بالرغم من أن جميع قصص المعاكسات هي لُعبة في الأصل.. إلا أن هناك حيلاً وألاعيب يتعجّب الإنسان كيف تمُرّ على ذي عقل وفطنة؟!.. ولكنها على كل حال تقع، ولا يشعر بها المرء إلا وقد وقعت.
وإن قلنا بعبارة أصح وبوضوح أكثر، فإن هناك مؤامرات تجري على بعض الفتيات من خلال محاولة صاحب هذه المؤامرة زخرفتها بأسماء برّاقة، ومعان أخّاذة تنطلي على الفتاة بسرعة، دون أن تشعر بها..
والذي جعلنا نطلق عليها اسم (اللعبة) بالذات، لأنها حقيقة تختلف عن غيرها، وذلك لصعوبتها وجرأة فاعلها..
فإن بعض الشباب المعاكس ـ هداهم الله إلى ما فيه رضاه ـ لم يكتفِ بالعلاقات التي يقيمها مع بعض الفتيات المنحرفات الساقطات، اللاتي اتخذن هذا الفساد عادة.. بل إنه يذهب إلى فتاة أو امرأة مسكينة لا تعرف المعاكسات فيتسبّب في ضياعها وضياع دينها ومستقبلها من خلال لعبة دنيئة، وهي: عرضُه الزواج منها، ولكن بصورة مختلفة هذه المرَّة..
وكيف ذاك؟..
الذي يحدث ـ ومع الأسف ـ الشديد عند بعض الأسر المتساهلة:
إذا تقدم رجل لخطبة ابنتهم فإنهم يسمحون لها أن تخرج معه في فترة الخطوبة، فيذهب بها يمنة ويسرة بحجة أنه يريد التعرّف على أخلاقها.
(والخطبة وعد بالزواج وليست زواجاً)، وهذا فعل قبيح، وعمل باطل لا يجوز شرعاً، وينافي الأخلاق الطيبة والصفات الحميدة التي يتمتع بها المسلم الغيور على دينه وعرضه.. لأنه لو حدث واعتدى ذلك الرجل على هذه الفتاة فإنه يسهل له التخلي عنها وتركها دون الالتفات إليها، لأنه لا شيء يربطه بها، فهي امرأة غريبة عنه كغيرها من النساء، وليست زوجة.
ولذا فإن بعض الشباب يجد له مدخلاً في ذلك.. فإذا أراد امرأة بسوء وقد بيّت النية السيئة لها فإنه يقوم بخطبتها وكأنه يريد الزواج منها، وفي فترة الخطوبة والذهاب والإياب معها والتساهل من جانب الأهل يأخذ منها أعزّ ما تملك، ثم يُولي مدبراً عنها، تاركاً لها الحسرة والندم، ولعل سائلاً يسأل: وهل يُعقل أن يحدث مثل هذا؟.
نقول: نعم..
تعدو الذئاب على من لا كلاب له ** وتتقي مربض المستنــفر الحامي
وتأمّل ذلك جيداً..
تقول إحدى الضحايا: "أنا فتاة أبلغ من العمر التاسعة عشرة، في السنة الأولى من الجامعة، اعتدت أن أراه عند ذهابي وعند عودتي من الجامعة، في كل مرة يبادلني التحية، وتصادف أن التقينا في مكان عام، فتقدم إليّ وتعاهدنا على الزواج، ثم تقدم لخطبتي.
وعشت أياماً سعيدة، وفي ذات يوم حدث بيني وبينه لقاء فقدت فيه عذريتي، ووعدني أن يسرع بالزواج، وبعد عدة شهور من لقائنا اختفى من حياتي، وأرسل والدته لتنهي الخطوبة، ولتنهي معها حياتي كلها، فالحزن لا يفارق عيني، أعيش في سجن مظلم مليء بالحسرة والتأوه والأسى.
لا تقولوا: إن الأيام كفيلة بأن تداويني بنعمة النسيان، فكيف أنسى ما أصابني من الذي أعطيته كل شيء، وجعلني لا أساوي شيئاً؟؟!" اهـ.
هذه الحكاية المؤلمة أتوجّه بها إلى كل فتاة حتى تعرف حقيقة ندندن عليها دائماً، وهي: أنه من تعرّف على امرأة قبل الزواج، إما أن تكون هذه عاقبتها، أو على الأقل لن يرضى أن يرتبط بها كزوجة.
وأتوجّه بها إلى المتساهلين الذين فقدوا درجة عالية من الغيرة، فلا يعلمون أين تذهب بناتهم! ولا يتفقدونهن مهما طال غيابهن!.
وأيضاً أتوجه بهذه القصة إلى دعاة الاختلاط، فإنهم كانوا شركاء في وقوع هذه الفتاة ضحية للعبة دنيئة، بل ليست هذه الفتاة فقط، وإنما غيرها كثير.. {فويلٌ لهم مما كتبت أيديهم وويلٌ لهم مما يكسبون}.
لاترجُـوَنّ من الأنكاس مكرمةً ** إن المكــارم لا تـأتي لمرتعدِ
تمضي الفضيلة لا شهمٌ يناصرها ** ولِلْخَنا ألـف صمـام ومُنجرد
وللمـآثم أبـوابٌ مفتحــةٌ ** وشرّها خُلوةُ الشبـان بالخُـرُدِ