
قال عبد الله بن العلا: خرجنا حجاجا من المدينه فلما كنا بالحليفه نزلنا فوقف علينا رجل عليه اثواب رثه له منظر وهيبه فقال:
من يبغي خادما ؟ من يبغي ساقيا ؟ من يملاْ قربه او اداوه؟فقلنا : دونك هذه القرب فاملاْها فاخذها وانطلق فلم يلبث الا يسيرا
حتى اقبل وقد امتلاْت اثوابه طينا فوضعها وهو كا لمسرور الضاحك ثم قال: لكم غير ذلك ؟ قلنا لا واطعمناه قارصا حاذرا (
(اي اللبن الحامض)) فاخذه وحمد الله وشكره ثم اعتزل وقعد ياكل اكل جائع فادركتني عليه الرقه فقمت اليه بطعام طيب كثير وقلت:
قد علمت انه لم يقع منك القرص موقعا فدونك هذا الطعام فكله فنظر في وجهي وتبسم وقال: ياعبد الله انما هي فورة هذه النار قد اطفاْتها
وضرب على بطنه فرجعت وقد انكسف بالي لما راْيت في هيبته فقال لي رجل كان الى جانبي : اتعرفه؟قلت : مااعرفه قال:
هذا رجل من بني هاشم من ولد العباس بن عبد المطلب كان يسكن البصره فتاب وخرج منها ففقد وما يعرف له اثر فاعجبني قوله
ثم لحقت به وناشدته الله وقلت له :هل لك ان تعادلني فان معي فضلا من راحلتي وانا رجل من بعض اخوالك؟ فجزاني خيرا وقال:
لو اردت شيئا من هذا لكان لي معدا ثم اْنس الي وجعل يحدثني وقال:انا رجل من ولد العباس كنت اسكن البصره وكنت ذا كبر شديد
وجبروت وبذخ واني اْمرت خادما اْن تحشو لي فراشا من حرير بورد نثير ومخده ففعلت فاني لنائم اذ ايقظني قمع ورده اغفلته الخادم
فقمت اليها فاوجعتها ضربا ثم عدت الى مضجعي بعد ان خرج ذلك القمع من المخده فاتاني اْت من منامي في صورة فظيعه فنهرني وقال
افق من غشيتك وابصر من حيرتك ثم انشاْ يقول :يا خد انك ان توسدت لينا وسدت بعد الموت صم الجندل فامهد لنفسك صالحا تنجو به
فلتندمن غدا اذا لم تفعل وهنا تركت كل مااملك من مال وولد وجاه وشده وجبروت وكبر وبذخ واتجهت الى بيت الله الحرام مشيا على الاْقدام
اخدم الحجاج ابتغي في ذلك مرضات الله وتطويع نفسي على التواضع راجيا الثواب خائفا من العقاب هنا تذكرت قول علي ابن ابي طالب
رضي الله عنه لاْصحابه :فيم اْنتم ؟ قالوا : نرجو ونخاف قال : من رجا شيئا طلبه ومن خاف شيئا هرب منها
احبتي اساْل الله العلي القدير
ان يجعلنا جميعا ممن يرجون ثوابه ويخافون عقابه وان نسارع الى الخيرات وترك المعصيات انه على ذلك قدير