الخبث الحزبي ...والفِرقةُ المزعومة منقول

[مراد_2009]

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد ...

فإن من عادة أهل الباطل والأهواء كتمان بعض نصوص الشريعة التي تعارض وتبطل ما هم عليه وقد نهى الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل ومن اتصف بهذه الخصلة من غيرهم حيث قال:{ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}42البقرة.

ولا يخفى خبر اليهودي الذي وضع يده على آية الرجم كتماناًَ لها فعن ابن عمر أنه قال: إن اليهود جاءوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « ما تجدون فى التوراة فى شأن الزنا ». فقالوا نفضحهم ويجلدون. فقال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم. فأتوا بالتوراة فنشروها فجعل أحدهم يده على آية الرجم ثم جعل يقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك. فرفعها فإذا فيها آية الرجم فقالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم. فأمر بهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجما.

وفي زماننا هذا كتمت كثيرٌ من الأحزاب كثيراً من النصوص الشرعية أو أولتها وحرفتها وفرغتها من مدلولاتها فأدى ذلك إلى جهل كثير من العامة بمثل هذه النصوص والأحكام ولنأخذ على سبيل المثال النصوص الآمرة بالسمع والطاعة للولاة في غير معصية وإن كانوا أهل ظلم وجور .

فكثير من الحزبيين المتصدرين للدعوة والظهور على القنوات وإنتاج الأشرطة والمطويات لا يطرقون هذا الباب مطلقاً ولا يذكرون تلكم النصوص التي أشرنا إليها، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها أنهم خوارج أو لديهم نزعة خارجية فلا يتفق نشر ما لديهم من مادة تهييجية مع نشر هذه النصوص لأنهم لو فعلوا ذلك لتناقضوا ولنفر الناس منهم فتخيل معي أن أحدهم قال :إن الحكام الخونة الظلمة الذين خنعوا للمحتل وباعوا عرض الأمة ...ثم قال بعدها :واسمعوا معاشر الناس وأطيعوا ولو ضرب الحاكم ظهوركم وأخذ أموالكم فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بالصبر على جور الولاة وأن من كان لديه نصيحة لذي سلطان فلتكن سراً و أنه لا يجوز ذكر عيوب الولاة والتشهير بهم على المنابر !!!

فهل تتخيل أن هذه العبارات ممكن أن تخرج من فم رجل واحد من هؤلاء الحزبيين ؟!

بعد انتشار الدعوة السلفية النقية التي تنشر المنهج القويم المستقيم وتدعوا إلى الالتفاف حول الولاة والعلماء وعدم شق عصا الطاعة وأن النوازل لها أهلها و أن من يتصدر للدعوة إذا نشر بدعاً فإن حاله يبين نصحاً للأمة وهذا هو منهج السلف الصالح ...فلما رأى أهل الأحزاب البغيضة والأهواء الممرضة انتشار هذه الدعوة التي بصفائها وموافقتها للفطر السليمة ستهدم عروشهم التي بنوها واستمدوا مادتها مما تشابه من آي القرآن الحكيم والسنة النبوية المطهرة وخلطوا معها الكتب الفكرية الحركية ؛عمدوا إلى تشويه صورة الدعوة الحقة بالكذب والافتراء والمكر واستغلوا أي فرصة لتنفير الناس من هذه الدعوة وعلماءها .

وبما أننا قد طرحنا مثلاً حول نصوص السمع والطاعة فلنأخذ مثلاً حول صور هذا التشويه وبعض نماذج هؤلاء المشوهة .

قال الرويبضة طارق الطواري في مقاله مشروع إقامة دولة الإسلام :

وقد زادت فرقة الجامية أو جماعة المدينة وهي فرقة جديدة أنشأت خصيصاً من قبلالأجهزة الأمنية لتكريس هذا الفهم وزيادة النهي عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرإلا سراً للحاكم ، أما الرعية فلا يأمرها إلا المخول بذلك ، وأما منكرات الحاكمفالسمع والطاعة أو الهمس بالأذن وأنه لا جهاد ضد المحتل والمعتدي .

قلت :الكذب تفوح رائحته من هذه الأسطر

فأول هذا الكذب هو أن السلفية أو كما يسميها المنحرفون بالجامية هي فرقة أنشأتها الأجهزة الأمنية {ستكتب شهادتهم ويسألون}

وثاني هذا الكذب أنها >> تنهى<< عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (وهل بعد هذا الافتراء افتراء) ثم دلل بقوله : إلا سراً للحاكم (وكأن النصح سراً للحاكم لم يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم)

ثم قال: وأما الرعية فلا يأمرها إلا المخول بذلك .

وهو لا يقصد المخول أي المخول شرعاً من يكون عالماً بما يأمر وينهى وأن تكون المصلحة أرجح من المفسدة أو لا ينتج مفسدة أكبر لا بل هو يقصد أن هذه الفرقة تدعوا إلى أن لا يأمر الرعية ولا ينهاهم إلا جهة معينة فقط وباقي الناس لا يجوز لهم ذلك وهذا من أبطل الباطل فمازال علماؤنا يوصون الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بضوابطه المعروفة ولم يحرموا ذلك ويخصوه بجهة معينة .

ثم قال هذا الكذاب:وأما منكرات الحاكم فالسمع والطاعة أو الهمس بالأذن .

يعني أن هذا الفرقة "السلفية "أو الجامية كما يسميها المبتدعة تدعوا الناس للسمع والطاعة في معصية الله ! وهل يستطيع هذا الرويبضة أن يقيم دليلاً على ذلك ولو حتى من طفل سلفي لم يتجاوز العشر سنوات ؟ لا يستطيع إنما مراده تشويه الدعوة الحقة وتنفير الناس منها وسنتعرض للهدف الرئيسي من هذه الكذبات بعد قليل .

ثم قال :وأن لا جهاد ضد المحتل .

قلت : وهذه العبارة إن كنت بهذه الصورة فهي عبارة كفرية فهي إبطال للجهاد وأي جهاد ...جهاد الدفع . فهل مر معكم (والخطاب للحزبيين) قول لأحد العلماء السلفيين أو طلبة العلم يدعوا لإبطال الجهاد ؟

الجواب :لا يوجد .وكذب هذا المبطل الطواري يشبه كذب من قال: إن القرآن يأمر بعدم الصلاة فإن طالبته بالدليل قال أليس في القرآن :لا تقربوا الصلاة!!فالأئمة منذ القدم وضعوا للجهاد شروطاً استقرءوها من الكتاب والسنة ،وبينوا أنه حتى في جهاد الدفع إن لم يكن للمسلمين قدرة على دفع العدو جاز للإمام الدخول معهم في الصلح والهدنة ووجب على عامة المسلمين الإلتزام بهذا الصلح والهدنة !

فمن قال من العلماء أو حتى من صغار طلبة العلم السلفيين "لا جهاد ضد المحتل "الجواب:لا أحد .

ولنأخذ نموذج أخر من هؤلاء المشوهة مع ذكر كذبه ليتبين للقارئ أن هذه الدعوة الحقة محاربة من أهل الأهواء ومن هؤلاء القصاص نبيل العوضي الذي قال في مقاله "القطة السوداء":أما بعض الإسلاميين الذين يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولا يفقهون ما يرددون، الذين لم يكن همهم إلا ذم أهل الجهاد، والتحريض على المجاهدين في سبيل الله فهؤلاء صنف ممقوت، لم ينقطع عبر تاريخ الإسلام، سيفهم ولسانهم وأقلامهم تخذيل في جهاد المجاهدين وتنفير من الدعاة الصادقين، وتحذير من العلماء المحتسبين، ومع هذا نجدهم يحصرون الدين كله في قضية واحدة جعلوها لب الإسلام وغايته، وهي تقديس جميع الحكام وتلميعهم وإن كانوا غير مسلمين (نصارى)، فهؤلاء الحكام بالنسبة لهم لا ينطقون عن الهوى إ هو إلا وحي يوحى، وشر الجهاد بالنسبة لهم هو (كلمة حق عند سلطان جائر)، بل كيف يجوز لك أن تسمي أي حاكم أنه (جائر) هذا بالنسبة لهم خروج عن منهج السلف وبدعة عظيمة تستحق التحذير!!

قلت :وهو في هذه الفقرة يقصد السلفيين لأن هذا المقالة كانت كرد على من انتقده على تخبطاته (وما أكثرها) وما يهمني الآن فقط أن أشير إلى الكذب الموجود في هذه الأسطر القليلة وهو على النحو التالي :

-أن السلفيين لا هم لهم إلا ذم أهل الجهاد !
-وأن سيفهم!ولسانهم وأقلامهم !لم تنقطع عبر التاريخ عن تخذيل المجاهدين !!
-وأن هؤلاء السلفيين لا هم لهم إلا التنفير من الدعاة الصادقين (خاصة رئيس حفلات هلا فبراير الدينية !)
-والتحذير من العلماء المحتسبين .
-وأنهم يحصرون الدين كله في قضية واحدة جعلوها لب الإسلام وغايته (لاحظ العبارات التالية) وهي تقديس الحكام وتلميعهم وإن كانوا نصارى فهؤلاء بالنسبة"للسلفيين " لا ينطقون عن الهوى (أي الحكام) إن هو إلا وحي يوحى ! وشر الجهاد عندهم كلمة حق عند سلطان جائر وأن من قال عن حاكم أنه جائر فإنه مبتدع !
نعم يذم السلفيون من يقوم بإرسال المطربين التائبين إلى أفغانستان !مستغلين الحماس الذي فيهم والجهل الذي يعانون منه! نعم يذم السلفيون من يقوم بحشو مؤخرات الشباب بالقنابل ثم يقوم بتفجيرهم عن بعد !
وقتال الخوارج أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وحض عليه :طوبى لمن قتلهم أو قتلوه

وهؤلاء الخوارج هم عند هذا الراقي سابقاً القصاص حالياً مجاهدين !

وأما التنفير من الدعاة الصادقين وهو يقصد أهل البدع الحركيين أمثاله وأمثال الإخوان المسلمين وغيرهم فهؤلاء يبين حالهم نصحاً للأمة ومثل هذا الأمر يقال في علماء الضلال الذين أفسدوا ولم يبينوا الحق للمسلمين ورموهم في أحضان الجماعات المنحرفةً والأفكار الضالة.

وأما الحكام فمن قال بعصمتهم وأنهم لا ينطقون عن الهوى وأن شر الجهاد كلمة حق عندهم وأنه من قال بأن الحاكم جائر فإنه مبتدع ؟!!

الجواب:لا أحد !
إذاً هنا سؤالٌ يطرح نفسه بعد أن عرضنا نموذجين من نماذج تشويه الدعوة السلفية وما أكثرها ولو أردت عرض المزيد لما تكبدت في ذلك جهداً فما أكثر المبطلين!والسؤال هو : ما هو السبب في مثل هذا الكذب ؟ أو لنقل مالذي يدفع مثل نبيل العوضي والطواري وغيرهما ممن يظهر الاستقامة والتنسك إلى مثل هذا الكذب ؟

الجواب :تذكر ما بدأنا به أول المقال بأن أهل الأهواء يكتمون بعض النصوص الشرعية التي تعارض ما هم عليه وتفضح حالهم وتعارض دعوتهم الضالة وتسقطهم من أعين الناس إذا ما انتشر نور الحق فالهدف من هذا الكذب الواضح والذي ينشره أمثال الطواري والقصاص العوضي وغيرهما هو تنفير الناس من دعوة الحق .

فإذا ما أراد أحد دعاة الحق دعوة الناس إلى الهدى ونشر المنهج الحق كالموقف الصحيح من الحكام أو الموقف الصحيح من دعاة الباطل والبدع أو الموقف الصحيح من الخروج والخوارج وشروط الجهاد وأنواعه...

تذكر الناس كلام الطواري والعوضي وغيرهما الذين لا يتركون مناسبة إلا وشوهوا دعوة الحق بهذه الأكاذيب التي ذكرنا نماذج منها فيرفض الناس دعوة الحق بسبب الصورة الذهنية السيئة التي كونها دعاة الباطل أمثال الرويبضة والقصاص وغيرها

فما أن يسمع الناس "لا يجوز التشهير بالحكام على المنابر " تذكروا قول القصاص"وأن الحكام بالنسبة لهم لا ينطق عن الهوى" أو قول الرويبضة "وتدعوا هذه الفرقة إلى السمع والطاعة لمنكرات الحكام" وإذا ما قال أحد دعاة الحق مبيناً حال س من المنحرفين المتصدرين للدعوة تذكر الناس "و لا هم لهم إلا التنفير من الدعاة الصادقين والعلماء المحتسبين " وهكذا دواليك .

فاعلم أخي المسلم أن هذه الدعوة لن تنتشر ولن يعرف الناس الحق إلا أن يشاء الله ثم بجهود السلفيين فإلى متى هذا البرود والخوف من أن ينفر منك الناس ؟ نعم الحكمة مطلوبة لكن بدأنا نرى من يضع ضعفه وتخلخله في قالب الحكمة !ألم تسمع بدعوة الشيخ مقبل كيف انتشرت ؟ بعد توفيق الله انتشرت بالتمايز نعم بالتمايز فلم يتلون ولم يدعوا إلى التلون ! بل كان رحمه الله على المنابر وفي الملتقيات العامة يبين حال أهل البدع ويفضح خططهم ويدك حصونهم دكاً بتوفيق من الله .

بدأنا نسمع عن بعض الأخوة أنه يجلس في مجلس فيه لفيف من الحزبيين ويقومون أمامه وبتعمد بتعديل باطلهم وبتعديل مشايخهم وبالانتقاص من دعاة الحق وهو لا يحرك ساكناً لأنه يعتقد أن من الحكمة عدم مواجهتهم بالحق ""الآن""بل يجب أولاً أن أحببهم فيّ ثم في الخطوة التالية [التي لن تأتي] أبين لهم !
بدأنا نسمع عمن يضع تمييعه مع أهل الباطل في قالب اللين والرفق والحكمة!

فاحذر من التمادي في هذا الخوف والتمييع فتمسخ كما مسخ غيرك فتنكر ما كنت تعرف وتعرف ما كنت تنكر .
واعلم أن أهل الباطل وإن أظهروا لك اللين والألفة فإنهم يضمرون لك ما لا تحمده فكن على حذر.
واعلم أنك إن كنت قائماً بهذه الدعوة منافحاً عن حياضها لن يحبك الحزبيون أبداً بل سيحاربوك ويكذبوا عليك
ألم تر ما فعل أهل الباطل مع شيخ الإسلام ابن تيمية ؟ألم تسمع بما فعلوه بالمجدد ابن عبد الوهاب ؟ ألم تسمع بما فعلوه الشيخ الجامي ؟ألم يصل لك خبر ضربهم له ؟ وما الشيخ ربيع ببعيد عنك فانظر كم افترى أهل الباطل عليه ؟

ختاماً هذه كلمات جالت في خاطري فأحببت أن أبثها لعلها تجد أذن صاغية واعية

وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه

كتبه

حمود الكثيري

الجهراء أراحها الله من الأحزاب وأهلها.