المربي الواعي

[ali trui]

بسم الله الرحمن الرحيم


المربي الواعي هو من يقف بوضوح على ما بين نفوس المتربين وقدراتهم من تفاوت في مواطن القوة والتميز، واختلاف في جوانب الضعف والخلل ..

ليس فقط ليحسن التعامل معهم، وإنما ليوظف تلك الطاقات والقدرات المتفاوتة، ويحاول استثمارها في مجالاتها المناسبة، وسواء كان هذا التوظيف عن طريقه هو، إن كان يملك القدرة على ذلك، أو من خلال الاستعانة بمن يثق فيهم من أهل الاختصاص في مجالات الحياة المختلفة.

ولو تأملنا في تربية المربي الأول صلى الله عليه وسلم وهو يقف مع كل واحد من صحبه، ويكشف له عن سر ومجال تفوقه، بل ومجال ضعفه وقصوره ..

ففي حديث البخاري يقول عليه الصلاة والسلام : "لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح".

ويقول في المقابل في الحديث الذي صححه الألباني في السلسلة الصحيحة : "يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي؛ لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم".

وهذا يوضح لنا بجلاء المنهج النبوي في مراعاة قدرات الرعيل الأول، وأنه لا يعني وجود منهج واضح في المحضن التربوي أن يتساوى الجميع فيما يعطيه المربي لهم جميعا ..

فما يناسب بعضهم لا يناسب البعض الآخر، وما تحتاجه نفوس النابغين من جرعات تربوية تفوق ما يحتاجه غيرهم.

وكل هذا يرجع لتقدير المربي وفطنته ومدى إدراكه لكل تلك الاحتياجات والفروقات الفردية التي قسمها الله بين البشر، وهذا حتما لا يتأتى إلا بعد معايشة وقرب تربوي يمكن المربي من الإحاطة بقدرات واحتياجات كل مترب على حده.

والقاعدة تقول : تحميل الضعيف والمبتدئ فوق طاقته ظلم له، وكذا هضم النابغ حقه وإعطاؤه دون حاجته غبن له.

وكلامي هذا لا يحمل على إطلاقه،

وإنما يكون بمراعاة أمرين مهمين :

١. التحقق من حقيقة وجود تلك الفروق الفردية التي تميز مترب عن آخر وبناء على اعتبارات معيارية مقبولة، لا تتعلق بمعايير طارئة أو هوى يشوب نفس المربي أحيانا.

٢. أن لا يكون وراء ذاك التمييز إثارة لحفيظة باقي أفراد المحضن، وربما كان وراء ذلك التمييز إفساد ونحن نريد الإصلاح.


كتبها
وضاح بن هادي