في هذه الجولة, اجتمع ممثلو 37دولة لمناقشة أمور التعريفات الجمركية و العمل على تخفيضها, و قد نجح ممثلو تلك الدول في التوصل إلى حفظ التعريفات الجمركية على حجم التجارة الدولية تقدر قيمته في ذلك الوقت بحوالي 40مليار$, أو ما يعادل 4/5 التجارة الدولية, و بالنسبة لمتوسط معدلات انخفاض التعريفات الجمركية قد اختلف من دولة إلى أخرى, مثال ذلك:
بريطانيا: 30% من التخفيض العالمي, 30% لليابان, 24% كندا, و قد حددت هذه التخفيضات في جدول زمني يبدأ من سنة1968-1972, و انخفضت التعريفات الجمركية على السلع المصنعة بالنسبة لأمريكا و أوروبا بنسب تتراوح بين 5-10%, فيما يخص المنتجات الزراعية, كانت شقة الخلاف الكبير بين المجتمعين, لكن الاتفاق على خفض التعريفات الجمركية بمتوسط 25% على المنتجات المحمية.
الجولة السابعة: جولة طوكيو 1973-1979:
لقد شاركت في هذه الجولة 102دولةو كان الموضوع الأساسي الذي تناولته هذه الجولة هو القيود الغير الجمركية, حيث لوحظ أنه على الرغم من أن الرسوم الجمركية بدأت في الانخفاض على السلع المصنعة, إلا أن القيود الغير جمركية بدأت في التزايد, مما تسبب في إلغاء بعض المزايا التي تحققت من التخفيض الذي تم في الرسوم الجمركية, إلى جانب موضوع القيود الغير الكمية, فإن جولة طوكيو قد تناولت أيضا, موضوع تخفيض الرسوم الجمركية, و هو القاسم المشترك في جميع الجولات فضلا عن مناقشة إطار الاتفاقيات المختلفة مثل:
- الدعم و إجراءات الرد على دعم الصادرات.
- الحواجز الفنية على التجارة.
- الإلزام الحكومي المعوق للاستيراد.
- أسلوب تقييم الرسوم الجمركية.
- إجراءات مكافحة الإغراق.
و لقد نجحت جولة طوكيو في تحقيق نتائج لم تحقق من قبل الجولات السابقة الذكر, حيث أن هذه الأخيرة ركزت على خفض التعريفات الجمركية من أجل تشجيع التجارة الدولية بين الدول الأعضاء, في حين أن هذه الجولة تطرقت إلى خفض و إزالة القيود الجمركية و الغير جمركية المفروضة على التجارة العالمية, أي مناقشة العوائق الأخيرة بالإضافة إلى مناقشة التعريفات الجمركية, و قد استهدفت تحقيق خفض جمركي متميز (300مليار$), من حجم التجارة الدولية على مدار سبع سنوات, حيث تم الإتفاق على خفض الرسوم الجمركية مما يعادل 30% من متوسط التعريفات في بداية الدورة على آلاف السلع و المنتوجات الزراعية.
و كان من أهم ما خرجت به الدول من قرارات يتعلق بتقنين استخدام العوائق التجارية تمثلت فيما يلي:
1- الإعانات و الرسوم الموازية أو التعويضية:
و تم التوصل إلى أن الدولة التي ترغب أو تتبنى سياسات الإعانات و الرسوم الموازية يمكنها أن تفعل ذلك بالنسبة لبعض السلع في حالة عدم تأثيرها على التجارة الخارجية للدولة.
2-إجراءات ترخيص الاستيراد:
بحيث وافق أعضاء الجات على تخفيض إجراءات ترخيص الاستيراد, و تعهدت الحكومات بإدارة تلك الترخيصات بطريقة عادلة و محايدة اتجاه أعضاء الجات.
3-التقييم الجمركي:
في هذا القرار تم استخدام نظام موحد لتقييم أسعار السلع لأغراض الجمارك, و ذلك بهدف منع التقديرات المبالغ فيها التي تقرر في بعض الدول.
4- العوائق الفنية:
تهدف هذه العوائق إلى تحقيق بعض المعايير الأمنية, و الصحية, أو البيئية, و تعتمدها المعايير القياسية الكثير من الحكومات لبعض السلع أو المنتجات التي تصدرها إلى الخارج, و لذا فالاتفاق قد تم على أساس استخدام معايير دولية بدلاً من المعايير الوطنية, و التي قد تختلف بين الدول مما قد يسبب في إعاقة التجارة الدولية.
5-المشتريات الحكومية:
هدف اتفاق جولة طوكيو هو ضمان تحقيق منافسة دولية قوية في سوق المشتريات الحكومية, و قد حدد الإتفاق القواعد التفصيلية لطريقة طرح المنافسات الحكومية دولياً.
الفترة الثالثة: 1979-1993:
في هذه الفترة شهدت أعمال الجولة الثامنة و الأخيرة قبل نشوء منظمة التجارة العالمية, و هي جولة لأورجواي, و يمكن تقسيمها إلى مرحلتين:
أ- جولة أورجواي 1991-1976 i
تعد جولة الأورجواي الجولة الثامنة من جولات الجات, إلا أنها كانت أكثر الجولات تعقيداً و تأزماً, و قد تأخرت أربع سنوات حيث كان من المقرر أن تنطلق في 1982 و لكنها لم تبدأ إلا في 20سبتمبر 1986, و تعد هذه الجولة أكثر طموحاً و أوسع نطاقاً, من سابقاتها نظراً لامتدادها لقطاعات جديدة لم تكن مشمولة في جولات المحادثات السابقة, و قد جاءت هذه الدورة في ظروف اقتصادية حاسمة’ كما أنها سعت لرسم معالم القرن الواحد و العشرين, و كان الهدف من هذه الجولة تحقيق بعض الأهداف الأساسية التالية:
• تخفيض القيود الغير جمركية.
• تحرير تجارة الخدمات بالإضافة إلى التجارة السلعية.
• تخفيض القيود على الواردات من المنتجات الزراعية.
و لقد تم تحديد 15 مجموعة عمل لكل مهمة من هذه المهمات, نذكر منها المهمات الآتية:
1-التعريفة الجمركية.
2-القيود الغير جمركية.
3-المنتجات الاستوائية.
4-المنتجات الأولية.
5-المنتوجات و الملابس.
6-المنتجات الزراعية.
7-الإجراءات الوقائية ضد التزايد المفاجئ في الواردات.
8- الإعانات و الرسوم الجمركية.
9- حقوق الملكية الفكرية.
10-الخدمات.
بالإضافة إلى أربع مجموعات عمل أخرى للتعامل مع اتفاقية الجات نفسها فيما يتعلق بإجراءات تسوية المنازعات.
و لقد تعرضت موضوعات تجارة الخدمات و الزراعة و الملكية الفكرية لمناقشات حادة, خاصة موضوع حماية الملكية الفكرية, حيث أن و.م.أ قد نجحت في إدراج هذا الموضوع في المناقشات على مستوى الجات, و ذلك لأن المتضرر الرئيسي من غياب أي تنظيم دولي لحقوق الملكية الفكرية, و قد قدرت خسائر و.م.أ 70مليار$ نتيجة قيام الأجانب بنسخ برامج الكمبيوتر أو تقليد الأدوية, حيث يؤدي ذلك إلى تخفيض قسمة الريع العائد على أصحاب هذه الحقوق.
و من ناحية أخرى, فإن تخفيض القيود على الواردات من المنتجات الزراعية كانت غاية في الصعوبة, لأن أغلب دول العالم تستخدم العديد من السياسات و دعم القطاع الزراعي بها, سواء كان ذلك في صورة دعم سعري, أو دعم للتصدير, أو حصص كمية على الواردات... الأمر الذي تسبب في تشوه هيكل أسعار تلك المنتجات, و لقد كان الإتحاد الأوروبي من أشد المعارضين لأي إلغاء للقيود على الواردات من المنتجات الزراعية, أو إلغاء الدعم المقدم للمنتجين الزراعيين, و هكذا انتهت الأربع سنوات الأولى من جولة الأورجواي1990-1987 دون التوصل إلى اتفاق يتعلق بالتجارة الخارجية.
ب- جولة أورجواي :1994-1991 ii
لقد بدأت المفاوضات مرة أخرى بغرض الوصول إلى حل وسط بين و.م.أ من ناحية و الإتحاد الأوروبي من ناحية أخرى, حول دعم المنتجات الزراعية, و لقد انتقدت و.م.أ و ذلك بتأييد من أعضاء الجات بعض البرامج الأوروبية التي تساند المنتجين الزراعيين, و في نفس الوقت تؤثر سلبا على التجارة الدولية بصفة عامة و تجارة و.م.أ بصفة خاصة, و لقد هددت و.م.أ بفرض رسوم جمركية قدرها 200% على إيراداتها من الإتحاد الأوروبي في حدود ما قيمة 300مليون$.
و لقد ساعد هذا التهديد على استئناف المفاوضات مرة أخرى في مجال الزراعة, و لقد تم الإتفاق حول نقطة الخلاف السابقة, حيث تعهد الإتحاد الأوروبي بتخفيض لدعم البذور الزراعية بنسبة 37% من القيمة, و 21% من الكمية, و ذلك خلال 7سنوات.
و في عام 1993 عقد وزراء التجارة لكل من الإتحاد الأوروبي و كذا اليابان و أمريكا اجتماعا تم الاتفاق فيه على دراسة كل المشاكل المعلقة في جولة أورجواي i, و قد تم بالفعل حل هذه المشكلات ليتم توقيع الاتفاق النهائي في مراكش في المغرب في أفريل عام 1994.
أبرز نتائج جولة أورجواي ii:
1) قيام منظمة التجارة العالمية كمؤسسة دولية تشرف على تطبيق اتفاقيات الجات, و تضع الأسس للتعاون بينها و بين صندوق النقد الدولي و البنك الدولي, بهدف تنسيق السياسات التجارية و المالية و الإقتصادية للدول الأعضاء.
2) تحسين و دعم المنظومة القانونية بشأن الإجراءات المعيقة للتجارة.
3) المزيد من التفصيل و الوضوح و الأحكام في القواعد و الإجراءات المرتبطة بتحرير التجارة سواء في الاتفاقية الرئيسية, أو الاتفاقيات الفرعية, و خصوصا بالنسبة للمشاكل التي كانت غامضة و مثيرة التأويلات العديدة و إساءة الاستخدام في السابق.
4) إيجاد نظام متكامل لتسوية المنازعات التجارية, و إقامة آلية (نظام) لمواجهة السياسات التجارية للدول الأعضاء.
5) تعزيز خطوات تحرير التجارة من خلال المزيد من تخفيض الرسوم الجمركية و إزالة الحواجز غير الجمركية عليها, و توسيع نطاق الجات ليشتمل تحرير السلع الزراعية و المنتوجات و الملابس, و تجارة الخدمات, و الجوانب التجارية المتعلقة بالاستثمار و حقوق الملكية الفكرية.
6) التأكيد على التزام دول العالم المتقدمة بالمعاملة التفضيلية للدول النامية, بصفة عامة و الأقل نمواً على وجه الخصوص.