السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد :
الصوم جهاد النفس ، وتربية لها وقسرها على إتباع سبيل الزهد والصبر والكفاف ، والإمتناع عن طرق الهوى وإتباع رغبات تلك النفس الأمارة باالسوء الميالة للذائذ والشهوات ، النفس التي تربت على غستلهام رغائبها والوقوف عندها ، لتحقيقها وغشباعها ، لا تنظر لرغبات وغحتياجات الاخرين ولاتأبه بها .
لذلك كان الصوم من جهاد النفس ، ولقد أطلق بعض السلف على جهاد النفس (الجهاد الأكبر ) ، ذلك أن الجهاد النفس يتطلب من قوة العزيمة والصبر والجهاد ما لا يتطلبه جهاد الغير باالقتال ، فجهاد القتال مع إلتماس قوة الجسد يستعان عليه باالسلاح وباالعدة وباالعتاد ثم إنه ينتهي بإذن الله بإحدى الحسنين ، فمجاهد في سبيل الله تعالى مأجور ، أو شهيد أما جهاد النفس التي لا يطلع على سرائرها إلا علام الغيوب ولا وازع لها إلا ذاتها ، ولا رقيب يرصد أفعالها - بعد الله - إلا صاحبها ، فامرها وصلاح حالها وغستواءها على طريق الهدى يقتضي من المؤمن المجاهدة ، والمصابرة ، والمغالبة على الثبات حتى يجعل من تلك النفس نفسا سوية ، مسترشدة بهدى الحميد المجيد ، مستقيمة على الخلق القويم علما وعملا ، بما يرضى الله ، منطلقة من مبدأ الخير في كل ما تأتي من أفعال ، ترعى حق الله في ذاتها وفي خلقه .
النفس لا بد لها من جماع يكبحها ، ووازع يزعها ، في كل حين ، ويزجرها ويبعدها عن إتيان الموبقات ويحثها للسعي لكسب رضى الرحمن .
والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع ، و‘ن تفطمه ينفطم فعلى المؤمن الحق أن يمضي في مراقبتها ، يصبر في هذا ويصابر ، ويوطن ذاته على ذلك حتى يضحى المعروف الخيرات سماتها ،
تصدر في كل هذا عن رضى وطواعية ، وإنه لجهاد عظيم كبير ن فإن تم لك بعون الله وأمره التوفيق ووصلت بها إلى تلك الدرجة الرفيعة السامية فذلك منتهى الجهاد وغايته ، جهاد هزمت فيه ظلمات الظلم ، وحشود الشهوات الجسدية ، وغجتزت به عقبات الأنانية ، تلك العقبة الكأداء التي لا يتغلب عليها إلا مؤمن صادق الإيمان .
وغاية القول أن الإيثار والبعد عن الأنانية مما يقتضيه جهاد النفس وهو الجهاد الأكبر ، وإن القيام باالصيام وأداءه على الوجه الذي أمر به الله ورسوله لهو مما يدخل في باب الصبر ويحتسب في جهاد النفس .
وفقنا الله لكبح جماح النفس ، وأعاننا على الصبر ، وتقبل منا صيامنا والصالح من أعمالنا إنه هو رب الخير واهل الخير ومجزى الإحسان باالأحسان .
جزاكم الله خيرا .
لا تنسونا باالدعاء الصالح .