إن الإخوة المصريين في حملتهم الإعلامية التي شنوها على الجزائر إثر انهزام منتخبهم الوطني أمام المنتخب الجزائري، بملعب المريخ بأم درمان بالسودان، في 18 نوفمبر 2009، في إطار التصفيات المؤهلة لمونديال 2010 ، التي تجاوزوا فيها حدود المقبول والمعقول، استنكروا عدم انحياز الإعلام العربي لهم، وتخليه عن مساندته لهم في هجومهم على الجزائر دولة وشعبا، أحياء وأمواتا، راحوا يتساءلون في استغراب: لماذا يكرهوننا؟
السؤال المطروح ينبئ على أنهم ينظرون إلى حب الناس لهم، على أنه قضية مفروغ منها، ومسلم بها، ولا يجوز لأحد من الناس، الخروج عنها، والتمرد عليها، متناسين تماما أن الحب يترتب على مقدمات ضرورية تفضي إليه، والأولى أن يسألوا أنفسهم، لماذا لم يعد العرب يحبوننا كما كانوا يحبوننا من قبل؟ والجواب هو: أن العرب أحبوا مصر في الماضي، يوم كانت تعمل للعرب جميعا، وتتبنى قضياهم وتدافع عنها دفاعها عن قضاياها، ولكنها اليوم نفضت يدها منهم، ومن قضاياهم، وآثرت مصلحتها هي على مصالحهم، إلى درجة انحيازها إلى أعدائهم، ووقوفها إلى جانبهم، بل شاركتهم في حروبهم التي شنوها على البلاد العربية، مثلما حدث في العراق وغزة من فلسطين، فكيف لا يغضب العرب منها، ويتحولون عن حبها؟
ثم كيف يحب العرب مصر، وهم يسمعون أبناءها ساسة ومثقفين وفنانين وإعلاميين، يصرحون بكل وقاحة ودون حياء بأنهم يؤثرون مناصرة إسرائيل على الجزائر الدولة العربية الشقيقة، التي وقفت إلى جانب مصر في كفاحها ضد الانتداب البريطاني، قبل أن تقف هي إلى جانبها في حربها ضد الاستدمار الفرنسي، فضلا عن وقوف الجزائر إلى جانب مصر، في حروبها ضد إسرائيل، بالمال والعتاد والرجال، فكيف يحب العرب دولة وشعبا، يتنكران للمعروف، ويكفران الجميل؟
ولعل الكراهية العربية لمصر، ترجع إلى مركب العظمة الذي يعاني منه الإخوة المصريين، والذي يدفعهم إلى التعالي على الناس، والتطاول عليهم، ذلك المركب الذي جعلهم يعتقدون أن العرب مجتمعين بدون مصر، يساوون صفرا أو أقل من الصفر، فكيف للعرب أن يحبوا مصر وهي تزدريهم وتحقرهم، وترى أنهم لا يساوون شيئا بدونها؟
وأخيرا كيف يحبون دولة وشعبا، كفرا بروابط العروبة والإسلام، لمجرد هزيمة كروية مني بها منتخبهم الوطني، وسمحا لنفسيهما بالتطاول على تاريخ شعب بأكمله، شهد له التاريخ ببطولاته من أجل عروبته وإسلامه؟
لتلك الأسباب كرهكم العرب، ولن يعودوا إلى حبكم، إلا إذا تداويتم من مركب العظمة الذي تعانون منه، وأقررتم أنكم لستم شعب الله المختار، وأبديتم للعرب جميعا، ما هم جديرون به من تقدير واحترام، وتيقنتم أنكم أنتم الذين لا تساوون شيئا بدون العرب كل العرب، هذا هو الجواب على سؤالكم: لماذا يكرهنا العرب؟