الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين
يقصد بالسلف القرون الثلاثة الأولى في الإسلام
و ليس القرن هو المائة سنة و لكن القرن هو الجيل, فالقرون الثلاثة هي الأجيال الثلاثة
و هذه الأجيال شهد لها رسول الله صلى الله عليه و سلم بالخيرية, بينما أخبر عما سيأتي بعدها من أجيال بما يفيد قلة الخير عندهم و ظهور الجهل بالدين.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :خير أمتي القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم والله أعلم أذكر الثالث أم لا ثم يخلف قوم يحبون السمانة يشهدون قبل أن يستشهدوا . أخرجه مسلم وغيره . وفي رواية عن أبي هريرة أنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم : أي الناس خير ؟ فقال : أنا والذين معي ثم الذين على الأثر ثم الذين على الأثر . ثم كأنه رفض من بقي . قال الألباني وسنده حسن . وله شاهد
و هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام و هو حديث متواتر و هو أعلى درجات الحديث صحة.
فالمسلمون الذين اختلط عليهم الحق بالخطأ و اختلفوا في فهم القرآن و السنة وهم الأجيال المتأخرة عن العصور الثلاثة المفضلة, ما عليهم إلا الرجوع لما كان عليه الصحابة و تابعيهم من العلم و العمل لأن الإسلام كامل لا مجال للزيادة فيه فكل عبادة لم يتعبدها أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم فلا نتعبدها لأنه يعلم بتركهم لها أنها ليست عبادة و لو كانت خيرا لسبقونا إليه. (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)
و لأن بعض الناس يخيل إليهم أن اتباع السلف مناقض للمذهب المالكي الذي عليه عموم سكان الجزائر و المغرب العربي فإننا ننقل هذه الأقوال من كلام
مالك رحمه الله في الحث على اتباعهم و هم الصحابة و التابعين. و هو نفسه رحمه الله من السلف لأنه متوفى سنة 179 للهجرة و عصر السلف ينتهي على أرجح الأقوال حوالي 220 للهجرة.
و معلوم أنه من الأصول الفقهية للإمام مالك أنه يرى عمل أهل المدينة حجة و هذا من باب اتباع السلف إذ أن أهل المدينة في زمنه و ما سبقه يدخلون في مسمى السلف. كما أنه يحتج بقول الصحابي.
*************
قال إسحاق بن إبراهيم الحنيني: قال مالك:" قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تم هذا الأمر واستكمل ، فأنما ينبغي أن نتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ولا نتبع الرأي وإنه من اتبع الرأي جاء رجل أقوى منك في الرأي فأتبعته ، فأنت كلما جاء رجل غلبك اتبعته ، أرى هذا الأمر لا يتم". (المعرفة والتاريخ2/789)ومن طريقه(تاريخ بغداد13/415-416) و(الاعتصام للشاطبي1/105).
قال:مصعب بن عبد الله الزبيري : سمعت مالك بن أنس يقول:" أدركت أهل هذا البلد وما عندهم علم غير الكتاب والسنة فإذا نزلت نازلة جمع لها الأمير من حضر من العلماء فما اتفقوا عليه من شيء أنفذه وأنتم تكثرون من المسائل وقد كره رسول الله صلى الله عليه و سلم المسائل وعابها" .(الاستذكار8/581)
قال ابن وهب: سمعت مالكا يقول:" حق على من طلب العلم أن يكون عليه وقار وسكينة ويكون متبعا لآثار من مضى".(الحلية 6/320)و(الإلماع للقاضي عياض1/52) و(الجامع لأخلاق الراوي للخطيب البغدادي1/156).
*كلامه عن اهل البلد و العلماء و من مضى في ذلك الزمان كلهم يدخلون في مسمى السلف
قال مُطَرِّفَ بنَ عَبْدِ اللهِ، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ:"سَنَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوُلاَةُ الأَمْرِ بَعْدَهُ سُنَناً، الأَخْذُ بِهَا اتِّبَاعٌ لِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتِكمَالٌ بِطَاعَةِ اللهِ، وَقُوَّةٌ عَلَى دِيْنِ اللهِ، لَيْسَ لأَحَدٍ تَغِييرُهَا وَلاَ تَبْدِيلُهَا، وَلاَ النَّظَرُ فِي شَيْءٍ خَالَفَهَا، مَنِ اهْتَدَى بِهَا، فَهُوَ مُهتَدٍ، وَمَنِ اسْتَنصَرَ بِهَا، فَهُوَ مَنْصُوْرٌ، وَمَنْ تَرَكَهَا، اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيْلِ المُؤْمِنِيْنَ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَا تَوَلَّى، وَأَصْلاَهُ جَهَنَّمَ، وَسَاءتْ مَصِيْراً".
( سير أعلام النبلاء8/99)
وعن عبد الرحمن بن مهدي قال: سئل مالك بن أنس عن السنة فقال:" هي مالا اسم له غير السنة وتلا ( وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)". (الاعتصام للشاطبي1/58).
*إذن الرأي المتعدي لحدوده ليس من السنة, و الفلسفة ليست من السنة, و علم الكلام ليس من السنة, و تقليد الكفار ليس من السنة, و القول على الله بغير علم ليس من السنة, و الصوفية ليست من السنة و اتباع ما يسمى المرجعية الوطنية دون تمييز الغث من السمين و لو كان في هذه المرجعية بدعا واضحة للعيان كل ذلك ليس من السنة, و تحكيم الديمقراطية و القيم الدستورية ليست من السنة.
قال ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ لِي مَالِكٌ:"الْحُكْمُ الَّذِي يُحْكَمُ بِهِ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى وَجْهَيْنِ: فَالَّذِي يَحْكُمُ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْمَاضِيَةِ، فَذَلِكَ الْحُكْمُ الْوَاجِبُ وَالصَّوَابُ، الْحُكْمُ الَّذِي يَجْتَهِدُ فِيهِ الْعَالِمُ نَفْسَهُ فِيمَا لَمْ يَأْتِ فِيهِ شَيْءٌ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يُوَفَّقَ، قَالَ: وَثَالِثٌ مُتَكَلِّفٌ لِمَا لا يَعْلَمُ فَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنْ لا يُوَفَّقَ".(تفسير ابن ابي حاتم4/1059
قال ابن القاسم:قال مالك:" لن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها". (البيان و التحصيل1/242)
و(الاعتصام للشاطبي1/274)
هذا و أسأل الله أن يهدينا و يعيننا و يصلح حال جميع المسلمين و المسلمات و يغفر ذنوبهم.
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين