شرح متن الأصول الثلاثة ... - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتب و المتون العلمية و شروحها ..

قسم الكتب و المتون العلمية و شروحها .. يعنى بجميع المتون من نظم و قصائد و نثر و كذا الكتب و شروحاتها في جميع الفنون على منهج أهل السنة و الجماعة ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شرح متن الأصول الثلاثة ...

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-11-19, 11:07   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 شرح متن الأصول الثلاثة ...

شرح متن الأصول الثلاثة
لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفضه الله.
المتن

https://djelfa.info/vb/showthread.php?t=70766

الشرح


قوله : اعلم : كلمة تشير إلى الاهتمام بالموضوع فإذا قال اعلم : فمعناه أن الأمر الذي سيلقيه عليك أمر مهم ، فهذه الكلمة تدل على أهمية الموضوع التي يبدأ بها فيه .

ومعنى اعلم : فعل أمر من العلم ، أي تعلم ، والعلم : هو إدراك الشيء على ما هو عليه في الواقع أو تصور الشيء على طبق الواقع .

وإدراك الشيء على خلاف ما هو عليه في الواقع أو تصور الشيء على خلاف الواقع فهو الجهل وهو ضد العلم .

قوله : رحمك الله : هذا دعاء لطالب العلم ، فالشيخ يدعو لطلبة العلم بأن يرحمهم الله ، وأن يلقي عليهم رحمته - سبحانه وتعالى - فهذا فيه التلطف من المعلم بالمتعلم ، وأنه يبدأ بالكلام الطيب والدعاء الصالح حتى يؤثر ذلك فيه ، ويقبل على معلمه .

أما إذا بدأ المعلم بالكلام القاسي والكلام غير المناسب فإن هذا يُنفره ، فالواجب على المعلم وعلى من يدعو إلى الله ، وعلى من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر التلطف بمن يخاطبه بالدعاء والثناء عليه والكلام اللين فإن هذا أدعى للقبول .

أما المعاند والمكابر فهذا له خطاب آخر قال الله سبحانه : وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ .

فالذين ظلموا من أهل الكتاب وعاندوا وكابروا هؤلاء لا يخاطبون بالتي هي أحسن بل يخاطبون بما يردعهم ، قال تعالى : يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ، المنافقون لا يجاهدون بالسلاح ، وإنما يجاهدون بالحجة والكلام والرد عليهم بالغلظة ردعا لهم وتنفيرا للناس عنهم ، وقال تعالى فيهم : وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ، هؤلاء لهم خطاب خاص ؛ لأنهم أهل عناد ومكابرة ولا يريدون الحق بل يريدون تضليل الناس فهؤلاء يخاطبون بما يليق بهم .

أما الطالب المسترشد فهذا يخاطب بالرفق والرحمة واللطف ؛ لأنه يريد الحق ويريد العلم والفائدة .

قوله : اعلم رحمك الله : دعاء لك بالرحمة ، فإذا رحمك الله فإنك تكون سعيدا بها في الدنيا والآخرة . إذا دخلت في رحمة الله ، وهذا دعاء ومن عالم جليل ورجل صالح يرجى له القبول إن شاء الله .

قوله : يجب : الواجب : هو ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه ، والمستحب : هو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه ، والمباح : لا ثواب في فعله ولا عقاب في تركه .

فقوله : يجب : يعني أن هذا الأمر ليس من المستحب ، ولا من المباح بل هو من الواجب العيني .

فإذا تركنا تعلم هذه المسائل فإننا نأثم لأن هذا شأن الواجب ، لم يقل يستحب لنا أو يستحسن لنا بل قال يجب علينا وجوبا ، والوجوب معناه الحتم ، من تركه يأثم ، ولأن العلم لا يحصل عليه إلا بالتعلم ، والتعلم يحتاج إلى عناية وجهد ووقت ، ويحتاج إلى فهم وإلى حضور قلب ، هذا هو التعلم .

قوله : أربع مسائل : يعني مباحث ، سميت مسائل لأنها يجب أن يُسأل عنها وأن يُعنى بها .
قوله : العلم : المراد بالعلم هنا هو العلم الشرعي ؛ لأنه هو الذي يجب تعلمه ، وهذه المسائل يجب تعلمها على كل مسلم من ذكر أو أنثى أو حر أو عبد أو غني أو فقير أو ملك أو صعلوك ، كل مسلم يجب عليه أن يتعلم هذه المسائل الأربع .

وهذا ما يسميه العلماء بالواجب العيني ، وهو الذي يجب على كل أحد من المسلمين ، فالصلوات الخمس على الرجال والنساء ، وصلاة الجماعة في المساجد على الرجال هذا واجب على كل فرد من المسلمين أن يتعلمها ؛ ولذلك قال : يجب علينا ، ولم يقل : يجب على بعضنا ، وإنما قال : يجب علينا ، يعني معشر المسلمين ، فهذا من العلم الذي يجب تعلمه على الأعيان ؛ لأن العلم على قسمين :

الأول : ما يجب تعلمه على الأعيان ، فلا يعذر أحد بجهله وهو ما لا يستقيم الدين إلا به ، مثل أركان الإسلام الخمسة التي هي : الشهادتان ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج بيت الله الحرام ، لا يجوز لمسلم أن يجهلها بل لا بد أن يتعلمها .

لأن تعلم معنى الشهادتين إنما هو تعلم العقيدة ، يتعلم المسلم العقيدة من أجل العمل بها ، ويتعلم ما يضادها من أجل أن يتجنبه ، هذا مضمون الشهادتين ، كذلك يتعلم أركان الصلاة وشروط الصلاة ، وواجبات الصلاة ، وسنن الصلاة ، يتعلم بالتفصيل هذه الأمور ، ليس مجرد أنه يصلي وهو لا يعرف أحكام الصلاة . كيف يعمل الإنسان عملا وهو لا يعلم هذا العمل الذي يؤديه ؟ كيف يؤدي الصلاة وهو جاهل بأحكامها ؟ فلا بد أن يتعلم أحكام الصلاة ، ومبطلات الصلاة ، لا بد من تعلم هذا .

كذلك يتعلم أحكام الزكاة ، ويتعلم أحكام الصيام ، ويتعلم أحكام الحج ، فإذا أراد أن يحج وَجَبَ عليه تعلم أحكام الحج وأحكام العمرة ، من أجل أن يؤدي هذه العبادات على الوجه المشروع .

وهذا القسم لا يعذر أحد بجهله ، وهو ما يسمى بالواجب العيني على كل مسلم .

القسم الثاني من أقسام العلم : فهو ما زاد عن ذلك من الأحكام الشرعية التي تحتاجها الأمة بمجموعها وقد لا يحتاجه كل أحد بعينه مثل أحكام البيع وأحكام المعاملات ، وأحكام الأوقاف والمواريث والوصايا ، وأحكام الأنكحة ، وأحكام الجنايات ، هذه لا بد منها للأمة ، لكن لا يجب على كل فرد من الأمة أن يتعلمها بل إذا تعلمها من يحصل به المقصود من العلماء كفى هذا ؛ ليقوموا بحاجة المسلمين من قضاء وإفتاء وتعليم وغير ذلك ، هذا يسمى واجب الكفاية الذي إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين ، وإذا تركه الجميع أثموا جميعا .

لا بد للأمة من أناس يتعلمون هذا القسم لأنهم بحاجة إليه ؛ لكن ما يقال لكل واحد : يجب عليك أن تتفقه في هذه الأبواب ؛ لأنه قد لا يتأتى هذا لكل أحد ، وإنما يختص هذا بأهل القدرة وأهل الاستطاعة من الأمة ، ولأنه إذا تعلم هذا بعضُ الأمة قام بالواجب ، بخلاف القسم الأول فكل واحد مسؤول عنه في نفسه ، لأنه لا يمكن أن يعمل هذه الأعمال إلا عن علم ، ولهذا قال الشيخ : يجب علينا ، ولم يقل : يجب على المسلمين ، أو يجب على بعضهم ، بل قال : يجب علينا ، أي على كل واحد منا وجوبا عينيا .

ولنعلم أيضا قبل الدخول في المسائل أن المراد بالعلم الذي يجب على الأمة إما وجوبا عينيا أو كفائيا أنه العلم الشرعي الذي جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - .

أما العلم الدنيوي كعلم الصناعات والحِرَف والحساب والرياضيات والهندسة ، فهذا العلم مباح يباح تعلمه وقد يجب إذا احتاجت الأمة إليه ، يجب على من يستطيع لكن ليس هو العلم المقصود في القرآن والسنة والذي أثنى الله تعالى على أهله ومدحهم والذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - : العلماء ورثة الأنبياء المراد العلم الشرعي .

وأما العلم الدنيوي فمن جهله فلا إثم عليه ، ومن تعلمه فهو مباح له ، وإذا نفع به الأمة فهو مأجور عليه ومثاب عليه ، ولو مات الإنسان وهو يجهل هذا العلم لم يؤاخذ عليه يوم القيامة لكن من مات وهو يجهل العلم الشرعي خصوصا العلم الضروري فإنه يسأل عنه يوم القيامة ، لِمَ لَمْ تتعلم ؟ لماذا لَمْ تسأل ؟ الذي يقول إذا وضع في قبره : ربي الله والإسلام ديني ونبيي محمد - صلى الله عليه وسلم - هذا ينجو ، يقال له : من أين حصَّلت هذا ؟ يقول : قرأت كتاب الله وتعلمته .

أما الذي أعرض عن ذلك فإنه إذا سئل في قبره فإنه يقول : هاه هاه لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته ، فهذا يؤجج عليه قبره نارا - والعياذ بالله - ويضيق عليه فيه حتى تختلف أضلاعه ، ويصبح في حفرة من حفر النار ؛ لأنه ما درى ولا تلا فيقال له : لا دريت ولا تليت [ أو لا تلوت ] فهو لم يتعلم ولم يَقْتَدِ بأهل العلم ، وإنما هو ضائع في حياته ، فهذا الذي يؤول إلى الشقاء والعياذ بالله .

فقوله : العلم : هذا هو العلم الشرعي المطلوب منا جماعة وأفرادا ، وهو معرفة الله بأسمائه وصفاته ، ومعرفة حقه علينا وهو عبادته وحده لا شريك له ، فأولُ ما يجب على العبد هو معرفةُ ربه - عز وجل - وكيف يعبده .

يتبع









 


رد مع اقتباس
قديم 2008-11-19, 13:08   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
سعدالله محمد
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية سعدالله محمد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله عنا كل خير










رد مع اقتباس
قديم 2008-11-22, 09:08   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


قوله : وهو معرفة الله : كيف يعرف العبد ربه ؟ يعرفه بآياته ومخلوقاته فمن آياته الليل والنهار ، ومن مخلوقاته الشمس والقمر ، كما يأتي بيان هذا إن شاء الله .

يعرف الله بآياته الكونية وآياته القرآنية . إذا قرأ القرآن ، عرف الله - سبحانه وتعالى - أنه هو الذي خلق السماوات والأرض ، وأنه هو الذي سخر ما في السماوات والأرض ، وأنه هو الذي يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، وأنه الرحمن الرحيم . فالقرآن يعرف بالله - عز وجل - وأنه هو الذي أنعم علينا بجميع النعم ، وأنه هو الذي خلقنا ورزقنا ، فإذا قرأت القرآن عرفت ربك - سبحانه وتعالى - بأسمائه وصفاته وأفعاله .

وإذا نظرت في الكون عرفت ربك - سبحانه وتعالى - أنه هو الذي خلق هذا الخلق ، وسخر هذا الكون وأجراه بحكمته وعلمه - سبحانه وتعالى - هذا هو العلم بالله - عز وجل - .

قوله : ومعرفة نبيه : هو محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه هو المبلغ عن الله - عز وجل - وهو الواسطة بيننا وبين الله - عز وجل - في تبليغ الرسالة ، لا بد أن تعرفه ، تعرف من هو ؟ وتعرف نسبه وتعرف بلده ، وتعرف ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - تعرف كيف بدأه الوحي ؟ وكيف قام بالدعوة إلى الله - عز وجل - في مكة والمدينة ، تعرف سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو باختصار .

الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف إلى آخر النسب النبوي الذي ينتهي إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وتعرف كيف عاش قبل البعثة ، وكيف جاء الوحي من الله - عز وجل - وماذا عمل - عليه الصلاة والسلام - بعد بعثته ، تعرف ذلك بدراسة سيرته - صلى الله عليه وسلم - ولا يليق بالمسلم أن يجهل الرسول - صلى الله عليه وسلم - كيف تتبع شخصا وأنت لا تعرفه ؟ ! هذا غير معقول .
قوله : معرفة دين الإسلام : الذي هو دين هذا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل هو دين الله - عز وجل - الذي أمر به عباده ، والذي أمرك باتباعه وأنت مطالب به لا بد أن تعرف هذا الدين والإسلام هو دين جميع الرسل ، كل الرسل دينهم الإسلام بالمعنى العام ، فكل من اتبع رسولا من الرسل فهو مسلم لله - عز وجل - منقاد له ، موحد له ، هذا الإسلام بمعناه العام ، إنه دين الرسل جميعا ، فالإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك وأهله .

أما الإسلام بمعناه الخاص فهو الذي بعث الله به نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - لأنه بعد بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا دين إلا دينه - عليه الصلاة والسلام - والإسلام انحصر في اتباعه - صلى الله عليه وسلم - فلا يمكن لليهودي أن يقول : أنا مسلم ، أو النصراني يقول : أنا مسلم ، بعد بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يتبعه ، فالإسلام بعد بعثة النبي هو اتباعه - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ هذا هو الإسلام بمعناه العام وبمعناه الخاص .

قوله : بالأدلة : لا بالتقليد وإنما بالأدلة من القرآن ومن السنة هذا هو العلم .

قال ابن القيم في الكافية الشافية :

العلــــم قــال اللــه قـال رســوله قــال الصحابـة هـم أولـو العرفـان
مـا العلم نصبك للخلاف سفاهة بيـــن النصــوص وبيـن رأي فلان

هذا هو العلم ، العلم هو علم الكتاب والسنة ، أما أقوال العلماء فهي تشرح وتوضح فقط كلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - وقد يكون فيها أو في بعضهما خطأ ، والأدلة ليست كلام العلماء إنما الأدلة هي الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، وأما كلام العلماء فهو شارح وموضح ومبين لذلك لا أنه دليل في نفسه .

هذه هي المسألة الأولى وهي الأساس ، بدأ بها الشيخ - رحمه الله - لأنها هي الأساس وإنما يُبدأ بالعقيدة وبالأساس بالتعلم والتعليم والدعوة إلى الله - عز وجل - يبدأ بالعقيدة لأنها هي الأصل وهي الأساس .


يتبع










رد مع اقتباس
قديم 2008-11-24, 14:13   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


قوله : العمل به : أي بالعلم لأنه لا يكفي أن الإنسان يعلم ويتعلم بل لا بد أن يعمل بعلمه ، فالعلم بدون عمل إنما هو حجة على الإنسان ، فلا يكون العلم نافعا إلا بالعمل ، أما من عَلِمَ ولم يعمل فهذا مغضوب عليه ؛ لأنه عرف الحق وتركه على بصيرة .

والناظم يقول :

وعــالم بعلمـه لـم يعملـن معذب من قبل عباد الوثن
وهذا مذكور في الحديث الشريف : إن من أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ، عالم لم يعمل بعلمه العلم مقرون بالعمل ، والعمل هو ثمرة العلم ، فعلم بلا عمل كشجرة بلا ثمر ، لا فائدة فيها ، والعلم إنما أنزل من أجل العمل .

كما أن العمل بدون علم يكون وبالا وضلالا على صاحبه ، إذا كان الإنسان يعمل بدون علم فإن عمله وبال وتعب على صاحبه ، قال - صلى الله عليه وسلم - : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد .

ولهذا نقرأ في الفاتحة في كل ركعة اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ . فسمى الله الذين يعملون بدون علم الضالين ، والذين يعلمون ولا يعملون بالمغضوب عليهم ، فلنتنبه لذلك فإنه مهم جدا

قوله : الدعوة إليه ، أي لا يكفي أن يتعلم الإنسان ويعمل في نفسه ، ولا يدعو إلى الله - عز وجل - بل لا بد أن يدعو غيره فيكون نافعا لنفسه ونافعا لغيره ، ولأن هذا العلم أمانة ، ليس بملك لك تختزنه وتحرم الناس منه ، والناس بحاجة إليه ، فالواجب عليك التبليغ والبيان ودعوة الناس إلى الخير ، هذا العلم الذي حملك الله إياه ليس وقفا عليك ؛ وإنما هو لك ولغيرك ، فلا تحتكره على نفسك وتمنع الناس من الانتفاع به ، بل لا بد من تبليغه ولا بد من بيانه للناس ، قال تعالى : وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ .

هذا ميثاق أخذه الله على العلماء أن يبينوا للناس ما علمهم الله من أجل أن ينشروا الخير ، ويخرجوا الناس من الظلمات إلى النور ، وهذا عمل الرسل - عليهم الصلاة والسلام - ومن اتبعهم ، قال تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ هذه طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وطريقة أتباعه ، العلم والعمل والدعوة إلى الله - عز وجل - فمن لم يدع وهو قادر على الدعوة وعنده وكتمه ، فإنه يلجم بلجام من نار يوم القيامة كما في الحديث .


قوله : الصبر على الأذى فيه : معلوم أن من دعا الناس وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فإنه سيتعرض للأذى من الأشرار ؛ لأن كثيرا من الناس لا يريدون الخير بل يريدون الشهوات والمحرمات والأهواء الباطلة ، فإذا جاء من يدعوهم إلى الله ويردهم عن شهواتهم فلا بد أن يكون منهم رد فعل بالقول أو بالفعل فالواجب على من يدعو إلى الله ويريد وجه الله أن يصبر على الأذى وأن يستمر في الدعوة إلى الله ، وقدوته في ذلك الرسل - عليهم الصلاة والسلام - وخيرتهم وخاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم - .

ماذا لقي من الناس ؟ وكم لقي من الأذى بالقول والفعل ؟ قالوا : ساحر وكذاب ، وقالوا : مجنون ، وقالوا فيه من الأقوال التي ذكرها الله - عز وجل - في القرآن ، وتناولوه بالأذى ، قذفوه بالحجارة حتى أدموا عقبه - صلى الله عليه وسلم - لما دعاهم إلى الله - عز وجل - وألقوا سلا جزور على ظهره وهو ساجد عند الكعبة ، وتوعدوه بالقتل وهددوه ، وفي غزوة أحد جرى عليه وعلى أصحابه ما جرى ، عليه الصلاة والسلام ، كسروا رباعيته وشجوه في رأسه - صلى الله عليه وسلم - وقع في حفرة ، وهو نبي الله ، كل هذا أذى في الدعوة إلى الله - عز وجل - لكنه صبر وتحمل وهو أفضل الخلق - عليه الصلاة والسلام - فلا بد للذي يقوم بهذه الدعوة أن يتعرض للأذى على حسب إيمانه ودعوته ؛ ولكن عليه أن يصبر ، ما دام أنه على حق فإنه يصبر ويتحمل فهو في سبيل الله وما يناله من الأذى فهو في كفة حسناته أجر من الله - سبحانه وتعالى - .

يتبع










رد مع اقتباس
قديم 2008-11-24, 14:34   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
جويرية
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم ربي كل خير اخي على الموضوع القيم

ولو اني ما اطلعت عليه كله

ولكن عندي فكرة لماذا لا يكون حفظ هذه المتون وتكون في موضوع شبيه بموضوع اخينا ابو مسلم حفظ الاربعين النووية

والله اعلم

ووفقكم الله لما فيه خيري الدارين










رد مع اقتباس
قديم 2008-11-25, 10:26   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جويرية مشاهدة المشاركة
جزاكم ربي كل خير اخي على الموضوع القيم

ولو اني ما اطلعت عليه كله

ولكن عندي فكرة لماذا لا يكون حفظ هذه المتون وتكون في موضوع شبيه بموضوع اخينا ابو مسلم حفظ الاربعين النووية

والله اعلم

ووفقكم الله لما فيه خيري الدارين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك الأخت جويرية على هذا الإقتراح بالنسبة لمتن الأصول الثلاثة كنت قد وضعت له موضوع فى هذا القسم

أما بالنسبة للحفظ فأرى أن تفتحى أنت موضوعا لحفظ هذا المتن وضعى لنا طريقة لحفظه وماعلينا إلا أن ننظم لحفظه
والله الموفق.









رد مع اقتباس
قديم 2008-12-12, 08:10   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
جويرية
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليتيم شافعى مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك الأخت جويرية على هذا الإقتراح بالنسبة لمتن الأصول الثلاثة كنت قد وضعت له موضوع فى هذا القسم

أما بالنسبة للحفظ فأرى أن تفتحى أنت موضوعا لحفظ هذا المتن وضعى لنا طريقة لحفظه وماعلينا إلا أن ننظم لحفظه
والله الموفق.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته



اعتذر ما رديت سابقا لا ني لم اكن اضمن دوام اتصالي على المنتدى واظن قد تم تعيين اختنا الماسة لعلها هي من سيتكفل بالامر والله اعلم

ولا حرمكم ربي الاجر والثواب









رد مع اقتباس
قديم 2008-11-25, 10:45   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


هذه المسائل الأربع يجب أن تتعلمها بالتفصيل ، هل من دليل على ما قاله الشيخ ؟ إن هذه المسائل الأربع يجب علينا تعلمها ، وهو وعدنا أنه لا يقول شيئا إلا بدليل ، فأين الدليل ؟ قال : الدليل على ذلك قوله تعالى : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ

هذه هي المسألة الأولى : العلم ، لأن الإيمان لا يكون إلا بعلم وهو معرفة الله - عز وجل - ومعرفة نبيه ، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة .

المسألة الثانية : وعملوا الصالحات ، هذا العمل بالعلم .

المسألة الثالثة : وتواصوا بالحق ، فهذه الدعوة إلى العلم والعمل .

المسألة الرابعة : وتواصوا بالصبر على الأذى في سبيل الدعوة إلى العلم والعمل .

فقوله سبحانه : ( والعصر ) .

الواو : واو القسم ، والعصر اسم مقسم به مجرور وعلامة جره الكسرة والمراد به الوقت والزمان .

أقسم الله - تعالى - بالزمان والوقت وهو مخلوق ، والله - جل وعلا - يقسم بما شاء من الخلق ، والمخلوق لا يقسم إلا بالله ، والله لا يقسم إلا بشيء له أهمية ، وفيه آية من آياته - سبحانه وتعالى - فهذا الزمان فيه عبرة وله أهمية ، ولذلك أقسم الله بالعصر ، وبالليل إذا يغشى ، وأقسم بالضحى .

أما المخلوق فإنه لا يقسم إلا بالله ، ولا يجوز لنا أن نحلف بغير الله ، قال - صلى الله عليه وسلم - : من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك وقال : من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت .

فالله يقسم بما شاء ولا يقسم إلا بما له أهمية وفيه عبرة ، ما هي العبرة في هذا الزمان ؟ العبر عظيمة تعاقب الليل والنهار ، وتقارضهما ، هذا يأخذ من هذا ، وهذا يأخذ من هذا ، يطول هذا ، ويقصر هذا ، تعاقبهما على هذا النظام العجيب الذي لا يتخلف ولا يتغير .

هذا دليل على قدرة الله - سبحانه وتعالى - ثم ما يجري في هذا الوقت من الحوادث والكوارث ومن المصائب ومن النعم ومن الخيرات ، ما يجري في هذا الوقت هذا من العبر ، وكذلك فإن الليل والنهار مجال للعمل الصالح قال تعالى : وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً أي يتعاقبان يخلف هذا هذا لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا وفي بعض القراءات : ( لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ ) .

فالليل والنهار كسب عظيم لمن استغلهما في طاعة الله - عز وجل - ومجال العمل هو الليل والنهار ، ما عندك غير الليل والنهار ، هما مجال العمل والكسب الطيب للدنيا والآخرة ، في الليل والنهار عبر وفوائد لذلك أقسم الله بالعصر .

ما هو جواب القسم ؟ هو قوله : ( إن الإنسان لفي خسر ) الإنسان جميع بني آدم لم يستثن أحدا لا الملوك ولا الرؤساء ، ولا الأغنياء ، ولا الفقراء ، ولا الأحرار ، ولا العبيد ، ولا الذكور ولا الإناث . فـ " أل " في الإنسان للاستغراق ، كل بني آدم في خسر ؛ أي في خسارة وهلاك إذا ضيعوا هذا الوقت الثمين ، واستعملوه في معصية الله ، وفيما يضرهم .

وهذا الوقت الذي هو رخيص عند كثير من الناس يطول عليهم الوقت يملون ويقولون : نريد قتل الوقت ، يأتون بالملهيات ، أو يسافرون للخارج لقضاء العطلة والوقت ، أو يضحكون ويمزحون لقطع الوقت ، فهؤلاء الذين قطعوه وضيعوه سيكون خسارة وندامة عليهم يوم القيامة ، وهو مصدر سعادتهم لو حافظوا عليه .

فجميع بني آدم في خسارة وهلاك إلا من اتصف بأربع صفات هي : العلم ، والعمل ، والدعوة إلى الله ، والصبر على الأذى .

فمن اتصف بهذه الصفات الأربع نجى من هذه الخسارة .

ولا يمكن الإيمان بالله إلا بالعلم الذي هو معرفة الله.

وعملوا الصالحات : أي عملوا الأعمال الصالحة من واجبات ومستحبات ، فاستغلوا وقتهم بعمل الصالحات بما يفيدهم في دينهم ودنياهم، حتى العمل للدنيا فيه خير وفيه أجر إذا قصد به الاستعانة على الطاعة ، فكيف بالعمل للآخرة ، المهم أنك لا تضيع الوقت بل تستعمله في شيء يفيدك وينفعك .

وتواصوا بالحق : أمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، ودعوا إلى الله - عز وجل - وعلموا العلم النافع ، ونشروا العلم والخير في الناس أصبحوا دعاة إلى الله - عز وجل - .

وتواصوا بالصبر : صبروا على ما ينالهم ، والصبر في اللغة : الحبس ، والمراد به هنا : حبس النفس على طاعة الله ، وهو ثلاثة أنواع :

الأول : صبر على طاعة الله .

الثاني : صبر عن محارم الله .

الثالث : صبر على أقدار الله .

فالأول : صبر على طاعة الله ، لأن النفس تريد الكسل وتريد الراحة ، فلا بد أن يصبرها الإنسان على الطاعة وعلى الصلاة وعلى الصيام وعلى الجهاد في سبيل الله وإن كانت تكره هذه الأمور ، يصبرها ويحبسها على طاعة الله .

والثاني : صبر على محارم الله ، النفس تريد المحرمات والشهوات ، تميل إليها وتنزع إليها ، فلا بد أن يربطها ويحبسها عن المحرمات ، وهذا يحتاج إلى صبر ، وليس من السهل منع النفس عن الشهوات المحرمة ، من ليس عنده صبر فإن نفسه تتغلب عليه وتجنح إلى المحرمات .

الثالث : الصبر على أقدار الله المؤلمة : المصائب التي تصيب الإنسان من موت قريب ، أو ضياع مال ، أو مرض يصيب الإنسان ، لا بد أن يصبر على قضاء الله وقدره لا يجزع ولا يتسخط بل يحبس اللسان عن النياحة والتسخط ويحبس النفس عن الجزع ، ويحبس الجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب . هذا هو الصبر على المصائب .

أما المعائب فلا يصبر عليها بل يتوب إلى الله وينفر منها ؛ ولكن عند المصائب التي لا دخل لك فيها ، بل هي من الله - عز وجل - قدرها عليك ابتلاء وامتحانًا أو عقوبة لك على ذنوب فعلتها ، كما في قوله تعالى : وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ .

فإذا حصلت للمسلم مصيبة في نفسه أو ماله أو ولده أو قريبه أو أحد إخوانه من المسلمين فعليه بالصبر والاحتساب قال تعالى : الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ هذا هو الصبر ، ومن ذلك الصبر على الأذى في الدعوة إلى الله - عز وجل - فإن هذا من المصائب فعليك أن تصبر على ما تلقى من الأذى في سبيل الخير ، ولا تنثني عن فعل الخير ؛ لأن بعض الناس يريد فعل الخير لكن إذا واجهه شيء يكرهه قال : ليس من الواجب علي أن أدخل نفسي في هذه الأمور ، ثم يترك التعليم إن كان معلمًا ، يترك الدعوة إلى الله ، يترك الخطابة إن كان خطيب مسجد ، يترك إمامة المسجد ، يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، هذا لم يصبر على ما ناله من الأذى .

وإذا كنت مخطئًا عليك بالرجوع إلى الحق والصواب ، أما إن كنت على حق ولم تخطئ فعليك بالصبر والاحتساب واستشعر أن هذا في سبيل الله - عز وجل - وأنك مأجور عليه ، وتذكر ما حصل للأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - من الأذى وكيف صبروا وجاهدوا في سبيل الله حتى نصرهم الله - عز وجل - .

يتبع










رد مع اقتباس
قديم 2008-11-30, 10:21   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


قوله : الشافعي : هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي نسبة إلى جده الرابع اسمه شافع ، وهو من قريش ، من بني المطلب ، توفي سنة 204هـ ، وهو أحد الأئمة الأربعة ، وقال هذه المقالة ؛ لأن الله بين في هذه السورة أسباب الشقاوة وأسباب السعادة .

فأسباب السعادة : أن يتصف الإنسان بهذه الصفات الأربع : العلم ، والعمل ، والدعوة ، والصبر على الأذى في سبيل الله تعالى ، فقامت الحجة من الله على خلقه بهذه السورة ، إن الله سبحانه يقول لهم أني قد بينت لكم أسباب السعادة في هذه السورة القصيرة المختصرة .

والقرآن كله والسنة هما تفاصيل لهذه المسائل الأربع ، لكن هذه السورة بينت أسباب السعادة مجملة ، فقامت بها الحجة على الخلق ، وبقية نصوص القرآن والسنة مفصِّلَة ومبينة لهذه المسائل الأربع ، وليس معنى كلام الشافعي أن هذه السورة تكفي الناس ، لو ما أنزل الله غيرها ؛ لكنها أقامت الحجة عليهم لأن الله بين فيها أسباب السعادة وأسباب الشقاوة ، فلا أحد يوم القيامة يقول : أنا لا أعرف أسباب السعادة ولا أعرف أسباب الشقاوة وهو يقرأ هذه السورة المختصرة الوجيزة .


[ 13 ] البخاري : هو الإمام محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري ، نسبة إلى بخارى بلدة في المشرق ، إمام أهل الحديث وجبل الحفظ - رحمه الله - صاحب الصحيح الذي هو أصح الكتب بعد كتاب الله .

قوله : العلم قبل القول والعمل ؛ لأن العمل لا ينفع إلا إذا كان مبنيا على علم ، أما العمل المبني على جهل فإنه لا ينفع صاحبه بل يكون وبالًا وضلالًا عليه يوم القيامة ، فلا بد أن يقدم تعلم العلم قبل العمل .

قوله : والدليل : أي على هذه الترجمة قوله تعالى : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ حيث بدأ بالعلم وقوله تعالى : وَاسْتَغْفِرْ هذا هو العمل فبدأ سبحانه بالعلم قبل العمل ؛ لأن العمل إذا كان على جهل فإنه لا ينفع صاحبه ، فيبدأ الإنسان بالعلم أولًا ثم يعمل بما علمه ، هذا هو الأساس .










رد مع اقتباس
قديم 2008-12-01, 08:32   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


قوله : اعلم : هذه الكلمة قلنا فيما سبق أنها كلمة يؤتى بها للاهتمام بما بعدها ومعناها : تعلم وافهم وتيقن .

قوله : رحمك الله : هذا دعاء لك بالرحمة ، وهذا أيضًا كما سبق في أن المعلم ينبغي أن يتلطف مع المتعلم ، وأن يدعو له ويرغبه فإن هذا من أعظم وسائل التعليم ، ولا ينبغي له أن يقابل المتعلم بالقسوة والشدة والغلظة ؛ لأن هذا ينفر عن العلم ، ثم هذا أيضًا يدل على النصح من الشيخ - رحمه الله - وأنه يريد النصيحة والمنفعة والتوجيه السديد .
قوله : أنه يجب: الوجوب معروف عند الأصوليين والواجب هو الشيء الذي لا بد منه ، وقد عرفه الأصوليون بأنه ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه ، وأصل الوجوب في اللغة : الثبوت والاستقرار يقال : وجب كذا أي ثبت واستقر قال تعالى في البدن : فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا أي سقطت على الأرض واستقرت ميتة بعد ذكائها فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا .

فقوله : يجب ، علينا يدل على أن الأمر ليس من باب الاستحباب ، من شاء فعل ومن شاء ترك ، بل الأمر من باب الإلزام من الله - سبحانه وتعالى - ليس هذا الإيجاب من قبل الشيخ ، وإنما هو من قبل الله - عز وجل - فيما أنزل في الكتاب والسنة من إلزام العباد بهذه المسائل .

قوله : يجب على كل مسلم ومسلمة : أي يجب على كل ذكر وأنثى من المسلمين سواء كانوا أحرارًا أو عبيدًا أو ذكورًا أو إناثًا ، لأن المرأة تشارك الرجل في كثير من الواجبات إلا ما خصه الدليل بالرجال ، فإنه يختص بهم مثل وجوب صلاة الجماعة في المساجد ، وصلاة الجمعة ومثل زيارة القبور فإنها خاصة بالرجال ، ومثل الجهاد في سبيل الله فإنه خاص بالرجال .

فما دل الدليل على اختصاصه بالرجال فإنه يختص بهم ، وإلا فإن الأصل أن الرجال والنساء سواء في الواجبات وتجنب المحرمات وسائر التكاليف ، ومن ذلك أن تعلم العلم واجب على الرجال والنساء لأنه لا يمكن عبادة الله - جل وعلا - التي خلقنا من أجلها إلا بتعلم العلم الذي نعرف به عبادة ربنا ، فهذا واجب على الرجال والنساء أن يتعلموا أمور دينهم لا سيما أمور العقيدة .

قوله : ثلاث مسائل : التعلم هنا معناه : التلقي عن العلماء والحفظ والفهم والإدراك ، هذا هو التعلم ، ليس المراد مجرد قراءة أو مطالعة حرة كما يسمونها هذا ليس تعلما إنما التعلم هو : التلقي عن أهل العلم مع حفظ ذلك وفهمه وإدراكه تمامًا ، هذا هو التعلم الصحيح ، أما مجرد القراءة والمطالعة فإنها لا تكفي في التعلم وإن كانت مطلوبة ، وفيها فائدة لكنها لا تكفي ، ولا يكفي الاقتصار عليها .

ولا يجوز التتلمذ على الكتب كما هو الواقع في هذا الوقت ، لأن التتلمذ على الكتب خطير جدا يحصل منه مفاسد وتعالم أضر من الجهل ، لأن الجاهل يعرف أنه جاهل ويقف عند حده ، لكن المتعالم يرى أنه عالم فيحل ما حرم الله ، ويحرم ما أحل الله ، ويتكلم ويقول على الله بلا علم فالمسألة خطيرة جدا .

فالعلم لا يؤخذ من الكتب مباشرة إنما الكتب وسائل ، أما حقيقة العلم فإنها تؤخذ عن العلماء جيلًا بعد جيل والكتب إنما هي وسائل لطلب العلم .

يتبع إن شاء الله










رد مع اقتباس
قديم 2008-12-01, 16:22   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
اميرة اليالي البيضاء
عضو محترف
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على المجهودات المبذولة

شكرا لك










رد مع اقتباس
قديم 2008-12-02, 15:03   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


قوله : الأولى : أن الله خلقنا : أي أوجدنا من العدم فنحن من قبل أن يخلقنا لم نكن شيئًا ، كما قال تعالى : هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ، وقال سبحانه : قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا كان الإنسان قبل أن يخلق ليس بشيء ، والذي أوجده وخلقه هو الله - عز وجل - قال تعالى : أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ .

قوله : ورزقنا : لما كنا نحتاج إلى الرزق إلى الطعام والشراب والملابس والمساكن والمراكب والمصالح ، علم سبحانه حاجتنا سخر لنا ما في السماوات والأرض كله لمصالحنا من أجل بقائنا على قيد الحياة ومن أجل أن نستعين بذلك على ما خلقنا لأجله ، وهو عبادة الله - سبحانه وتعالى - .

قوله : ولم يتركنا هملًا : الهمل : هو الشيء المهمل المتروك الذي لا يُعبأ به فالله خلقنا ورزقنا لحكمة ، ما خلقنا عبثا ولا سدى قال تعالى : أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ .

وقال سبحانه : أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى .

وقال : وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ .

الله إنما خلقنا وخلق لنا هذه الأرزاق والإمكانيات لحكمة عظيمة وغاية جليلة وهي أن نعبده - سبحانه وتعالى - ولم يخلقنا كالبهائم التي خلقت لمصالح العباد ثم تموت وتذهب ؛ لأنها ليست مكلفة ولا مأمورة ولا منهية ، إنما خلقنا لعبادته كما قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ولم يخلقنا لهذه الحياة الدنيا فقط نعيش فيها ، ونسرح ونمرح ونأكل ونشرب ونتوسع فيها ، وليس بعدها شيء ، وإنما الحياة مزرعة وسوق للدار الآخرة نتزود فيها بالأعمال الصالحة ، ثم نموت وننتقل منها ثم نبعث ثم نحاسب ونجازى بأعمالنا .

هذه هي الغاية من خلق الجن والإنس ، والدليل على ذلك آيات كثيرة تدل على البعث والنشور والجزاء والحساب ، والعقل يدل على هذا ، فإنه لا يليق بحكمة الله - سبحانه وتعالى - أن يخلق هذا الخلق العجيب ، وأن يسخر هذا الكون لبني آدم ثم يتركهم يموتون ويذهبون بدون نتيجة ، هذا عبث ، فلا بد أن تظهر نتائج هذه الأعمال في الدار الآخرة .

ولهذا قد يكون من الناس من يفني عمره في عبادة الله وفي طاعته ، وهو في فقر وفي حاجة ، وقد يكون مظلومًا مضغوطًا عليه ومضيقًا عليه ولا ينال شيئًا من جزاء عمله في هذه الدنيا ، وعلى العكس يكون من الناس كافر ملحد شرير يسرح ويمرح في هذه الحياة ، ويتنعم ويعطى ما يشتهي ويرتكب ما حرم الله ، ويظلم العباد ويعتدي عليهم ويأكل أموالهم ، ويقتل بغير حق ، ويتسلط ويتجبر ثم يموت على حاله ، ما أصابه شيء من العقوبة ، هل يليق بعدل الله - سبحانه وتعالى - وحكمته أن يترك هذا المطيع بدون جزاء ، وأن يترك هذا الكافر بدون مجازاة ، هذا لا يليق بعدله - سبحانه وتعالى - ولذلك جعل دارًا أخرى يجازى فيها المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ، فتظهر فيها ثمرات الأعمال .

فالدنيا دار عمل ، وأما الآخرة فهي دار جزاء إما جنة وإما نار ، ولم يتركنا هملًا كما يظن الملاحدة والدهريون ، قال تعالى : وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ هذه مقالة الملاحدة الذين لا يؤمنون بالبعث والنشور .

وقد أنكر الله - عز وجل - عليهم فقال : أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ وقال تعالى : أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ .

وقال تعالى : أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ . فهذا لا يمكن ولا يكون أبدًا .

لما كانت العبادة لا يجوز أن نأخذها من استحساننا أو تقليد فلان وعلان من الناس ؛ أرسل الله إلينا رسلًا تبين لنا كيف نعبده ؛ لأن العبادات توقيفية لا يجوز أن يعبد الله بشيء إلا بما شرعه .

فالعبادات توقيفية على ما جاءت به الرسل - عليهم الصلاة والسلام - فالحكمة من إرسال الرسل أن يبينوا للناس كيف يعبدون ربهم ، وينهونهم عن الشرك والكفر بالله - عز وجل - هذه مهمة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام : من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد فالعبادة توقيفية ، والبدع مردودة ، والخرافات مردودة ، والتقليد الأعمى مرفوض لا تؤخذ العبادات إلا من الشريعة التي جاء بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - .










رد مع اقتباس
قديم 2008-12-03, 16:57   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
عبد الله-1
مشرف منتديات انشغالات الأسرة التربوية
 
الصورة الرمزية عبد الله-1
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوع نافع ومفيد جدا وهذا الكتاب أي الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من كتب العقيدة التي ينصح بقراءتها
جزاك الله خيرا أخي










رد مع اقتباس
قديم 2008-12-15, 23:24   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
هيثم الليث
عضو جديد
 
الصورة الرمزية هيثم الليث
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك على هذا الاثراء الطيب










رد مع اقتباس
قديم 2008-12-23, 18:47   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
::لمسـات حبر::
عضو جديد
 
إحصائية العضو










B18

جزاكم الله خير الجزاء

و جعل هذا الموضوع القيم في ميزان حسناتكم









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:36

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc