الاعدام من زاوية اسلامية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الاعدام من زاوية اسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-02-28, 12:42   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الامام الغزالي
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية الامام الغزالي
 

 

 
إحصائية العضو










B9 الاعدام من زاوية اسلامية

عقوبة الإعدام .. رؤية إسلامية



مقدمة:العقوبة لغة هي من العقاب، والمعاقبة أن تجزي المرء بما فعل سواء ، والإسم العقوبة ، وعاقبه بذنبه معاقبةوعقابا أخذه به ، وتعقّبت الرجل إذ أخذته بذنبه (1) .
العقوبة إصطلاحا : تعددتالتعريفات الإصلاحية للعقوبة فمنهم من عرّفها بأنها الألم الذي يلحق الإنسان مستحقاعلى الجناية (2)، فالعقوبة تكون على فعل محرّم أو ترك واجب أو فعل مكروه (3) . وقدورد في التعريف الإسلامي للعقوبة "أنها زواجر قبل الفعل جوابر بعده" ، فأما كونهازواجر فلأنها تزجر لقسوتها من يفكر بارتكاب المخالفة وتنذره بعاقبة فعله ، فهيزاجرة رادعة ، وأما كونها جوابر فلأن العقوبة المعجلة في الدنيا تجبر أي تلغيالعقوبة في الآخرة أي تسقطها ،لأن مقتضى الرحمة الإلهية أن من عذّب في الدنيا فقدنال جزاءه ، وذلك بشرط التوبة والإنابة والندم على ما اقترف .
وقد ورد في تعريفالعلماء المعاصرين للعقوبة بأنها الجزاء المقرر لمصلحة الجماعة على عصيان أمرالشارع (4) ، وأنها جزاء ينطوي على إيلام مقصود يقرره القانون ويوقعه القاضي باسمالمجتمع على من تثبت مسؤوليته على الجريمة ويتناسب معها (5) .



ــــــــــــــ

(1)
ابن منظور / لسان العرب / ج 1 ص 619
(2)
الطحاوي / حاشية الطحاوي على الدر المختار / ج2 ص 388
(3)
الماوردي / الأحكام السلطانية والولاية الدينية / ص 221
(4)
عبدالقادر عودة /التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي / ص609
(5)
عمرالسعيد رمضان / شرح قانون العقوبات القسم العام / ص 547 ،383 القاهرة


*
فلسفة العقوبة في الإسلام :
يمتد تاريخ العقوبة بامتداد التاريخ البشري على وجهالأرض ، فمنذ وقوع الجريمة الأولى وهي قتل قابيل لأخيه هابيل تأسس مبدأ العقوبة ،وعوقب قابيل على جريمته .
وهكذا فإن الرسالات السماوية تضمّنت تشريعات وأحكامحددت بموجبها العقوبات المترتبة على من اقترف جرما أو ارتكب جناية ، ففي الشريعةاليهودية نصّت التوراة على عقوبات كثيرة بحق الجناة والمعتدين ، جاء في سفر التكوينالإصحاح (21 من 2 ):" من ضرب إنسانا فمات يقتل قتلا " (1).
ولا يكاد يخلو مجتمعقديما أو حديثا من شريعة ونظام يحدد بموجبه قانون العقوبات والقصاص المستحق لمنارتكب جرما ، وهذا ما نلحظه في الشريعة الإسلامية من خلال الآيات القرآنية
والأحاديث النبوية {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمبِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }(2).
أما فلسفة العقوبةفي الإسلام فإنها تقوم على مبدأ حفظ المصالح العامة والفردية في المجتمع وهي تستمدوجودها وشرعيتها من خلال النص القطعي الذي يبيّن كيفيتها وحدودها في الحدود والقصاصويحدد المساحة التي يستطيع من خلالها الحاكم أو القاضي أن يجتهد في باب التعزيرات (3) .ففي جريمة السرقة نجد النص القرآني واضحا جليّا في تحديد عقوبة السارق أوالسارقة ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله واللهعزيز حكيم (4) ) .
كما أن العقوبة في الإسلام شخصية وذلك بمعنى أنها لا تطال إلامرتكب المخالفة وحده ولا تتعداه إلى غيره ، وذلك تحقيقا للعدالة التي على أساسهاقام مبدأ العقوبة (كل نفس بما كسبت رهينة (5))
(
وأن ليس للإنسان إلا ما سعى (6) ) ، (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربّك بظلاّم للعبيد (7) ).
ــــــــــــــــــ

(1)
التوراة / العهدالقديم
(2)
سورة النحل / آية 126
(3)
محمد شلتوت / الاسلام عقيدة وشريعة / ص 312
(4)
سورة المائدة / آية 38
(5)
سورة المدثر / آية 38
(6)
سورة النجم /آية 39
(7)
سورة فصلت /آية 46

كذلك فإن العقوبة في التشريع الجنائيالإسلامي عامة لا يستثنى منها أحد ، فلا ميزة لأي كان تعفيه من العقوبة المستحقةمهما عظم شأنه وارتفع مقامه ، وقد أرسى الرسول الأكرم (ص) هذا المبدأ بحديثهالمشهور :"أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريفتركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمدسرقت لقطعت يدها ."(1)).
وعندما يقرر الإسلام المساواة بين جميع الناس أمامالقانون ، فإنه أيضا يساوي في تشريع العقوبة نفسها بما يتناسب مع حجم وطبيعة الجرمالذي اقترفه المستحق للعقوبة ، فمن العدالة أن تتساوى العقوبة مع الجريمة فلا يشعرالمخالف بالمظلومية جراء قسوة العقوبة التي نزلت به قصاصا على مخالفة بسيطة ، ولايشعر المعتدى عليه بأن حقه قد هضم وحرمته قد هتكت ، لأن العقوبة على الجاني لم تكنبالمستوى الذي يحقق له الإستيفاء أو تشعره بالرضا والتسليم .( وجزاء سيئة سيئةمثلها (2)).
(
وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنفوالأذن بالأذن والسنّ بالسنّ والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكمبما أنزل الله فأولئك هم الظالمون(3) ).
ولا بد من الإشارة إلى ان بعض الفلاسفةالذين عالجوا مسألة العقاب انطلقوا من فكرة الحرمان أساسا لكل عقوبة فقالوا : "إنالجرم الذي يرتكبه أحد الأشخاص يجلب له بعض المنفعة ، ولكي يشعر المجرم بتفاهته يجبأن يفرض عليه عقاب يحرمه من المنفعة التي حصل عليها بوسائل غير مشروعة ، وهذاالحرمان إما بتعذيبه وتحمله الآلام ، أو نزع جريمته وعدم تمكينه من الإستفادة منها " وهنا نجد أن الإنتقام الفردي هو الأساس لحق العقاب في المجتمعات الأولى ، ثمتقدمت المجتمعات وأصبحت فكرة الإنتقام العام (الحق العام ) في القوانين الوضعية بدلالإنتقام الفردي ، فهذه هي الفلسفة في العصور القديمة ، وفي القوانين الوضعية فهيإما أن تكون انتقاما فرديا وانتقاما من المجرم ، وإما أن تكون انتقاما عاما وهوالحق العام .
وأما في العصر الإسلامي فقد راعت العقوبات الإسلامية كلا الطرفينالحق الفردي والحق العام ووازنت بينهما ، فتغيرت من الإنتقام الفردي والعام الىالعدل والحفاظ على الحق الفردي والعام بطريقة مختلفة كليا (4) .
ـــــــــــــــــــــ
(1)
صحيح البخاري / الجزءالرابع / ص 173
(2)
سورة الشورى / آية 40
(3)
سورة المائدة / آية 45
(4)
حيدر البصري / العقوبة في التشريع الجنائي الإسلامي والوضعي / مجلة النبأ عدد 41

وفي المحصّلة فقد بيّن القرآن الكريم الفلسفة أو الحكمة التي تأسس عليهامبدأ العقوبة (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب (1) ) فالقصاص وإن كان في ظاهرهقد يكون موتا لشخص المجرم ولكنه في الحقيقة يكون حياة لباقي المجتمع ، فإذا علم منأراد القتل أنه سوف يقتل إذا قتل إنسانا فإن ذلك سوف يدفعه إلى الإمتناع عن القتلخوفا من العقوبة التي ستناله ، وبذلك يحفظ حياته وحياة من كان يريد قتله (2) .

*
عقوبة الإعدام :
التعريف اللغوي والإصطلاحي : تقدم فيما سبق التعريفاللغوي والإصطلاحي للعقوبة ، أما لفظة الإعدام فهي من العدم ، والعدم هو فقدانالشيء ، وتقول عدمت فلانا أفقده فقدانا ،أي غاب عنك بموت أو فقد(3) . والعدم يدلعلى ذهاب الشيء وأعدمه الله أي أماته .
والإعدام : يقال قضى القاضي بإعدامالمجرم بإزهاق روحه قصاصا (4 ) في مجال العقوبة تعني أن المحكوم عليه بعد التنفيذيصبح عدما لا وجود له .
أما في الإصطلاح فالإعدام هو إزهاق روح المحكوم عليهواستئصاله من المجتمع ، وهو سلب المحكوم عليه حقه في الحياة (5).
وكلمة الإعداممن الألفاظ المعاصرة وهي تعني إزهاق الروح ، فهي في الحقيقة تعبّر عن معنى القصاصفي النفس والقتل العمد ،واستعمال الفقهاء القدامى لفظ القصاص والقتل واستعمالالمحدثين لفظ الإعدام جاء بنفس المعنى ولا مشاحة في الإصطلاح ، إلا أنه يوجد بعضالفروق بعمومها وخصوصها ، وفي النهاية تؤدي إلى معنى إزهاق الروح (6) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)
سورةالبقرة / آية 179
(2)
عبد الله العلي الركبان / القصاص في النفس / ص 19
(3)
ابن منظور / لسان العرب / ج 12 ص 392
(4)
محمد بن زكريا معجم مقاييس اللغة / ج1ص 331
(5)
محمود السقا / فلسفة عقوبة الإعدام بين النظرية والتطبيق / ص 17
(6)
عقوبة الإعدام وموقف التشريع الجنائي الإسلامي منها/ وائل لطفي صالحعبدالله عامر


*
تاريخ عقوبة الإعدام :
عرفت المجتمعات البشرية قديماوحديثا عقوبة الإعدام وتنوّعت الإجتهادات القانونية حول الجرائم الموجبة لهذهالعقوبة ، ففي بعض الدول يعتبر القتل والتجسس والخيانة موجبا لهذه العقوبة ، كماتعتبر الجرائم الجنسية كالزنا والإغتصاب واللواط جرائم مستوجبة للإعدام ، وفي بعضالدول يعتبر الاتجار بالبشر أو تجارة المخدرات من الجرائم التي يعاقب عليها بإعداممرتكبها . من هنا فإن عقوبة الإعدام كانت معروفة في الشرائع الأرضية كشريعة حمورابيوفي الشرائع السماوية كالشريعة اليهودية قبل الإسلام ، ونجد عقوبة الإعدام مدرجة فيأغلب القوانين الوضعية للدول سواء منها من ألغت عقوبة الإعدام أو من أبقت عليها ،فالإعدام يطبق في كثير من الدول استنادا إلى قوانين مدنية وضعية لا علاقة لهابالاسلام تشريعا أوالتزاما ومن هذه الدول : أفغانستان وأنتيغا وبربودا وجزر البهاماوبنغلادش وبربادوس وبيلاروسيا وبليز وبتسوانا وبوروندي والكاميرون وتشاد والصينوجمهورية الكونغو (الديمقراطية) وكوبا ودومينيكا وغينيا الاستوائية وإثيوبياوغواتيمالا وغينيا وغيانا والهند وإندونيسيا وجامايكا واليابان وكوريا (الشمالية) ولبنان وليسوتو وماليزيا ومنغوليا ونيجيريا وسانت كريستوفر ونفيس وسانت لوسيا وسانتفينسنت وغرانادين وسيراليون وسنغافورة والصومال والسودان وسورية وتايوان وتايلاندوترينيداد وتوباغو وأوغندا والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكيةوأوزباكستان وفيتنام واليمن وزيمبابوي (1) .
*
عقوبة الإعدام في الإسلام :
_
مشروعية عقوبة الإعدام : تستمد عقوبة الإعدام مشروعيتها من خلال النصوص والأدلةالقطعية وعلى رأسها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، وقد استدل علىمشروعيتها بقوله تعالى :{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَبِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْن وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِوَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَكَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُالظَّالِمُونَ (2) }
ودلالة الآية واضحة فالله تعالى كتب بمعنى قضى وفرض وألزم ،ومقتضى العبودية الإلتزام بما أمر الله والإمتثال لحكمه أمرا ونهيا والتزاماوتعبّدا .

ــــــــــــــ
(1)
المرصدالعربي لمناهضة عقوبة الإعدام / دراسات واحصائيات
(2)
سورة المائدة / آية 45
_
الحكمة من عقوبة الإعدام في الشريعة الإسلامية : يقول اللهتعالى {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَنَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَجَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْجَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَفِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (1) }
لقد كرّم الله الإنسان وفضّله على جميعمخلوقاته وجعل حرمته أعظم من حرمة الكعبة الشريفة فالإنسان عند خالقه محترم الدموالمال والعرض ، وهذه الحرمات لا يجوز التعدّي عليها أو التفريط بها يقول الإمامجعفر بن محمد الصادق (ع) :" قال الله عز وجل: (ليأذن بحرب مني من آذى عبدي المؤمنوليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن (2) ) ، فمن خلال هذه المكانة وباعتبار الحدودالتي رسمها الله تعالى فإنّ الإعتداء على النفس البشرية يعتبر من أعظم الكبائر ،وعليه فإنّ من تسوّل له نفسه الإستخفاف بحياة البشر وإزهاق أرواحهم عمدا وظلما فلابدّ أن يرتقب العقوبة الرادعة الزاجرة التي لا تهادن المجرم ولا تمرر جريمته كأنّشيئا لم يكن ، ولذا فإن الإسلام يرى أن تشديد العقوبة أمر ضروري حفاظا على السلامةالإجتماعية العامة ، وبترا لكل يد آثمة ونفس مستهترة تعيث في المجتمع الآمن قتلاوفسادا وانحرافا ، ولذا فإن حفظ الأمن الإجتماعي قد يتوقف في كثير من الأحيان علىتطهير المجتمع من أصحاب الأنفس الشريرة التي تميل إلى الظلم والإعتداء ، فكما أنالطبيب قد يحكم بضرورة بتر عضو من الأعضاء حفاظا على سلامة المريض وإبقاء على حياته، وهكذا فإن الإسلام يرى أن الصالح العام يقضي بتطهير المجتمع من القتلة والمجرمينوالعابثين حفاظا على أمن المجتمع وكرامة الناس الآمنين ، كذلك فإن في عقوبة الإعدامللقاتل صيانة لحقوق المقتول وحفظا لحقه وكرامة دمه المسفوح وتهدئة لخواطر أولياءالمقتول وامتصاصا لنقمتهم ودرءا لتوسع دائرة القتل والثأر، وقد أشار القرآن الكريملهذا الأمر المهم {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّبِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَيُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً (3) } .

ــــــــــــــــــ
(1)
سورة المائدة / آية 32
(2)
تنبيه الخواطر ونزهة النواظر / ج2 ص 208
(3)
سورة الإسراء / آية 33




وتنبغي الإشارة إلى أن الإسلام بتشريعه لعقوبة الإعدام فإنهينظر بمنظارين أساسيين الأول دنيوي والثاني أخروي وهذا بخلاف الأنظمة الوضعية التيلا ترى في مبدأ العقوبة إلا وجها دنيويا بحتا ، وبناء عليه فقد تقدّم في التعريفالإسلامي للعقوبات بأنها زواجر وجوابر ومعنى هذا أن عقوبة الإعدام وإن كانت إلغاءلحق الجاني في الحياة الدنيا فإنها من منظور رباني إسلامي تطهيرا له وتخليصا منعقوبات الآخرة وذلك بشرط التوبة النصوح الصادقة .
*
الضوابط الإسلامية المعتبرةفي عقوبة الإعدام :
أولا : الأهلية الجنائية : وهي أن يتحمّل الإنسان نتائجالأفعال المحرّمة التي يأتيها مختارا وهو مدرك لمعانيها ونتائجها ، فمن عمل عملامحرّما وهو مكره أو مغمى عليه فإنه لا يتحمّل مسؤولية فعله جنائيا كذلك فإن من عملعملاً محرما ولكن لا يدرك معناه كالطفل والمجنون ، فإنه لا يسأل عنه لأنه غير مدركله (1 ) .
ثانيا : إثبات الجريمة لثبوت العقوبة : من الثابت قطعا أن التشريعالجنائي الإسلامي لا يحكم باستحقاق العقوبة على المتهم ما لم تثبت إدانته بالطرقالقطعية المفيدة للعلم والإطمئنان ولهذ فإن الحدود في الإسلام تدرأ عند عدم اكتمالالأدلة وكفايتها وقد ورد عن الرسول الأكرم (ص) :" ادرأوا الحدود بالشبهات )2) ". ففي تهمة القتل لا بد من إثبات الجريمة لثبوت العقوبة ومن طرق الإثبات :
1
ـالإقرار: ويعتبر في المقر البلوغ وكمال العقل والإختيار (3) .
2
ـ البينة : وهيأن يشهد رجلان بالغان عاقلان عادلان بالقتل ، ويعتبر في الشهادة على القتل أن تكونعن حسّ أو ما يقرب منه وإلا فلا تقبل ، كما يعتبر في قبول شهادة الشاهدين تواردشهادتهما على أمر واحد فلو اختلفا في ذلك لم تقبل كما إذا شهد أحدهما أنه قتل فيالليل وشهد الآخر أنه قتل في النهار ،أو شهد أحدهما أنه قتله في مكان وشهد الآخرأنه قتله في مكان آخر (4) .
ثالثا : التخيير في القتل العمدي : إن التشريعالإسلامي يعتبر أنه من حق أولياء المقتول الإقتصاص من القاتل في جريمة القتل العمدي، ومقتضى الإقتصاص العادل وبناء على شخصية العقوبة فإن

ـــــــــــــــ
(1)
عودة / التشريعالجنائي الإسلامي / ص : 392
(2)
سنن الترمذي / 33/ 4 طبعة الحلبي
(3)
الخوئي / مباني تكملة المنهاج / ج 2 ص 91
(4)
الخوئي مباني تكملة المنهاج ج2 / ص 96


الحاكم الشرعي وحفظا لحق أولياء الدم ينفذ عقوبة الإعدام بالقاتل ،ولكن لو أن أولياء الدم تنازلوا عن
مطلبهم بقتل القاتل ورضوا بالتعويض الماليالذي نصّت عليه الشريعة حكما بديلا عن الإعدام على نحو التخيير، وهو ما يسمونهبالمصطلح الفقهي الديّة فإن عقوبة الإعدام تسقط في هذه الحالة ، هذا إذا كانتالعقوبة قصاصا ، أما عقوبة الإعدام في الحدود فلا مجال لسقوطها لأنها حقوق اللهالمفترضة ولا يجوز للحاكم تضييعها أو التهاون بها ، ومنها حدّ الحرابة على تفصيلاتواردة في مطولات الحدود والقصاص قال تعالى : {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَيُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنيُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْخِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (1) }.
رابعا : كيفية تنفيذ عقوبة الإعدام : إنطلاقا من اعتبار عقوبة الإعدام قصاصا عادلا مستوجبا لتحقيق الإنصاف في المجتمع ،وزاجرا عن التهاون والإستخفاف بأرواح الناس وكراماتهم ، ولأن المشرّع لهذه العقوبةهو الله الخالق العليم بمصالح عباده وهو الرحيم بهم ، ولأن إعدام الجاني هو امتثاللأمر الله عز وجل وليس تشفّيا أو انتقاما بشريا ، فقد أكد التشريع الجنائي الإسلاميعلى أهمية اختيار الآلية التي يتم من خلالها تنفيذ العقوبة ، والإبتعاد عن الطرقالتي يكون فيها الإعدام مسبوقا بالتعذيب أو ملحوقا بالمثلة ، وبالنظر إلى طرق تنفيذعقوبة الإعدام المعتمدة في كثير من الدول فإن الإعدام رميا بالرصاص أكثر الطرق رحمةبالمحكوم عليه ، فلو أخذنا مثلا طريقة الإعدام شنقا فإن الموت لا يحصل إلا بعد مرور 4 إلى 20 دقيقة كما يفيد الدكتور محمد عبد العزيز سيف النصر (2) ،وهذا يعني أنالمحكوم يتعرض لعملية تعذيب من جراء الإختناق التدريجي والكسور في الفقرات الثالثةوالرابعة أو الرابعة والخامسة من فقرات الرقبة ، كذلك فإن الإعدام عن طريق الكرسيالكهربائي أو غرفة الغاز أو الحقن بالأبر المميتة كلها طرق لا تخلو من تعذيب سابقللموت .

ــــــــــــــــــ

(1)
سورةالمائدة / آية 33
(2)
محمد عبد العزيز سيف النصر / الطب الشرعي النظري والعملي / ص 279
وربما يشكل البعض على عقوبة الرجم التي يتبناها التشريعالإسلامي لأن الموت البطيء المسبوق بايلام وتعذيب ينطبق عليها ، إلا أن هذه الطريقةمخصوصة بارتكاب جريمة واحدة وهي زنا المحصن ولعل حكمة التشريع اقتضت تشديد العقوبةفي هذا المجال حفظا لطهارة الأنساب وللعفة في العلاقات الجنسية وزجرا شديدا لمنتسوّل له نفسه ارتكاب هذا الفعل الجرمي ، إلا أن إثبات هذه الجريمة ليس بالأمرالسهل بحيث يشترط في ثبوت الحد إقرار الزاني أو الزانية أو شهادة أربعة من الشهودالعدول شهادة حسيّة هي الرؤية ولا يمكن إثبات هذه الجريمة إلا بهذين الطريقين .

*
عقوبة الإعدام بين الإلغاء والإبقاء :
تنشط في السنوات الأخيرةالحركات والجمعيات المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام ، ففي العام 1996 أعلنت لجنة حقوقالإنسان التابعة للأمم المتحدة أن عمليات الإعدام العلنية منافية للكرامةالإنسانية،وفي عام 1998 بدأت منظمة العفو الدولية حملة كبرى متعلقة بحقوق الإنسان،سلّطت الضوء علىعقوبة الإعدام، وهذه الحملة هي الاحتفال بمرور خمسين عاماً على صدورالإعلان العالمي لحقوق الإنسان
وقد تباهت المنظمة أنه في آذار 2000 بلغ عددالدول التي ألغت هذه العقوبة في القانون أو في التطبيق 108 من أصل 195، والتحقتبدعوة اللجنة الدولية بعض الجمعيات في الدول العربية ومن بينها لبنان ففي سنة 1997أطلقت هيئات "مدنية" لبنانية حملة وطنية ضد هذه العقوبة، وجرت تحركات ميدانية ضاغطةونشاطات تثقيفية تتركز على إلغاء قانون صدر في لبنان عام 1994 قضى بمنع القاضي منتطبيق الأسباب التخفيفية في حالات القتل المقصود ،وكانت 58 هيئة مدنية وحزباًسياسياً قد طالبت في نيسان 2001 بإلغاء عقوبة الإعدام، وجرت تظاهرة أطفال في 31أيار 2001 بهذا الخصوص، وقد عجّل وتيرة الأحداث رسمياً وإعلامياً رفض رئيس الحكومةاللبنانية السابق في آذار عام 2000 توقيع مرسوم إعدام، تطابقاً مع "قناعاتهالشخصية". علماً أن المادة 549 من قانون العقوبات اللبناني تنصّ على " إنزال عقوبةالإعدام بمرتكبي جرائم القتل قصداً إذا ارتكبت عمداً أو تمهيداً لجناية أو جنحة أوتنفيذاً لها، أو تسهيلاً لفرار المحرضين أو الفاعلين أو المتدخلين، أو لوقوعها علىأحد الأصول أو الفروع، أو لاقترانها بأعمال التعذيب والشراسة، أو لحصولها علىالموظف، أو بسبب الإنتماء الطائفي، أو ثأراً لجناية ارتكبها غير المجنى عليه منطائفته أو من أقربائه أو محازبيه، أو باستعمال المواد المتفجرة، أو بقصد التهرب منجناية أو جنحة أو لإخفاءمعالمها.(1)."
ــــــــــــ
(1)
المادة 549 / الدستور اللبناني

ويمكن ربط هذه الحركات، بالعولمة عامة، والتحرك الأوروبيخاصة (المغاير لوجهة نظر الولايات المتحدة بهذا الشأن ( ، وقد ظهر ربط هذه التحركاتبالدور الأوروبي خاصة، حين نُظمت ندوة في حزيران 2001 في بيروت ليوم واحد، دعتإليها مؤسسة فريدريخ ايبرت الألمانية وحركة حقوق الناس اللبنانية، صرح على أثرهاممثل المؤسسة الألمانية "سمير فرح": "لبنان يتطلّع إلى توقيع معاهدة شراكة معالاتحاد الأوربي الذي ألغت جميع دوله هذه العقوبة" وقد تزامن هذا مع مؤتمر عقد فيالشهر ذاته، في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، دُعي "أول مؤتمر عالمي لمناهضة عقوبةالإعدام" بمعاونة منظمات برلمانية أوروبية ومنظمات دولية (1 ) .
ولا بدّ منبيان بعض الأمور التي تتعلق بمطلب إلغاء عقوبة الإعدام من وجهة نظر إسلامية :
أولا : إنه من المفارقة حقا أن نسمع أصواتا أوروبية يتردد صداها في بلدان عربيةتطالب بإلغاء عقوبة الإعدام معتبرة أنها من أبشع الجرائم وأقساها بحق الإنسانية ،في الوقت الذي نشهد صمتا رسميا أوروبيا على جرائم الإعدام اليومية والإمتهان الصارخلحقوق الإنسان الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل ، وما تمارسه القواتالإمريكية والبريطانية في العراق من ظلم وتنكيل وتعذيب للعراقيين ، وما تمارسهالمنظمات التكفيرية من مجازر بحق الآمنين من الأطفال والنساء والشيوخ في العراق .
ثانيا : إن الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام رأفة بالإنسان وصونا لكرامتهوإبقاء على حقه في الحياة هو إنفعال عاطفي أحادي الوجهة، إذ إن التعاطف مع الجانيإنما يكون على حساب الضحية وهدرا لحقوقها وتنازلا عن حقها في الحياة ، فكيف تستقيمالدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام للقاتل الذي حرم إنسانا مثله من الحياة وحكم عليهبالموت مع المطالبة بحق الحياة لجميع البشر ؟!
ثالثا : إن التأثر بالممارسةالفعلية لتنفيذ عقوبة الإعدام في بعض الدول التي تعتمد أنظمة وضعية أو حتى تلكالدول التي تدعي الإحتكام للشريعة الإسلامية ، والذي لا يخلو من ظلم وتعسف و إصدارأحكام جائرة بحق الأبرياء ،أو الحكم بالإعدام لأسباب سياسية ،أو لجرائم لا تتناسبمع شدة العقوبة ،أو لإخضاع القوى المعارضة للحكم وغيرها من الأسباب ، كل ذلك لايضير الشريعة الإسلامية السمحاء التي اعتبرت العقوبة شكلا من أشكال الإنصاف الفرديوالإجتماعي، وراعت كما بينّا الكثير من العناوين والضوابط والشروط قبل الحكمبالإعدام وقبل تنفيذه ، والشريعة الإسلامية
ــــــــــــــــ

(1)
الدكتور أيمن القادري / إلى المطالبين بإلغاء عقوبة الإعدام / جريدة اللواء 2004
أرادت للمجتمعاتالبشرية أن تعيش الأمن الإجتماعي وأن تحفظ الحدود بين الناس بحيث لا يعتدي أحد علىأحد ولا يستبد إنسان على إنسان مثله فيقتله ظلما ويلغي حقه الطبيعي في الحياة ،ولهذا نرى التشدد في قانون العقوبات الإسلامي الذي لا يهادن الجريمة أبدا وإنمايسعى لإقتلاعها من جذورها من خلال القصاص الذي يوجبه على القاتل والسارق والزانيوغيرهم من المجرمين .
رابعا : إن الهدف من تشديد العقوبة هو خلق حالة الردعوالزجر بحيث من يفكر بارتكاب جريمة القتل عليه أن يجعل في حساباته أن النفس بالنفس، وأن إزهاق روح فلان يقابله إزهاق روحه ، من هنا فإن عقوبة الإعدام من شأنها أنتقلل من جرائم القتل في المجتمعات التي تتبناها في تشريعاتها القانونية وهذا بخلافالمجتمعات التي لا تعتمد هذه العقوبة، بحيث نتسطيع إجراء مقارنة بين معدلات جرائمالقتل في البلدان التي تطبق عقوبة الإعدام والبلدان التي لا تطبق هذه العقوبة .
خامسا : إن إدعاء الذين يطالبون بإلغاء عقوبة الإعدام بحجة أن الله هو واهبالحق بالحياة ولا يجوز لأحد سلب هذا الحق يمكن الرد عليه بطريقين :
أ ـ إن صريحالآيات القرآنية خير شاهد على أن الله تعالى أعطى الإذن بقتال وقتل الظالمينوالمستكبرين والمعتدين على حياة الناس وحرياتهم وكراماتهم :
{
وَاقْتُلُوهُمْحَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُأَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىيُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءالْكَافِرِينَ (1) }
{
وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَسَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِاللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَتَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً (2)}
{
سَتَجِدُونَ آخَرِينَيُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَىالْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْإِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْحَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناًمُّبِيناً(3) }

ـــــــــــــــ

(1)
سورةالبقرة / آية 191
(2)
سورة النساء / آية 89
(3)
سورة النساء / آية 91



ب ـ إذا كان سلب الحياة ملكا لله وحده فكيف تؤمن الشعوب بحقالدفاع عن الأوطان والأنفس وكيف تشرع الحروب والمعارك ، ويصنف قتل الأعداء وردهم عنحدود الوطن نصرا ومجدا لا يجاريه شيء ؟ أليس هذا تناقضا مع أبسط القيم والمبادئالتي تؤمن بها الشعوب على امتداد التاريخ الإنساني؟
ثم إذا كان سلب حق الحياةلله وحده ولا يجوز لغير الله تعالى أن يسلب حق إنسان ما في الحياة فالأجدر بمنيطالبون بالغاء عقوبة الإعدام أن يطالبوا بحق الضحية لا أن يتعاطفوا مع الجلاد الذيامتدت يداه على حق غيره في الحياة .
سادسا : يقول دعاة إلغاء عقوبة الإعدام : منالصعب فهم الكيفية التي ساعدت بها عقوبة الإعدام على التئام جرح عائلة المقتول. فيحين أنه بوسع الحكومات أن تقدم إلى الضحايا وذويهم الدعم المالي كي يتمكنوا من بناءحياتهم المحطمة !
إن تشريع عقوبة الإعدام في القانون الجنائي الإسلامي لم ينطلقمن قاعدة التشفي والإنتقام من القاتل ولم يقصد بإعدام القاتل التئام جرح عائلةالمقتول، لأن لا شيء يمكن أن يبلسم جراح الثكل الذي حلت بوالدي الضحية أو يزيل صفةاليتم والشعور بالضعف الذي حلت بأبنائه ، إن الحكمة من قتل القاتل والإقتصاص منه هيفي اجتثاث النقمة العارمة والشعور بالغضب عند أهله وأوليائه والذي يدفعهم في كثيرمن الأحيان إلى طلب الثأر أو الإنتقام حتى ممن ليس له ذنب من أقرباء القاتل ، ولايخفى أن عقلية الثأر لا زالت موجودة في بعض المجتمعات العربية التي لا زالت تحكمهاالروح القبلية والعشائرية ، ثم أن الدعم المالي لذوي الضحايا الذي يتحدث عنه دعاةالإلغاء كبديل عن الإقتصاص العادل من القاتل الجاني لا يمكن فرضه كبديل لأنه لايمكن للمال أن يعوّض الخسارة الكبرى والألم البالغ الذي حلّ بأولياء المقتول ،ولهذا نجد أنّ مبدأ القبول بالديّة في التشريع الإسلامي إنما كان على نحو التخييروليس على نحو الإلزام لأن الله تعالى لا يمكن أن يكلّف نفسا بما لا يطاق وكثير منأولياء الدم يعتبرون التعويض المالي سواء كان من الحكومة أو من أولياء القاتل إنماهو صكّ بيع وإقرار ضمني باستيعاب الظلم الذي حلّ بقتيلهم .

*
خاتمة :
تنبغي الإشارة في ختام هذا البحث إلى ضرورة التعرّف على الإسلام من خلالتشريعاته وأنظمته وقوانينه التي تكفل الحياة السعيدة الهانئة والآمنة لبني الإنسانوالتي يمكن توصيفها بانها تسحب الذرائع التي يتدرع بها مرتكبو الجريمة ـ الذين لايرفض الإسلام إعادة تاهيلهم وإصلاحهم ودمجهم في المجتمع من جديد ـ ومن خلال منظومةالأخلاق التي أريد لها ان تحكم تواصل الناس فيما بينهم فالمسلم اخو المسلم لا يخذلهولا يسلمه (1 )، والمسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه (2) ومثل المؤمنين فيتوادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهروالحمى (3) ، إن الرسالة الإسلامية الخاتمة تؤكد على مفهوم الأنسنة وتعتبره حاكماعلى كل العلاقات في المجتمع الإسلامي ، فهي تريد للإنسان المسلم أن يعيش سموإنسانيته في تعاطيه مع اخيه المسلم في كل دوائر العلاقة بينهما ، وإذا عاش الإنسانعمق إنسانيته وصفاء فطرته وتأصّلت في داخله براعم الخير واجتثت نوازع الشر فإنالأمن الإجتماعي سوف يتعزز إلى أبعد الحدود وتصبح الجريمة حالة شاذة ونادرة فيالمجتمع ، ويتحول قانون العقوبات إلى مادة وقائية تحذيرية لا مساحة لها على أرضالواقع

(1)
الكليني / الكافي / باب أخوة المؤمنين بعضهم لبعض / م 2
(2)
سنن البهيقي 92/ 6 رقم 11276
(3)
مسند الإمام أحمد بن حنبل / دار المعارف مصر 1980

إعداد : الشيخ محمد قانصو








 


قديم 2010-03-01, 05:39   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أبو جابر الجزائري
عضو محترف
 
الأوسمة
المرتبة الاولى وسام ثاني أحسن عضو مميّز لسنة 2011 وسام التميز 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم على الموضوع، ولو استطعت تصليح اللصق ، لكان أفضل










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الاعدام, اسلامية, زاوية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:41

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc