مواطنون يواجهون النواب السابقين ومعهم قيادات الأحزاب بعبارة: "والله ما تحشموا"، وإلاّ هل يُعقل أن يختفي هؤلاء وأولئك ولا يظهرون لا في السراء ولا في الضراء، ويعودون إلا عندما تعود الانتخابات، ثم يشرعون في توزيع صكوك الغفران وإطلاق "الأرانب" ومعها الوعود والعهود في كلّ الاتجاهات، علّهم يظفرون بصدقات انتخابية تعيدهم أو تبقيهم في البرلمان أو المجالس الشعبية المخلية؟
نواب وأميار "خلاوها" وجلسوا فوق تلها، واليوم "ما يحشموش" وينزلون إلى الدواوير والمقاهي والأسواق والجوامع، يخطبون ودّ الناس ممّن خدعوهم خلال العهدة التشريعية والمحلية، وهم اليوم كالتمساح الذي يغري فريسته المسكينة من أجل الولوج ما بين قواطعه وأنيابه!
هذا النوع من البشر، يتحمّل مسؤولية "تكريه" الأغلبية الصامتة و"الكارهة" واليائسة والمحبطة والمستقيلة، في ممارسة واجبها والتنازل عن حقها، طالما أنها لم تستفد من عند أولئك "الرهوط" سوى "الهدرة" والكلام الذي "لا بيودّي ولا يجيب"، حتى وإن أشرقت الشمس من مغربها!
مصيبة أغلب السياسيين أنهم يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يقولون، ولذلك عندما ينزلون حصريا وفقط كلما عادت التشريعيات والمحليات، لا يجدون من يسمعهم، وإذا وجدوا فإنهم لا يسمعونهم وإنما ينظرون إليهم وعلى وجوههم علامات الغضب والاستياء والاستنكار!
قليل هم النواب والأميار، الذين مثلوا المواطنين، ولم يمثلوا عليهم، وهذه الشاكلة تكاد تكون نادرة، منعدمة ومعدومة، إلاّ من رحم ربي، ولذلك لم يبق معنى للانتخابات البرلمانية والمحلية، البلدية منها والولائية، وهذا في نظر مواطنين أرهقتهم معركة المعيشة والحياة اليومية التي أصبحت شاقة ومتعبة وقاتلة ومسيلة للعرق البارد ومحرّضة على الانتحار والعياذ بالله!
غياب البدائل والحلول لانشغالات عامة الناس، هي التي جعلت المواطن البسيط لا يكترث لما يتفوّه به رجل الحزب والسياسة، وجعلته كافرا بنشاطه، وغير قادر على تصديقه حتى وإن كان صادقا في ما يقوله، لكن الممارسات السابقة والتراكمات الاستفزازية، والأخطاء والخطايا المتوالية، من طرف نواب وأميار، لم يخدموا سوى مصالحهم، جعل المواطنين لا يصدقونهم حتى وإن وضعوا أيديهم في النار!
قتل الثقة من طرف سياسيين ورؤساء أحزاب، ووزراء ونواب وأميار ومنتخبين، هو الذي وأد روح المبادرة في نفوس الأغلبية المسحوقة، وجعلها لا تؤمن بكلّ شيء من أجل أيّ شيء أو لا شيء، وهذا بطبيعة الحال لا يُمكنه أن يخدم بأيّ حال من الأحوال تشكيلة البرلمان القادم، ولا المجالس المحلية، لأنها إلى أن يثبت العكس، مبنية منذ البداية على "الخدع"!