٥٥....كنت في زنزانة سجني .
.....والعمر يمضي ولا شيء أفعله ...لم يكن موجودا بي حيّاً سوى التفكير ....كنت افكر فقط ....فيجب ان يعطوا كل سجين ورقة وقلما كي يكتب أفكاره.... فهو في كل لحظة يفكر بشيء ما .....وإن لم يفكّر يشعر بصمت الموت وهو يسري في وجوده....
....في أعلى الزنزانة طاقة ضوء تطل على الشارع ....عالية ...كم كنت اتمنى ان انظر إلى العالم منها....كنت دائما أنظر اليها .....كما ترى فجأة طريقا في غابة متشابكة........ويوما اعطوني وسائد جديدة ....ووضعتها فوق بعض ووصلت الطاقة .....ونظرت للحياة التي اشتاق اليها .......رأيت فقيرا يسأل الناس والناس لا يعطونه شيئا وجهه مريض بالذل ووجوههم ككلاب مسعورة..
.....ورأيت كذّأبين....كثر في كل مكان ....في بيوتهم يكذبون وفي أعمالهم يكذبون .......ورأيت ضعافا يشقّون الحياة بين الأقوياء بصعوبة بالغة ....والأقوياء ....ينجحون دون أن يقرؤوا وإذا نالوا الشهادة صاروا وزراء .......
...فأقفلت تلك الطاقة ...ورجعت الى زنزانتي ....فرحاً....أنّي بلاجريمة ماأزال ......فضوء تلك الطاقة خادع ......مااصعب ان يعمل الإنسان كل جرائمه في وضح النهار .....في تلك الشوارع مجرمون كثر ....وإذا تكلّم فيهم انبياؤهم لا يسمعون ....
.
.
.عبدالحليم الطيطي