جهل الجاهلين في بلاد المسلمين

[ابن العروب]

جهل الجاهلين في بلاد المسلمين

.........في خضم الأزمنة البعيدة القريبة،وفي بلاد العرب ،وقبل بزوغ نور الإسلام ، كان الجهل يعم البلاد ويطمس عقول العباد ويحجب نور الفؤاد .

انتشرت الغزوات ، وشبت الحروب والعداوات ، لا لشيء إلا لسفاهة عقل أو فداحة جهل ، فكم أخذت الحروب أرواح وكم هدمت أفراح ،كم رملت نساء وكم ضاع الوفاء ، كم هتكت هذه الحروب نفوس وقطعت رؤوس .

......وكلنا سمع أو قرأ عن حرب (داحس والغبراء ) هذه الحرب التي دارت رحاها بين قبيلتين جارتين ، استمرت أربعين سنة ، حصدت الأخضر واليابس وكم من نساء قدت الجيوب وكم من فئة أدميت لها القلوب .

هذه الحب دارت لا لآجل نشر الفضيلة ، لا من أجل تحرير عبيد أو إنقاذ وطن سليب ، إنما كانت من أجل تسابق شخصين كل من قبيلة ،بفرسين أحدهما داحس والأخرى الغبراء . أربعين سنة من الخوف والقتل والعذاب !!!!!!!! من أجل سباق فرسين، من السابق ومن المسبوق، من الغالب ومن المغلوب

.....كل من سمع عن هذه الحرب استهجن أربابها وأسبابها ، وسفهه قائده ومقُودها ، استحقر سيدها ومَسوُدها وصدق من قال :

لا خير في أمة تنهش بعضها .....نهش الوحوش في دنيا الغابات

ولا حياة لأمة أضاعت عقلها...... وسبق جهلها كل الجهالات

...... فها نحن هذه الأيام نرى سفاهة العوام والحكام ،نهيم على رؤوسنا أكثر من الهوام

أطلت علينا قبل أيام داحس وغبراء جديدة ، انتشر فيها السباب والشتائم والتهديد والوعيد ، وعداوة كادت تحرق الأخضر واليابس والمنتظر أعظم إذا ما حُكِمتْ العقول ، والسبب مباراة كرة قدم بين دولتين مسلمتين عربيتين عريقتان في المجد والفخر والافتخار ، بين دولتين ذواتي مكانة وسيرة عطرة بين الناس بين سيرتين من الماضي التليد والوطنية العظيمة .

دارت المباراة بين دولة مصر ودولة الجزائر، بين مصر العروبة مصر الكنانة،مصر عمر بن العاص مصر ألبنا، وسعد زغلول وعب الناصر وجون جمال ،،، وبين جزائر الأحرار والانتصار، جزائر المليون شهيد، جزائر عبد القادر الجزائري القائد العظيم .

تبدأ المباراة وتبدأ التهديدات وتعلو الهتافات ويبدأ الصفير والنفير ، والتهديد والوعيد

فأحدهم يقول: سنهزم المصريين كما هزموا أمام اليهود في 73، وأخر يقول : يا بلد المليون شهيد استعدوا لاستشهاد 11 ألف منكم ..... ومسرح مبادلة التوعد الجاهل طويل كثير.... تجمع الجهود وتحشد الحشود ، تبذر الأموال لجلب المشجعين والمشجعات وممثلين وممثلات .

الأحياء منهم والأموات، وتعمل القطارات والسيارات وتقل الطائرات للمشجعين والمؤيدين. حتى أن الجزائر عملت ويا للعجب مما عملت نقلت المشجعين بالطائرات الحربية، لا لغزة لفك الحصار بل للمباراة والفرح بالانتصار، لا للدفاع عن فلسطين بل لكسب الملايين، لا من أجل القدس بل من أجل الكأس ...(والكاس) . أما التذاكر فحدث ولا حرج ،فقد بيعت بمبالغ كبيرة ، علما بأن شعوب يقتلها الجوع والمرض والفقر في جنوب السودان وجنوب أفريقيا والعراق واندونيسيا المنكوبة ، وحفايا عرايا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في غزة هاشم غزة العز والإباء .

.........لا ندي أمن الحكمة أن تزهق الأرواح ، أمن الرشد أن تًكتم الأفراح ،أمن الحكمة أن تبذر الأموال وأن تستهجن الأجيال ، أم من الحكمة تسرف ألموال من أجل كأس لا يساوي عند الغرب كتب أو غذاء لمن يتعلم الطيران الحربي ،ولا يتعدى جناح لقصر من قصور عباءات النفط !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

.......ألهذا الحد وصل بنا المطاف ،أن يتهاوى مستوى العقل العربي، هل فقدت المجد العريق (إزهايمر الاستعلاء) وهل الشعوب حقل تجارب للفوضى الخنّْاقة أم، أم..

أم هو تدريب للشعب لتحضير هجمة على أعداء الأمة... .قولوا بريكم يا أولي العقول والألباب.

أيرضيكم هذا الثعلب الإسرائيلي هاتك العرض وسالب الأرض أن يكون لكم ناصحا حين قال: (نطلب من مصر والجزائر ضبط النفس) خنق الله أنفاسهم من كذبة وحاقدين، والله إن ذالك إن لم يكن من دسائسهم لهو يروق لهم ... .

سؤال يبحث عن جواب هل حللنا عقدتنا مع اليهود لنبدأ يبعضنا البعض ،هل اشمأزت أنيابنا من لحم الأعداء واستطبنا لحم أنفسنا ..... .

ويح العروبة إن كان شموخها بانتصار مباراة، وذلها بانتصار الطغاة ..... ويح لهم إن كان هدفهم الكأس لا القدس.....

ويل لنا إذا حُكِّمَ الجهل واستُعْبِد العقل

أحبتي القراء الكرام عذرا من قسوتي بكلماتي ، والله ما أردت بذالك باطلا ،غير أني كتبتها وعيوني يملؤها الدمع مما جرى ويجري وسيجري، وإني ليحزنني أن أرى الأمة بداحس غبراء جديدة بعد عزة ونور وهدى ، وما كتبتها إلا لأني لم أتوقع أن أرى هذه الحالة بين ظهراني العروبة والإسلام ....... .

مع أني معكم أن الدنيا فيها خير، وأن هناك في مصر والجزائر من يتبرؤون من هذا العمل وهذه المهاترات وهذه المهازل ........ .

حسبنا الله ونعم الوكيل

ولا حول ولا قوة إلا بالله