُ من حجُبيَّتي
ومنها يميني فيَّ ركنٌ مقبَّلٌ=ومِن قِبلَتي، لِلحُكمِ، في فيّ قُبلَتي
وحَوليَ بالمَعنى طَوافي، حقيقَة ً،=وسعيي لوجهي من صفائي لمروتي
وفي حَرَمٍ مِن باطِني أمنُ ظاهِري=ومِن حولهِ يُخشى تخطّف جيرتي
ونَفسي بِصَومي عن سِوايَ، تَفَرُّداً،=زكَت وبفضلِ الفيضِ عنيَ زكَّتِ
وشَفعُ وُجُودي في شُهوديَ، ظلَّ في اتّـ=ـحاديَ وِتراً في تيقّظِ غفوتي
وإسراءُ سرِّي عن خصوصِ حقيقةٍ=إليَّ كَسيري في عُمُومِ الشَّريعة ِ
ولم ألهُ بالَّلاهوتِ عن حكمِ مظهري=و لم أنسَ بالنَّاسوتِ مظهرَ حكمتي
فعَنّي، على النّفسِ، العُقودُ تَحكَّمت=ومنّي، على الحِسِّ، الحُدُودُ أُقيمَتِ
وقد جاءني منّي رَسولٌ، عليه ما=عنّتُّ، عَزيزٌ بي، حريصٌ لِرَأفَة ِ
فحكميَ من نفسي عليها قضيتهُ=ولمَّا تولَّتْ أمرها ما تولَّتِ
ومن عهد عهدي قبلَ عصرِ عناصري=إلى دارِ بَعثٍ، قَبلَ إنذارِ بَعثَة ِ
إليَّ رسولاً كنتُ منيَ مرسلاً=وذاتي بآياتي عليَّ استدلّتِ
ولما نقَلتُ النّفسَ من مُلكِ أرضِها=بحكمِ الشِّرا منها، إلى مُلكِ جَنّة ِ
وقد جاهدتْ، واستُشهدتْ في سبيلها، =وفازَتْ بِبُشرَى بيعِها، حينَ أوفَتِ
سَمَتْ بي لجَمعي عن خُلودِ سمائِها، =ولم أرْضَ إخلادي لأرضِ خليفتي
و لا فَلَكٌ إلاّ، ومن نورِ باطنِي=بهِ مَلكٌ يُهدى الهدى بِمشيئتي
ولا قُطرَ إلاَّ حلَّ من فيضِ ظاهري=بهِ قطرةٌ عنها السَّحائبُ سحَّتِ
ومن مطلّعي النُّورُ البسيطُ كلمعةٍ=ومن مشرعي البحرُ المحيطُ كقطرة ِ
فكُلّي لكُلّي طالِبٌ، مُتَوَجّهٌ=وبعضي لبعضي جاذبٌ بالأعنَّة ِ
ومَن كانَ فوقَ التّحتِ، والفوقُ تحته=إلى وَجهِهِ الهادي عَنَت كلُّ وِجهَة ِ
فتحتُ الثّرى فوقُ الأثيرِ لرتقِ ما=فَتَقتُ، وفَتقُ الرّتقِ ظاهرُ سُنّتي
ولا شُبهَة ٌ، والجَمعُ عينُ تَيَقّنٍ=ولا جهةٌ و الأينُ بينَ تشتتي
و لا عِدّة ٌ والعّدَ كالحدّ قاطِعٌ=ولا مدَّة ٌ والحدُّ شركُ موقِّتِ
و لا نِدّ في الدّارَينِ يقضي بنَقضِ ما=بنيتُ، ويُمضي أمرُهُ حُكمَ إمرَتي
و لا ضِدّ في الكَونَينِ، والخَلقُ ما ترى=بهم للتَّساوي من تفاوتِ خِلفتي
ومني بدا لي ما عليّ لَبِستُهُ؛=وعنِّي البوادي بي إليَّ أُعيدتِ
وفيّ شَهِدتُ السّاجدينَ لمَظهري=فحَقّقتُ أني كُنتُ آدمَ سَجدَتي
ومِنْ أفقي الدّاني اجتدى رفقيَ الهدى=ومن فرقيَ الثَّاني بدا جَمعُ وحدَتي
وفي صَعْقِ دكَّ الحِسُّ خَرّت، إفاقَة ً=ليَ النَّفسُ قبلَ التَّوبةِ الموسويَّة ِ
فلا أينَ بعدَ العَينِ، والسّكْرُ منهُ قد=أفَقتُ، وعينُ الغينِ بالصَّحوِ أصحَتِ
وآخرُ محوٍ جاءَ ختميَ بعدهُ=كأَوّلِ صَحوٍ لارتسامٍ بِعِدّة ِ
وكيف دخولي تحتَ ملكي كأوليا=ءِ ملكي وأتباعي وحزبي و شيعتي
ومأخوذُ محوِ الطَّمسِ محقاً وزنتُهُ=بمحذوذِ صحوِ الحسِّ فرقاً بكفَّة ِ
فنقطَةُ غينِ الغينِ عن صَحويَ انمحتْ=ويقظةُ عينِ العينِ محويَ ألغتِ
وما فاقدٌ بالصَّحوِ في المحوِ واجدٌ=لتلوينهِ أهلاً لتمكينِ زلفة ِ
تساوَى النشاوى و الصُّحاة ُ لنعتهم=برسمِ حضورٍ أو بوسمِ حظيرة ِ
وليسوا بقَومي مَن علَيهِم تعاقَبَت=صفاتُ التِباسٍ، أو سِماتُ بقيّة ِ
ومن لم يَرِث عنِّي الكمالَ فناقصٌ=على عَقِبَـيْهِ ناكِصٌ في العُقوبَة ِ
وما فيّ ما يُفضي للَبسِ بقيّةٍ=ولا فئَ لي يقضي عليَّ بفيئة ِ
وماذا عسَى يلقَى جَنانٌ وما بهِ=يفوهُ لسانٌ بينَ وحيٍ وصيغة ِ
تَعانَقَتِ الأطرافُ عنديَ، وانطوى=بِساطُ السِّوى ، عدلاً، بحُكمِ السوِيّة ِ
وعادَ وُجودي، في فَنا ثَنَوِيّة ِ الـ=وُجودِ، شُهوداً في بَقَا أحَديّة ِ
فما فَوقَ طَورِ العَقلِ أوّلُ فَيضَةٍ=كما تحتَ طورِ النَّقلِ آخرُ قبضة ِ
لذلك عَن تفضيلِهِ، وهوَ أهلُهُ=نهانا على ذي النُّون خيرُ البريَّة ِ
أشَرتُ بما تُعطي العِبارَة ُ، والذّي=تغطَّى فقد أوضحتُهُ بلطيفة ِ
ولَيسَ ألَستُ الأمسِ غيراً لمنْ غدا=وجُنحي غدا صُبحي ويوميَ ليلتي
و سرُّ بلَى للّهِ مرآة ُ كشفها=وإثباتُ معنى الجمعِ نفيُ المعيَّة ِ
فلا ظُلمٌ تَغشَى ، و لا ظُلمَ يُختَشَى=ونعمةُ نوري أطفأتْ نار نِقمتي
ولا وَقتَ، إلاّ حيثُ لا وقتَ حاسِبٌ=وجودَ وجودي من حسابِ الأهلَّة ِ
ومَسجونُ حَصرِ العَصرِ لم يَرَ ما وَرا=ء سِجّينِهِ، في الجَنّة ِ الأبدِيّة ِ
فبي دارَتِ الأفلاكُ، فاعجَب لقُطبِها الـ=ـمُحيطِ بها ، والقُطبُ مركَزُ نُقطَة ِ
ولا قطبَ قبلي عن ثلاثٍ خلفتهُ=وقُطبِيّة ُالأوتاد ِعن بَدَلِيّة ِ
فلا تَعدُ خَطّي المُستقيمَ، فإنّ في الـ=ـزَّوايا خبايا فانتهز خيرَ فرصة ِ
فعَنّي بَدَا في الذَّرِّ فيَّ الوَلا، و لِيْ=لبانُ ثُدىِّ الجمعِ منّيَ درَّتِ
وأعجبُ ما فيها شهدتُ فراعني=ومِن نفثِ روحِ القدسِ في الرَّوعِ ورعتي
و قد أشهدتني حُسنها فشدهتُ عنْ=حجايَ ولم أُثبتْ حلايَ لدهشتي
ذَهلتُ بها عنِّي بحيثُ ظننتُني=سِوايَ، ولم أقصِد سَواء مَظِنّتي
ودَلَّني فيها في ذهولي فلمْ أُفقْ=عَليّ ولم أقْفُ التِماسي بظِنّتي
فأصبحتُ فيها والهاً لاهياً بها=و من ولَّهتْ شُغلاً بها عنهُ ألهَتِ
وعن شُغُلي عنَّي شُغِلْتُ، فَلَو بِهَا=قضيتُ ردىً ما كنتُ أدري بُنقلتي
ومِن مُلَحِ الوَجِدِ المُدَلَّهِ في الهَوى الـ=ـمُولَّهِ عَقلي، سَبيُ سَلبٍ كَغَفلَتي
أُسائلُها عنّي، إذا ما لَقيتُها=ومِن حيثُ أهدَت لي هدايَ أضلَّتِ
وأَطلُبُها منّي، وعِنديَ لم تزل=عجبتُ لها بي كيفَ عني استجنَّتِ
وما زِلتُ في نَفسي بها مُتَرَدِّداً=لِنَشوَة ِ حِسّي، والمَحاسِنُ خَمرَتي
أسافرُ عن علمِ اليقينِ لعينهِ=إلى حقِّهِ حيثُ الحقيقة ُ رحلتي
وأنشُدُني عنّي، لأُرشدني على=لساني إلى مسترْشدي عندَ نشدتي
وأسألني رفعي الحجابَ بكشفيَ الـ=ـنقابَ، وبي كانَت إليَّ وسيلَتي
وأنظرُ في مرآة ِ حسنيَ كي أرى=جَمالَ وُجودي، في شُهوديَ طَلْعتي
فإنْ فُهتُ باسمي أُصغِ نحوي تشوُّقاً=إلى مُسمِعي ذِكري بِنُطقي، وأُنصِتِ
وألصقُ بالأحشاءِ كفِّي عسايَ أنْ=أُعانِقَها في وَضعِها، عِندَ ضَمّتي
وأهفُو لأنفاسي لَعلّيَ واجِدي=بِها مُستَجيزاً أنّها بيَ مَرّتِ
إلى أن بَدا منّي، لِعَينيَ، بارِقٌ=وبانَ سنَى فجرى وبانت دُجنَّتي
هناكَ، إلى ما أحجَمَ العقلُ دونَهُ=وَصَلْتُ، وبي مِنّي اتّصالي ووُصلتي
فأسفَرتُ بِشرَاً، إذ بَلَغتُ إليَّ عن=يقينِ يقيني شدّ رحلٍ لسفرتي
وأرشدتُني إذ كنتُ عنِّيَ ناشدي=إليَّ ونفسي بي عليَّ دليلتي
وأستارُ لَبسِ الحِسّ، لما كَشَفَتُها=وكانت لها أسرارُ حُكميَ أرخَتِ
رفعتُ حجابَ النَّفسِ عنها بكشفيَ الـ=ـنّقابَ فكانت عن سُؤالي مُجيبتي
وكنتُ جِلا مرآة ِ ذاتيَ مِن صدا=صفاتي ومنِّي أحدقَتْ بأشعَّة ِ
وأشهَدتُني إيايّ، إذ لا سِوايَ، في=شُهوديَ، موجودٌ، فيَقضِي بِزَحمة ِ
وأسمعُني في ذكريَ اسميَ ذاكري=ونفسي بِنَفيِ الحسّ أصغَتْ وأسمَتِ
وعانقتُني لا بالتزامِ جوارحي الـ=جوانِحَ، لكِنّي اعتَنَقتُ هُوْيّتي
وأوجَدتني روحي، وروحُ تَنَفّسي =يعطِّرُ أنفاسَ العبير المفتَّتِ
وعن شِرْكِ وَصفِ الحسّ كُلّي مُنَزَّه=وفيَّ وقد وحدتُ ذاتيَ نُزهتي
ومدحُ صفاتي في يوفِّقُ مادحي=لحمدي ومدحي بالصِّفاتِ مذمّتي
فشاهدُ وصفي بي جليسي وشاهدي=بهِ لاحتجابي لن يحلَّ بحلَّتي
كذاكَ بِفِعلي عارِفي بيَ جاهِلٌ=وعارفهُ بي عارفٌ بالحقيقة ِ
فخذ علمَ أعلامِ الصِّفاتِ بظاهرِ الـ=معالمِ من نفسٍ بذاكَ عليمة ِ
وفَهمُ أسامي الذَّاتِ عنها بباطنِ الـ=ـعَوالم، من روحٍ بذاكَ مُشيرَة ِ
ظهورُ صفاتي عن أسامي جوارحي=مَجازاً بها للحكمِ نفسي تسمَّتِ
رُقُومُ عُلُومٍ في سُتُورِ هياكِلٍ=على ماوراءَ الحسِّ في النَّفسِ ورَّتِ
وأسماءُ ذاتي عن صفاتِ جوانحي=جَوازاً لأسرارٍ بها، الرّوحُ، سُرّتِ
وآثارُها في العالمين بِعِلمِها=وعنها بها الأكوانُ غيرُ غنيَّة ِ
وُجودُ اقتِنا ذِكرٍ، بأيدِ تَحكّمٍ،=شهودُ اجتنا شُكرٍ بأيدٍ عميمة ِ
مظاهِرُ لي فيها بَدَوْتُ، ولم أكُن=عليّ بخافٍ قبلَ موطنِ بَرزتي