قصة نصيرة ...عبرة لكل عاقل

[غصن البآن]

سلام جميل ....
ربما هي حكايه ...لقريبتي كتبتها يوما في قسم الحياة الزوجيه ...لاقت تفاعلا وتأثرا من الطيبين ... لم استطع منع نفسي من اتمام حكايتها ..لكن هذه المرة في قسم يومياتي ....

ابنة عمي ...لم تكن مجرد قريبه ..بل واكثر من اخت ...تلك الفتاة ..مدللة ابيها ..فتاة بين خمس اخوة ذكور ...وامها كانت اما لنا جميعا ...لتلقى الام مصرعها اثر مرض السرطان الذي انتشر في امعاءها ..وتوفيت وابنتها ""نصيرة""في الجامعه....
فاصبحت نصيرة المدلله اما لاخوتها الذين يكبرونها والذين يصغرونها ...تهتم بهم و تخفف عليهم ..كأمها كانت حنونة جدا
وكانت ابنة بارة ومطيعه هادئة الطباع شديدة الاهتمام بنظافه بيتهم و نفسها ...لما توفيت والدتها قررت تزويج ابيها فذلك حقه بالحياة
لكن شاءت الاقدار ان تكون زوجه الاب الجديده متسلطه تغار من مكانه الربيبة عند ابيها ...لتجعلها كالخادمه وتجعل حدودا وقوانين جديده
والمؤلم ان والدها اتبع سياسة الصمت ..مما جعل ابنته تشعر بقهر اكبر ...فقررت جعل الزواج هدفا للهروب من ظلم زوجه الاب
وكان ما ارادت ...زواج مدبر من مهاجر اشترط عليها البقاء مع اهله ..وامه المريضه ..قبلت نصيرة و عاملت ام زوجها بحب وكانت لها اما ..لكن من بالبيت استغلو تنازلها ليتصبح كالخادمه التي لايحق لها الاحتجاج ...
ومرت سنوات ....ثم توفيت ام زوجها وهي تضع راسها بحضن نصيرة وتخبرها برضاها عنها ....بعد وفاه ام زوجها طالبت نصيرة ببيت مستقل وذلك حقها واخبرته انها قامت بواجبها ...بالمقابل كان زوجها حافظا لفضلها و برها بامه ...فقام بشراء بيت لها ......
اذن ...زوج صالح ..ثم بيت مستقل ...ماذا ينقصها ....الاولاد ...الذريه ..حلم كل امراة
صار هدفها ان تسعى فلعل الله يرزقها طفلا من رجل صار لها ابا واما وزوجا وحبيبا ....
وبعد خمس سنوات .... تفاجات باجمل خبر ..انها حامل ...فرحه لا تسعها الدنيا ...احلامها تحققت ...
لحظه ...هل اكتملت الفرحه ...ففي حين كانت تجري التحاليل لتطمئن على الحمل وتتاكد ...حطمها خبر اخر ....انها مصابه بالسرطان
ذلك الصبر والجلد ....انهار كل شيء ..كل حلم ...كل سعاده كانت وكل امل ....هل سيقضي عليها المرض كما فعل بامها ....مازالت في العشرينات ... العلاج الكميائي وتساقط الشعر ...وماذا عن زوجها ...و رغبتها بان تحيا معه كل مشاعر الحب و تشعره بما تحمله من ود و محبة له ...ماذا عن حملها ...عن مولودتها التي لم ترى النور بعد ....كابرت وصبرت ....حتى اكملت تسع اشهر ..ليحين موعد الولادة ...لكن من اين تاتي بالقوة لتلدها ولا يمكن ان تخضع لعمليه لان حالتها خطيرة ...توفيت رضيتها وهي تلدها ....اتشعرون بمدى الالم الذي حطم معنوياتها
قصه طويلة .... ثلاث سنوات من المعاناة و كذلك الصبر والامل لعلها تشفى ..كانت تقول ..الحمد لله ....ثم تدعو راجيه ان تسترجع عافيتها ..اتدرون ...تنازلت عن كل تلك الاحلام لم تعد تريد من الحياة الا صحتها
قالت لابأس ان لم ارزق بالاولاد فسارعى يتيما ...ولا يهم ان خدمت وتعبت فالله ياجرني ...لا يهم ان ظلمت فلي رب يرى و لا يهمل ..فقط اطمع ان ينعم علي ربي بعافيتي ..لن اطلب بعدها شيئا ...
ادرك ان مافي الدنيا لا يسوى شيئا ..لا مال ينفع ولا بنون ...
منذ اسبوع توفيت ....ليموت معها كل رغبه لي في تحقيق الاحلام ...ربما شعرت قبلا بالم الفراق لعزيزين على قلبي ...لكن الم فراقها مازال ينخر بروحي
ربما هو الخوف من الموت ...والخوف على بناتي من بعدي ..والخوف من الحساب ....

الموت حق ....لكن الفراق اصعب من الصعب
ادعو لها بالرحمة ولجميع اموات المسلمين
استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه