لو الدبلوماسية الجزائرية تستغل أوراق الضغط المتعددة التي تمتلكها بلادها، ما رفض طلب الجزائر بالإنضمام إلى تكتل البريكس من طرف قمة البريكس المنعقدة بجنوب إفريقيا الحليف الطبيعي للجزائر، لأن القيادة الجزائرية كانت تعتقد أن الأمر أكثر من محسوم بالنظر إلى الإشارات التي تلقفتها من موسكو وبكين أثناء الزيارة الرئاسية، إلا أن ذلك كان غير كافيا، لأن البلدين لم يدافعا بالشراسة على المسعى الجزائري، وكان لزاما على الرئاسة الجزائرية أن تعرج على نيو دلهي في طريق عودتها من بكين، لأن تحييد الهند كان ضروريا خاصة أن بيننا والهند علاقات تاريخية وتوافق مواقفهما ضمن مجموعة عدم الإنحياز، كما أن زيارة رئاسية إلى جوهانسبورغ كانت أكثر من ضرورية لتذكير رفاق مانديلا إحتضان الجزائر لقيادة المؤتمر الوطني الإفريقي وتزعمها للكفاح ضد الأبرتاييد، وكانت كذلك زيارة على أعلى مستوى وحبذا لو كانت رئاسية إلى البرازيل خاصة أن من يتولى الحكم هو الرئيس الأسبق اليساري لولا
داسيلفا، ويا الأسف كان الأمور لم تأخذ بجدية.
وما إنحازت دول ذات العضوية الدائمة بمجلس الأمن الدولي إلى جانب الطرح المغربي في نزاع الصحراء الغربية.
بالنسبة لفرنسا مستعمر الأمس، لم نستغل حاجة البلد إلى الغاز والبترول عندما جفت الحنفية الروسية بفعل المقاطعة الأوروبية وغلاء العرض الأمريكي المقترح على الأوروبيين وكان شولتز (مستشار ألمانيا) وماكرون يشتكيان من ذلك.
سوء العلاقة بين فرنسا والمخزن، لأن هذا الأخير كان يرى أن ماكرون منحاز إلى جانب الجزائر في قضية الصحراء الغربية وكان قد رفض إستقبال المساعدات الفرنسية عقب زلزال الحوز الدمر.
الرغبة الملحة للإليزي في قيام الرئاسة الجزائرية بزيارتها المبرمجة في عديد المرات إلى باريس نظير زيارة ماكرون إلى الجزائر.
بالنسبة لواشنطن فكان ترغيبها إلى علاقات وتنسيق أمني أكثر من ضروري على مستوى الساحل في إطار الحوار الإستراتيجي بين البلدين،
ومحاولة ربط الإتصال بالرهائن المحررين وبمن مسك بملفهم، قد يفيد في تحييد الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي حالة بريطانيا، حرص المملكة المتحدة في ريادة الإنجليزية على جميع اللغات، يشكل حافزا لإستمالتها إلى جانبنا، خاصة أن الجزائر تسعى لتعميم تدريس الإنجليزية إبتداءا من الطور الإبتدائي، وجعلها لغة التدريس في المدارس العليا، وبالتالي نمكن للمشروع البريطاني بالمجان في بلادنا، كما أن إبداء رغبتنا في الإنضمام إلى الكومنويلث حتى كعضو ملاحظ ينظر إليه بعين الرضى سواءا في لندن أو واشنطن.
أما بشأن بلدين ذا ثقل على المستوى الأوروبي والدولي، بالنسبة لإسبانيا، مستعمر سابق للصحراء الغربية، تذكيرها بالإرث قد يعيدها إلى الصواب، كذلك حاجتها الملحة للغاز الجزائري المتدفق بعقر دارها، بالنظر إلى جفاف الأنبوب الروسي، بث الحياة في المشروع الإستثماري والتجاري توأمة وهران بأليكانت يعني الكثير للإسبان.
بالنسبة لألمانيا، تفضيل الماكينة الألمانية على غيرها ويدهم الإحترافية في أداء العمل، والسعي لديهم لإحياء مشروع ديزارتيك الواعد، الذي كان ينتظر أن يغطي 30 في المئة من إستهلاك أوروبا من الكهرباء، يغني الألمان من إغراءات المخزن.
إنني خائف كل الخوف أن تصطف الصين وروسيا إلى جانب طرح المخزن، خاصة أمام تصادم الرؤى والمصالح بين موسكو
والجزائر في ليبيا والساحل.
بقلم الأستاذ محند زكريني