من هُم ضحايا التّوجه نحو"جزأرة"الطب؟وكيف سيُؤسس للاِنغلاق وللاِنفصال عن الأشقاء والأصدقاء والتضامن بين دول حركة التحرر؟

[الزمزوم]

من هُم ضحايا التّوجه نحو "جزأرة" الطب؟وكيف سيُؤسس للاِنغلاق وللاِنفصال عن الأشقاء والأصدقاء والتضامن بين دول حركة التحرر؟


الجماعة الحاكمة وبعد "جزأرة" التعليم وبعد "جزأرة" الإدارة و"جزأرة" الدين هاهي اليوم تتجه حسب أخبار متداولة "لجزأرة" الطب!!


صحيح فيه أعداد هائلة من أبناء البلد من خريجي معاهد وكليات الطب بحاجة إلى عمل ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك سبباً في قطع أرزاق من احتمى بالبلاد من البلدان العربية والذين تقطعت بهم السبل بسبب مشاكل سياسية وحروب أهلية أو احتلال لبلدانها.


وأن البلاد بحاجة إلى الخبرة الأجنبية سواء العربية أو غير العربية من الدول التي نتشارك معها الآمال والمستقبل في مجال الطب، فالبلاد وإن استطاعت وضمنت تحقيق الكم الهائل من هذه الفئة فإن هناك مشكلات مطروحة على مستوى النوعية والكفاءة والتقدم في هذا الميدان المهم الحيوي والاستراتيجي.


ناهيك على أن جزأرة كل قطاعات الدولة سيعمل بلا شك على قطع أواصر التعاون والصداقة الثقافية والتبادلات العلمية وبخاصة بين العالم العربي والبلاد وكانت مهمة جداً في تمتين عرى الإخوة والتواصل بينهما واستكشاف أجيال العالم العربي المتعاقبة مع أجيال البلاد المتتالية.


فإذا فشلنا في تحقيق وحدة سياسية واقتصادية ولما عسكرية وثقافية فلماذا يحاول البعض قطع ما تبقى من صلات على المستوى العلمي وتبادل الخبرات العلمية بين البلدان العربية وفضائها العربي والتي من بينها البلاد؟


إن الجزأرة التي تطرحها الجماعة الحاكمة اليوم والتي كانت بالأمس دينية إسلامية وأسست بعد ذلك للتطرف الديني وانعكاسها على البلاد في أحداث التسعين فإنها اليوم تطرح على مستوى التبادل العلمي فيما يتعلق بالطب.


إن هذا التوجه يستهدف بالأساس الأشقاء والأصدقاء والإخوة سواء الصحراويين أو السوريين أو الفلسطينيين أو الكوبيين أو الصينيين والعديد من الأطباء القادمين نحو البلاد من مناطق أين ضاقت بهم السبل بهؤلاء هناك بفعل الحروب الأهلية أو الاحتلال والحق المسلوب كما هو الحال مع الفلسطينيين أو في إطار تعزيز التعاون والصداقة في إطار بعثات أو تبادل خبرات علمية درجت البلاد على تبادله طيلة تاريخها منذ الاستقلال مع الشرق (الصين، روسيا، كوبا..المعسكر الاشتراكي) ودول الجنوب والفضاء العربي.


كما أن أطباء كوبا من المؤكد أنهم معنيون بهذا التوجه وفي ظل الوضع الذي تعيشه الجزيرة المحاصرة لــ 60 سنة من طرف الأمريكان وتفوقت رغم ذلك في الطب أكثر من بلدان غربية الأمر الذي لا يليق ببلد كالبلد الذي جمعته علاقات تاريخية مع كوبا ناهيك أن الطب هو أحد أهم ركائز التعاون بين كوبا والبلد وهي امتداد للتعاون التاريخي والنضالي والتحرري الذي جمع البلدين بالإضافة إلى ذلك أنه لا ينكر أن كوبا دولة متقدمة في مجال الطب بشكل كبير تفوقت حتى على بلدان غربية متقدمة إلى جانب سوريا التي عرّبت الطب وقطعت فيه أشواطاً كبيرة وواعدة قبل العدوان الإمبريالي عليها بداية 2011 في إطار ما سمي غربياً "بالربيع العربي" وكذلك فلسطين والصحراء الغربية ..لذلك نحن نتعاطف مع البطالين من الأطباء خريجي الجامعات وننضم للأصوات التي تدعوا إلى ضرورة ايجاد حلول عادلة لهم في التوظيف ولكن بعيداً عن إلغاء الآخر الذي تجمعنا به عهود ومواثيق وتاريخ مشترك ونضال وكفاح في الماضي وآمال ومستقبل مشترك .. ومن الذين استجاروا بالبلد في إطار الواجب الديني ومن باب الإخوة .. أو من حملته وفرضته العلاقات التاريخية على أن يكون في البلد لتمتين عرى أواصر الصداقة والتعاون والشراكة بين البلد وهذا البلد أو ذاك في استمرارية النضال نحو الانعتاق من الاستعمار الجديد (الاقتصادي والفكري والثقافي والتقني والعلمي..) والتخلص من الهيمنة وسياسة الإملاءات ونهب الموارد على عهد الأسلاف من الشهداء والمناضلين الذين أفضوا لربهم ولكنهم ينتظرون منا مواصلة الرسالة حتى تحقيق النصر المبين في تأسيس عالم عادل يسوده السلام والاحترام والتعاون والشراكة على قدم المساواة بين الدول والبلدان والتكتلات الاقتصادية أو العسكرية.


لماذا فرنسا مثلاً لا تطرح فكرة "فرنسة" الطب على وزن "جزأرة" الطب في البلد بل على العكس من ذلك فهي يطيب لها سرقة الأطباء من عديد الأماكن وبخاصة المنطقة المغاربية ومن البلد تحديداً الذين صرفت عليهم البلاد ملايين الدولارات وتعلموا في البلاد لتحصد فرنسا هؤلاء في الأخير حتى في ظل الإسلاموفوبيا وظاهرة صعود اليمين المتطرف هناك في أوروبا وفرنسا والغرب أو اليد العاملة الماهرة والحرفية مثل: التمريض التي تستقبلها كندا من فترة إلى أخرى أو استقبال أمريكا للكفاءات العلمية والتقنية من الدول الأخرى في ظل برامج سنوية واستقطابات جامعية عبر سفاراتها لماذا أمريكا لا "تؤمرك" الطب وكندا لا تعمل على "كنددة" الطب مثلاً أم أن الأمر لا يعدو كونه سوى هروب إلى الأمام من قلة الحيلة نتيجة الفشل في ايجاد حلول اقتصادية واقعية وحقيقية تنهض بالبلد فعلياً وإلى محاولة حل مشكلة بطرح مشكلة جديدة (حلول سهلة ترقيعية) على حساب سمعة وصداقات الوطن التاريخية وفي المصير الواحد المشترك.


للتذكير مصطلح "الجزأرة" هو مصطلح أفلاني بومديني أطلقه الرجل على الإطارات الجزائرية التي دعاها لاستلام المسؤوليات بعدما أتم أصدقاء البلاد من المبتعثين مهمتهم في مساعدتها على النهوض على رجليها من جديد بسبب مخلفات الاستعمار الذي سقط بفضل الحرب التحريرية المجيدة.


نسبه الإخوان للشيخ محفوظ نحناح والذي أطلقه على أتباع مالك بن نبي الذين رفضوا الانضمام إلى تنظيمه الإخواني كنوع من الشتيمة أو السبة ثم أصبح بعد ذلك تياراً قوياً في التسعينيات وعُرف بالتشدد والراديكالية وأحد نواة "الصحوة الإسلامية" والحركة الإسلامية السياسية في البلاد التي تبلورت بعد الانفتاح السياسي وتشكيل الأحزاب الدينية والجهوية والعرقية (الثقافية) فيما بعد.


بقلم: الزمزوم –أستاذ الفلسفة السّياسية وفلسفة الأخلاق

[الزمزوم]

في ظل السلطة الحالية فهي تخسر الجميع وتتجه بقوة نحو الغرب على خطى بن جديد ورحلته نحو دالاس.