لقد تكفل الله تعالى بحفظ الذكر (القرآن والسنة)، وسخر العلماء لحفظ سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها من التصانيف. وتُعد السنة النبوية الشريفة هي الأصل الثاني للتشريع في الإسلام بعد القرآن الكريم، وهي بمثابة الهيكل الأساسي الذي قام عليه صرح الإسلام. ولأهمية هذا المصدر، اهتم العلماء على مر العصور بالحديث النبوي جمعاً وتدويناً ودراسةً وشرحاً، واستنبطوا حوله علومًا مختلفة كعلم الجرح والتعديل وعلم مصطلح الحديث وعلم العلل.
في خضم هذا الجهد العلمي الهائل، برزت مجموعة من المصنفات التي حظيت بالقبول التام والمنزلة الرفيعة لدى علماء الأمة؛ هذه المجموعة هي ما اصطلح على تسميتها بـ الكتب الستة. تمثل هذه الكتب الستة خلاصة لجهود القرون الأولى في تنقيح ونقد وحفظ الأحاديث، حتى أضحت أصول أمهات دواوين الإسلام. فبأحاديث هذه المصنفات أخذ العلماء، واستدل الفقهاء، وأثبتوا الأحكام، وعليها مدار عامتها، وإليها المنتهى. وإذا كان القرآن هو الدستور، فإن هذه المصنفات هي القانون المفصل والمطبق لأحكامه.