السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كانت هاته فضفضة سكبتها على دفتري ،ذلك أني لن أستطيع أن أفضفض لأي كان ،خصوصا أمي ،لأني لاأريدها أن ترى ضعفي وقلة حيلتي ومواطن وهني ،أريد أن أبدو دوما قوية واثقة لأجلها ،رغم أني أعلم أنها بنظرة واحدة في عيني تدرك مكنونات نفسي ..
لتلك العينين قلت أو بالأحرى كتبت ...
كبرت ياأمي ولم أعد أستلذ طعم السكر ،لم أعد أستطيع الحلم كالسابق ،صارت الاحلام تخيفني وترهقني .
كبرت ياأمي ولم أعد اعرف نفسي ،صرت أبحث عن صورة تشبهني ،عن وجه كان يشبه وجهي ،عن روح كانت تشبه روحي .
تغيرت ياأمي وتقلصت تلك الطفلة داخلي ،إختبئت بين ثنايا روحي وقبعت بعيدا .
صرت أحن إليها وإلى زمان كانت تلعب فيه وتحلم آملة أن يتحقق ذاك الحلم ذات يوم .
أحن إلى تلك اللحظات الدافئة في بيتنا العتيق ،وجلسات السمر الجميلة بعيدا عن التكنولوجيا الباردة وهواتف النقال المزعجة .
إشتقت إلى جدي وحديثه ،إلى أيام كنت فيها سعيدة أضحك من أعماق قلبي رفقة من أحب .
كبرت ياأمي وصرت أما ،صرت أخجل منك أتدرين !!؟ صرت أقول كم كنت جاحدة ومقصرة بحقك ؟
صرت حين أحمل إبنتي أرى صورتك في خيالي ،بل وأتمنى لو عادت بي عجلة الزمن إلى الوراء كي أجد نفسي بين ذراعيك ،لاهم لي إلا إسكات جوعي والنوم فقط .
آه ياأمي ،كبرت وصرت أبحث بين الأزقة عن رفقة الصبا ،ترى هل كبروا مثلما كبرت ؟ هل أجد بينهم من لم تغيره السنون واستطاع الهروب وراوغ الزمن واحتفظ بطفولته ؟
أتلمس في بيتنا العتيق عن لحظات دافئة فلم أجدها ،رغم أن البيت لم يتغير كثيرا ،لكن الزمن تغير والوجوه تغيرت ، غادرنا بعضها والآخر تغير مثلما نحن تغيرنا وكبرنا .
آه ياأمي صرت وحيدة يقتلني الحنين والفقد ،كأني كنت نائمة لسنوات واستيقظت فجأة ،لأجد نفسي وحيدة ،غادرت القافلة وخلفتني في مكان مقفر لاأعرفه ولا أعرف سكانه .
من يعيد لي تلك اللحظات ولو لثوان فقط ،كي أستعيد نفسي وألحق بالقافلة التي خلفتني وراءها .
شكرا لكل المارين من هنا