أمثال ومواعظ من أقوال المتنبي
أرجو أن تعم الفائدة
وهَبني قلـت: هـذا الصبـحُ لَيـلٌ
أَيعمـى العالَمـونَ عَـن الضّيـاء؟
* * *
وإذا خَفيتُ علـى الغَبِـيِّ فَعـاذِرٌ
أنْ لا تَـرانـي مُقْـلَـةٌ عَمْـيـاءُ
* * *
صَغُرْتَ عَنِ المديحِ فقُلْـتَ أُهجَـى
كأَنَّكَ مـا صَغُـرْتَ عَـنِ الهِجـاءِ
* * *
مـا الخِـلُّ إِلا مَـن أَودُّ بِقَلـبِـهِ
وأَرَى بِطَـرفٍ لا يَـرَى بِسَوائِـهِ
* * *
لا تَعـذُل المُشتـاقَ فـي أَشواقِـهِ
حتّى يَكُونَ حَشـاكَ فـي أَحشائِـه
* * *
الــــــــبــــــــاء
فَالمَوْتُ أَعْذَرُ لي والصَّبْرُ أَجْمَلُ بي
والبَرُّ أَوْسَـعُ والدُّنْيـا لِمَـنْ غَلَبـا
* * *
أظْمَتْنِـيَ الدُّنْيـا فَلَـمَّـا جئْتُـهـا
مُستَسِقياً مَطَـرَتْ عَلَـيّ مَصائِبـا
* * *
فالمَوْتُ تُعْرَفُ بالصِّفـاتِ طِباعُـهُ
لـم تَلْـقَ خَلْقـاً ذاقَ مَوْتـاً آئِبـا
* * *
كَثِيرُ حَيـاةِ المَـرْءِ مِثْـلُ قَلِيلِهـا
يَزُولُ وباقي عَيشِـهِ مِثْـلُ ذاهِـبِ
* * *
وقد فـارَقَ النـاسَ الأَحِبَّـةُ قَبلَنـا
وأَعيا دواءُ المَـوت كُـلَّ طَبِيـبِ
* * *
فرُبَّ كَئِيبٍ لَيـسَ تَنـدَى جُفونُـهُ
ورُبَّ نَـدِيِّ الجَفـنِ غيـرُ كَئِيـبِ
* * *
إِذا استقبَلَتْ نَفسُ الكَرِيـمِ مُصابَهـا
بِخُبـثٍ ثَنَـتْ فاستَدبَرَتْـهُ بِطِيـبِ
* * *
وفي تَعبٍ مَن يَحسُدُ الشَمسَ نُورَها
ويَجهَـدُ أَنْ يَأتـي لَهـا بِضَرِيـبِ
* * *
ومن صَحِبَ الدُنيا طَويـلاً تَقَلَّبَـتْ
على عَينِهِ حتَّى يَرَى صِدْقَها كِذْبـا
* * *
ومن تكُنِ الأُسْدُ الضَّوارِي جُـدودَهُ
يَكُنْ لَيلُهُ صُبحاً ومَطعَمُـهُ غَصْبـا
ولَستُ أُبالي بَعْدَ إِدراكِـيَ العُلَـى
أَكانَ تُراثاً مـا تَناوَلـتُ أم كَسْبـا
* * *
أَرَى كُلَّنـا يَبغِـي الحَيـاةَ لِنَفْسِـهِ
حَرِيصاً عليها مُسْتَهاماً بِهـا صَبَّـا
فحُبُّ الجَبانِ النَفْـسَ أَورَدَهُ البَقـا
وحُبُّ الشُجاعِ الحَرْبَ أَورَدَهُ الحَرْبا
ويَختَلِفُ الرِزْقـانِ والفِعـلُ واحِـدٌ
إلى أَنْ تَرَى إِحسانَ هذا لِـذا ذَنْبـا
* * *
وكــم ذَنْــبٍ مُـوَلِّــدُهُ دَلالٌ
وكـم بُـعـدٍ مُـوَلِّـدُهُ اقـتِـرابُ
وجُـرمٍ جَــرَّهُ سُفـهـاءُ قَــومٍ
وَحَـلَّ بِغَيـرِ جارِمِـهِ الـعَـذابُ
* * *
وإنْ تكُنْ تَغلِبُ الغَلبـاءُ عُنصُرَهـا
فإنَّ في الخَمرِ مَعنًى لَيسَ في العِنَبِ
* * *
وَعادَ في طَلَبِ المَتْـروكِ تارِكُـهُ
إنَّا لَنَغفُـلُ والأيَّـامُ فـي الطَلَـبِ
* * *
حُسْنَ الحِضارةِ مَجلُـوبٌ بِتَطْرِيٍـة
وفي البِداوةِ حُسْنٌ غَيـرُ مَجلُـوبِ
* * *
لَيتَ الحَوادِثَ باعَتْنِي الَّذي أَخَـذَتْ
مِنّي بحلْمي الَّذِي أَعْطَتْ وتَجريبـي
فَمـا الحَداثـةُ مـن حِلْـمٍ بِمانِعـةٍ
قد يُوجَدُ الحِلْمُ في الشُبَّانِ والشِيـبِ
* * *
وَما الخَيـلُ إلاَّ كالصَديـقِ قَلِيلـةٌ
وإن كَثُرَت في عَيْنِ مَن لا يُجـرِّبُ
* * *
لَحَى اللُه ذي الدُنيا مُناخًا لِراكِـبٍ
فكُـلُّ بَعِيـدِ الهَـمِّ فيهـا مُعـذَّبُ
* * *
وكُلُّ امرِىءٍ يُولي الجَمِيلَ مُحبـبٌ
وكُل مَكـانٍ يُنبِـتُ العِـزَّ طَيـبُ
* * *
وأَظلَم أَهل الظُلْمِ مَن بـاتَ حاسـدًا
لِمَـن بـات فـي نَعمائِـهِ يَتَقَلـبُ
* * *
وللسـرِّ مِنّـي مَوضِـعٌ لا يَنالُـهُ
نَدِيـمٌ وَلا يُفضِـي إليـهِ شَـرابُ
* * *
أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنَى سَـرجُ سابِـحٍ
وخَيرُ جَليسٍ فـي الزَمـانِ كتـابُ
* * *
وَما أَنا بِالباغي على الحُبّ رِشـوةً
ضَعِيفُ هَوًى يُبغـى عليـهِ ثَـوابُ
* * *
إذا نلتُ منكَ الـود فالمـال هَيـن
وكُل الَذي فَـوَقَ التُـرابِ تـرابُ
* * *
ومَـن جَهِـلَـت نَفـسـهُ قَــدرَهُ
رَأًى غَيـرُهُ مِنـهُ مـا لا يَــرَى
* * *
نَحـنُ بنُـو الموَتَـى فَمـا بالُـنـا
نَعـافُ مـا لابُـدَّ مـن شُـربِـهِ
* * *
لـو فكَّـرَ العاشِـقُ فـي مُنتَهـى
حسـنِ الَّـذي يَسبِيـهِ لـم يَسْبـهِ
* * *
يَموتُ راعي الضَّـأَنِ فـي جَهلِـه
مِيتةَ جالِينُـوسَ فـي طِبِّـهِ * * *
وغايـةُ المُفْـرطِ فــي سِلْـمِـهِ
كَغَايـةِ المفُـرطِ فــي حَـرْبِـهِ
فَـلا قَضَـى حاجَـتَـهُ طـالِـبٌ
فُـؤادُهُ يَخـفِـقُ مــن رُعْـبِـهِ