نقلة كبيرة يشهدها قطاع تركيب و تصنيع السيارات و الشاحنات في الجزائر خلال الأعوام القليلة الماضية, لدرجة جعلت إحدى الصحف الإلكترونية تتساءل عن (هل تتحول الجزائر إلى ديترويت إفريقيا؟) بالنظر لكثافة النسيج الصناعي اللذي تعول الحكومة على إقامته, وكذلك كثرة الوعود من عدة علامات دولية,ونحن بدورنا نطرح تساؤل حول إمكانية أن تصبح الصناعة المكانيكية قاطرة للتنية الصناعية في البلاد؟
طموح الجزائر في إنشاء صناعة محلية للسيارات ليس وليد اليوم , بل يرجع إلى حقبة السبعينات حيث تم إنشاء الشركة الوطنية للسيارات الصناعية (سوناكوم) بأهداف طموحة, لكن الأمور لم تسر بالشكل المطلوب, وتتعرض الشركة لصعوبات مالية وتكنولوجية, مما أدى لإعادة هيكلتها, وإحتضان المؤسسة العسكرية لها لتصبح بذلك متخصصة في صناعة الشاحنات العسكرية, ولم تتوقف جهود المؤسسة العسكرية عند هذا الحد, بل يمكن إعتبارها رائدة الصناعة الميكانكية في الجزائر, عبر توقيعها لإتفاقية مع الشركة العالمية مرسديس والشريك الإماراتي لصنع سيارات دفع رباعية للإستخدمات العسكرية ولمختلف مؤسسات الدولة المدنية توج مؤخرا بتسلم أول دفعة.
بعدها تم دخول مجموعة من العلامات الدولية المعروفة للسوق الجزائري, لكن ما يعاب على هذه المشاريع هو قلة نسبة الإدماج المحلي حيث تعتمد على جلب قطاع الغيار وإعادة تركيبها في الجزائر, وهذه ليست مسؤولية العلامات الدولية بقدر ما هي مسؤولية الحكومة وقطاع الأعمال في الجزائر, بإنشاء نسيج من مؤسسات المناولة الصناعية لصنع المكونات, وبالتدريج نرفع نسبة الإدماج وبالتالي نرفع القيمة المضافة للإقتصاد الوطني, وليكن الهدف الأول هو تحقيق الإكتفاء الذاتي لتقليل فاتورة الإستيراد وفي مرحلة لاحقة التصدير لجلب العملة الصعبة,مع صعوبة التصدير لأروبا تكون إفريقيا هي الحل.
هناك عل الأقل 9 علامات دولية معروفة أقامت مصانعها بالفعل أو أعطت وعودا بذلك, البداية كانت بالعلامة الفرنسية رونو ومارافق تلك الصفقة من جدل, لتليها مواطنتها بيجو سيتراوين بالشراكة مع مجمع بن حمادي وكلا المصنعين في عاصمة الغرب الجزائري وهران وبالضبط في المنطقة الصناعية بواد ثليلات, إلى هنا الطابع الغالب هو الإحتكار الفرنسي, ليكسره العملاق الألماني فولسفاغن بالشراكة مع مجمع سوفاك في غليزان وبطاقة إنتاجية تبلغ 100 ألف وحدة في 2022 وتخصص نسبة منها للتصدير نحو إفريقيا, وإذا أضفنا علامة مرسديس في تيارت بالشركة مع المؤسسة العسكرية, هناك ايضا علامة إيفيكو المختصة في صناعة الشاحنات الصغيرة المزمع إنشاء مصنع لها في البويرة, ومشروع فيات بعنابة, ونيسان في عين تيموشنت, وحديث عن مشروع لهيونداي بالشراكة مع سيفيتال,دون نسيان شاحنات سكانيا بمعسكر...لنكون بذلك أمام طفرة حقيقية في الصناعات الميكانيكية تنتظر فقط التثمين و الإستمرار.
وكخلاصة لما سبق نلاحظ أن هناك تطور كبير ونقلة نوعية في صناعة السيارات والشاحنات لابد من تثمينها والإستثمار فيها للخروج من التبعية للمحروقات, وبناء قاعدة صناعية وطنية في الصناعات الميكانيكية, ولما لا بعد إكتساب الخبرة التفكير في بناء علامة جزائرية خالصة تغزو الأسواق الدولية, تكون فخر الجزائر و رمز تطورها كما فعلت بعض الإقتصادات الناشئة كماليزيا وتركيا.
المصدرhttps://qalemdjad.blogspot.com/2017/02/blog-post_2.html