تأويل النُّصوص بين الصّحّة و الفساد - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تأويل النُّصوص بين الصّحّة و الفساد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-10-20, 20:20   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سعيد هرماس
كاتب و باحث
 
الصورة الرمزية سعيد هرماس
 

 

 
إحصائية العضو









افتراضي تأويل النُّصوص بين الصّحّة و الفساد

تأويل النُّصوص بين الصّحّة و الفساد

أحمد الله حمدا كثيرا طيّبا مُباركا، و أُصلّي و أُسلّم على سيّد الخلق أجمعين؛ سيّدي و حبيبي و مولاي مُحمّد، و على آله و صحبه و من والاه، ثمّ أمّا بعد:

فالتّأويل في اللُّغة يُطلق على معنيين، هُما:
1- ما تؤول إليه حقيقة الأمر في ثاني حال، جاء في القُرآن: (ذلك خيرٌ و أحسنُ تأويلا ) (النّساء / 59، و الإسراء / 35). و (هل ينظرون إلّا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الّذين نسوه من قبلُ قد جاءت رسل ربّنا بالحقّ) الأعراف / 53.

2-ـ التّفسير، و منه قول الإمام ابن جرير الطّبري: القول في تأويل قوله تعالى: كذا، أي تفسيره.

أمّا التّأويل عند الأُصوليين هُو صرف اللّفظ عن ظاهره المُتبادر منه إلى مُحتمل مرجوح لدليل. و له ثلاث حالات مشهورة، هي:


1- صرف اللّفظ عن ظاهره المُتبادر منه لدليل صحيح من الكتاب أو السُّنّة، و هذا النّوع من التّأويل مقبول باتّفاق، و أشهر مثال عند الأُصوليين في ذلك حديث النّبيّ (صلّى الله عليه و سلّم): (الجار أحقّ بصَقبة)(1) ، فظاهر الحديث ثُبوت الشُّفعة للجار، لكنّ الأُصوليين حملوه على الشّريك المُقاسم، لحديث جابر (رضي الله عنه): (فإذا ضُربت الحُدود و صُرفت الطُّرق فلا شُفعة) (2)، فهذا النّوع من صرف اللّفظ عن ظاهره المُتبادر منه لدليل صحيح، يجب الاحتكام إليه، من الكتاب و السُّنّة، يُسمّى عند الأُصوليين تأويلاً صحيحًا.


2- صرف اللّفظ عن ظاهره المُتبادر منه لأمر يراه المُجتهد دليلاً يجب الاحتكام إليه، و قد يكون هذا الدّليل صحيحًا و مُعتبرا، فُيقبل تأويله؛ لأنّه تبع للحالة الأُولى، و قد يكون صحيحا و غير مُعتبر، فيُسمّى تأويلا فاسدا، كصرف آيات الصّفات عن ظواهرها إلى مُحتملات غير صحيحة أو فاسدة، كقول الأشاعرة استوى بمعنى استولى(3) ، و قد يكون غير صحيح أصلا، فيُسمّى حينئذ بالتّأويل البعيد. و أمثلة هذا النّوع من التّأويل موجودة في كُتب المذاهب الفقهيّة، منها تأويل الإمام أبي حنيفة (رحمه الله) لفظ امرأة في حديث النّبيّ (صلّى الله عليه و سلّم): (أيّما امرأة نكحت بغير إذن وليّها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل...)(4) .
قال أهل الأصول: (حمل الإمام أبو حنيفة لفظ امرأة على خُصوص المُكاتبة، و هو حمل لغير دليل جازم يجب الرّجوع إليه.) اهـ. و منها أيضا حمل (لا صيام لمن لم يُبيّت الصّيام من اللّيل(5) ) على النّذر و القضاء. و قد قال أهل العلم خلاف ذلك ؛ إذ قرّروا: لا صيام (أي لم يُجزه) لمن لم يُجمع الصّيام قبل طُلوع الفجر في رمضان، أو في قضاء رمضان، أو في صيام نذر ؛ إذا لم ينوه من اللّيل، و أمّا في التّطوّع فمُباح له أن ينويه بعد الصُّبح. و الله أعلى و أعلم.
و قد تقرّر عند عُلماء السّلف أنّه لا يجوز صرف شيء من كتاب الله و سُنّة رسوله (صلّى الله عليه و سلّم) عن ظاهره المُتبادر منه إلّا لدليل صحيح مُعتبر يجب الرُّجوع (الاحتكام) إليه.


3- صرف اللّفظ عن ظاهره المُتبادر منه لا لدليل، و يُصطلح عليه عند الموثوقين من أهل الأصول، باللّعب بظواهر النُّصوص، و يُمثّلون على ذلك بتأويل غُلاة الرّوافض لفظ بقرة، في قول الله تعالى: (إنّ الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) (البقرة / 67)، أنّها عائشة (رضي الله عنها) .
قال أهل العلم: (هذا لا يدخل في إسم التّأويل لأنّه لا دليل عليه من الكتاب و السُّنّة، إنّما هو تلاعب بالنُّصوص.) اهـ، و قال آخرون: (هو تهجّم على ظواهر النُّصوص.) اهـ
و بالله التوفيق. و صلّى الله و سلّم على سيّدنا مُحمّد و على آله و صحبه جميعا.


هوامش
1 ـ رواه أحمد و أبو داود والتّرمذي و ابن ماجة و الدّارمي .
2 ـ رواه أحمد و البُخاري .
3ـ هُنا ضميمة يُستحسن ذكرها، و هي أنّ تأويل الأسماء و الصّفات ، ليس من عمل الصّحابة ، و لا من عمل التّابعين الكبار المشهود لهم بالخيريّة، و لا من عمل تابعيهم من الأئمّة المجتهدين، كأبي حنيفة و مالك و الشّافعي و أحمد ( رضي الله عنهم جميعًا )، إنّما هو من عمل أهل الكلام ، و من سار على نهجهم . و الأصل في الأسماء و الصّفات إثباتها لِلّه وحده على الوجه اللّائق به سُبحانه ، من غير تحريف و لا تعطيل و لا تكييف و لا تمثيل و لا تفويض ، عملا بقوله عزّ و جلّ : ( لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) ( الشّورى / 11 ) ، كما قرّره غير واحد من علماء السُّنّة الأثبات . وقد جعل بعض أهل العلم التّوحيد نوعين ؛ و أدخل توحيد الأسماء و الصّفات في توحيد الرُّبوبية، و لا مُشاحة في ذلك ، لأنّ المقصود واضح من ذلك . و الله أعلى وأعلم .
4 ـ رواه أحمد و أبو داود والتّرمذي و ابن ماجة و صحّحه ابن حبّان و الحاكم .
5 ـ رواه مالك و أحمد و أبو داود و النّسائي و التّرمذي و البيهقيو الدّارمي و الدّارقطني و اللّفظ له ، و صحّحه العلّامة الألباني في صحيح التّرمذي ( 583 ) ( عن حفصة أمّ المُؤمنين رضي الله عنها ) . و قد وقع خلاف بين أهل العلم في مسألة : هل يجب أن تعزم نيّة الصّوم الصّيامَ قبل طلوع الفجر؟ ... فذهب الجمهور و منهم الشّافعي و أحمد و إسحاق بن راهويه ، و غيرهم ، إلى أنّه يجب على الصّائم أن ينوي الصّوم قبل الفجر ، ولا يصحّ له الصّوم بنيّة من النّهار ، هذا في صوم الفريضة ( الواجب ) ؛ عملا بعُموم حديث أمّ المُؤمنين حفصة ( رضي الله عنها ) ، أنّ النّبيّ ( صلّى الله عليه و سلّم) قال : ( من لم يُبيّت الصّيام قبل الفجر فلا صيام له ) ، الّذي رواه الخمسة وغيرهم . أما في النّفل منه ، فلا يَشترط ذلك ، و لا بأس أن ينوي من النّهار ، و ذلك عملا بخصوص حديث أمّ المُؤمنين عائشة ( رضي الله عنها ) قالت : دخل عليّ النّبيّ ( صلّى الله عليه و سلّم ) ذات يوم، فقال : ( هل عندكم شيءٌ ؟ . فقُلنا : لا ؛ قال : ( فإنّي إذاً صائم ) ، ثمّ أتانا يوما آخر ، فقُلنا : يا رسول الله ( صلّى الله عليه و سلّم ) : أُهدي لنا حيسٌ ، فقال : ( أرينيه ، فلقد أصبحت صائما ، فأكل .) رواه مُسلم . و وجه الدّلالة منه ؛ قوله ( صلّى الله عليه و سلّم ) : ( فإنّي إذاً صائم ) . و ذهب مالك و المُزني من أصحاب الشّافعي و داوود و ابن حزم الظّاهريان و الشّوكاني من المُتأخّرين ، وغيرهم ، أنّه يجب تبييت النّيّة من اللّيل قبل الفجر، في صيام الفرض أو النّفل؛ عملا بجمع الرّوايات الحديثيّة الصّحيحة ؛ فقد جاء في رواية أخرى لحديث عائشة (رضي الله عنها ) ، عند مُسلم : ( قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ذَاتَ يَوْمٍ يَاعَائِشَةُ : ( هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ ؟ . قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ( صلّى الله عليه و سلّم ) مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ ، قَالَ : فَإِنِّي صَائِمٌ ، قَالَتْ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ) ، فَأُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ ، أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ ، قَالَتْ : فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ) أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ ، أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ ، وَقَدْ خَبَأْتُ لَكَ شَيْئًا ، قَالَ : مَا هُوَ ؟ قُلْتُ: حَيْسٌ ، قَالَ : هَاتِيهِ ، فَجِئْتُ بِهِ ، فَأَكَلَ ، ثُمَّ قَالَ : قَدْ كُنْتُ أَصْبَحْتُ صَائِمًا . و في رواية للنّسائي :( فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ) :دَخَلْتَ عَلَيَّ وَ أَنْتَ صَائِمٌ ، ثُمَّ أَكَلْتَ حَيْسًا ! قَالَ : نَعَمْ يَا عَائِشَةُ ، إِنَّمَا مَنْزِلَةُ مَنْ صَامَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ ، أَوْغَيْرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ ، أَوْ فِي التَّطَوُّعِ ، بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَخْرَجَ صَدَقَةَ مَالِهِ فَجَادَ مِنْهَا بِمَا شَاءَ فَأَمْضَاهُ ، وَبَخِلَ مِنْهَا بِمَا بَقِيَ فَأَمْسَكَهُ .) . فقوله ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ) ( كُنت قد أصبحت صائما ) ، أو ( فلقد أصبحت صائما ) يدلّ على أن معنى قوله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ) الّذي جاء عند مُسلم في الرّواية الأُولى ( فإنّي إذا صائم ) أنّه مُستمر في نيّة الصّوم الّتي بيّتها من اللّيل . و رُدّعليهم في هذه ، أنّ حرف ( إذاً ) من حُروف الاستقبال ، فظاهره أنّه ( صلّى الله عليه و سلّم ) أقام نيّة الصّوم من حين سُؤاله لعائشة ( رضي الله عنها ) . و الله أعلى و أعلم . و ذهب الأحناف إلى أنّ صوم الفريضة يصحّ بنيّة مُطلقة من بعد غُروب الشّمس إلى مُنتصف النّهار ، و أنّ صوم النّافلة لا يجب فيه تبييت النّيّة من اللّيل . و ذهب عطاء بن أبي رباح و مُجاهد بن جبر من التّابعين ، و زُفر بن الهُذيل من أصحاب أبي حنيفة ، إلى أنّ صوم رمضان في حقّ المُقيم جائز بدون نيّة ، و في النّفل من باب أولى . و الله أعلى و أعلم.


و كتب أبو مُحمّد سعيد هرماس








 


رد مع اقتباس
قديم 2016-10-21, 16:25   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبد العزيز 07
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية عبد العزيز 07
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2016-10-22, 20:06   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
قاصِرَةُ الطّرْف
مشرف قسم التجويد
 
الصورة الرمزية قاصِرَةُ الطّرْف
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
نفع الله بكم









رد مع اقتباس
قديم 2016-10-22, 21:50   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك وأحسن إليك










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:59

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc