محميـة الضَّـيَاع

[علي النموشي]

محميـة الضَّـيَاع


كانت في ما مضى محمية للضباع
ملكوها بعد مكيدة للسباع
كثيرة الجنان ، بها الجداول و الِضيّاع
واسعة الأطراف والأصقاع
فيها من الغزلان و الضأن و الخراف الكثير ، كل فريق منهم أطاع ...
لقوانينهم و حكمهم تجدهم منصاع
بنوا فيها الحصون و شيدوا القلاع
حسبوا أنهم فيها لابثين بلا انقطاع
حتى أكثروا فيها العدة والمتاع
قيل لهم هي ُملك اليمين و بقوة العضد و الذراع
فيها " مستقر لكم إلى الأبد " و لكم فيها الباع
لكن ... حسبكم ففيها ثلة من ذئاب جياع
يترصدون و لكل منهم قناع
ترى ما هذا القناع ؟؟؟ !!!
هو جلد الخرفان الِوداع
لقد أبرموا معها " صفقة " تباعا و تباع
ريثما نخرج من أرضكم الضباع
و لا نذر فيها من هؤلاء الرعاع
و لسوف نرد لهم الكيل صاع
لِنُريحكم معشر الخراف من هذا الصراع
هو غير متكافئ و يلزمه الإندفاع
وأنتم لا تحسنون لا الهجوم و لا الدفاع
فنحن الذئاب عرفنا بالمكر والخداع
قوموا لنعلن الثورة و نحدد وقت " الإندلاع "
و لتكن منكم فئة حطبا و وقودا لها ، ولتؤمنوا بمبادئها حتى " النخاع "
***
مات الآلاف بل الملايين من الخراف... بين شريد و ثكلى ومفقود بفعل وقع القعقاع
و أُعلن الاستقلال من نير الضباع
فقد جاء الربيع و زال الضباب في انقشاع
فرحت الخرفان قدر المستطاع
و رفعت الرايات " بيضًا و حمرًا و خضرًا " تيمننا بانتهاء الصراع
و توجهت في مواكب إلى الذئاب ، أين وعدكم بالشعلة والشعاع ؟
قهقهت الذئاب بصوت سماع
لقد أصبتمونا بالصداع
من تخالون أنفسكم ؟ من أنتم ؟ أ نسيتم أصلكم ؟ آه ... يلزمكم راع
فما أنتم إلا غنيمة لنا و أنفاع
نحن أولي الأمر منكم و يجب أن نطاع
فانقلب حال الخرفان إلى التشتت و الضَّيَاع
و عمّ الدمار أكثر من ذي قبل وزاد اتساع
فقالت : وا حسرتاه على زمن الضباع
أين المفر ؟؟؟ أ من السباع إلى الضباع إلى الجياع ؟؟؟ !!!
أ هي سنة الحياة ؟؟؟ أ مَا خلقنا إلا ليحكمنا القوم الرعاع ؟؟؟ !!!
هم لن يغيروا الطباع
و نحن لن نكون سوى غنائم للانتفاع
إلا ... إذا للبسنا أقنعة " السباع "
***
ترى ؟؟؟ هل يصير حال الخراف يوما ما إلى حال السباع ؟؟؟ !!!
وهل يغلب التطبع الطباع ؟؟؟ (...


من مجموعتي ** عناقيد النقمة **