مقدمة:
البطالة ظاهرة وجدت في أغلب المجتمعات الإنسانية في السابق والحاضر، ولا يكاد مجتمع من المجتمعات الإنسانية على مر العصور يخلو من هذه الظاهرة أو المشكلة بشكل أو آخر. إلا أن النظرة إلى البطالة بوصفها مشكلة اجتماعية تخضع للدراسة والتحليل وفق منظور المنهج العلمي للعلوم الاجتماعية لمعرفة حجمها وتحديد أسبابها وآثارها الاجتماعية في المجتمع لم تتشكل إلا في عام 1933، وذلك عندما عمد (1933) Jahoda et al. إلى وصف الآثار المدمرة للبطالة في إحدى مدن النمسا، وتزامنت هذه الدراسة مع حالة الركود الاقتصادي التي عاشتها دول أوروبا بشكل عام خلال فترة 1930.
ومنذ تلك الحقبة الزمنية، التي تشكل فيها الاقتصاد بصورة دولية، أخذت المجتمعات البشرية المعاصرة تعاني مشكلة البطالة بين فترة وأخرى، إلا أن نسب البطالة اختلفت من مجتمع إلى آخر، كما أن كيفية التعامل مع العاطلين عن العمل أخذت أساليب مختلفة من التجاهل التام لهم إلى الدعم الكلي أو الجزئي لوضعهم.
ومن الأهمية الإشارة إلى أن البطالة ترتبط عادة وبشكل عام بحالة الدورة الاقتصادية (Economic Cycle) للدول. حيث تظهر البطالة جلياً وتزداد نسبها في حال الركود الاقتصادي العام (Economic Bust)، وذلك عند حدوث أزمات اقتصادية "مؤقتة" ناتجة إما بسبب عوامل داخلية تتعلق بإجراءات العمل والتوظيف أو سوء توافق بين مخرجات التعليم وسوق العمل، أو نتيجة لعوامل وضغوط خارجية تتعلق بمنظومة الاقتصاد الدولي. أما إذا كانت الدورة الاقتصادية نشطة (Economic Boom)، فإن ذلك سوف ينعكس على الاقتصاد المحلي من حيث انتعاشه ونهوضه وتنوعه، مما يؤدي إلى توافر فرص عديدة ومتنوعة للعمل، ومن ثم تنخفض نسبة العاطلين عن العمل في المجتمع، وبذلك يتضح أن للدورة الاقتصادية دوراً أساسياً في تشكيل اقتصاد المجتمعات المعاصرة، ونشاط سوق العمل فيها.
مشكلة الدراسة:
تسعى كثير من الدول في عالمنا المعاصر إلى دراسة البطالة وتحليل أسبابها ونتائجها في مجتمعاتها بشكل مستمر ودؤوب، وتحاول جاهدة تحديد أعداد العاطلين عن العمل ونسبهما مقارنة بقوة العمل من إجمالي تعداد السكان. لذا تعد قضية البطالة، المتمثلة بعدم وجود فرص عمل تتناسب من حيث الحجم والنوع مع القوى العاملة المحلية، من أهم الموضوعات التي أخذت تشغل السياسيين وأصحاب القرار في الوقت الراهن؛ إذ اهتم هؤلاء بالعمل على وضع الخطط والبرامج المدروسة لخفض نسب البطالة وتقليصها في مجتمعاتهم.
إن هذا الاهتمام الكبير بقضية البطالة يأتي، بلا شك، من أهمية ظاهرة البطالة نفسها وما يترتب عليها من آثار جسيمة ذات مساس ببنية المجتمع، وبخاصة تلك المتعلقة بالآثار الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والصحية على أفراد المجتمع ومؤسساته.
ووفقاً لذلك تكمن المشكلة الأساسية لموضوع البطالة في هذه الدراسة في الحاجة إلى تحديد العلاقة بين حالة البطالة والمستويات التعليمية للقوى العاملة من جانب، وحالة البطالة والجريمة من جانب آخر، وذلك من خلال تحديد الآثار السلبية المترتبة على ارتفاع نسبة البطالة في المجتمع، ومدى تأثيرها في الوضع الصحي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي لأفراد المجتمع.
تعريف البطالة
قد يبدو للوهلة الأولي أن تعريف العاطل بأنه من لا يعمل هو التعريف الصحيح والكافي ولكن الحقيقة هو أن التعريف غير كاف وغير دقيق، فليس كل من لا يعمل يعتبر عاطلاً، كما أنه ليس كل من يبحث عن عمل يعتبر أيضاً عاطلاً، فدائرة من لا يعملون تعتبر أكبر بكثير من دائرة المتعطلين.
فعند إعداد الإحصاءات الرسمية عن البطالة لابد أن يجتمع شرطان أساسيان:
1. أن يكون قادراً على العمل و بالتالي يخرج عن دائرة العاطلين كل من العجائز والمرضي.
2. أن يبحث عن فرصة للعمل و بالتالي يخرج بذلك من دائرة العاطلين كل من الطلبة في المدارس والمعاهد والجامعات ممن هم في سن العمل، ولكنهم لا يبحثون عنه.
كما يخرج أيضاً بمقتضى هذا الشرط الأفراد القادرين على العمل ولكنهم لا يبحثون عنه لأنهم أحبطوا تماماً نتيجة لفشلهم السابق في الحصول على عمل.
وكذلك يخرج من دائرة العاطلين أولئك الذين لا يبحثون عن عمل نتيجة لكونهم على درجة عالية من الثراء تجعلهم في غني عن العمل.
ينال تعريف منظمة العمل الدولية للعاطل إجماع العديد من الاقتصاديين حيث تعرف العاطل بأنه
(كل من هو قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه ويقبله عند مستوى الأجر السائد لكن دون جدوى).
في ضوء هذا التعريف فإن العاطلين يمثلون عادة نسبة مئوية صغيرة من قوة العمل لأن هناك فئات من المتعطلين تستبعد ولا يشملها الإحصاء الرسمي
مثل:
1. العمال المحبطين أي هؤلاء الذي ليأسهم من الحصول على عمل فقد تخلوا عن البحث عن عمل.
2. الأفراد الذين يعملون مدة أقل من الوقت الكامل، أي يعملون لبعض الوقت بغير إرادتهم مع رغبتهم في العمل وقتاً كاملاً.
3. العمال الذين يتعطلون موسميا ولكنهم خلال فترة مسح البطالة وعمل الإحصاء كانوا يعملون ويوجد هؤلاء بشكل واضح في القطاع الزراعي وقطاع السياحة.
4. العمال الذين يعملون في أنشطة هامشية غير متسقة وغير مضمونة ويعملون لحساب أنفسهم عادة وهم ذوي دخول صغيرة جداً.
والبطالة ليست نوعاً واحداً بل هناك صور وأشكال متنوعة للبطالة كما أنه هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى البطالة ومن هذه الناحية يمكن تقسيم البطالة إلى بطالة عالمية وبطالة احتكاكية وبطالة هيكلية.
أنواع البطالة
) أنواع البطالة:
توجد هناك العديد من أنواع البطالة التي تواجه الاقتصاد ومن هذه الأنواع:
1- البطالة الاحتكاكية (Frictional Unemployment):
وهي عبارة عن التوقف المؤقت عن العمل وذلك بسبب الإنتقال من وظيفة لأخرى أو التوقف المؤقت للبحث عن وظيفة أخرى أو في سبيل الدراسة وهكذا.
2- البطالة الهيكلية (Structural Unemployment):
وهي البطالة الناجمة عن تحول الاقتصاد من طبيعة إنتاجية معينة إلى أخرى. فتحول الاقتصاد الكويتي مثلاً إلى اقتصاد نفطي أدى إلى فقدان الكثير من البحارة الكويتيون لوظائفهم البسيطة وبصورة شبه دائمة. إلا أن مثل هذا النوع من البطالة يمكن التغلب عليه عن طريق اكتساب المهارات الإنتاجية المطلوبة والتدريب على مستلزمات الطبيعة الإنتاجية الجديدة للاقتصاد.
3- البطالة الدورية (Cyclical Unemployment):
وهي البطالة الناجمة عن تقلب الطلب الكلي في الاقتصاد حيث يواجه الاقتصاد فترات من انخفاض الطلب الكلي مما يؤدي فقدان جزء من القوة العاملة لوظائفها وبالتالي ارتفاع نسبة البطالة في الاقتصاد. إلا أن هذه النسبة تبدأ بالإنخفاض عندما يبدأ الطلب الكلي بالارتفاع مجدداً.
4- البطالة الموسمية (Seasonal Unemployment):
وهي البطالة الناجمة عن انخفاض الطلب الكلي في بعض القطاعات الاقتصادية (وليس الاقتصاد ككل). فقد تشهد بعض القطاعات الاقتصادية (كقطاع السياحة مثلاً أو الزراعة أو الصيد) فترات من الكساد مما يؤدي إلى فقدان العاملين في هذه القطاعات إلى وظائفهم مؤقتاً.
5- البطالة المقنعة (Disguised Unemployment):
لا يعني هذا النوع من البطالة وجود قوة عاملة عاطلة بل هي الحالة التي يمكن فيها الاستغناء عن حجم معين من العمالة دون التأثير على العملية الإنتاجية حيث يوجد هناك نوع من تكدس القوة العاملة في قطاع معين وغالباً ما تتقاضى هذه العمالة أجوراً أعلى من حجم مساهمتها في العملية الإنتاجية.
6- البطالة السلوكية (Behavioral Unemployment):
وهي البطالة الناجمة عن إحجام ورفض القوة العاملة عن المشاركة في العملية الإنتاجية والإنخراط في وظائف معينة بسبب النظرة الإجتماعية لهذه الوظائف.
7- البطالة المستوردة (Imported Unemployment):
وهي البطالة التي تواجه جزء من القوة العاملة المحلية في قطاع معين بسبب إنفراد أو إحلال العمالة غير المحلية في هذا القطاع. وقد يواجه الاقتصاد هذا النوع من البطالة في حال انخفاض الطلب على سلعة معينة مقابل ارتفاع الطلب على سلعة مستوردة.
7 -فبالنسبة للبطالة العالمية
فهي تلك البطالة المرتبطة بحركة الدورات الاقتصادية المعتادة في الاقتصاديات الرأسمالية والتي تمر بمرحلة رواج يزدهر فيها النشاط الاقتصادي و بالتالي يرتفع مستوى التوظيف ثم يتبعها مرحلة كساد ينخفض خلاله حجم الطلب و بالتالي مستوى التشغيل والتوظف ويصاحب ذلك تسريح للعمالة التي تعود مرة أخرى إلى أعمالها عندما تحدث حالة رواج.
والبطالة السافرة
يقصد بها حالة التعطل الظاهر التي يعاني منها جزء من قوة العمل والتي يمكن أن تكون دورية أو احتكاكية أو هيكلية وتزداد حدة البطالة السافرة في الدول النامية حيث تكون أكثر قسوة وإيلاماً نتيجة عدم وجود نظم لإغاثة البطالة وغياب أو ضآلة برامج المساعدات الاجتماعية الحكومية
- حجم البطالة ونسبتها:
يتحدد حجم البطالة من خلال احتساب الفارق بين حجم مجموع قوة العمل السعودية وحجم مجموع المشتغلين السعوديين. أما نسبة البطالة فتحسب بقسمة حجم البطالة على إجمالي قوة العمل من السعوديين ذكوراً وإناثاً مضروباً في مائة، وذلك وفقاً للمعادلة التالية:
نسبة التعطل (البطالة) = حجم البطالة ( عدد العاطلين ) × 100
إجمالي القوى العاملة
ومن الأهمية الإشارة إلى أن نتائج المعادلة السابقة ومخرجاتها تتأثر بعاملين رئيسين، الأول ذو علاقة بتحديد العمر الزمني المصرح به رسمياً لدخول قوة العمل. أما العامل الثاني فيتعلق بتحديد فترة الانقطاع عن العمل، التي بموجبها يمكن اعتبار الفرد عاطلاً عن العمل. وسبق توضيح هذين العاملين وبلورتهما وفقاً لهدف هذه الدراسة.
مفهوم "التشغيل الكامل"
التشغيل الكامل هو نقيض البطالة، بالمفهوم الواسع. ولذلك فإن هدف مكافحة البطالة فى بلد نام كمصر يتعين أن يكون بناء البنية الاقتصادية والمؤسسية الهادفة لتحقيق التشغيل الكامل.
وعلى وجه التحديد، يعنى التشغيل الكامل، توافر "عمل جيد" لكل من يطلب عملاً. عمل منتج، يوظف الفرد فيه قدرته وإمكاناته، ويحقق فيه ذاته، وتتوافر له فيه فرص النمو والتطور، تحت ظروف تتسق والكرامة الإنسانية، ويكسب منه ما يكفى لتفادى الفقر والمهانة.
فى هذا المنظور، يتضح أن البطالة صنو للفقر، حينما يعرف الفقر حسب تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائى- بمعنى قصور القدرة الإنسانية عن الوفاء بأحقيات البشر فى حياة كريمة، والذى يرى فى الضعف الاجتماعى أو قلة الحيلة مسبب أساسى للفقر. حيث تعد القدرة على العمل رأس المال الوحيد، أو الأهم، للغالبية الساحقة من الفقراء. ورغم أن أفقر الفقراء لا يطيقون ترف البطالة السافرة، حيث يتعين عليهم التعلق بعمل ما من أجل البقاء، فإن مستوى الرفاه الناتج عن نوع الأعمال التى يقومون بها، أو ظروف العمل، تكون من التدنى بحيث لا يمكن وصفها بأنها أعمال "جيدة"، وتندرج، من ثم، تحت صنف أو آخر من صنوف البطالة.
وبناء على ذلك، يصبح خلق فرص العمل المنتجة، والمكسبة، فى المجتمعات التى ينتشر فيها الفقر وتتفاقم البطالة وتضعف شبكات الحماية الاجتماعية أهم سبل مكافحة الفقر، والتخلف بوجه عام.
عملية البحث عن الوظيفة
إن أهم عنصر في عملية البحث عن الوظيفة هو أن تعرف نفسك من خلال تحديد رغباتك ومهاراتك وقدراتك والقيم التي تؤمن بها علاوة على الأهداف التي تنوي تحقيقها. وكذلك توضح أن القدرات التي تتمتع بها تتوافق مع احتياجات ومتطلبات سوق العمل.
مبادئ أساسية لضمان نجاح العملية :
1. تحديد الأهداف.
2. تنظيم الوقت.
3. الثقة بالنفس.
4. القدرة على الاتصال والمخاطبة.
5. الإنصات الجيد للآخرين.
6. انتقاء العبارات المناسبة أثناء التحدث.
7. الاستفادة من الفرص.
8. العمل بجد والبحث المستمر عن الوظائف والتخطيط لذلك.
9. عدم الشعور بالإحباط حيال أي فشل أو انتكاسه.
10. التحلي بالصبر والمثابرة.
11. التحلي بالصدق مع نفسك والآخرين.
12. الاهتمام بالمظهر.
13. إظهار الذكاء والكفاءة.
14. تقويم نفسك وتعديل ما ينبغي تعديله.
من الأهمية الاحتفاظ ببطاقات تتضمن جميع البيانات والمعلومات المتعلقة بالسيرة الذاتية وجهات العمل حيث توضح على البطاقات على سبيل المثال اسم الشركة وموقعها في أعلى البطاقة وفي أسفلها اسم ومنصب وعنوان ورقم هاتف الشخص الذي ستتصل به. وفي الجهة المقابلة من البطاقة تكتب جميع المعلومات المتعلقة بالاتصالات الخاصة بالوظيفة مع تحديد التواريخ والغرض من الاتصال.
أسباب البطالة :
ترجع الدول الحديثة أسباب البطالة إلى :
1-الزيادة السكانية : حيث أن تزايد عدد السكان سنوياً يسبب ضغط على موارد الدولة ، ومن ثم فمن الصعب تحقق فرص عمل لهذه الأعداد المتزايدة .
2-ندرة الموارد الاقتصادية .
3-أدت ندرة الموارد الاقتصادية إلى عدم وجود فرص وظيفية للعاطلين خاصة مع التحويلات الكبيرة التي يمر بها الاقتصاد العالمي وانعكاساته على الاقتصاد الوطني ، وهو الأمر الذي يشكل عبئاً إضافياً على الدولة في تمويل عمليات التنمية . (1)
4-عجز سوق العمل عن استيعاب الخريجين فهناك أعداد هائلة من الخريجين الحاصلين على مؤهلات بأنواعها المختلفة ومع ذلك يعجز سوق العمل عن استيعابهم .
5-تفشي البطالة في الوطن العربي : لقد بلغ عدد العاطلين عن العمل في الوطن العربي ( 16) مليون شخص ، ويتوقع أن تصل إلى ( ثمانين ) مليون شخص بحلول عام 2020م ،
6-التحول للنظام الاقتصادي الحر وتوقف الدولة عن تشغيل الخريجين مع مطلع
7ا-لتعليم لا يؤهل الخريجين للعمل في بعض التخصصات المطلوبة.
أثار البطالة على الفرد والمجتمع :
تظهر آثار البطالة في عدة جوانب :
أولاً : الجانب الأمني
يتركز هذا الجانب في بحث العلاقة بين البطالة والجريمة ، إذ استقطب هذا الجانب اهتمام كثير من الباحثين في مجال علم الجريمة وعلم الاجتماع .
ولقد عثرت على دراسة نشرتها الرئاسة العليا لمدينة الرياض في موقعهم بشبكة الإنترنت تحدد علاقة البطالة بالجريمة ، حيث أشارت هذه الدراسة إلى وجود درجة مقبولة من الارتباط بين هذين المتغيرين فكلما زادتا نسبة البطالة ارتفعت نسبة الجريمة ..
ومن أهم ما ورد في تلك الدراسة :-
1- تعد جريمة السرقة من أبرز الجرائم المرتبطة بالبطالة ، حيث تبلغ نسبة العاطلين المحكومين بسبب السرقة (27.1% ) من باقي السجناء المحكومين لنفس السبب ، وهذه النسبة بازدياد كل سنة .
2- وأكدت هذه الدراسة أيضاً أنه كلما ازدادت نسبة البطالة ازدادت الجرائم التي تندرج تحت الاعتداء على النفس ( القتل ، الاغتصاب ، السطو ، والإيذاء الجسدي ) حيث أوردت في هذه المقام نتائج دراسة أمريكية سابقة تؤكد أن ارتفاع نسبة البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية بمعدل (1%) يؤدي إلى الزيادة في جرائم القتل بنسبة (6.7% ) ، وجرائم العنف بنسبة (3.4%) ، وجرائم الاعتداء على الممتلكات بنسبة (2.4%) ولا يمكن القول أو الحكم هنا بأن البطالة هي السبب المباشر للجريمة وإلا صار كل عاطل وكل فقير مجرماً ، وهذا أمر مرفوض ولا يحتاج إلى أي تدليل عليه ، وإنما نقول وكما تشير الدراسات إلى أن البطالة تحتوي على بذور الجريمة إذا صاحبتها عوامل معينة بظروف معينة .
ثانياً : الجانب الاقتصادي
الإنسان هو المورد الاقتصادي الأول ، وبالتالي فإن أي تقدم اقتصادي يعتمد أول ما يعتمد على الإنسان بإعداده علمياً حتى يتحقق دوره في الإسهام في نهضة المجتمع .
وتضعف البطالة من قيمة الفرد كمورد اقتصادي ، ويتحول كم من المتعطلين إلى طاقات مهدرة وبالتالي يخسر الاقتصاد هذه الطاقات ، كما أنهم يعدون عبئاً إضافياً على الاقتصاد القومي يسبب خسارة تتمثل في توفير الأجور لهؤلاء مع عدم وجود عمل فعلي يستحقون عليه هذا الأجر . (1)
ثالثاً : الجانب السياسي
نستطيع القول أنه في عالم اليوم لم تعد الحقوق والحريات العامة التقليدية كافية للحكم على ديمقراطية النظام السياسي بل ينضم إلى ذلك معايير اقتصادية واجتماعية كثيرة في هذا المجال ، ووجود البطالة وآثارها من شأنه أن يخل بهذه المعايير . (2)
وكم أحرجت هذه المشكلة كثير من حكومات الدول وسياساتها ، ولا يخفى علينا ككويتيين مشكلة ( البدون ) التي تعاني منها دولة الكويت .
وليست هنا بصدد مناقشة هذه القضية أو طرح أسبابها وإنما أستطيع أن أقول أن مشكلة البطالة وآثارها ليست منها ببعيد ، فهي ككرة الثلج بدأت تتدحرج صغيرة حتى أصبحت قنبلة موقوتة بآثار لا تحمد عقباها إن لم تستدرك وتحل .
رابعاً : جانب الصحة النفسية
تؤدي حالة البطالة عند الفرد إلى التعرض لكثير من مظاهر عدم التوافق النفسي والاجتماعي ، إضافة إلى أن كثيراً من العاطلين عن العمل يتصفون بحالات من الاضطرابات النفسية والشخصية فمثلاً ، يتسم كثير من العاطلين بعدم السعادة وعدم الرضا والشعور بالعجز وعدم الكفاءة مما يؤدي إلى اعتلال في الصحة النفسية كما ثبت أن العاطلين عن العمل تركوا مقاعد الدراسة بهدف الحصول على عمل ثم لم يتمكنوا من ذلك يغلب عليهم الاتصاف بحالة من البؤس والعجز .
ويعد من أهم مظاهر الاعتلال النفسي التي قد يصاب بها العاطلون عن العمل :-
1- الاكتئاب : تظهر حالة الاكتئاب بنسبة أكبر لدى العاطلين عن العمل مقارنة لولئك ممن يلتزمون أداء أعمال ثابتة ، وتتفاقم حالة الاكتئاب باستمرار وجود حالة البطالة عند الفرد ، مما يؤدي إلى الانعزالية والانسحاب نحو الذات ، وتؤدي حالة الانعزال هذه إلى قيام الفرد العاطل بالبحث عن وسائل بديلة تعينه على الخروج من معايشة واقعه المؤلم وكثيراً ما تتمثل هذه الوسائل في تعاطي المخدرات أو الانتحار .
2- تدني إعتبار الذات : يؤصد العمل لدى الإنسان روابط الانتماء الاجتماعي مما يبعث نوعاً من الإحساس والشعور بالمسؤولية ، ويرتبط هذا الإحساس بسعي الفرد نحو تحقيق ذاته من خلال العمل ، وعلى عكس ذلك فإن البطالة تؤدي بالفرد إلى حالة من العجز والضجر وعدم الرضا مما ينتج عنه حالة من الشعور بتدني الذات وعدم احترامها . (1)
خامساً : جانب الصحة الجسمية والبدنية
إن الحالة النفسية والعزلة التي يعانيها كثير من العاطلين عن العمل تكون سبباً للإصابة بكثير من الأمراض وحالة الإعياء البدني كارتفاع ضغط الدم ، وارتفاع الكولسترول والذي من الممكن يؤدي إلى أمراض القلب أو الإصابة بالذبحة الصدرية إضافة إلى معاناة سوء التغذية أو الاكتساب عادات تغذية سيئة وغير صحية
ما هو الحل للمشكلة
ينبغي على الدولة أن تكثف الجهود للقضاء على غول البطالة ، فتستعين بأهل الخبرة والاختصاص لمعالجة هذه المشكلة والتحول من الركود إلى الانتعاش ، وقد رأيت أن الترياق لهذه المشكلة ينحصر في عدة أمور أهمها :-
1- الاهتمام بتوجيه أموال الصدقات والهبات في توفير فرص عمل واكتساب المهارات اللازمة لسوق العمل .
2- التوسع في سياسات التدريب وإعادة التدريب للمتعطلين لمساعدتهم في تنمية مهاراتهم وقدراتهم .
3- تشجيع التقاعد المبكر حتى يتمكن توفير فرص عمل جديدة بدلاً من هؤلاء الذين أحيلوا إلى المعاش .
4- تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومشروعات القطاع غير الرسمي وإزالة كل ما يعترضها من عقبات .
5- التركيز على المشروعات والفنون الإنتاجية ذات الكثافة العمالية نسبياً .
6- اهتمام الحكومات بإقامة خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص العمل الحقيقية أمام كل قادر وراغب فيه .
7- ترشيد عملية استخدام العمالة الأجنبية وذلك من خلال حصرها في مهن محددة .
8- تفعيل بعض الدول العربية لبرنامج يحث المواطن نفسه على القبول بالعمل البسيط فصرنا نسمع عن التكويت والسعودة والبحرنة .
9- العمل على تطبيق نظام الحد الأدنى للأجور وذلك لدفع مؤسسات القطاع الخاص لتوظيف القوى العاملة الوطنية .
10- أقامت دولة الكويت بصرف أموال للعاطلين الذين لم يجدوا فرص عمل وظيفية بواقع مائة دينار لمدة سنة ، سيقوم العاطل بدفعها للدولة بعد توظيفه .
11- إعادة النظر في مكونات سياسات التعليم والتدريب بحيث يلبي سوق العمل .
12- الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وذلك بخلق فرص عمل منتجة .